Quantcast
Channel: Jadaliyya Ezine
Viewing all 6235 articles
Browse latest View live

اليهودي الجيد: سياسات الهوية في التراث المؤسساتي الأمريكي اليهودي

$
0
0

 من هو اليهودي "الجيد" في التراث الأمريكي المعاصر؟ ما هي العلاقة بين الصهيونية وبين الهوية اليهودية؟ كيف يتعامل اليهود المعادون للصهيونية، أو يقاومون، سوء استخدام إيمانهم في الفكر الصهيوني؟ وهل يمكن للإجابات عن هذه الأسئلة أن تحقق تطوراً في قضية العدالة في إسرائيل وفلسطين؟

يبدو أن الصهاينة يكسبون معركة السيطرة على سياسة الهوية اليهودية في الولايات المتحدة. وكنتيجة لهذا، فإن النقاش العام حول ما الذي يصنع يهودياً "جيداً" أو "سيئاً" يجبر بعض التقدميين من اليهود المعادين للصهيونية، وبضمنهم أنا، على أن نعبر عن معارضتنا للسياسة الإسرائيلية كموقف نابع من فهمنا للديانة اليهودية. بالنسبة للبعض، يشكل النص المقدس والإيمان الأسس لمعارضتهم لإسرائيل، وإنه لمن المهم فعلاً أن نناقش إسرائيل بمصطلحات دينية. وحسب تعبير الناشط الإسرائيلي الولادة، جلعاد أتزمون، " إذا كانت إسرائيل تعرّف نفسها كدولة يهودية، وتتزين دباباتها وطائراتها بالرموز اليهودية، فإنه من حقنا أن نسأل: من هم اليهود؟ ما هي اليهودية؟ وما هو التهوّد؟"١ لهذا السبب فإن النقاش حول إسرائيل وعلاقتها باليهودية والقانون اليهودي يُعد نقاشاً مهماً. ولكن، بالنسبة للكثير من اليهود الأمريكيين فإن توظيف الخطاب الخاص بالأخلاق اليهودية هو ببساطة وسيلة للدفاع عن هويتنا في مواجهة خطاب مستمر يروج لفكرة أن الصهيونية هي الحل للمعاناة اليهودية. إن الرد على هذا الضغط يمكن أن يشتت التفكير عن مواجهة نقاط أكثر قوة تحتاج لأن نثبتها وتتعلق بالتاريخ، والعدالة الاجتماعية، والقانون الدولي. وحين نهمل هذه النقاط في نقاشنا ضمن المجتمع اليهودي فإننا نجد أنفسنا أمام ثقافة يهودية مؤسساتية يهيمن عليها في الغالب الفكر الصهيوني وانعدام التسامح تجاه أي معارضة لإسرائيل. إن العمل خارج الطرح المتعارف عليه هو عمل على هامش الحياة اليهودية العامة، وإذا أردنا أن نغير الوضع الحالي، فإنه يجب على القادة اليهود الدينيين والاجتماعيين في نهاية المطاف أن يكونوا مرتاحين لانتقاد إسرائيل بدون تعريض مكانتهم داخل التراث اليهودي المؤسساتي للخطر. يحتاج كل ما سبق إلى إعادة دراسة مؤلمة للهوية اليهودية.

إن الروايات المهيمنة حول النزاع العربي-الاسرائيلي تحاول أن تختزل تاريخاً معقداً إلى قصة بدائية عن الكراهية بين العرب واليهود. إن النسخ المبسطة من التاريخ تدمج مصطلحي اليهودية والصهيونية، مقرنة الهوية اليهودية بدعم الدولة اليهودية. مع ذلك، فإن أي قراءة متعمقة للتاريخ تكشف لنا أن التقسيم إلى "عرب" و"يهود" هو شيء معقد ومركب في حد ذاته،٢ وأن المجتمعات اليهودية المختلفة في أنحاء العالم تعيش منذ زمن طويل مقسمة بناء على اعتبارات لغوية، ووطنية، وطبقية، وأيديولوجية. وبشكل مشابه فقد كانت الحركة الصهيونية دوماً عامل تقسيم بين المجموعات اليهودية وفي داخلها. إن دولة إسرائيل لم تولد من رحم رغبة يهودية مجهولة في بناء أمة واحدة، إنما كانت نتيجة حشد معقد من الحقائق السياسية والاجتماعية، والتي روجت في النهاية للمطامح الصهيونية السياسية رغم المعارضة اليهودية الواسعة النطاق، بل العداء لفكرة الوطن القومي.  

صهيون يفرّق

في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، برز التيار الصهيوني في أوروبا الغربية ضد التيار اليهودي العلماني العام الذي كان يدعو للقيم الليبرالية ويروج للتجارب التاريخية في نزع الصفة الوطنية واستيعاب الجميع. لهذا، فقد تخوف الكثير من اليهود عندما واجهوا الصهيونية في بدايات القرن العشرين من أن هذه الحركة قد تحبط كل ما أنجزوه من تقدم في مجتمعاتهم المختلفة.٣ لقد كان لدى الكثيرين في المجتمعات اليهودية المحافظة مخاوفهم الخاصة على اختلاف أسبابهم. بالموازاة مع رفضهم للاستيعاب العلماني للجميع، رفض هؤلاء اليهود فكرة الدولة محتجين أن دولة يهودية مستقلة قبل ظهور المسيح المخلص يخالف القانون اليهودي. هذه الحركة لا تزال موجودة ( نيتوري كارتا Neturei Karta على سبيل المثال)، وهي معروفة اليوم بفضل صور الرجال اليهود الملتحين الذين يتظاهرون ضد اسرائيل في العديد من مدن العالم.

لم يقتصر التشكيك في الحركة الصهيونية على اليهود الأوربيين، فقد أثرت ظروف عديدة بقوة على ردود أفعال اليهود تجاه الصهيونية. كتبت أبيجال جاكوبسون عن "الصهاينة القدامى"، أو المجتمع اليهودي الأصلي في فلسطين، وتصف المناقشات ضمنه في الوقت الذي بدأ فيه المهاجرون اليهود الأوروبيون بالاستيطان في فلسطين حين هددت الحرب العالمية الأولى بتغيير المشهد السياسي لهم. بالنسبة لليهود العثمانيين، لم تكن اليهودية مسألة استيعاب، أو ديانة، أو هوية وطنية لليهود، بل كانت مسألة ولاء للامبراطورية العثمانية، ومناقشة لوضعهم في مجتمع يواجه حقائق زمن الحرب. ومن المثير أن إثبات الولاء للامبراطورية بالنسبة لليهود العثمانيين وُجد أحياناً بشكل متزامن مع الصهيونية. رغم أن اليهود العثمانيين الصهاينة، كما توضح جاكوبسون Jacobson، واليهود العثمانيين بشكل عام، كانوا أكثر ميلاً تجاه التعايش المشترك بين اليهود والمسيحيين والمسلمين من نظرائهم الأشكناز.٤ لقد قمت باستعراض هذا التاريخ هنا حتى أوضح نقطة مهمة: إن الطرق التي استقبل بها اليهود الصهيونية كانت تتأثر دوماً بما يحيط بهم من بيئات سياسية واجتماعية متغيرة. بالنسبة لأنصار الصهيونية، فإن الفوز بتأييد نظرائهم المتدينين كان أمراً معقداً نتيجة الرؤى المختلفة للصهيونية التي تبنتها المجموعات اليهودية المتعددة حول العالم. 

كراهية النفس اليهودية

حاول الصهاينة في مسعاهم لكسب تأييد اليهود في مختلف الظروف السياسية والاجتماعية، أن يخاطبوا ما اعتبروه الهموم اليهودية العالمية المشتركة. لهذا، فإنه ليس من المفاجئ أن المفهوم النفسي والاجتماعي لكراهية النفس اليهودية بدأ يتكون في أوروبا بالتزامن مع تأسيس الأيديولوجيا الصهيونية. طرح اليهود من أنصار مفهوم كراهية النفس "أن الاستيعاب كان عاملا مخرباً لليهود، وهو الذي أنتج كراهية النفس، وأن الحل بالنسبة لليهود هو التأكيد على هويتهم اليهودية بشكل أساس من خلال مشروعهم الوطني."٥ إن هذا المسار، الذي يساوي بين رفض الصهيونية وكراهية النفس، يبقى جزءاً من الواقع المعاصر الذي يحيط بالصهيونية والهوية اليهودية (أنظر منشور الجمعية الأمريكية اليهودية). إن القلق الحقيقي الذي ينتجه هذا التوجه يُضاف إلى قلق أكبر فيما يخص معاداة السامية والوجود اليهودي. هذا القلق هو جزء أساسي من السبب في كون الصهيونية جزءاً ثابتاً من "الهوية اليهودية" التي تسعى الكثير من المنظمات اليهودية إلى دعمها والحفاظ عليها. 

تراث المؤسسات اليهودية الأمريكية

غني عن القول إن الحركة اليهودية المضادة للصهيونية في أوائل القرن العشرين قد فشلت، ولكن "الكثير من بقاياها لا يزال صداها يتردد في التوترات التي تلحق بالمهجر الإسرائيلي.٦ وبينما اختلف وجه اليهودي المعادي للصهيونية فإن الرد الصهيوني يبقى هذا الموضوع الذي لا ينتهي عن "اليهودي الجيد." يقولون إن معنى أن تصبح "يهودياً جيداً،" هو أن تؤمن اليهود يمتلكون تاريخاً فريداً من المعاناة وأن إسرائيل أنشئت كخلاص من هذه المعاناة. إن الاعتقاد هو أن العلم الإسرائيلي، الذي تتوسطه نجمة داود، ينتمي للكنيس، وللمؤسسات اليهودية الاجتماعية، ولقمصان المخيمات الصيفية. إن الكثير من التفاصيل الدقيقة في التاريخ الصهيوني قد فُقدت، حيث أن الكثير من الشباب الأمريكي اليهودي قد فهموا تأسيس دولة إسرائيل على أنه ذروة تاريخهم الديني. هذه الآراء يتم تجسيدها وتدعيمها في الكنيس، وجماعات الشباب اليهودي، والمنظمات الاجتماعية، والتراث الشعبي في عموم الولايات المتحدة. 

تمتلك واحدة من أبرز منظمات الشباب اليهودي، وهي منظمة بني برث  B’Nai Brith Youth Organization (BBYO)، مهمة إلهام الشباب "أن يعيشوا الحياة اليهودية وهم يخلقون تغييرا في هذا العالم". هذا هو وجه بني برث، وربما هو السبب في التحاق الشباب اليهودي بالمنظمة. ولكن الجزء الآخر من مهمة بني برث هو تمكين "المراهقين من استكشاف مساحات القيادة، والخدمة، والتفاعل المجتمعي، والتثقيف فيما يخص إسرائيل والقيم اليهودية."٢ إحدى المهام الرئيسة لبنات بني برث- القسم النسائي لبني برث، الذي كنت عضوة وقائدة له في المدرسة الثانوية- هو "أن نساعد المراهقين اليهود على تطوير التزامهم لدولة إسرائيل و كلال إسرائيل (كل إسرائيل)."٣ هذه الجوانب من مهمة بني برث وبرنامجها ليست واضحة تماما للمراهقة التي تريد أن تختلط اجتماعيا مع رفيقاتها، أو لوالديها الذين يتلهفون على تسهيل تعرف أبنائهم بيهود آخرين. إن الجوانب الخاصة بإسرائيل في جماعات الشباب اليهودي مثل بني برث دقيقة ومؤثرة في نفس الوقت. 

على سبيل المثال، فإن الأغنية الدولية لبني برث تُغنى في أغلب اللقاءات والمؤتمرات من قبل أعضاء بنات في بني برث. وكلمات الأغنية هي كما يلي:

نحن نتعهد لك يا بني برث بحبنا، وبشبابنا، وبولائنا

نغني لك بأصوات فرحة، وتصل أصواتنا إلى السماء

من صهيون جاء الأبيض والأزرق

ليعطي هذه الألوان، داكنة وصادقة

وتجتمع بناتنا حولها لترفع رايتنا عالياً

عادة ما تغني البنات اللواتي نفذ صبرهن هذه الأغنية، فهن مستعجلات على إنهاء عملهن المؤسساتي والالتقاء بالشباب الجدد. ورغم ذلك، فالرسالة واضحة: حتى تكون شاباً يهودياً يجب أن تكون موالياً لإسرائيل. الفخر، والحب الأخوي، والهوية اليهودية، والصهيونية، تُجمع سوية لتُقدم وبلا تمييز لمراهقة يهودية قد لا يشجعها أحد على أن تسال أسئلة حيوية عن هويتها وعن الصهيونية. 

وبالتأكيد فإن بني برث ليست هي المنظمة الشبابية الوحيدة في الولايات المتحدة، رغم أنها نموذج واضح (لاحظ البرامج المماثلة في كل من هيلل Hillel، NFTY، ويهودا الصغير Young Juda). هناك منظمات أقل تسييساً، بل إن بعضها ليست صهيونية بشكل صريح (مثل الصوت اليهودي للسلام Jewish Voice for Peace). ولكن تبقى حقيقة أن التراث اليهودي المؤسساتي المهيمن- في المراكز الاجتماعية، والمخيمات الصيفية، وجماعات الشباب، والكنيس التي تحدد مسار الحوار فيما يخص العلاقة بين اليهود وإسرائيل- هو تراث صهيوني. هناك جدل يحيط بموضوع ما إذا كان الشباب اليهودي الأميركي يصبح يوماً بعد آخر أقل أو أكثر ارتباطاً بإسرائيل، ولكن هناك مؤشرات ضعيفة على أن التراث المؤسساتي يتغير. أن تكون ناقداً لإسرائيل يجعل من الصعب عليك أن تكون عضواً، ناهيك عن أن تكون قائداً، في هذا التراث وتجربتي الشخصية شاهد على هذا الكلام. 

لقد خصصت جزءاً كبيراً من حياتي للمجتمع اليهودي كقائدة في منظمات مثل بني برث BBYO، وهلل Hillel. لقد استفدت كثيراً من انخراطي في الحياة العامة اليهودية. ولكني كبالغة بدأت أطرح أسئلة حساسة لقادة المجتمع اليهودي حول السياسة والتاريخ في الشرق الأوسط. كنت آمل أن تساعدني أجوبتهم في التعامل مع ما كنت أطلع عليه آنذاك عن المعاناة الفلسطينية مع العالم اليهودي الذي كنت قد بدأت أعرفه. عوضاً عن هذا، فقد جعلتني أسئلتي هدفاً للشكوك، ولم أعد أشعر بنفس الراحة والفخر في موقعي ضمن المجتمع اليهودي. وفي أوقات متعددة، بدا لي مغرياً أن أعيد تأكيد هويتي اليهودية عن طريق إرجاع معارضتي لإسرائيل إلى المبادئ اليهودية. بعملي هذا لم أكن أساعد نفسي على أن أعود مرة أخرى إلى الحياة اليهودية العامة. بالمقابل، فقد حاولت أن أضيف صوتي إلى الشجارالخاص بحركة التضامن الفلسطينية الكبرى. هذه الحركة المتنوعة تقودها مجموعة من الأشخاص المتحمسين والمخلصين في كل أنحاء العالم، ولكنها قويت أكثر بفلسطينيي المهجر. في غضون ذلك، فإن المؤسسات اليهودية الأميركية السياسية والاجتماعية الرئيسة لا يزال يقودها يهود، وهم إما صهاينة أو أشخاص غير راغبين في الحديث ضد الصهيونية. وبهذا، يستمر أسلوب الحديث بطريقة "نحن" و"هم".

إن احتمالية تأثير اليهود غير الصهاينة أو المعادين للصهيونية على التراث المؤسساتي اليهودي لا تزال قائمة وحقيقية، ولكن بشرط ألا يستمر اليهود في تخوفهم من أن تتعرض هويتهم للمساءلة بسبب آرائهم السياسية. إن التدريب على نقد إسرائيل إنطلاقاً من الأخلاق اليهودية ليس هو الطريق الوحيد لحماية صفة الفرد في كونه "يهودياً جيداً". إن إبراز التاريخ الغني للمعارضة اليهودية للصهيونية في بريطانيا، والامبراطورية العثمانية، والولايات المتحدة هو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه. في السابق، كان التراث المؤسساتي اليهودي يضم بين صفوفه، بل وكان يمثل أيضاً عن طريق منظمات ترى أن المشروع الصهيوني  خطر على العالم اليهودي.٧ وكون أن هذه المنظمات قد تراجعت بفعل زيادة عدد المنظمات الصهيونية وتزايد سرعة نشاط الحشد الصهيوني لا يعني أننا يجب أن ننسى التاريخ، أو أن هذا التاريخ قد مات في زماننا الحاضر. إن استحضار هذه الصورة الكاملة للتاريخ اليهودي في الذهن قد يجعل اليهود المنتقدين لإسرائيل يشعرون بثقة أكبر في طرح نقدهم. أن تكون "يهودياً جيداً" سوف لن يعني أنك تقف مع إسرائيل، ولكنك تقف مع العدالة الاجتماعية، حتى مع الفلسطينيين بشكل خاص. هذا هو بالطبع ما يعنيه أن تكون "يهودياً جيداً" بالفعل.

* * *

[نشر المقال بالإنكليزية على “جدلية” وترجمه إلى العربية علي أديب]

١. آتسمون، جلعاد. مقابلة: 15 مارس، 2012. محطة أخبار أتلانتيك Atlantic Television News. <http://www.youtube.com/watch?v=_YH47MaHkoQ> 

٢. أنظر ألكالي، أميل. ما بعد اليهود والعرب: إعادة خلق التراث الشامي- Alcalay, Amiel. After Jews and Arabs: Remaking Levantine Culture. University of Minnesota Press, Minneapolis, MN. 1993.


٣. أنظر ليفين، مارك. الحرب، اليهود وأوروبا الجديدة: دبلوماسية لوشيان وولف 1914-1919- مطبعة جامعة أكسفورد، بريطانيا، 1992، Levene, Mark. War, Jews and the New Europe: The Diplomacy of Lucien Wolf 1914 – 1919. Oxford University Press, Oxford, UK. 1992.

٤. جاكوبسون، صفحة 109. Jacobson, p.109.

٥. فينلي، إمراض المعارضة: سياسات الهوية، الصهيونية وكراهية النفس اليهودية. الدورية البريطانية لعلم النفس الاجتماعي. المجلد 44، 2005، صفحة 211. Finlay,W.M.L. Pathologizing dissent: Identity Politics, Zionism and the ‘Self-Hating Jew’. British Journal of Social Psychology, Vol. 44, 2005

٦. ويسترش، روبرت. الصهيونية ونقد "استيعابها": 1897-1948. الدراسات اليهودية الاجتماعية، المجموعة الجديدة، المجلد 4، عدد 2( شتاء، 1998)، صفحة 62. Wistrich, Robert S. Zionism and its “Assimilationist” Critics: 1897 – 1948. Jewish Social Studies, New Series, Vol. 4, No. 2 (Winter, 1998), p. 62.

٧. براونفيلد، بيتر. جامعة اليهود البريطانيين: تحدي الوطنية بالنيابة عن العالمية اليهودية. المجلس الأميركي لليهودية: الأعداد: خريف 2001. و ويسترش، روبرت. الصهيونية ونقد "استيعابها": 1897-1948. الدراسات اليهودية الاجتماعية، المجموعة الجديدة، المجلد 4، عدد 2( شتاء، 1998) Brownfield, Peter. The League of British Jews: Challenging Nationalism on Behalf of Jewish Universalism. The American Council for Judaism: Issues. Fall, 2001 & Wistrich, Robert S. Zionism and its “Assimilationist” Critics: 1897 – 1948. Jewish Social Studies, New Series, Vol. 4, No. 2 (Winter, 1998).


Syria Media Roundup (October 18)

$
0
0

[This is a roundup of news articles and other materials circulating on Syria and reflects a wide variety of opinions. It does not reflect the views of the Syria Page Editors or of Jadaliyya. You may send your own recommendations for inclusion in each week's roundup to syria@jadaliyya.com by Monday night of every week.]

Regional and International Perspectives:


The Syrian Uprising Through Palestinian Eyes
Budour Hassan’s thought-provoking piece in which she deconstructs the myth “that supporting the Palestinian struggle and the Syrian intifada are mutually exclusive.”

 

October Peace Surprise in Syria Kaveh L Afrasiabi explores the feasibility of the ceasefire proposed by Brahimi.

Syria’s Lebanese Rebels: Trying Their Hand at Revolution Afif Diab says Lebanese fighters and smugglers are “playing a growing role in the Syrian civil war.”

Turkish Regional Test: Rhetoric and Actions Hosam Matar outlines a few factors that explain Turkey’s dilemma in dealing with the Syrian case.

Syrian Refugee Crisis: Expecting the Worse Nasser Charara says Lebanon has no plan to accommodate Syrians seeking refuge in the country.


Syrian Narratives:

  

Syria: neo-anti-imperialism vs reality Vicken Cheterian says “the classical leftist thinkers were always conscious of the interrelation between local struggles and the international balance of forces. Their modern successors tend to separate the two levels.”

Syria's Revolution: bloodied but unbowed Simon Assaf argues that the revolution remains non-sectarian and popular. 

The Violence of the Revolution Between Legitimacy and Deviance: Syria and the Need for Corrective Action Hoda Zein argues that “both sides—the ruler and the ruled, the oppressor and the oppressed—are today destroying the basis and foundations of the state, and are threatening the national unity of the country.”

 

Abdul Aziz al-Khayir: Decades of Confronting the Baath Thaer Deeb draws a portrait of this opposition figure who was arrested last month in Damascus.

 

The Lebanonization of Syria is a real possibility according to David Lesch.

 

The Syrian Sectarian Delusion James Casey says “the longer world leaders reduce Syria’s problems solely to sectarian conflict, the more unpredictable and dangerous the situation there could become.”

 

The Kingdom of Silence and Humiliation Ahed al Hendi remembers his childhood under Hafez al Assad


karlremarks calls on the SNC to set up base inside
Karl Sharro on Brahimi’s announcement, the US position and the potential post-Assad transition period.

In Syria's war, long-repressed minority finds new freedom
Alexander Christie-Miller on the new divides in Kurdish areas in the north of Syria.

Inside Syria:

A Night Tale – a true story by Michel Kilo

Salafis in Syria: half the story Rita meets with fighters who explain that they adhere to the Salafi way not because they believe in a Salafi interpretation of Islam, but “to get funding from Gulf countries and some Salafi clerics based in Tripoli.”

Interview with member of the “National Unity Brigades” of the FSA, a recently formed unit, which prides itself in being non-sectarian

 

Guerilla Country Damien Spleeters follows a Syrian rebel around Jabal Zawiyah as he moves from village to village to find an affordable gun.

 

Daraya: A Town Haunted by the Price of Defiance Phil Sands returns to Daraya and asks its citizens about their recollection of the events.

 

Scenes from a Syrian City under Siege

Syrians Queueing to Escape Anas Zarzar on the precarious situation of the displaced refugees inside Syria.

Art and Social Media:

Syria’s Civil Conflict -in Pictures A photo gallery provided by Maysun

Assassination of Paradise A short clip on a lost childhood

Syria’s Revolutionary Cartoons Featuring the work of the Facebook group Comic4Syria

Syrian artist draws the faults of a divided country
Rima Marrouch speaks with Juan Zero, a Syrian caricaturist who “represents a new generation of political cartoonists in Syria who draw on a tradition of artistic satire that existed before the Baath Party came to power in the 1960’s .” 

Fatima’s Head Ziad Majed says the artworks that emerged on Facebook after the death of Fatima probably aimed to “compensate for this horrifying silence” after the death of this young girl from Jabal Zawiyah.

 

Skype Becomes Operations Center for Syrian Rebels

Video From Syria Alerts Activist To His Father's Death

Syrian writer Samar Yazbek: 'A woman like me makes life difficult' An interview with the writer who is now exiled in France

The Media War in Syria Malik al Abdeh says the two opposite sides are fighting a war over images and narratives which is exacerbated by the use of social media.

 

Policy and Reports:

 

Tentative Jihad: Syria's Fundamentalist Opposition International Crisis Group’s report on the salafi strand among rebels “prematurely and exaggeratedly highlighted by the regime and belatedly and reluctantly acknowledged by the opposition”

Syrian Jihadism  Aron Lund’s report on the presence of jihadi groups in Syria


HRW Calls on Turkey and Iraq to Open Borders to Syrian Refugees
 

Events:

NYC Event: Three Jadaliyya Co-Editors on The Uprising in Syria at The Brecht Forum (22 October 2012)

Arabic:

أنا أو لا أحـد

Hayfa Bitar writes in response to some letters attacking famous Arab artists and deems them to be traitors in the Syrian context.           

«غربة» السوريين لم تعد مسرحية
Zaynab Mer'i writes about the situation of Syrian refugees in Lebanon. 

«المجرم» عبد العزيز الخيّر

Yousef Abadalaki writes about the detention of Abd Alaziz Al-Khayer.

البورجوازية السورية وقضايا الثورة

Munther Khaddam writes about the role of the Syrian bourgeoisie in the context of the current revolution in the country.


المؤتمر الوطني لإنقاذ سورية- الطموح والواقع

Majed Habbo writes a review about the national peace conference to save Syria.

 

اكتب من تركيا وحربها السورية

 Abd al-Bari Atwan writes about the political situation in Turkey

 

عن سوريا وعن "العفن"

Asad Abu Khalil criticizes an article written by Hazem Saghiyeh on Al-Hayat.

 

استراتيجية النظام: سد أبواب التسوية سلمياً

Michel Kilo writes about the Assad regime's strategy in facing the uprisings in Syria.

 سـوريـون فـي مـصـر
Fayez Sarah writes about Syrians in Egypt.

 

المصالحة الوطنية

Majed Habbo writes about the implications of the authoritarian regime on Syrian society.

 

الامريكيون في الاردن والهدف سورية

Abd Al-Bari Atwan writes about the presence of American special forces on the Jordanian border to Syria in order to "help the government with the extreme refugee flows it is experiencing."

 

عام على مجلس اسطنبول: من سيبقى في المركب الذي يغرق؟

Mohammad Sayyed Rasas writes about the Syrian opposition after a year since the creation of the Syrian National Council


عنف الثورة بين الشرعية والانحراف: سوريا وضرورة التصحيح

Hoda Zein reframes the debate about armed vs. non-violent resistance in the context of the Syrian uprisings, and reasserts the need for correction and critical thinking among the opposition.

الانقسام السوري ليس طائفيا فحسب تصدعات ايدولوجية داخل العارضة
Assafir rejects the simplistic analysis of the Syrian struggle as being influenced by mere sectarian tensions between Sunnis and Alawites.

تركيا الحائرة بين الأكراد وسوريا

Kamal Deeb writes about the Turkish dilemma between its problems with the Kurdish minority in Turkey and the Syrian situation across the border.

معارضون يتساءلون... ومن يصلح «الجيش السوري الحر»؟
!

Tarek Al-Abed criticizes militarization and the Free Syrian Army.

 امل هنانو :نشوة الثورة
Amal Hanano writes a personal account about the deteriorating sense of euphoria that people used to feel when speaking about the revolution in Syria.

An Introduction to Helen Zughaib's "Stories My Father Told Me"

$
0
0

“Stories My Father Told Me” is a series of twenty-three gouache paintings by Lebanese-American artist Helen Zughaib. Based on the memories of her father, Elia, who was born in Damascus in 1927 under the French Mandate, this large body of work is filled with the recollections of his early childhood in the Old City of the Syrian capital and the subsequent years of his youth that were spent in the Lebanese towns of Zahle and Marjayoun. Beginning in 2003, Helen and her father collaborated on the series through sporadic exchanges that took place over the course of several years. After recording a specific memory or fable that would come to mind, Elia would give his written account to his daughter, who would then paint and document it; until one day he gave her what would be the final installment, a tragic tale of displacement that was painted as “Crossing the Litani.”

With these paintings, the artist recreates scenes that encapsulate the affectionate nostalgia of each tale and the whimsical sights of Levantine culture in urban and rural settings that are pieced together as though seen through the eyes of a child. Such stories take on elements of folklore as the process of sifting then recording occurs twofold, first in the form of a text then in its final stage as a visual representation. Woven throughout is a sense of longing that builds as Elia carefully recounts the encroachment of a modernity that cast certain traditions aside and the outbreak of war that ultimately led to exile. In many examples from the series, the viewer can also note Helen’s subtle reflections on her own uprooted life (an experience that seems to have forged an undeniable link with her father) despite the apparent focus on a specific period of Elia’s personal history.  

Zughaib left Lebanon at the age of sixteen in 1975 when the start of factional warfare unstitched the lives of the country’s ill-equipped residents. Traveling to Athens, then Paris, where she finished her secondary education, she later moved to the US to pursue a degree in fine arts. Joining her family in Washington, DC after graduating from Syracuse University in New York, she continued to cultivate an aesthetic that ties in aspects of these vastly different locales, most notably in the visual cues and themes that position her figures. Often creating a narrative sequence across several paintings, with each new body of work she immerses herself in techniques and approaches that are drawn from various influences, be it traditional Arab art forms, European modernist movements, or an assortment of contemporary American standards like Pop art. These stylistic elements are reinterpreted according to the subject at hand, frequently with Zughaib’s playful brand of fusing identifiable references (and cultural signs) and always with an assiduous mastery of medium, color, and design.  

                                                                                                                            ["Abaya with Flag Pin" (2008) Copyright the artist.]

Among the collection of paintings titled “Washington,” the United States Capitol is outfitted with a brilliant ornamentation that is more akin to the Umayyad architecture of Jerusalem’s Dome of the Rock than its sterile neo-classical façade. A later series titled “Changing Perceptions,” shows abaya-covered women adopting unexpected personas: as Frida Kahlo in the 1943 painting “Diego on my Mind,” wearing a niqab that is paired with an American flag pin, or blending into the geometry of a Mondrian-like composition.  

While such heroines are central to her paintings as their images take aim at outdated (yet somehow universal) stereotypes of femininity, in 2006 they began to fall under the spell of an insurmountable sorrow. Zughaib’s “Weeping Women” series (2006-2009) was first inspired by the Israeli assault against Lebanon that left over a thousand civilians dead, a million displaced, and parts of Beirut and the country’s southern region in ruin once again. A new set of gouaches resulted two years later when she returned from conducting several art workshops for women in the West Bank as part of a program that was initiated by the US Consulate. In March of 2008 during this visit to occupied Palestine, signs of an impending war seemed to surround her as news of regular incursions and widespread harassment of Palestinian civilians was increasing, leaving the artist with an unsettling sense of foreboding. By the end of that year, Israel’s especially malicious attack on Gaza was unleashed, terrorizing an already battered and abandoned population; and more weeping women emerged. Stricken by moments of horror, these figures are painted just beyond the boundaries of an aestheticized beauty. There are no signs of gore or wide-scale violence, only witnesses and survivors who are so overcome by grief and fear that their faces become disfigured while their forms freefall into a nameless void.    

                                                                                                                       ["Weeping Woman with Child" (2008). Copyright the artist.]

In 2010, thirty-five years after being evacuated, Zughaib returned to Lebanon for the first time. When leaving as a teenager, she had been told that their stint away from home was only temporary. She travelled to Beirut, almost in a dream-like state, for a solo exhibition at Agial Gallery, one of the Arab world’s premier art spaces. Among the works that were painted to mark the occasion was “Circle Home,” a minimalist black and white piece that was created through the meditative process of writing a single Arabic word over and over again with diligent precision. Slowly moving out from the center with a degree of trepidation in an attempt to replicate “home” (an initially unattainable utterance), this cathartic process of executing a perfect sphere served as a symbolic exercise for her own odyssey, the circle of which was finally closed.  

                  

                                                                        ["Circle Home" (2010). Copyright the artist.]

In April, Zughaib was asked by the Arab American Anti-Discrimination Committee to present an artwork to the family of the late journalist Anthony Shadid (who was to be honored at its 2012 convention). Acting on the recommendation of her father, who immediately recalled the stone houses of Marjayoun when informed of this request, she offered “Circle Home” in remembrance of Shadid.    

                                                                                                ["Circle Home" detail. Copyright the artist.]

 

Below is a selection from “Stories My Father Told Me.”  

                                                                                               ["The Hallab" (2004) Copyright the artist]

My father, as a small boy, living in Bab al-Mussalla in Midan, the old quarter of Damascus, remembers being fascinated by the various peddlers, who wandered the narrow streets chanting about their products and services.

Sellers of fruits, vegetables, sweets, as well as knife sharpeners, pruners and buyers of old items, filled the air with their melodic chants. These rhyming chants never actually mentioned the name of the item being offered, but described in detail the color, freshness and taste. Buyers knew by the traditional chants what was being offered for sale, which also would dictate the day's menu. The streets were crowded with loaded donkeys, push carts and peddlers carrying large trays (sddur) piled high with cakes and other tasty things. Children playing in the street or on their way to school would also keep an eye out for the sellers of sweets. These were mostly seasonal. Cooked steaming sweet beets and popcorn were sold in winter. Ice with syrup (sweeq) was sold in the summer. Kaak and manaquish were sold year round. While tamari with molasses were sold only on feast days. Invariably, the daily allowance was exchanged for a kaak with za'atar, a tamari or a handful of hanblas, a tasty fruit that can be carried in the pocket without being damaged. Usually the sweets were shared or bartered with others, thus expanding the purchasing power of the daily allowance.

According to my father, the nicest of the peddlers was the Hallab who chanted about his fresh milk. The Hallab had a small flock of eight to ten Damascene goats. The goats were mostly brown, large and gentle. They had two dangling strands from their necks. The small children would stand eye to eye with the goats to pet and hug them on their way to school. The Hallab did not mind and both the goats and the children loved the attention. The Hallab carried a pail (suttle) and a measuring can (kaylee) and a long bamboo stick. When the housewife opened the door and asked for milk, the Hallab would milk one of his goats right there. If she planned to make yoghurt that day, more milk would be required. If the goats began to wander, the Hallab gently guided them back to the herd. After the fresh milk was delivered and the Hallab was paid, he continued on his route, chanting about his beautiful goats.

The other peddlers could not compete with the Hallab, his wonderful goats and the pleasure of petting the gentle and loving animals. My father remembers that after powdered milk appeared on the grocery shelves, milk never tasted the same again.

  

                                                                                      ["The Show Box (Sanduk al-Firji)" (2005) Copyright the artist.]

Long before cinemas or television entertained Lebanese children, there was the sanduk al-Firji.

Sanduk al-Firji was a brightly decorated semi-circular box that was strapped to the back of an itinerant entertainer. He would come into the village loudly chanting previews of the stories he had, going from hara to hara, street to street and ending in the village square.

First he unstrapped the sanduk. It was about eighteen inches high and had five or six glassed portholes equidistant from each other. On either end of the box were two small inner poles attached to a scroll with bright glossy pictures telling one or more of the fabled Arab stories such as "Antar and Abla," or "Abu Zayd al-Hilali."

He placed the box on a stool and set up a circular bench facing it. The village children took turns handing him their kharjiyyi, spending money, and in groups of five or six peeked into the box and watched the story through the portholes. The entertainer rolled the screen, chanting about the beauty of the ladies, the courage of the men and the strength of their horses. Usually, the lucky viewers would briefly give up their place to siblings or friends who did not have enough kharjiyyi.

When all those who wanted to see the show were accommodated, the entertainer strapped the show box to his back, picked up the stool and bench and walked to the next village, chanting previews and enticing new viewers.

It was an amazement to me at the time how he synchronized the chanted story with the pictures on the rolling scroll. And the box, the beautiful sanduk, with its colorful pictures and many tiny mirrors, was a source of wonder, even without the stories.

 

                                                                                                ["The Performing Bear, the Dancing Monkey, and the Dancing Gypsy" (2004) Copyright the artist.] 

My father, reminiscing about his early years growing up in Bab Al-Mussala, Midan, the old quarter of Damascus, described how on rare occasions he would hear the beat of a drum with the distinct chant about the performing bear and dancing monkey. This was one occasion no child wanted to miss. Children begged and pleaded for a few extra piasters to go see this incredible sight. One could also hear the jingling of a tambourine and the sing-song of a Gypsy. He sang and played his tambourine and bouzouk. He was accompanied by a young Gypsy girl in a colorful, flowered skirt, that twirled around as she danced. They went from hara to hara (narrow street), trying to entice new audiences.

The bear, on a strong chain, would obey commands, such as: how does a young bride walk, how does an old man sit, how does an old woman wash laundry or knead the dough. The monkey, also on a leash, would dance, do tricks, and pretend to be a pick-pocket. At the end of the amazing performance, the tambourine or drum was passed around to collect the coins from those who had watched the show. The troubadours then moved on to the next hara. Many times children would follow the Gypsies and end up getting lost. My father got lost one time and finally a kindhearted man lead him back to his own village and to Teta's house.

 

                                                                                            ["Blind Charity" (2005). Copyright the artist.] 

One day, my father and I were chatting about everything and nothing in particular when he told me the following day he was going to Dayr Saydnaya and I could accompany him if I wanted to. The Dayr, a nunnery in the outskirts of Damascus, was his favorite charity. I accepted gladly, as this was one trip I enjoyed and looked forward to. He asked me what I thought of charity and I replied that people appreciate good deeds because such acts meet their special needs. He then asked me about blind charity, where the donor does not know the recipient and has no idea what the need may be. He proceeded to tell me a story exemplifying this kind of blind charity which he described as the most sincere.

Once there was a very rich woman, the wife of a governor of a prosperous port city. Once a week she would take a very big basket and seal it with tar to make it waterproof. In the bottom of the basket she would write a line from a poem, "Do charitable deeds even if they may be out of place, for no act goes unrewarded." Then she would fill the basket with food, water and clothing and drop it in the sea to be carried away by the waves and the wind. After some time, she and her family took a long boat trip to visit relatives in another port city. Heavy storms demolished their boat and many on board drowned. She also would have drowned had she not clung to a plank of wood. In time, she drifted to shore where she collapsed from hunger, thirst and exhaustion. She woke up in someone's garden. The lady of the house told her the servants had found her on the beach and thought she was dead. But then realized she was still alive and so they brought het to the garden. The lady of the house said she could stay with them as a washer woman and she gladly accepted.

One day the lady brought a very big bamboo basket full of laundry and asked the woman to wash them. When the woman reached the bottom of the basket, she saw the line of poetry which she herself used to write in the bottom of those baskets before dropping them in the sea. She had recognized her own basket. She sat down and began to cry. When the lady came to check on the laundry, she found the woman sobbing. Asking her why she was crying, the washer woman explained that the basket was one of hers and went on to describe how she would fill them with provisions and drop them into the sea thinking that some shipwrecked people would find the baskets and use the food and water to survive. The lady was amazed and told the woman that once she and her husband were shipwrecked. They had lost everything. Then a big basket drifted by and they clung to it until they landed on shore nearby. When they recovered, they walked to the city, found jobs and in time, prospered. Out of sentimentality, they kept the basket and used it thinking that some day they would learn more about it and the line of poetry written on the bottom admonishing blind charity.

The lady took the washer woman to her own quarters and when her husband returned home, told him about the day's events. He suggested the woman live with them as a member of the family. They also decided to continue to fill baskets with provisions and drop them into the sea, hoping that some day a needy person would find them and survive.

 

                                                                                                                             [Evenings in the Kroum (2004). Copyright the artist.]

As told by my father: Every summer I spent several weeks in my grandparents' house in Zahle, a mountain village in Lebanon. The best part of the visit would be a trip Jiddu (grandfather) and I would make to the kroum (vineyards). There we would spend a week working in the kroum, talking, and just being together.

During the day, Jiddu and I worked in the field. He would tell me what to do and would explain to me why things were done in a certain way. Jiddu spent the day not just talking to me, but he would also talk to the trees and the grape vines as if they were people visiting us. In a way, the kroum had become intertwined with the family, part of the community. As he worked, he would tell me that this tree was planted when Uncle Jamil was born, this tree was planted when Aunt Wadi'a was married, or this vine was planted when As'ad was baptized. Every place in the vineyard was connected to something. Sometimes it related to national events, or world events, but mostly the connections were to family events. The fields and the kroum had become a diary of family history which he was passing on to me. Jiddu was also an authority on the wild plants and herbs which grew in and around the kroum. This is good for curing a cold, he would say. This is good for an upset stomach, and this is good to flavor a stew. We would collect many of these herbs and wild flowers and dry them to be used in winter.

Every evening, after supper, Jiddu would light the kerosene lamp, brew some herbal tea over the charcoal fire, and then begin to tell stories about our family. He would tell stories about those who had gone abroad, those who did well and those who did not-the good sheep and the black sheep. And then, if he wasn't tired, Jiddu would recite poetry or tell stories which usually had a moral or lesson to learn.

He never preached to me but he always made sure I got the message. More than anything else, Jiddu loved poetry. He loved to recite poems and he loved to hear poetry being recited. Sometimes he would ask me to recite poems I had learned in school. I tried my best but I could not satisfy his thirst for hearing one poem after another. Once, when I was about thirteen, he asked me to recite poetry, but I could only remember one poem and part of another one. When I stopped reciting, he turned the kerosene lamp off and we went to sleep. The next night he asked me to recite more poetry. I repeated the same poem and part of another that I had recited the night before. Jiddu protested that this was the same poetry that I had recited the previous evening, and I confessed that it was all I knew. Jiddu looked at me for some time before saying that if after eight years of school, all I could remember was a poem and a half, then I was wasting my time, and my parents' money, and that I had better quit school and start working. After that, Jiddu never asked me to recite anything, but he continued to tell me stories, and to teach me about various plants in the Kroum. Poetry, however, never re-entered our life in the kroum.

 

                                                                                                ["Crossing the Litani" (2005). Copyright the artist.] 

In 1940-41, the British forces in Palestine attacked the Vichy French forces in Lebanon and Syria. One of the invasion routes was Jdeidet Marjyoun where my father lived with his sisters and mother. Everyone in the village decided to leave before the arrival of the troops. Clusters of people assembled in some disorder and began walking toward the Litani River.

Those who had brought food (zuwaidi) shared it. Except for the sound of artillery shells bursting in the distance, the whole event could have been described as a slowly moving picnic. They reached the river and waited for morning so they could cross. In the morning, my grandmother realized she had fled without any documents. She would not proceed without them and my father went back to get them. The trip was uneventful except for the stragglers who kept asking him why he was going in the wrong direction. He found the steel tube where his mother kept the papers, (birth certificates, identification documents, school diplomas, etc.) locked the house and began the long walk back. When he reached his family most of the others had already crossed the river, but my grandmother refused to leave without her son.

And then she admitted to another reason for not going -- her intense fear of riding a horse to cross. There were no alternatives. The river was deep and wide, the current fast and the fighting was getting closer. Three men and a horse were hired, one man to lead the horse and the other two to hold my grandmother on the horse. The crossing was noisy but safe, with Teta screaming and waving the metal tube with the papers all the way to the other bank. The owners of the horse, although their fee was doubled, vowed never to help another heavy and hysterical woman to cross the river.

 View the complete series of "Stories My Father Told Me" here

Huda Lutfi: The Artist and the Historical Moment

$
0
0

Huda Lutfi is a cultural historian. She is also a visual artist; but if you want to cut through classifications and simplifications, if you want to get to the heart of who she is and what she does, nothing reveals more about this historian turned artist than her home address: Champollion Street, in the heart of Downtown Cairo.

At this address, Lutfi has come to inhabit a front row seat before Egypt’s most significant historical and cultural moments. If the walls of that time-honored piece of Cairo could speak, they would tell you about how in 1919 Egyptians poured into its streets to protest against the exile of Saad Zaghloul, or about 1967 to demand the return of Nasser after his famous abdication speech. They would tell you about the Bread Riots of 1977, the 2001 protests in solidarity with the Palestinian Intifada, the 2003 rage against the invasion of Iraq, and the famous 18 days that toppled the Mubarak regime in 2011. In short, if these walls could speak, they would narrate to you the story of Egypt; its men and women, its trials and tribulations, its highs and lows, what changed over the years and what stood the test of time.

Speaking of her decision in 1997 to move to a Downtown address, Lutfi says, “I wanted to be a real Cairene, enjoying the city’s hustle and bustle, its old souqs, flea markets, craft workshops, antique shops and bookstores, countless monuments, Sufi mulids, Islamic and Coptic artifacts and rich architecture. I also wanted to become part of its cultural and intellectual life, its cafés, galleries, museums and its intellectual ‘hangouts.’” It is a move she has never regretted. With Downtown as her gate to the city, she has voyaged into some of its most intriguing pockets: from Souq El Imam, the city’s largest repository of discarded objects, to the Azbakiyya bookstalls; from carpenter shops to antique shops; from Bab El Khalk to the shoe factories of al-Ataba, and from the junk and treasures of the Friday Market to the seamstresses of the old quarter of Sayyida Zaynab.

It is in these distinctly Cairene spaces that Lutfi has come to excavate the narratives of her beloved city, an exercise that has enriched both her work as a historian and her art as a bricoleur. With a Ph.D. in Islamic Culture and History from McGill University, a distinguished career as a Professor in the Department of Arab and Islamic Civilization at The American University in Cairo, and a notable body of work as a contemporary visual artist, the symbiotic experience between all three axes of her life is plain to see. Indeed, much, if not all, her artistic work has been a visual translation of her historical interests in the city. Her academic work on women, gender relations, Sufism, mulids, medieval Coptic and Islamic festivals, and dreams permeate her visual work and are transformed, on the canvas and in her installations, into enchanting signs and symbols, Pharaonic scripts and geometric figures, icons and numerals, dancing bodies and androgynous figures—all of which attest to the process of historical layering that she has thoroughly assimilated.

Looking at her whole body of artistic work, from 1992 when she first started experimenting with bricolage to the present day, one gets a strong and consistent sense of purpose, of a need to fulfill a role. The role is one that she is quite familiar with, that of the archivist. Between documentation and fantasy, she moves, preserving significant memories from erosion and bringing to the fore subjects that have otherwise been neglected in the historical narrative.

Take for example the question of women and gender relations in the Arab world. As a graduate student of history and culture at McGill University, Lutfi relates how she had to examine Arabic primary historical sources. What struck her during her readings was the total absence of women from these accounts. “Where was I in the narrative?” she wondered. Acutely aware of what she calls, the role of patriarchal conventions in incapacitating feminine potential, one will notice how the artist places the feminine at the centre of most, if not all, her creative work, making women the mouthpiece of the city, voicing both its political and cultural grievances. In her 2003 exhibition, Found in Cairo, the feminine even comes to embody Cairo. Speaking of her desire to feminize the city, she reflects, “It seemed fitting to me for after all the city’s name, al-Qahira, is in the feminine form”

In 2003, Found in Cairo coincided with an important historical moment: the US invasion of Iraq. Thousands of Egyptians gathered in protest on the streets of Downtown. In the studio, Lutfi was busy at work, piecing together her findings from dolls and mannequins to chair legs, clock casings, and more. One of the installations that emerged was a response to the political climate. “No to War” featured dismembered mannequins trapped in an old and beautiful encasement with arms flailing in the air, protesting in unison to the war. 

In 2006, the artist pushed the feminine to the fore once more; this time to contest a cultural blunder, the disappearance of one of the most creative traditions in Egypt, doll making. On her many trips to the Friday Market, she came across heaps of discarded plastic dolls that were made in China or Korea. Her findings brought to her attention the fact that these mass-produced dolls seem to have replaced the more personal ones, handmade by Egyptian women. In response, Lutfi collaborated with women from the old quarter of Sayyida Zaynab, Suhag in Upper Egypt, and the village of Tunis in Fayyum who taught her how to design patterns, cut and sew fabrics, and stuff the dolls. The result was her 2006 exhibition, Arayis

In 2008, another politically charged moment saw the artist piece together objects from the city to make another statement for the annals of time. In her exhibition Why Not?, Lutfi made a series of installations reflecting on the Israeli siege of Gaza and the subsequent air strikes that left approximately 1,417 Palestinians dead. Again here, we see the feminine being the mouthpiece. In her installation, “Entrapped, a mould of the artist’s own head is snared in what looks like a cross between barbed wire and the signature pattern of the Palestinian kufiya. Both the wire and the pattern are imprinted on the face. The piece is a reference not only to the Palestinian predicament but also to the artist’s total affiliation with the Palestinian plight. 

                                                                                                                                        ["Entrapped" (2008). Copyright the artist]

                                                                                                                        ["Superman Will Save US" (2008). Copyright the artist.]

It is in Why Not? that a sense of weariness and tedium with the state of affairs in the Arab world becomes quite evident. The US had invaded Iraq and plundered its resources, the Palestinian situation was stuck in what seemed like a perpetual downward spiral, dictatorships were abound, and many Arab autocrats were essentially US clients. In Egypt, the deteriorating living conditions and stale political climate left the man on the street apathetic and struggling for the minimum, to get by. There was a cloud of despair, alleviated only by the occasional trademark Egyptian joke. In her piece, “Superman Will Save Us” Lutfi addresses these issues. At the centre of this collage, we see Umm Kulthum. A recurrent icon in the artist’s work, she is time and again depicted as the symbol of female strength, of tradition, resistance and national identity. Around Umm Kulthum, we see oil wells, US dollar notes, and soldiers standing on guard. At the top, we see a dismembered hand, a recurrent symbol of incapacitation, and an ironic statement that pokes fun at American pop culture and White House rhetoric alike. 

In the couple of years leading up to what has now come to be known as the “Arab Uprisings,” feelings of discontent had reached an all-time high and exasperation was palpable on the streets. “I was living in a state of denial,” Lutfi says, “I did not follow the news regularly and I rarely read the newspapers.”* The last time she had joined a demonstration was when Israel invaded Lebanon in 2006 only to be outnumbered by Central Security Forces. Disappointed with the empty rhetoric, she left the Tagammu’ party. As old leftists, they seemed to have lost the kind of energy that can bring about change, she says. In class, she congratulated herself for teaching her students how to practice critical thinking. In her artwork, she was content poking fun at the political violence and injustices that dominate daily life.

But, as they say, the darkest hour is just before dawn. In 2011, Lutfi’s son urged her to get on Facebook and watch the call for a general protest on January 25. What she witnessed took her by complete surprise: a veiled, young, woman was announcing her dramatic call to action and urging men and women to heed her call. The young girl was Asmaa Mahfouz, the 6 April activist, and the call was to come down and say no to corruption and no to the regime.

The rest, as they say, is history. Yet, for a resident of Downtown, the 18 days that followed literally hit home. Abrupt and important changes took place in her daily life. She became addicted to Facebook, started reading the Arabic newspapers everyday, and became glued to the morning and evening news. She was in Tahrir almost daily. Whatever artwork she was creating at the time was placed on the back burner, she abandoned her studio, and the camera became her preferred artistic tool.

Tahrir became the battlefield but was also the home, the stage, and the gallery. Young activists painted scathing and subversive graffiti on its walls, political drawings, cartoons and manifestos were on exhibit everywhere. Puppet plays were improvised, installations were spontaneously constructed out of stones and found objects, and printed images of the martyrs were strewn throughout. The artistic experience on the street was more organic, instant and inherently political than what any gallery exhibition could ever hope for:

Like many artists, I was daunted by the spontaneous creative impulses of the square. The only thing that I felt I could do at the time was build some kind of archive, if only to preserve a memory of what I have seen and emotionally experienced.

Suffice to say, those turbulent and inspiring times left Lutfi humbled. Like many artists, she became confused about the direction of her artwork. Where to go? Where to begin? This period of anxiety and lack of focus lasted for more than a year, after which she started gaining distance and perspective. Eventually realizing that her venture into activism was perhaps an inescapable phase of her aesthetic investigation, Lutfi returned to the studio.

In the work that followed, one can trace a continuation of many of the elements that make up Lutfi’s artistic world. For one, the bricoleur returns as an archivist and a collector of the city’s discarded goods. In her work “Discarded” for example, we see discarded bottle caps inlaid with photographs of the eyes of those who had lost their sight at the hands of Mubarak’s snipers during the 18 days. As is her trademark technique, she uses repetition here to intensify the impact of her statement. 

                                                                                                ["Discarded" (2012). Copyright the artist]

In another piece, we again see women take centre stage, this time to commemorate the 18 female protesters who were subjected to virginity tests by the Egyptian military. The military man is deliberately silhouetted in black, while the women are depicted as one-legged, with their bodies half erased to evoke a sense of helplessness and humiliation. 

                                                                                                                                        ["Tested!"  (2012). Copyright the artist.]

Yet, even though there is a sense of continuation, there is also an unmistakable sense of a paradigm shift. One major change is the use of the camera to document the most important moments and faces of the uprising. In her piece “Crossing the Redline,” for example, one can identify a new sense of innocence and even romanticism. Instead of the recurrent theme of women being entrapped or incapacitated in one way or another, here we find women on the streets, liberated and taking charge. Dressed like soldiers, they are seen crossing the ‘redline,’ or what Egyptians have come to coin, the fear barrier

                                                                             ["Crossing the Redline" (2011) detail. Copyright the artist.]

In her installation “Lipstick & Moustache,” we witness a departure from her critical approach to the binary discourse, assigning clichéd roles to both men and women. Here the mould of Lutfi’s face returns. This time, however there are two of them, Lutfi the man, in a moustache and Lutfi the woman in lipstick, practically interchangeable. This playful take on the binary discourse is a direct reference to the changing dynamic that had taken place in the Square. For the first time, women assumed an equal footing as men. They treated casualties, took bullets, directed protests and led chants. No longer obliged to step in, in order to assert presence or contest a reality, the artist here simply, and humorously, mirrors the change on the street. 

                                                                                            ["Mustamerra" (2012). Copyright the artist.]

So now that the artist is back in the studio, what is it that she wants to convey? Perhaps the most fitting answer would be in the form of one of her latest installations, a French mannequin covered in shredded pieces of paper that read, “Mustamerra,” meaning, I will continue. Like all of Lutfi’s artistic statements, this one too is feminine on multiple levels. Here, the city, al-Qahira, the revolution, thawra, and the female figure represent one and the same thing, the spirit needed to move forward. “Keep the energy alive,” she says, “for the only constant is change.” 

*A full account of Huda Lutfi’s artistic work can be found in the newly released book, Huda Lutfi: A Retrospective.

*The artist’s account of the January 25 uprising is part of The International Summer Academy at The American University in Cairo, on the theme of Aesthetics and Politics: Counter-Narratives, New Publics, and the Role of Dissent in the Arab World. 

 

 

  

Five Poems by Rachida Madani

$
0
0

TALES OF A SEVERED HEAD

Rachida Madani

Translated by Marilyn Hacker

 

The First Tale

I

What city and what night

since it’s night in the city

when a woman and a train-station argue over

the same half of a man who is leaving?

He is young, handsome

he is leaving for a piece of white bread.

She is young, beautiful as a springtime

                                                            cluster

trying to flower for the last time

for her man who is leaving.

But the train arrives

but the branch breaks

but suddenly it’s raining in the station

                                                           in the midst of spring.

And the train emerges from all directions

It whistles and goes right through the woman

the whole length of her.

Where the woman bleeds, there will never be spring

                                                                                  Again.

in the night, in her head, under the pillow

trains pass filled with men

                  filled with mud

and they all go through her

                                         the whole length of her.

How many winters will pass, how many snowfalls

before the first bleeding letter

before the first mouthful of white bread?

 

II

 

Perhaps it’s the same city

but a different solitude

another road of rain.

A child is walking down the empty street

he follows another child

who is following a dog

who follows another dog

who is following an odor of bread.

The closer he comes to the smell

the further away the whiff of bread seems

flutters

          circles in the air

then suddenly climbs to perch

on the streetlight

                          like a moth

And the two little boys

and the two little dogs

at the bare foot of the streetlight

stay, open-mouthed

                              in a circle of light.

And it’s the same night

and it’s the same solitude

and it’s the same child

in the same street

                           in the same circle of streetlights.

Now on his cheek hunger

has deepened

the furrow traced by tears.

Now with his scrawny limbs

he drags a pauper’s toy:

                                   a cardboard box

and in it a skinny little dog

and a patched-together childhood.

 

It makes a peculiar little noise

that patched-up childhood dragged

                                                      along the pavement.

But the child listens to the night

and dreams with all his hunger

that he has become a sailor

his carton a ship which floats

carrying away his childhood

                                            which becomes a bird

                                                                             in one wing-beat.

 

III

 

She has lost everything, even her tattoos

the woman who walks on the cliff.

She has sold her bracelets

sold her hair

sold her white breasts.

She has pawned her last tear

her last mouthful of bread.

She has talked to the neighbors

talked to the judge

talked to the wind.

She wanted her child that woman

who walks on the cliff.

She wanted him for herself

for herself alone

the child of her womb.

She wanted still to be rocking him

as all women do

gently, gently, singing

as she sang every night, to rock him

the child of her womb.

But men

but the wind push her out on the cliff.

She watches the ocean

she would like to hurl herself into the ocean

to drink up the ocean.

But suddenly all her tattoos

return to set themselves in place

and they all begin to speak at once.

All at once she finds

the green and blue legends

inscribed on her flesh.

Now she is standing facing the backwash

her eyes are dry

her mouth is a fold.

Now she leaves the cliff

and goes away…

Now she goes toward her own justice.

 

IV

 

What a woman, what a departure!

She has named her fear

she has measured its feet

then she measured her own mouth

then rose up in one movement.

She goes through the glass city

goes from door to door

she speaks

and now nothing can stop her.

 

She speaks of all nights

and all women

she speaks of the sea

of waves which carry everything away

as if everything could be carried away

of waves which begin the sea again

there where the sea stopped.

She goes through the city

she walks with death

hand in hand

and her hand does not tremble…

 

She speaks all around your skull

and what a laugh would burst from her throat, that woman

if, at the wall’s base, Shahrayar arose!

 

V

Of how many castrated cities

is the woman born?

Of how many vampire-men

and demi-gods drunk on sand?

How many apples had

to tumble down from the sky?

The earth is so far from vast

that she always goes toward the same tree

is it always the woman who goes toward the tree?

I would be satisfied with a pomegranate

and I would never feel guilty

of being that apple which cuts

                                               your throat

because I was not born from your lips

I was not born from your heart

or your skull

and had I known that you would stay

                                                        crooked for life

I would not have been born

                                          from your rib either.

How many apples did it take

to make you tumble naked  from the sky

demi-god drunk on sand?

 

[Excerpted from Rachida Madani’s Tales of A Severed Head, translated from the French by Marilyn Hacker and published by Yale University Press in September 2012] 

Glory to Those Who Torture Us

$
0
0

Glory to Those Who Torture Us

Abdellatif Laâbi

Translated by André Naffis-Sahely

 

glory glory
we are the chosen people

erected upon the peaks of fate for us the tomorrows that sing rivers of honey and milk

sacrifice brothers sacrifice

exile in sacrifice
o the apotheosis of throats ready

heritage Abraham’s sadism

crimes on the table

heritage faith struck down by miracles the desert’s spontaneous abundance

m i r a c l e we do not suffer
o the hired killer’s unblemished brow the tickling of electrodes
and the scalpel stripping the vertebrae

again and again
breathing in all the gases greedily swallowing the grenades

glory
to the firing squad
embracing the wrong side and the right side

for the sacrifice

of the ripe finger that fondles the trigger that kills us

the cast iron sparkles
stillborn
skirted the scalping of the pecking order

I didn’t want to partake in this spectacle no

puppet I didn’t want them to execute me

ludicrously on the bleachers

but to remain a valve
seaweed

a body throbbing with elemental breath

diastole to remain a pharynx without

a shot at the strongest life

to be of this night that doesn’t dismantle the day of this leavening not of this dough

to be at last of these poisonous knots of roots

a blanket refusal
this so-called complication of speaking organisms

I refuse this procreating of automatons you’ve have drawn blood from the language and the world

you’ve drawn blood from life forgotten forgiveness
of all rock solidified mass
from one mass to another a clash the stale air of shacks

the raised garden beds

I’m not speaking of war
of the recolonisation of the third world of those rejected grafts
it’s I alone who rejoices

we’re still dying of hunger

in thesetortures
like a flask used to beat

the poem

into my flesh

I do not control the impulse of my fist patience
all these lives belong to me
I will speak of everything

I answer violence
with violence

before a hired hand

comes to stab me in the back

patience
I’m going to speak
of the dead that went before me
those I spend time with and those to come

everything will be said this is my pledge to you

those dogs have sullied our memory who will want to touch this history where slimy rats have scurried abolish to begin

then the repetition the official accounts

will not include us napalm impedes the machine gun

blowpipe from behind

the moon any time now the islands the steppes

and overturn the whole lot
some martians will come to finish off the survivors

monstrosities monstrosities
in the severity of the days of retribution I see nothing but killers
this brotherhood of killers
that bends the bow
the target hurled

into the crime hail barbarity of great famines

hail tribal flints
hail jungle of crudeness something in me reawakens
once again the miracle of the body I begin by denying

my hand surfaces breaks away and returns

grabs my genitals coldly exposed

into a desert of salt flats

***

[Translated from the French by André Naffis-Sahely. This excerpt is from Abdellatif Laâbi’s The Rule of Barbarism, forthcoming from Island Positions. Naffis-Sahley's translation of  Laâbi’s autobiographical novel The Bottom of the Jar is forthcoming from Archipelago Books] 

Marketing Agency, Branding Hope: War, Kony, and "Three Cups of Tea"

$
0
0

October seventh marked the eleventh anniversary of the US-led invasion of Afghanistan, making it by far the longest war in US history. The date passed with little public fanfare. Despite vibrant and unprecedented US and global anti-war movements, as well as broad public opposition within the US, open-ended war has become the backdrop to US society: it is no longer front-page news. 

Yet on this somber anniversary, the media was abuzz with Oprah Winfrey’s much-anticipated interview with Jason Russell, Chief Creative Officer/Co-Founder and director of the viral video, KONY 2012. After the stunning spread and then massive political controversy surrounding KONY 2012, Russell himself, rather than the political content of IC’s work, lies at the center of public intrigue and controversy. Winfrey wrings out painful details of Russell’s life and brings in his wife Danica Russell, and the Ugandan who was the alleged inspiration for Invisible Children, Jacob Acaye, in order to get their reactions to Russell’s personal hardship following the success of the video.

This is an important moment to reflect on the ways that militarism has affected our lives and changed public perception of the use of military violence as normal. It also gives occasion to look at how an era of endless war has given birth to some political and social campaigns that accept militarism as given, and at times outright embrace military solutions to social and humanitarian problems.

We look at the media strategies, messages, and images that underlie the dizzying success of the film Kony 2012 and Greg Mortenson’s book, Three Cups of Tea. We also examine the role that exploitation of children and youth, as well as concepts of education and child welfare, play in their respective fundraising efforts. We investigate the broader conditions that enabled their viral spread and allowed them to receive millions of dollars in donations from around the world. We aim to cut through the veneer and shed light on the gap between the stated and real impact these nonprofits have on the world and expose the acceptance of militarism that underlies their supposedly apolitical solutions to real problems.

Revolution-in-a-Box

In early March of this year, KONY 2012 catapulted into instantaneous fame. This slick, professionally produced video tells the story, through the narrative of IC co-founder Jason Russell, of the organization's campaign to track down and stop General Joseph Kony of the Lord's Resistance Army in East and Central Africa. The video spread virally, grossing over 100 million views in the first six days, making it the most successful video campaign of its kind. A sequel to the film, titled KONY 2012 Part II, was released on April 5, 2012. On the same night as Oprah’s interview, IC also released their latest YouTube video Move, which chronicles the creation of KONY 2012, and through this lens, the building of a youth movement that is not over and still has important work to do.

There is another humanitarian organization that has a very visible and successful founder who has also been in the public spotlight recently. This man is Greg Mortenson, and his organization is the CAI (Central Asia Institute), an NGO he founded with the mission of building schools in Pakistan and Afghanistan.

Three Cups of Tea: One Man’s Mission to Promote PeaceOne School at a Time was an unrivaled success when it was published in 2007. This memoir-style tale of Greg Mortenson's quest to build schools in Pakistan and Afghanistan, and the development of the nonprofit Central Asia Institute (CAI), climbed to the New York Times best sellers list, where it stayed for four years, and was translated into 47 different languages. Mortenson became a U.S. folk hero of global fame, hitting the international speaking circuit, and persuading millions to reach deep into their pockets to support his cause, including President Obama who donated a sizable chunk of his Nobel Peace Prize award to CAI.

Despite this great success, Mortenson eventually faced criticism regarding the accounting practices at CAI and revelations, by people like John Krakauer, a former CAI supporter, who in his book Three Cups of Deceit, amasses evidence that shows that many of the schools that CAI claims it has built are actually non-existent or non-operational. Not only the schools, but much of Greg Mortenon’s story never happened. For example, one of Mortenson’s alleged “Taliban” kidnapper Badum Gul exposed Mortenson’s tale of abduction and by the Taliban as a fraud in an Al Jazeera interview. Also, Pakistani mountaineer Masood Ahmad provided a detailed video explanation of how Mortenson’s discovery story of Korphe was physically impossible, based on his firsthand knowledge of the area.

While both of these media campaigns were rocked with scandal, controversy, and outrage, their enormous success is indisputable. They employed sophisticated media campaigns to draw in unprecedented audiences, rake in donations, and transform their organizations into household brands.

IC's KONY 2012 campaign exploits children in the US and other Western nations, as well as children in Uganda. To say that the campaign exploits children it is not meant that children are exploited directly (e.g. using their labor without remuneration), but that images and concepts of what “children are” and what childhood should be are used in order to evoke emotional responses that will, it is hoped, motivate children to participate in IC's campaign and motivate viewers of all ages to fund its work.

The KONY 2012 video is a story with a narrative arc similar to a heroic, fantasy story or an action film. The video first creates a context and a setting in which the story must take place. This is done by showing images of Jason Russell's son, Gavin, and providing images of the typical, comfortable, wholesome, and nourishing home environment that will be familiar to millions of white, middle-class Americans.

Into this safe and comforting environment IC introduces a contrasting environment, a shadow world that is the exact opposite of the one Gavin inhabits. This environment has its own Gavin in the form of the Ugandan boy, Jacob, discovered by Russell and his companions. This shadow world also has its own counterpart to Jason Russell, in the form of the villain of the story, Joseph Kony. This story even has a hero, in the form of the youth of America who will eventually use their collective power to stop Kony by becoming their own army to combat Kony’s LRA.

Uganda is portrayed as a hellish world where, unlike Russell's son Steven, children are not allowed to have a "childhood" as the concept is understood in the middle-American consciousness: childhood should be a time of innocence, freedom from worry, and a time for exploration and learning. The changing nature of the American concept of the child has been studied in many works, such as Steven Mintz’s Huck’s Raft: A History of American Childhood. Kony is the villain of this story and inhabits this environment; he is portrayed as the source of evil in Uganda, and must be defeated if the children of Uganda are to have the kind of lives that Gavin enjoys. This is the job of the youth of America, who enter the narrative as the only force capable of stopping Kony, because adults, like their parents or politicians, are too distracted by other issues or simply don't care enough.

The video shows images of child refugees, child soldiers, and Kony's army, the LRA. Except for excerpts of interviews with Ugandan associates of IC, the viewer is presented with virtually no other images or informationabout Uganda except those relating to Kony and his horrendous crimes. In fact, the images on display are basically the same as those typically shown of black Africa; backwardness, savagery, war, anarchy, and ineffective and weak governments that are either unwilling, or unable to help their own people. Five minutes and 57 seconds into the film, Jason Russell declares, in reference to the plight of Jacob and other Ugandan children abused by Kony, “If that happened one night in America, it would be on the cover of Newsweek.” At four minutes and 40 seconds, a uniformed man appears from out of the shadows and orders Russell to stop filming an interview with Jacob. The purpose of these images, and their contrast to the ideal of American life, is to shock viewers into having an emotional response. The very real plight of many of Uganda's children is used to motivate the film’s young American viewers into supporting IC’s campaign.

All products have a target demographic, and IC’s KONY 2012 campaign is no different. The youth of America (and all the West) are the target audience for this film. The images of children from Uganda are used for the purpose of motivating Western youth, and the purpose of the entire film is to eventually convince this audience to apply pressure to their political representatives to authorize the use of American soldiers in central Africa, ostensibly to "stop" Kony.

The entire aesthetic of the film—including its music, sounds, and imagery—is intended to resonate with teenagers and young adults in the West. The video and online campaign materials, while featuring mostly White individuals shown as activists, do include multi-cultural, multi-ethnic imagery. Not all of the youth featured in the video are White and this gives the campaign a much broader appeal. But this is simply a veneer of inclusion, the inclusion of youth of color in the campaign is similar to the “inclusive” marketing campaigns carried out by other company’s such as The United Colors of Benetton.

Of-the-moment cultural artifacts are employed to make the film more appealing for this demographic. The music is a particularly good example of this. The section of the film that introduces IC's plan to launch a mass guerilla marketing campaign in April uses the music of electronic music producer, Flux Pavilillion. Flux Pavillion creates music in what is known to most young Americans as "Dubstep," a genre which is currently extremely popular with certain segments of American youths. The use of this particular song reveals that the filmmakers know their audience well and have strategically fashioned the film to appeal to the audience's sensibilities.

The film also exploits another Western concept regarding youth; the idea of youth as a time of rebellion. The film feeds its audience (Western youth) images of themselves as a powerful source for revolution and social change and implies that only the youth have the power to solve the problems which Kony has created.In fact, IC's whole campaign, not only the KONY 2012 video, is a commodification of revolution. The images of youth running through urban environments, spray-painting political slogans on concrete, the red and black color scheme (traditionally the colors of Communism and the left), and maybe most tellingly, the "action kit."

The "action kit" contains everything one would need to become a real revolutionary, including bracelets, t-shirts, bumper stickers, and buttons which identify one as being a participant in the KONY 2012 campaign. An IC advertisement for the kit declares, “People will think you're an advocate of awesome with this official Action Kit. Since KONY 2012 is a yearlong campaign, you can decorate yourself and the town all year long with this one-stop shop. Everything you'll need to take part in our KONY 2012 campaign is included.” The "action kit" is a revolution-in-a-box that marks one as a socially conscious revolutionary in a consumer capitalist society where a person's identify is formed as much by what one owns and purchasing decisions as by ethnicity, native culture and language, or nationality.

However, the KONY 2012 campaign is just like any other marketing campaign or product launch; it began within some institution amongst a small group of individuals and is propagated and "sold" to a wider market through advertisements. The campaign is only revolutionary in a commodified sense. The Western youth who are the targets of this campaign are being exploited by IC for the benefit of an agenda that those same youth probably barely understand, an agenda IC doesn't really clarify in the promotional KONY 2012 video.

As successful as the video was, it also drew almost immediate criticism, especially from Ugandans, many of whom charged KONY 2012 with profoundly mischaracterizing the situation and representing Ugandans as helpless and savage. Ugandan American Sanyu Lubogo attracted over 4.3 million views with her YouTube video indicting KONY 2012 for presenting a false picture of Kony’s involvement in Uganda. Hers and others ability to post counter-narratives on YouTube demonstrates that while a group like IC can win huge success on the internet their control over the discourse will never be hegemonic; IC’s version of events is popular but has not eliminated the agency of those Ugandans who struggle to have their voices heard.

The KONY 2012 campaign marks the beginning of a new paradigm in the age that has seen the emergence of astroturfed “social movements.” This does not mean that KONY 2012 is the first campaign to use social media but that this is the campaign which, by its success, signals a movement into a new paradigm for marketers from all sectors, and NGOs specifically. Other legitimate social movements have definitely used social media, but those movements were never presented as “products” or commodities in quite the same way as the KONY 2012 campaign.

KONY 2012 marks the beginning of the social movement as product, the social movement as commodity, the social movement as branded experience and franchised enterprise. Although IC is a legitimate NGO staffed and created by individuals who seem to care deeply for the issues of northern Uganda, the way it "sells" its movement and agenda to an audience by using state-of-the-art marketing techniques is disturbing. More so than the actual issue of the crimes of Kony's LRA, the presentation of the KONY 2012 video is the message, the medium has taken precedence over the content, and this is by design.

The result is that images of the suffering of black Ugandan children (Kony's crimes against adults are barely mentioned) are exploited in an attempt to exploit the children of the West. The Ugandan children barely have a voice, and the American youth are simply a target of a savvy marketing campaign. It is even more disheartening to know that this exploitation is carried out in the name of convincing the American government to once again become involved militarily in another region of the world, this time central Africa.

Liberal Education as Panacea

Like KONY 2012, the exploitation of children lies at the center of Three Cups of Tea’s narrative. However, within Greg Mortenson’s story, Afghan and Pakistani children are represented primarily as receptacles of liberal education, and thus drivers of western-style social transformation. Mortenson draws heavily on American ideals of liberal education, as well as a post-9/11 US political climate in which the Muslim is the dangerous “other,” to build an argument for the special role that CAI plays in liberating Muslim societies and keeping America safe. Children appear as instruments for carrying this project forward, as well as the recipients of generous and life-changing humanitarian aid. Unlike KONY 2012, which uses images of children to motivate youth to become part of a “movement,” Mortenson employs images of youth to move people with money to support Mortenson himself.

Like KONY 2012, Three Cups of Tea has an action film-style narrative arc, starringwhite, humanitarian hero Greg Mortenson. After a failed attempt to climb Pakistan’s foreboding K2 Mountain, Mortenson loses his way and, has a near brush with death, and then stumbles upon the village of Korphe. He is charmed by the simple, kind inhabitants of this village yet horrified to learn that the villagers do not have a school and shared a teacher with the neighboring village. This book is the story of Mortenson’s determination and persistence to build schools for this and similarly depicted villages despite overwhelming obstacles, including alleged kidnapping by the Taliban (later proven a fabrication), threats from the Islamic clergy, and the financial difficulties of launching his project. Within this story Mortenson’s success is measured by his ability to bring education to children, particularly girls, in the heart of Taliban territory. The strength of his project is his ability to cut through red tape, circumvent bureaucracies, and maintain focus on the mission, as well as his unwavering dedication to the cause. Mortenson takes the role of a lone cowboy, trekking through Taliban country to singlehandedly give the gift of education to deprived youth.

Unlike KONY 2012, the society of the “other” is not presented as a hellish war of all against all, but rather, exotic, backwards, simple, and idyllic. When Mortenson accidentally stumbles upon Korphe, the town suddenly appears within his line of vision, in a dramatic rendition resembling the privileged moments of Hollywood movies. Our hero gazes out at a village nestled into apricot orchards where strange, exotic women carry baskets of fruit. Under Mortenson’s gaze, they seem to possess the same mysterious charm of their environment: "They pulled their shawls over their faces when they saw him and ran to put trees between themselves and the Angrezi, the strange white man” (p.24).

Children immediately flock to Mortenson who takes turn holding the hands of these children who possess no individual characteristics, but are merely part of this environment, like the mountains and apricot fields. Yet, Mortenson is dismayed to discover that poverty and backwardness are part and parcel of this idyllic environment. Thus, our hero is hit by the realization that human suffering and backwardness are part and parcel of this charming place. By the time he enters the village, there are fifty children trailing behind him. With this triumphant arrival into the village, Mortenson has established himself the savior of Korphe's children before he has built a single school. 

Every time Mortenson enters a village, he is greeted with a hero’s welcome, whether trailed by children with torn dirty clothes curious about this tall, gentle foreigner, or cheered by villagers whose lives have been transformed by the schools he has built for them. Character after character testifies to the blessing that Mortenson has brought to their villages by giving them the gift of education. Yet, this book never looks beyond this generalized euphoria and gratitude: Mortenson never delves into the specific content of the education these schools offer. He claims to offer a “balanced, nonextremist education” (p. 295) but leaves the specific content of this education vague. Thus, Mortenson sells the idea of liberal education to supporters who are left completely in the dark about what kind of education actually takes place in the schools.

Within this story, the promise of liberal education interacts with post 9/11 stereotypes. Mortenson uses images of educated girls in Taliban territory to build his argument that he is playing a special role in transforming lives and society for the better. Mortenson appears to offer an alternative to thevilification and demonization of Muslim societies, by showing Muslims as good and simple, yet deprived of the opportunities their Western counterparts enjoy, primarily education. Mortenson even argues in a meeting with Pentagon officials that education of girls in Taliban country is an alternative to military invasion. He seems to invite the reader to share in his vision of peace: his message speaks to US audiences who seek to reach across ethnic and cultural divides. Yet, this is a narrative that renders non-Americans as dimensionless and devoid of agency, while Americans alone are depicted as fully human.

Unlike KONY 2012, Mortenson is not offering a slick revolution-in-a-box solution aimed at selling a commodified version of youth action. He simply uses education and children to sell himself and his work. Mortenson employs the more traditional formats of written memoir, speaking tours, and television spots to popularize the brand of CAI and build the case that he is uniquely positioned to bring modernity and progress to the Muslim world. He does not invite his supporters to walk alongside him, but rather, draws upon the belief in the unassailable good of education and the perceived backwardness of Muslim societies to move others to support his nonprofit. Like KONY 2012, Mortenson offers a depoliticized, sanitized solution, rooted in notions of white, US superiority. Yet, his audience is merely invited to watch from the sidelines.

Mortenson relies heavily on his own personal brand, using novels and public appearances to craft the image of a daring, brave crusader who is also humble, compassionate, and soft-spoken. Personal likability and trustworthiness are the capital that Mortenson uses to secure donations from patrons and to increase his media visibility. Unlike the KONY 2012, which seeks to franchise a youth social movement, much of the core fan base of Three Cups of Tea is middle-aged, middle-class white women. This very same demographic helped to propel Three Cups of Tea from an unknown paperback to a four year New York Times bestseller.

Beneath the media campaigns of CAI and IC lies the real and unexamined impact of their respective work in the countries where they operate. We must also look beyond the branding of these respective organizations to uncover the US military power that intersects with the “soft” power of humanitarian work.

Militarism in Sheep’s Clothing

In 2010, IC and other organizations were successful in effecting legislation that would lead to US military involvement in Central Africa when President Barack Obama signed the "Lord's Resistance Army Disarmament and Northern Uganda Recovery Act." Russell even boasts that IC’s success in persuading President Obama to sign the aforementioned act is the first time in the history of the US that the United States has committed military resources to a region, not for self-defense, but because “the people demanded it…because it was right.”

Members of IC were even present in the Oval Office of the White House during the signing. IC’s plea for military involvement in not just Uganda, but other central African nations (Russell admits in the video that Kony and the LRA are no longer occupying parts of Uganda and have spread themselves around other central African nations, with a map showing this movement [around 15:00]) coincides with increased US military involvement in Africa.


[“Invisible Children and Resolve activists watched as President Obama signed LRA disarmament bill they had championed”
 IC’s timing in advocating further military involvement in Africa should be cause for alarm. Photo from White House Archive.]

However, Russell and IC seem to be oblivious to the greater geopolitical context in which their campaign is situated. The possibility that unintended consequences may arise from inviting US soldiers into different Central African nations at precisely the time when these nations are increasingly the focus of economic and military attention by China never enters into the discussion.[1]

Similarly, Mortenson’s only discussion of CAI’s connection to the US military is uncritical, apolitical, and probably misguided. CAI and Greg Mortenson have been woven into the US military’s activity in Afghanistan. Several of the top commanding officers of the US military operating in Afghanistan have read Mortenson’s book, Three Cups of Tea, and he has spoken at dozens of military bases and corresponded with and counseled the likes of Gens. Stanley McChrystal, David Petraeus, and former head of the Joint Chiefs of Staff, admiral Mike Mullen. It has even been reported that Three Cups of Tea has been assigned as required reading to officers being deployed to the Afghan theatre. Apparently, Gen. Petraeus and Admr. Mullen learned about Mortenson’s work from their wives, who were fans of his book.

In Three Cups of Tea, Mortenson insists that the work of CAI is a force against terror yet remains separate from the US military campaign in Afghanistan. He tells of meeting with Pentagon officials, including Donald Rumsfeld, to whom he makes the argument that, by building schools for girls in Taliban country, CAI does the work of the US military with greater effectiveness and lower cost. "[T]ake the cost of one of those missiles tipped with a Raytheon guidance system..." he says, "For that much money, you could build dozens of schools that could provide tens of thousands of students with a balanced nonextremist education over the course of a generation. Which do you think would make us more secure?" (p. 295). Mortenson argues that education can achieve social transformation and pacification of Afghanistan better than brute military force. His argument is not against invasion, but rather, against the violence of “hard” power, which he views as less effective than the “soft” approach of humanitarian intervention. In 2008, Mortenson worked with the military to build a school near a US military base in Afghanistan, and has worked to bridge relationships between the US military and his Afghan contacts on the ground. In a 2010 New York Times article Mortenson claimed that he was startled by the military’s embrace of his message despite his opposition to the US-led military campaign in that country.

While Mortenson may reject explicit military force, he perpetuates the logic of white, U.S. supremacy that underlies the War on Terror. Mortenson’s embrace of education as a tool for social transformation of “backwards” societies in the image of the U.S. must be seen as part of the ideological spectrum underpinning U.S. military invasion. This is not to deny the advantages of education, but to recognize that, in the context of war and occupation, “humanitarian” work is not neutral, but rather, can have the overall effect of reinforcing foreign domination. In the case of the War on Terror, “humanitarian” goals have served as a major justification for invasion and open-ended occupation. The fact that the U.S. military is so eager to work with Mortenson shows that his agenda is useful to U.S. military efforts in Afghanistan. The fact that Mortenson is willing to uncritically work hand-in-hand with the U.S. military shows that he is refusing to take responsibility for the political impact of his work, and he is inviting his supporters to do the same.

Looking Forward

Invisible Childrens’ KONY 2012 Campaign and Greg Mortenson’s CAI shows just how it easy it is for organizations and individuals to capitalize on youth desire to transform the world in a positive way. It also exposes the role of race, as well as stereotypes of the “Orient” and Islam, in creating the image of the “less fortunate” and building a justification for invasion and domination.

Both Invisible Children and the Central Asia Institute put forward commodified representations of social change which are a fundamental threat to the youth social movements that have swept the world in the past two years. From the Arab Uprisings to Occupy Wall Street, questions of youth and agency lie at the center of political and social struggles that are still unfolding. At every step along the way, these movements have faced the danger of appropriation by political and market forces aimed at transforming them into depoliticized, unthreatening, and profit-generating versions of themselves.

The fact that Oprah Winfrey’s October 7th interview with Russell coincided with the 11th anniversary of the US-led invasion of Afghanistan constitutes an important moment to reflect on the ways that open-ended war has created the public perception that military violence is normal and unavoidable. It gives occasion to look at how an era of endless war has seen the development of political and social campaigns that accept militarism as given, and at times outright embrace military solutions to social problems. It drives home the importance of approaching movement work with eyes wide-open and critical faculties in full gear, to ensure we are building real alternatives to endless war.


[1] By way of background it is important to note that in February 2007 President George W. Bush authorized the creation of AFRICOM (Africa Command), which would oversee military operations on Africa. This responsibility had previously been shared between the US European Command, US Central Command (Middle East), and US Pacific Command. This is the first time in history that a special Unified Combatant Command has been designated for the continent of Africa. Growing reliance on African petroleum sources from the trans-Saharan region, Chinese involvement in the region, and terrorism are among the chief reasons for the increased US military interest in Africa.

October Culture


Maghreb Media Roundup (October 18)

$
0
0

[This is a roundup of news articles and other materials circulating on the Maghreb and reflects a wide variety of opinions. It does not reflect the views of the Maghreb Page Editors or of Jadaliyya. You may send your own recommendations for inclusion in each week's roundup to maghreb@jadaliyya.com by Wednesday night of every week.]

Algeria

Algeria's Islamist Bloc Splinters A Third Time as Rivals Emerge Atef Kadadra discusses the Movement for the Society of Peace's enduring factionalization, which has most recently manifested into the splinter group The National Building Movement led by Mustafa Belmehdi.

The Paris massacre that time forgot, 51 years on Tahar Hani evinces the forces that have historically repressed recognition of the October 17 Massacre.

Algeria Backs Regional Action Against Terrorists in Sahel H. Yess reports on the Algerian army's geo-strategic positioning in the Sahel-Sahara region.

Fortress Algeria Geoff Porter analyzes Algeria's increasing relevancy to U.S. foreign policy and its own interest in combatting AQIM.

L'Algérie, un pays au bord de la folie Algerian columnist Fayçal Anseur argues that Algeria's mounting ills can only be addressed with the guarantee of free expression.

RE: Steven A. Cook on Going Too Far on Algerian Exceptionalism Kal reflects on Cook's core arguments and the current status of Anglophone Algerian discourse.

Libya

Exclusive: Full-scale assault on Bani Walid begins George Grant provides an on-the-scene account of military action against pro-Gaddafi elements in Bani Walid.

Opinion: The Fight Ahead for Ali Zidan, Libyan New Prime Minister Jamie Dettmer assess the difficulties Zidan will face in selecting a new cabinet.

More freedom in university but little change Joslyn Massad and Dominique Soguel discuss enduring problems of bureaucratic corruption in Libya's education system.

Un an après, la vérité sur la mort de Kadhafi HRW’s new 50-page report on the Gaddafi's final moments.

The Supreme Security Committee – Guardians of the Revolution? Ibrahim El Mayet argues the "dual leadership and split loyalty" inherent in the creation of the SSC represent one Libya's greatest threats to the rule of law, personal freedoms, and overall democratic development.

Mauritania

Bouncing Bullets: The Accidental Shooting of A President Anita Hunt provides an in-depth account of the regime's several divergent stories regarding Aziz's shooting.

Mauritanie : L’opposition demande à lever les coins d’ombre sur l’incident de tir sur Ould Abdel Aziz Mauritania's Coordination of Democratic Opposition establishes an investigatory committee to determine the veritable circumstances of Aziz's shooting.

Wounded Mauritania president flown to Paris Al Jazeera's coverage of Aziz' obscure shooting.

In The West, Mauritania Uses Lobbyists To Defend Slavery and Genocide Movement for Justice in Mauritania counters the Mauritanian British Business Council's denial of slavery.  

Morocco

Printemps marocain : le rôle des femmes par Osire Glacier Feb 20 Activist discusses female participation in protests and the inequalities that endure following the 2011 constitutional reforms.

Communiqué AMDH Oujda déportation des émigrés Moroccan Association of Human Rights condemns the unwarranted deportation of Sub-Saharan migrants to the Algeria-Morocco border.

Un faucon à la tête du « bataillon des 107″, par Taoufiq Bouachrine Taoufiq Bouachrine discusses the political motivations behind Bouanou's election to PJD General Secretariat, including Benkirane's attempt to revive the party's credibility.

Morocco jails activist for 12 years: rights group Feb 20 activist Bashir Benshaib sentenced for an "unauthorized protest."

Maroc : un déficit inquiétant Hicham El Moussaoui discusses the strategic problems of Benikrane's most recent proposal to address Morocco's growing economic deficit.

Tunisia

IFEX-TMG calls on Tunisia to guarantee media independence Following the journalists strike, the IFEX Tunisia Monitoring Group calls on authorities to engage media members regarding their legitimate concerns for freedom of expression under the new constitution and in light of recent institutional appointments.

Tehran or Tunis | Part 1: The Fork in the Revolutionary Road Iraj Omdivar discusses Tunisia's divergences and convergences with the 1979 Iranian Revolution.

Desperately Looking For Saadia: The Untold Story of Slavery in Tunisia Houda Mzioudet reports on Tunisia's first meeting for Black minority rights, which included an enactment of the play "Desperately Looking for Saadia."

Police Rape Victim Interview on IWPR Myriam Ben Ghazi provides a translated transcript of the victim's interview with the Institute for War and Peace Reporting.

Médias et Société civile mobilisés pour la défense du droit à l’accès à l’information Citizens call for  for the establishment of a mechanism to facilitate the freedom of information.


Arabic

شباب يرفعون "إشارات استفهام" وسط نواكشوط
Mauritanian youth question the circumstances of Aziz' shooting.

Mascara, معسكر : Ahmed Sahnoun a été assassiné par la Police ( Témoignages, شهادات )
Video report on the assassination of Ahmed Sahnoun by Algerian authorities.

غروب السياسة في المغرب – ادريس بنعلي
Idriss Benali posits the paucity in acute political leadership in Morocco's contemporary political scene.


Recent Jadaliyya Articles on the Maghreb

La Libye un an après
New Texts Out Now: Ali Abdullatif Ahmida, Libya, Social Origins of Dictatorship, and the Challenge for Democracy
Averting a Moroccan Revolution: The Monarchy's Preemptive Spatial Tactics and the Quest for Stability
The Struggle for Security in Eastern Libya
The Tunisian Revolution Continues: An Interview with Lina Ben Mhenni
Yes, Morocco is a Regional Model
غازي القبلاوي عن مواقع التواصل الاجتماعي والثورة الليبية

الربيع العربي: الصحة والرعاية في المرحلة الانتقالية

$
0
0

أدّت الانتفاضات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مؤخرًا إلى بروز عدد من التغيرات السياسية التي طالت جميع بلدان المنطقة تقريبًا وزرعت التفاؤل والأمل بإحداث إصلاح إجتماعي وإقتصادي مهمّ في هذه البلدان. وفي حين تمّ التركيز في شكل خاص على التداعيات الأمنية والاقتصادية لهذه التغيرات، كان لهذه التحوّلات آثار كبيرة على صحة ورفاه السكان إلى جانب تأثيرها على نظم الحماية الإجتماعية.  يُعاني عدد كبير من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من نقاط ضعف كبيرة وقصيرة الأمدّ من حيث الصحة بسبب الانتفاضات. وتتضمّن نقاط الضعف أولًا عدد القتلى والجرحى الذين وقعوا خلال الانتفاضات والذي سجّل نسبة كبيرة – أقله في سوريا- والذي لا يزال يشهد ارتفاعًا. كما تفاقمت مشكلة تهجير السكان لا سيّما في البلدان المجاورة لسوريا. وفي هذا السياق، تفيد التقارير إلى نزوح ما يزيد عن 500 ألف شخص من سوريا يعانون من تداعيات التهجير مثل الاﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ إﺟﻬﺎد ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺼﺪﻣﺔ لا سيّما لدى الأطفال. ويشكّل الضرر اللاحق بنظم الصحة العامة أحد أكبر المخاطر القصيرة الأمدّ. على الرغم من استبعاد تدهور هذه النظم في البلدان التي لا تزال مستقرة، من المرجّح أن تتدهور هذه النظم في ليبيا وسوريا، كما تظهر الدلائل المتاحة الخاصة بتداعيات تدهور هذا النوع من الخدمات على صحّة السكان في العراق نتائج غير مطمئنة.  

لا تزال البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُعاني من نقاط ضعف مختلفة طويلة الأمدّ في مجال الصحة وكان عدد كبير من نقاط الضعف هذه ظاهرًا قبل بدء الانتفاضات ولكنّها تبلورت وأصبحت جليّة بعد اندلاعها. تشهد المنطقة انتشارًا واسع النطاق لمستويات البطالة المرتفعة لا سيّما في صفوف الشباب. وقد ازدادت مستويات البطالة ارتفاعًا بسبب الوضع الغير المتكافئ للمرأة التي تعاني من ارتفاع معدّلات الأميّة وتراجع مستويات مشاركتها السياسية والاقتصادية على الرغم من أنّ المرأة لعبت دورًا رياديًا في قيادة الانتفاضات. ولسوء الحظّ، لا يتمتّع عدد كبير من هذه البلدان بالقدرة الوافية للإستجابة إلى هذه الأزمة بسبب الإهمال الطويل الأمدّ لنظم الرعاية التي من شأنها أن تحمي السكان من تداعيات التقلّب الاقتصادي المدمّر الناجم عن عملية الانتقال السياسي. إلى جانب هذه التحديات، تعاني هذه البلدان من إرث العنف الحالي المتجذّر تاريخيًا والذي لا يزال عدد ضحاياه غير واضح. 

من جهة أخرى، بلغ إجمالي النفقات على الرعاية الصحية في عدد من بلدان المنطقة مستوى إجمالي النفقات الصحية في البلدان ذات الدخل المرتفع ولكن مع اختلاف في العائدات على الإستثمار في الصحة. وقد أدّى هذا الواقع إلى حجب برامج الإصلاح المحدودة وغياب الاستثمار الحكومي المستدام في الصحة والعناية الصحية. عامةً، تُظهر بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا  مستويات منخفضة في الإنفاق الحكومي على الصحة إلى جانب تراجع معدلات التغطية الصحية، كما اعتادت هذه البلدان على الإنفاق من الأموال الخاصة. وفي هذا السياق، من المعروف أنّ قدرة الصحّة العامة في عدد كبير من بلدان المنطقة ضعيفة. ويعزى سبب هذا الضعف جزئيًا إلى النقص المزمن في الاستثمار: فبين العام 1990 و2006 إستثمرت الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما بين 1.7 في المائة (بيانات صندوق النقد الدولي) و2.8 في المائة (بيانات منظمة الصحة العالمية) من إجمالي الناتج المحلي في الصحة ما أدّى إلى عزل هذه المنطقة عن باقي بلدان العالم بسبب انخفاض الإنفاق على الصحة على الرغم من أنها دول ذات دخل متوسّط مرتفع.

تمّ تأسيس وتطوير نظم الصحة والرعاية الضعيفة هذه طوال السنين العشرين الماضية عندما كانت بلدان المنطقة تشهد انتقالًا سريعاً إلى إقتصادات السوق. وكان ذلك الانتقال مبنياً على تخفيضات غير دقيقة في الإنفاق الإجتماعي العام إلى جانب التخصيص الغير المصحوب بآليات الحماية الإجتماعية. وتمّ التركيز على التقدّم التكنولوجي في الرعاية الصحية عوضًا عن الوقاية في الصحة العامة والإصلاح على مستوى الحوكمة وإدماج الصحة كجانب أساسي من جوانب الأمن الإنساني.

تواجه الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديات كبيرة من حيث الاستجابة في الشكل الملائم إلى نقاط الضعف المذكورة في زمن التغيير المستمر. ستؤدّي عملية إعادة ترتيب الأولويات في الإنفاق الحكومي لمصلحة الصحة العامة إلى فرض تخفيضات على الإنفاق في مجالات أخرى بما فيها قطاع الدفاع. ونظراً إلى أنّ ستّ دول من بين البلدان العشرة الأكثر إنفاقاً على الترسانة العسكرية هي دول عربية (بالنسبة المئوية من إجمالي الناتج المحلي)، سيكون هذا التغيير في الإنفاق التحدّي الأكثر صعوبة – والأكثر ضرورة- بين جميع التحديات. وتبيّن نتائج الأبحاث التي طالت عمليات الانتقال الإجتماعي والسياسي في بلدان أخرى من العالم (بما فيها أوروبا الشرقية منذ العام 1989) أنّه من الضروري أن تولي الحكومات العربية الأولوية إلى المجالات التالية:

1- ضمان استثمار الموارد الملائمة لتنمية نظام الصحة العامة على الرغم من بروز عدد كبير من أولويات الإنفاق الأخرى.
2- الحؤول دون فرض تغيير إجتماعي إقتصادي لمصلحة الإصلاح الجذري.
3- التعامل مع المصالح الراسخة التي قد تختار القيام بعمليات إنتقالية لتحقيق إصلاحات الليبيرالية الجديدة في قطاع تطغى عليه صفة خدمة الخير العام.
4- تعزيز الشفافية والرقابة من خلال اعتماد نظم مراقبة متينة.

يعقد المكتب الإقليمي لشرق المتوسّط التابع لمنظمة الصحة العالمية جلسةً الشهر القادم في القاهرة بشأن "تعزيز النظم الصحية: التحديات والأولويات والخيارات للعمل في المستقبل". وستتمّ مناقشة معظم التحديات والوقائع المذكورة في هذا البحث إلى جانب اقتراح عدد من التوصيات في مجال الإصلاح مع التركيز على المشكلة الأساسية وهي أنّ " انخفاض الإنفاق الحكومي على الصحة ليس ناجمًا عن قيود المالية العامة وحسب بل هو ناتجٌ أيضًا عن عدم إعطاء الأولوية الكافية للصحة". وبالتالي، تدعو الحاجة إلى تغيير هذه المقاربة بالتحديد في أقرب وقت ممكن.

وأخيراً، يكمن السؤال الأساسي في معرفة ما إذا كانت حكومات الربيع العربي الجديدة قادرة على معالجة هذه المخاطر الطويلة الأمد التي تهدّد استقرار البلدان من خلال خدمة مصالح الشعوب التي ضحت أحياناً بحياتها أو ما إذا اختارت أن تسعى في نهاية المطاف إلى خدمة المصالح المترسّخة في سبيل تحقيق أرباح مالية شخصية. وبالتالي، ستحدّد المقاربة التي تعتمدها تلك الحكومات آفاق ومستقبل الصحة والرعاية في المنطقة للعقود القادمة.

الهامش الاحتجاجي يسقط المركز التسلطي: العملية الثورية لا تنتصر إلا بالتضامن العالمي

$
0
0

ظهر كتاب" التهميش والمهمشون في مصر والشرق الأوسط" من تحرير حبيب عائب –راي بوش عن دار العين للنشر في خضم اندلاع الثورات العربية 2011-2012 (وربما تستمر في بلد أو تستأنف في آخر أو تنفجر دون سابق إنذار!)، والسودان والجزائر شاهدتين على ذلك. الكتاب مكون من ثلاثة أقسام، الأول: الهامشية، الفقر، والاقتصاد السياسي شارك به آصف بيات وراي بوش وريم سعد. والثاني: إنتاج وإعادة إنتاج الهامشية شارك به علي القادري وحبيب عائب ومشيرة الجزيري وداليا وهدان. والثالث: حالات من التهميش شارك به رباب المهدي وصقر النور وكمال فهمي وهبة هجرس وصوفي بافا.

ينطلق الكتاب من مقدمة كتبت مشتركة بين محرري الكتاب بعنوان" الهامشية والاستبعاد في مصر والشرق الأوسط" تقدم هذه الأوراق ، وهي ناتجة عن ورشة عمل عام 2009 ثم روجعت مجدداً بعد عام 2011، باعتبارها تحاول كشف الكثير من العمليات الضمنية التي أدت إلى جعل الطبقة وحراك العمال والفلاحين مركزية للغاية في ثورتي مصر وتونس.

وتقدم الأوراق كلها محاولة لقراءة الأحوال المؤدية إلى الثورة- بحسب الكتاب-،خاصة، كيف اعتمدت الثورة على المصريين الذين أفقروا بثروات خلقتها طبقة رأسمالية ثرية ومتواطئة ذات صلة بالحزب الوطني الديمقراطي الحاكم سابقاً. كما تشكف الحاجة الماسة لفهم أسباب النضالات التي أدت إلى الإطاحة بالسنوات الثلاثين من الحكم الديكتاتوري لحسني مبارك المخلوع، وفي ما يربو على عقدين من الحكم المتعسف لبن علي رئيس تونس المطرود.

وتتساءل هذه الأوراق عن مفهوم "الهامشية" الذي كان دائماً ما يستخدم لتفسير الطرق التي تم بها استبعاد بعض الناس – والذي ينظر إليهم عادة كأفراد، أو أجزاء من جماعات اجتماعية أو فئات متفرقة، وليس كجزء من طبقات اجتماعية- الذي تم استبعادهم أو دفهم بعيداً عن مراكز النمو أو التنمية. ويحسم الافتراض حقيقة أن الفئة الهامشية هي فئة الشباب، أياً كان انتماؤها الطبقي أو المهني أو الإيديولوجي أو الثقافي، وهي فئة تضامنية ظهرت تقود نفسها تدافع عن حق أساسي هو"كرامة الإنسان العربي" المهدورة. بغض النظر عن الجدل العقيم وراء انعدام القيادات بينها، وهي لم تكبر، أو منظمات (مؤسسات المجتمع المدني تعتمد عليها)، أو أحزاب ( الحركات الاجتماعية بديلاً عنها) .

كل مقالات الكتاب تستحق القراءة والنقاش غير أنني سأتوقف عند اثنتين منها، واحدة من القسم الأول : الهامشية: لعنة أم فرصة؟ لآصف بيات، وأخرى من الثاني : التراكم عن طريق الانتهاك في المشرق العربي لعلي القادري

الهامشية: المفهوم والمجرى

يتعدد مفهوم الهامشية، ومشتقاتها لغوياً واصطلاحياً : التهميش والمهمشون والهامشيون. غير أن الإجراء العملي أو التطبيقي يحدد التعريف حسب الدراسة. ففي مقالة آصف بيات يدرس الإنسان المهاجر من الريف إلى المدينة، فهو نوع ثقافي أو هجين ثقافي. إنسان على هامش ثقافتين ومجتمعين لم يحدث بينهما تداخل واندماج كامل. فالهامشي-بحسب بيات- هو مهاجر إلى المدينة، شخص يحتفظ بثقافته الأصلية، ولم يندمج اندماجاً كاملاً في المجتمع الجديد. فهو يحمل وعياً مزدوجاً بين الريف والمدينة.

وحين يناقش مفهوم الهامشية في سياق الاجتماع الحضري، فهو يرتبط بقيم الحداثة وضدها التقليد، لعبة الثنائيات والازدواجات، ما يجعل من الهامشية موقف وسلوك، ووجود يقف ضد أو بمعزل عن الأحوال المعاصرة- المؤسسات المعاصرة، والعقلانية، والدولة العصرية، والاقتصاد والسلوك والتفكير العصري.

وحين ترد على الذهن فئة الفقراء، باعتبارهم فئة واقع عليها فعل التهميش، فإنها ترى بقصد التهميش لا الهامش، لأنها فئة مستغلة اقتصادياً، ومقموعة سياسياً، وموصومة اجتماعياً، ومستبعدة ثقافياً من نظام اجتماعي مغلق. وتوسع مفهوم الهامشية ليضم فئات موسرة اقتصادياً غير أنها تعاني التهميش في المجال السياسي ( المعارضة أو الحركات الاحتجاجية)، أو في أساليب الحياة (الجماعات الاجتماعية أو الفئات المهنية)، أو في أوضاعهم كأعضاء لجنس معين، أو عرق، أو دين ، أو توجه جنسي.

ونرى مثلاً الصراع بين المذاهب أو الطوائف الدينية تدفع ثمنه بعضها وتتسلط أخرى فتصبح المستضعفة مهمشة، ويمكن أن نرى في الأقليات لسبب عرقي أو ديني فئات مهمشة لأسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية مثل الأرمن في لبنان أو الأكراد في سوريا أو الأمازيغ في المغرب أو الجزائر أو موريتانيا، أو الأفارقة والهنود في دول الخليج العربي، أو العرب اليهود في العراق أو اليمن كما يمكن أن نرى هناك تهميش جنوسي على مستوى الجنس مثل الاضطهاد أو العنف اللفظي والجسدي ضد المرأة، أو على مستوى توجه جنوسي عند المثليين والمثليات حيث يظل التهميش ضدهم أو ضدهن أكثر انتشاراً من تهميش الأقليات لأسباب دينية أو عرقية لأن أسباب الاندماج متعددة.

ويطرح بيات إمكانية أن تكون الهامشية فرصة لا لعنة. قد تكون موضع تحرر أو قوة بديلة. حيث يمكن أن يميل الهامشيون إلى التصرف بقدر الإمكان خارج حدود الدولة والمؤسسات البيروقراطية الحديثة، فيقيمون علاقاتهم على أساس التبادل، والثقة، والتفاوض لا على الأفكار الحديثة عن المنافع الذاتية للفرد والقواعد المحددة، والتعاقدات. وبهكذا يمكن أن يكون الهامش فرصة تتعلق بالمجالات الثقافية والاجتماعية على السواء.

إذن، الهامشية يمكن أن تقوم بعملية تسهيل عملية الإرجاء، والفرصة لتطوير ترتيبات اجتماعية بديلة، ومنظمات اقتصادية، وأساليب حياة، وسيطرة داخلية بقدر ما يمكن أن تتحول إلى مواقع خطرة، وقوة سلبية، وفوضى وقمع ممنهج. غير أن التحول المفهومي للهامشيين ثبت بأنهم الفئة الرافضة لتقاليد المجتمع والفاقدة لأي اهتمام ايجابي بالحياة والمستقبل أي أن الهامشي هو من لا يقبل بقيم الأنظمة السائدة على حد قول حواس محمد.

الاستعمار وتدمير التنمية

يقدم علي القادري عملاً إطارياً مهماً لفهم الأبعاد الإقليمية لإتعاس الشعوب وتحليل المفارقة الخاصة بالمنطقة: لماذا مع وجود كل هذه الثروات، خاصة، عوائد البترول يحكم على أكثر من نصف السكان بحياة الفقر ؟.إن تراجع التنمية لصالح إنتاج البضائع مع التركيز على قطاع البترول وأجهزة القمع الأمني لسياسات أنظمة حليفة للغرب هو امتداد لحقيقة أن الاستعمار هدفه تعرية شعوب العالم الثالث من السيادة على مواردها الطبيعية. 

إذ يناقش القادري ما استخلص من كتابات تحليلية في العالم العربي تشكو من تعزيز دور إسرائيل في كشف الأمن القومي للأمم العربية مما يؤكد أيضاً دورها الحاسم المضاد للتنمية. ويؤدي نشر البؤس على الشعب العربي العامل إلى إضفاء الكثير من فقدان الأمن على المستوى القومي. فلا تصبح التنمية العربية ببساطة لتحسين أحوال الحياة، ولكن على الأرجح تعويض توازن القوى الإقليمي. والعامل الإسرائيلي وحده، مع النظم الغربية الحليفة والراعية، يفسر جزئياً علمية الهدم والتدمير للتشكيل الاجتماعي العربي ومنع قيام مشروع تنموي عربي.

وينتهي القادري إلى أن "الشعب العامل الذي هو سكان المشرق يرزح تحت تهديد عدوان مشترك بين أنظمته والقوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة". ولعلنا نرى في صور الإبادة الممنهجة أو القتل العمد الممنهج حين لا تفهم الأنظمة بمؤسساتها السيادية والأمنية القمعية، فتعادي الشعب وتبيده، وهي متمثلة في حالة مصر وليبيا والبحرين وسوريا واليمن أو حالة أي بلد لا يريد سماع صوت غير صوت النظام.

ويقترح القادري إلى أن العاملين عبر العالم عليهم" أن يشاركوا في نضال الشعب العربي من أجل الحريات المدنية، وأمن الطبقة العاملة، والسيادة التي تقوم على رفاهية الشعب". فإن الطبقة العاملة، التي يصل وعيها الثوري إلى ذروته في هذا المستوى الواضح من الإدراك، تعرف جيداً أن "العملية الثورية العربية لا يمكن أن تنتصر إلا بالتضامن العالمي".

تؤكد ثورات العرب الجدد والجديدة أنها تقفل بوابة ضخمة على أفكار ومبادئ وقيم بائدة تتعدد فيها الصراعات التي تبدأ من الفئوية العمرية والأسرية والاجتماعية، لتعبر المستويات الثقافية والاقتصادية حتى المجال السياسي الذي يدشن لعملية تطول أو تقصر بحساب ما سينشأ من منظومات ومفاهيم، ومؤسسات وجماعات، وهيكلة للدولة ومسؤولياتها، ومأسسة متجددة للفضاء المجتمعي والذهني والسلوكي تعد بالكثير وإنما تحتاج الكثير من التعلم والعمل والأهداف المعقولة بعد أن انكسر حاجز الخوف ضد الإرهاب الأمني القمعي، وأطيحت تلك الكراسي بسهولة لم تكن معهودة، واستردت كرامة عربية تتضمن فيها مجمع الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وفي جيل مستقبلي سيغلب الطابع الكوني ليكون الدفاع عن حقوق الجنس البشري من مخاطر التطور المعلوميات والتكنولوجيا الحيوية.

روابط:

•    الهامشيون والمهمشون، حواس محمود ، جريدة الاتحاد

London Event -- The Arab Uprisings: Between Change and Continuity (29 October 2012)

$
0
0

Panel Discussion and Book Launch Event

The Dawn of the Arab Uprisings: End of an Old Order? (Pluto Press, 2012)
Edited by Bassam Haddad, Rosie Bsheer, and Ziad Abu-Rish

Monday, 29 October 2012
7pm

Room G50, College Buildings
School of Oriental and African Studies (SOAS)
Russle Square, London


Panelists

Ziad Abu-Rish is a PhD Candidate in the Department of History at the University of California Los Angeles. He is co-editor of Jadaliyya Ezine, as well as a co-editor and contributor to the volume.

Adam Hannieh is a lecturer in the Department of Development Studies at the School of Oriental and African Studies, University of London. He is a contributor to Jadaliyya Ezine and is featured in the volume.


About the Book

The Dawn of the Arab Uprisings sheds light on the historical context and initial impact of the mass uprisings that have shaken the Arab world since December 2010. The volume documents the first nine months of the Arab uprisings and explains the backgrounds and trajectories of these popular movements and regime strategies to contain them. It provides critical analysis and at times first-hand accounts of events that have received little or superficial coverage in Western and Arab media alike. While the book focuses on those states that have been most affected by the uprisings, inlcuding Tunisia, Egypt, Bahrain, Libya, Yemen, and Syria, it also covers the impact on Jordan, Saudi Arabia, Morocco, Algeria, Palestine, Lebanon, and Iraq.

As the initial phase of the uprisings subsides, counter-revolution sets in, and grand narratives crystallize, it is important to take note of the diversity of reactions that emanated from activists, scholars, and others as the uprisings were first unfolding. In this sense, the volume archives the realm of possibilities, both imaginative and practical, optimistic and pessimistic, that were opened up as people sought to make sense of the rapidly unfolding events. 


Praise for ther Book

As contemporary reflections, these writings capture the unfolding of revolutionary events as they happened and convey the uncertainties, hopes and disappointments of collective worlds being remade.  As the work of scholars and activists with a rich knowledge of the region's histories and political aspirations, the essays offer lasting insights into the forces shaping a new moment in world history.

-- Timothy Mitchell, Columbia University

 

During the Arab uprisings, my first port of call every day was Jadaliyya to understand and interpret the events. The articles collected here are a very rare combination - scholarly but also accessible for a broad public. This book will be a much-treasured volume for undergraduate students, and its sophistication will also benefit postgraduates and academics. More importantly, an intelligent lay reader will also find the book immediately useful.

-- Laleh Khalili, Senior Lecturer in Middle East Politics, SOAS, University of London

 

A primer of importance not only to students of the “Arab spring,” but also to those concerned with protest more generally. Registering both the exhilarating optimism and crushing disappointment of contemporary political life, this volume gives voice to some of the possibilities for and impasses to political transformation.

-- Lisa Wedeen, Professor of Political Science, The University of Chicago

 

Jadaliyya has established itself as an indispensable source dealing with the contemporary Arab world. This collection of its pieces on the Arab uprisings is perhaps the best introduction to the political movements that have shaken that region since January 2011. It represents a set of intelligent commentaries on revolutionary events in almost every Arab country, and their repercussions in the area generally and beyond. Essential reading.

-- Talal Asad, City University of New York 


The outburst of the Arab Revolutions demands imaginative and novel perspectives on the Arab world, and Jadaliyya has managed to provide a unique forum covering the region with a fresh approach to its issues and problems. Its talented contributors, from the Arab world and beyond, combine objectivity with a progressive, humanistic engagement, and never shy away from sometimes explosive topics. Necessary reading.

-- Fawwaz Traboulsi, author of A History of Modern Lebanon 

Hossam El-Hamalawy on Social Media and Protests in Egypt

$
0
0

[This post is part of an ongoing Profile of a Contemporary Conduit series on Jadaliyya that seeks to highlight distinct voices primarily in and from the Middle East and North Africa.]

Jadaliyya (J): What do you think are the most gratifying aspects of Tweeting, and Twitter?

Hossam El-Hamalawy (HH): The ability to deliver news updates about dissent to a large audience of people and media organizations instantly.

J: What are some of the political/social/cultural limits you’ve encountered using the platform?

HH: You are only limited to 140 characters, which leaves you little room to go into details of an issue for sure, hence I believe Twitter is better mainly for breaking news and short updates. But another platform would be necessary to explore the subjects tweeted in details. Also, you are always faced with a challenge to verify the information circulating in your timeline and the Twittersphere in general. Twitter is a medium where rumors can go viral easily.

J: In your experience and use of Twitter, do you feel it helps mobilize or disorganize? Focus or crowd? Is it manageable or noisy? Can it help persuade and mobilize, or does it turn everyone into a voyeur and spectator?

HH: Twitter helped spread the word in so many situations about actions on the ground and helped attract more audience to it. And there were cases where the call for protests came from Twitter and did materialize eventually on the ground.

But also on occasions, I saw Twitter helping to exaggerate the power and strength of some activists and/or groups giving a false impression about their abilities. There were numerous calls for protests and general strikes on Twitter (and on Facebook), which yielded nothing in the end. Some are under the illusion that it’s enough to have a twitter account with big number of followers to “instigate the masses into action,” which is of course a farce.

J: Do you see Muhammad Mursi's election as hindering the demands of revolutionary socialists, and if so, what course of action do you think is necessary?

HH: While Mursi is not a revolutionary candidate, Shafiq’s election would have been catastrophic, demoralizing for a large section of the population, and a triumph for the counterrevolution. Mursi cannot and will not fulfill the demands of the revolution. He is part of the opportunistic leadership of the Muslim Brotherhood who seek reforming the current regime with cosmetic changes and compromises with the military junta. The latter are being provided a safe exit. But with every compromise Mursi and the Brothers make, they are providing an opportunity for the revolutionary left to intervene, build roots, and win a new ground. The labor strikes that are flaring now are a fertile soil where we can build a new alternative to both the military and the Islamists.

J: You describe the significance of pro-Palestinian demonstrations prior to the revolutionary demonstrations which toppled the Mubarak regime. What hopes do you have for changing Egyptian policy on Palestine, and what do you believe is the best course of action for Egyptian revolutionaries and activists on that front?

HH: I firmly believe the road to Jerusalem passes through Cairo and the Arab capitals. I want to see no less than the liberation of Palestine from the river to the sea. A revolutionary Egypt must open the Rafah crossing permanently, scrap the Camp David agreement with the Zionist state, expel the Israeli ambassador, and lend its complete support to the Palestinian resistance. But the Camp David regime has not fallen up till now, even when Mubarak is gone and we have a Muslim Brotherhood president. The latter is still more than happy to court US imperialism and accommodate to Israel’s security. The Palestinians continue to be demonized in the state run and private press. We haven’t seen any major change yet in Egypt’s official policy towards the Palestinians.

J: Over a year after the beginning of the Egyptian revolution, what prospects and obstacles do you believe lie ahead for the Egyptian labor movement?

HH: The answer is simple. The Egyptian labor movement is still in need of an organization.

[Hossam El Hamalawy tweets at @3arabawy and blgos at 3arabawy.]

What is a Car Bomb?

$
0
0

It is surreal to wake up to news of a car bomb back home, now thousands of miles away. Immediately, the war-shaped body is both numb and preoccupied with images of death and destruction. The mind wanders and sutures the past, present, and future seamlessly. Phone calls, emails, and texts begin. The space between a call and its response seems immense, and the time it takes to hear from blood and choice family--particularly when they live or work or frequent the targeted neighborhood--is bloated with the macabre.

But what is a neighborhood? In times of violence, and in places shaped by seemingly unending violence, neighborhoods are always contracting. To put a distance between you and an explosion is to imagine a logic to violence, and a logic to safety. It happened in Lebanon. No, it happened in Beirut. No, it happened in Achrafieh. No, it happened in Sassine. No, it happened on one particular side of Sassine. Finally, it happened on one particular street and near these particular shops. “We are fine,” I hear from my sister. "It was two blocks away so don't worry.” These are statements we grew up with, when car bombs and regular bombs and snipers and checkpoints mapped our lives. Now we use these same words, passed on from one generation to the next.

Part of this inheritance are the frames through which we understand violence. Thus, before it was announced that there was an actual target to this bombing, and that the target's name was Wissam al-Hassan, the scars of the past came alive. They spoke of Muslim-Christian violence, of Israeli plots and American-Israeli plots, of terrorist groups, and of the Syrian civil war finally finding its natural home in Beirut.

Now that we know the target, the violence seems easy to frame, and thus to contain. It somehow becomes less terrifying that this was an assassination, and not just a fifty kilogram TNT car bomb in a dense civilian and commercial area that houses at least three schools and two hospitals. Even if at least eight people were killed and almost a hundred wounded alongside the head of the Information Branch of the Internal Security Forces, we somehow find relief in the fact that there was in fact a target at all. We can understand now why this particular person was assasinated; it makes sense given the political landscape of today. After all, this is Lebanon, where the memory of mass violence is never really a memory. This is also a Lebanon living in the shadow of a post-invasion Iraq and a civil war Syria, where the delusional security that comes with identifying individual targets to mass killings has become almost a luxury.

A car bomb is not a car bomb. It is a spectacle. It is a statement. It is always the beginning of more, and it is always omnipotent. A car bomb is egalitarian. It does not discriminate. In Lebanon, it is an incitement to memory-both short and long term. A warning, or perhaps a reminder, that life is cheaper than TNT, that blood runs faster than fire-extinguishing water, and that car bombs and snipers and checkpoints and bombs are always already here, waiting to break the surface of the present.

Of course, this is not only Lebanon. As neighborhoods contract and as we find a logic--the old and comfortable logic of assassination--there are ever expanding linkages to be made. The images one wakes up to a world away, the smell of blood and burning carried on a late summer breeze, the familiar vibration that one feels on their windows while at home in Achrafieh, the detached tone one uses when saying they are safe, have become common in our corner of the world. They are what is happening within an image of a drone attack in Pakistan or in Yemen, of air strikes on Syrian cities and shock and awe campaigns in Iraq. They are what happens when an Israeli bomb explodes in Gaza or in Dahieh.

We have been told for years (by states and by politicians and by leaders and by murderers) that the "proper" name--the "precise" name--for all of this, is "collateral damage."


For more on who the “target” was and the possible meanings of this car bomb-assasination, read this post on qifanabki.

تساؤلات لا بد منها: الجزء الثالث

$
0
0

تساؤلات لا بد منها : الجزء الثالث والأخير.

اذا كان الابتعاد عن الاتحاد الجمركي منطقياً، هل توجد بدائل فعلية له؟

هنالك عدة أسباب تجعلني غير واثق من توفر الاستعداد أو المقدرة السياسية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية للتعامل اليوم مع بروتوكول باريس حسب ما تقتضي المصلحة التنموية الفلسطينية الاستراتيجية، وهي ذات الأسباب التي ستدفع أصحاب القرار الاقتصادي الفلسطيني على الأرجح للعمل على تعبئة الجهود لإجراء إصلاحات اقتصادية وتجارية داخل اطار باريس، وليس خارجه. وفي نفس السياق، يجب ألا نستغرب اذا ولدت مثل هذه الجهود "الترميمية" للبروتوكول بعيدا عن المس ب"أم الاتفاقيات" أوسلو، حشداً بل تزاحماً بين اطراف عديدة قد تجد مصلحتها في إدامة الإطار الاقتصادي الحاكم، أو لديها قناعة اقتصادية بضرورة وحتمية الحفاظ على الاتحاد الجمركي مع إسرائيل. وعلى ضوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية والمخاطر المحدقة باطار أوسلو ومؤسساته، فانه من المؤكد ان ورش العمل ودراسات الخبراء والمعاهد والمانحين والمشاورات بين المسؤولين الاقتصاديين سوف تنطلق مجددا، في سعي لبعث الحياة، بل الأيمان، في اطار بروتوكول باريس وإطلاق "عملية إصلاح" له، قد تمهد لمرحلة "انتقالية" جديدة، شبيها بتلك السنوات ال3 التي مضت من "جهود بناء الدولة".

وبالرغم من المطالبة الشعبية المناهضة لآثار بروتوكول باريس، وللإجماع العلمي الواسع بان الاتحاد الجمركي لا يشكل افضل الصيغ للعلاقة التجارية الحالية والمستقبلية، بل هو الأسواء في جميع الأحوال، فان الإمعان في الترويج لإمكانية "تطوير" باريس أو تنفيذه بأمانة ("كما هو منصوص عليه") وليس حسب المزاج الأمني أو الاقتصادي الإسرائيلي، لا يبشر على بجاهزية السلطة الفلسطينية للبحث جديا بأية بدائل عما هو قائم و"موقع عليه"، ليس اليوم ولا غدا، وحتى ولو أحضرت لها مائة رأي ومبرر اقتصادي مغاير.

 ومع ان م.ت.ف. طالبت إسرائيل في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 باستبدال الاتحاد جمركي ب"منطقة تجارة حرة"، وأيدها في ذلك خبراء البنك الدولي الذين اكدوا في دراسة نشرت عام 2002 "ان البروتوكول بعباراته الغامضة، يشكل عقداً غير مكتمل وغير قابل للتطبيق، تم تنفيذه لصالح إسرائيل". لكن هذا لم يعد اليوم هو الموقف الفلسطيني الرسمي، حيث أكد رئيس الوزراء سلام فياض للمفوض التجاري الأميركي في 2010، انه يفضل شخصيا الانتقال نحو نظام تجاري اكثر متحرر من ذلك المتضمن في باريس ودون منح أفضليات تجارية لأي طرف، لكنه ليس "متحمسا لتغيير ما هو قائم"، وبإمكانه "التعايش مع البروتوكول". ومع انه لا يتم تنفيذه كما يجب، فان من الممكن حسب رأيه إجراء تحسينات لبعض جوانبه حيث انه إطار "أفضل بكثير مما يدعيه البعض".

ويبرز هنا التخوف من الدخول في منطق التفاؤل المطلق لشخصية فولتير الشهيرة، ذلك الفيلسوف "بانغلوس" الذي كان يصر على انه "في عالمنا هذا، وهو الأفضل بين كل العوالم، فان كل شيء على افضل حال". وقد يستسلم لهذا المنطق كل من صانع القرار الاقتصادي الذي لا يرى الاقتصاد سوى من منظار باريس وأوسلو، والجمهور الفلسطيني الأوسع الذي يراوده في آن واحد التذمر من الوضع المعيشي والقلق تجاه أي تغيير في الوضع القائم. لكن اذا اصبح "إنقاذ باريس" هو العنوان الفعلي للفترة القادمة، رافضا بذلك التعلم من دروس العقدين الماضيين وتفادياً المواجهة مع تحديات اليوم وغدا الاساسية، سينطوي مثل هذا التوجه على تجاهل بقية حكاية "بانغلوس"، الذي واجهه تلميذه "كانديد" بالإجابة "اذا كان عالمنا الأفضل بين كل العوالم، فكيف هي فعلا تلك العوالم؟" وهذا هو محور ما سأجيب عليه في هذا المقال لدى دراسة البدائل الممكنة "لعالم" باريس الاقتصادي.

***

من المتعارف عليه في علم الاقتصاد وفي التجارب التنموية المختلفة من أوروبا إلى أمريكا اللاتينية، هنالك اربع نماذج للعلاقات التجارية بين الدول يتم الانتقال من واحدة للثانية في مراحل متعاقبة من الاندماج الاقتصادي المتزايد.

المعاملة التجارية غير التمييزية: أو ما يعرف أيضا بمعاملة الدولة الأكثر رعاية، وهي صيغة العلاقة التجارية القائمة فعلاً بين معظم دول العالم، في أولى مراحل علاقاتها التجارية المتبادلة، واعتماد هذه المعاملة هو الشرط الأساسي لقبول انضمام أية دولة أو منطقة جمركية منفصلة لمنظمة التجارة العالمية؛    

منطقة التجارة الحرة: لتحقيق المزيد من الفوائد المحتملة من الاندماج التجاري والاقتصادي، يمكن تحرير جميع التدفقات التجارية السلعية والخدمية بين دولتين (مجاورتين عادة) أو اكثر وإعفائها من التعريفة الجمركية والرسوم، مع حق كل طرف بالاحتفاظ بترتيبات تجارية وجمركية مختلفة مع دول أخرى. ومن الأمثلة الناجحة نسبيا لهذه الصيغة "منطقة التجارة الحرة لشمال أمريكا – نافتا" بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك؛

الاتحاد الجمركي: وهو نموذج اكثر متقدم للاندماج، ينطوي ليس على تحرير كامل للتجارة بين مجموعة من الدول المشاركة فحسب، بل على اعتماد تعرفة جمركية موحدة تجاه كافة الدول الأخرى، و"الاتحاد الأوروبي" اصبح المثال الأكثر تقدما لمثل هذه الصيغة، بالإضافة "للاتحاد الجمركي لجنوب افريقيا" كمثال لاتحاد جمركي بين اقتصاد كبير ومتقدم وأخرى اقل نمواً.

الاتحاد الاقتصادي: و في ارقى شكل من الاندماج الاقتصادي فان مثل هذا الاتحاد - الجمركي والنقدي والضرائبي - بين اقتصاديات مماثلة أو متقاربة، يكون بمثابة تسليم سيادة الدول الاقتصادية إلى هيئة جماعية عليا تراعي مصالح جميع الأعضاء ضمن نفس المعايير السياسية الاقتصادية الكلية. و"منطقة اليورو" (المتأزمة اليوم) هي مثال على محاولة لم تنجح حتى الآن في إكمال جميع عناصر الوحدة الاقتصادية اللازمة للحفاظ على الاتحاد الاقتصادي، وخاصة الضريبية والمالية، مما يهدد بتفكيك الاتحاد النقدي اذا لم تنجح الدول الأعضاء بإنجاز المزيد من التوحيد لسياساتهم المختلفة، بما يراعي مصالح جميع أعضائها الكبار والصغار. 

وإذا كان بروتوكول باريس يوصف عادة بانه "شبه اتحاد جمركي" (غير مكتمل بسبب تصميمه المنحاز للمصالح الاحتلالية وتضمنه استثناءات مختلفة)، فان العلاقة الاقتصادية الفلسطينية الفعلية مع إسرائيل أشبه ب"اتحاد اقتصادي" (غير مكتمل أيضا). وعلى ارض الواقع ليس هناك بين البحر والنهر سوى نظام اقتصادي واحد، أي النظام التجاري والضرائبي والنقدي والكلي الإسرائيلي. وضمن هذا الواقع القانوني والظرف الميداني الراهن، فان بروتوكول باريس لا يعتبر عقداً بين طرفين بقدر ما هو وثيقة ترشيدية إسرائيلية لبعض الاستثناءات عن أنظمة الاتحاد الاقتصادي التجارية والضريبية، والمسموح اعتمادها لدى سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية إذا رغبت بذلك. والجدير بالملاحظة أيضا أن قرار المم المتحدة 181 لتقسيم فلسطين عام 1947 نص في ملحقه الأول على إقامة اتحاد اقتصادي بين الدولتين اليهودية والعربية. ومع انه لم يتم تنفيذ بنود القرار الرئيسية في إقامة دولتين، إلا انه نُفذ ملحقه الاقتصادي على نحو مشوه، بعيدا عن هدفه الأصلي بتحقيق التقارب والاندماج الاقتصادي، حيث لم يولد هذا "الاتحاد" سوى التباعد والانفصال في مسارات النمو العربية واليهودية، وذلك هو النتاج الحقيقي ل 6 عقود من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.

***

هكذا يبدو (لي على الأقل) مشروعاً التساؤل لماذا يتجه الرأي السياسي و"العلمي" اليوم نحو إعادة اختراع أو إحياء نموذجاً للعلاقة التجارية مع القوة القائمة بالاحتلال لم يكن يوماً هو الخيار الاقتصادي الفلسطيني أو الإطار المناسب لتقوية اقتصاد تحت الاحتلال؟ بينما هنالك نماذج بديلة بإمكانها إتاحة فرص أكثر جدوى للعلاقة التجارية ليس مع إسرائيل فحسب، بل مع سائر الشركاء التجارية. وهنا ايضاً نلاحظ تكرار نفس الخطاء المنهجي في عملية صياغة السياسة الاقتصادية الفلسطينية الذي تكرس في الماضي، حيث كان السؤال المطروح يتمحور دائما حول ما هي أفضل الصيغ للعلاقة التجارية مع إسرائيل، بينما السؤال الجوهري الوحيد (والمغفل دائما) يجب ان يكون شكل النظام الاقتصادي والتجاري المطلوب لفلسطين مع العالم اجمع، وبالتالي ما هي انسب صيغة للعلاقة مع إسرائيل؟ 

وبينما قد يبقى الخيار الوحيد المسموح اليوم ضمن أوسلو هو الإبقاء على الاتحاد الجمركي المعلن (رغم تشوهه عدم تكافئه)، فانه حان الوقت للاعتراف علنا بان كيانيه الاقتصاد الفلسطيني أصبحت أسيرة لاتحاد اقتصادي اضطراري يملي شروطه محافظ بنك إسرائيل المركزي ووزران المالية والتجارة والدفاع الإسرائيلية، و تنحصر دور السلطة الفلسطينية في إدارة مناطق نفوذها المحدودة دون أية كلمة لها في رسم السياسات المالية والنقدية والتجارية الكلية التي تحد بشكل مطلق من قدرة "صانع القرار" الفلسطيني من صنع أي قرار فعلي.

على ضوء هذا كله، فان الخيارات ليست بالضرورة محدودة لدرجة جعل خيار البقاء على الاتحاد الجمركي هو الوحيد أو "أفضل العوالم" وطالما تفكر السلطة بفتح الملف الاقتصادي مع إسرائيل، يمكن وضع عدة خيارات أخرى على الطاولة والتي خضعت جميعها إلى الدراسة المقارنة من قبل جهات عديدة منذ سنوات: 

خيار الانفصال التجاري والنقدي الشامل عن إسرائيل من خلال اعتماد المعاملة التجارية غير التمييزية والعمل على بلورة المفهوم القانوني والمؤسسي لمنطقة جمركية منفصلة والتعريفة الفلسطينية التنموية والتواجد/السيطرة على الحدود التجارية الدولية؛

خيار تحويل الاتحاد الجمركي إلى منطقة تجارة حرة بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل، تشمل ربما 30% من الواردات الفلسطينية السلعية الحالية، ونسبة أعلى من الصادرات السلعية والخدمية (خاصة في حال تضمن ذلك صادرات الأيدي العاملة الفلسطينية)، مع إمكانية تطوير التجارة مع الدول الأخرى بعيدا عن النظام الجمركي الإسرائيلي وحسب المقتضيات التنموية الإستراتيجية؛

وأخيرا وليس آخرا، هناك خيار تحسين شروط الاتحاد الاقتصادي الفعلي المهيمن (وغير المعلن)، حيث يمكن للسلطة الفلسطينية ولمبررات اقتصادية، ان لم تكن أيضا سياسية، دراسة خيار تحميل السلطة القائمة بالاحتلال بالامتثال لواجباتها القانونية في رعاية مصالح الشعب الفلسطيني في جميع قراراتها وسياساتها النقدية والتجارية والضريبية، خاصة وان عبء تنفيذها تقع على عاتق السلطة الفلسطينية وآثارها الاجتماعية البعيدة تؤثر مباشرة على معيشة ما يزيد عن 4 مليون فلسطيني.

هكذا، عندما نتوقف لحظة للتفكير قليلاً قبل التسليم لمنطق "بانغلوس" الراضي على ما هو قائم كونه افضل من أي بديل آخر، نرى ان العوالم الاقتصادية الأخرى ليست بالضرورة سيئة "كما يدعيه البعض"، بل ربما هي فعلا افضل من العالم الوحيد الذي عرفناه منذ 20، بل منذ 60 سنة.

[لقراءة الجزء الثاني يمكنكم الضغط هنا ولقراءة الجزء الأول يمكنكم الضغط هنا]

 


ميليشيات الإخوان الإلكترونية: تحميل الأيديولوجيا على الفيسبوك

$
0
0

أثناء مرحلة الإعادة للانتخابات الرئاسية في يونيو 2012 كانت هناك "ميمة" تدور على الفيس بوك تحتوي على صورة لحسن البنا الذي أسس جماعة الإخوان المسلمين في 1928 وكان نصها "على فكرة أنا مش إخوان وبختلف معاهم في مواقف كتير ولكن بحترمهم" التوقيع تحت المقولة كان منسوباً لحسن البنا، هذه الميمة إن أردت أن تترجمها في كلمة واحدة فهي تبغي أن تقول إننا قد كشفناكم أو بالعامية "فقسناكم" فهي ميمة تقطع بحقيقة أن الإخوان المسلمين قد تنكروا وقاموا بإختراق وسائط التواصل الاجتماعي (الإنترنت ). وحتى إن كنا لا نملك الأدلة لأن هذا الإختراق يخلو من أي شفافية ولم يتم دراسته بشكل مفهوم أو مرتب، فميمات مثل هذه (انظر الشكل السابق) تنبه المواطنين في الواقع الإفتراضي أن عليهم الحذر وهم يتحركون على الانترنت.

لقد أصبح الفيس بوك من أهم مواقع الصراع الأيديولوجي التي يرغب الإخوان من خلالها السيطرة على العقول وفرملة الروح الديموقراطية السائرة في مصر. حيث ترغب الجماعة في تضييق مساحات الجدال وإسكات أصوات المخالفين وهي لتحصل على ذلك تتحرك كما يقول المفكر الجنوب أفريقي" بانتو ستيفي بيكو" الناشط الحقوقي ضد التمييز العنصري إن "السلاح الأقوى أو السلاح الأكثر فعالية في يد المستبد هو عقل الذين يستبد بهم."

منذ البداية، من ثماني عقود مضت والإخوان المسلمون وضعوا في أولوياتهم العمل داخل المؤسسات التي تتعامل أيديولوجياً وثقافياً مع الأطفال والشباب، فحسن البنا في النهاية كان معلماً في مدرسة وبالتالي فهو يعلم جيدا إن "من إمتلك الشباب إمتلك الدولة".

الإخوان قد كثفوا جهودهم في إتساق في مجالات التعليم والإعلام والتي يسميها عالم الإجتماع الفرنسي لويس آلثوسر "أجهزة الدولة الأيديولوجية"، وحتى في أكثر الفترات التي كانت فيها الجماعة مضطهدة ومحظورة احتفظت الجماعة بتواجدها داخل المدارس المصرية ومعاهد الدروس الخصوصية والمجموعات الخاصة لتدريب المدرسين داخل وخارج كليات التربية واتحادات الطلبة في الجامعات والنوادي الصيفية الرياضية والتجمعات الرياضية بعد اليوم الدراسي ، وكلها كانت مفاتيح لتخصيب الأرض أمام الإخوان لتكون صالحة لنمو الجماعة ونشر الأيديولوجية الإخوانية.

منذ بداية التسعينات والانفتاح الجديد الناتج عن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات إستطاع الإخوان الدخول الى عالم الفضائيات التلفزيوني وحصلوا على مكانة متميزة واستطاعوا السيطرة على قناة متميزة "الجزيرة" ، وكما وضحت أحد التقارير الخاصة بالصحفي والمعلق السياسي سلطان القاسمي "إن العلاقة الغرامية بين قناة الجزيرة العربية والإخوان المسلمين كانت واضحة منذ إنشاء القناة" ، كانت قناة الجزيرة العربية منذ إنشاءها الناطق بأسم الجماعة والمهلل لها.

مع صعود الإنترنت وإنتشاره في عام 2000، كان للإخوان مشاركة فورية في هذا التاريخ من خلال الموقعين العربي والانجليزي "الإخوان ويب". حينما أعلن الرئيس محمد مرسي حكومته في أغسطس 2012 كانت هناك مفاجأة صغيرة تنتظرنا وهي أن الوزارات التي تتعامل مع الشباب والتعليم والإعلام أي وزارات التعليم والشباب والإتصالات والإعلام جميعها أصبحت في يد الاخوان المسلمين بعيداً عن الوعود الكثيرة بحكومة الانقاذ والتوافق. الغريب أن وزير التعليم إبراهيم غنيم لم يندرج في التقارير الإعلامية ضمن الوزارات الإخوانية برغم أن تاريخه القصير يثبت بوضوح أنه تم إنتخابه ممثلاً لجماعة الإخوان وإنه ذو ولاء كامل لهم ومساعدة الإخوان له أثناء الإنتخابات الرئاسية لجامعة السويس.  

إن جهود الإخوان لإختراق الإنترنت خاصةً الفيس بوك إزدادت جزئياً بعد الإزدياد السريع في عدد المشاركين فهناك 11 ونصف مليون عضو في الفيس بوك في مصر، مليونين منهم إشتركوا في الستة أشهر الأخيرة فقط، مع ملاحظة أن أعمار المشاركين في الفيس بوك تتراوح بين 13 إلى 34 سنة. وبعيداً عن إزدياد المشاركين فإن الفيس بوك يعد ترمومتراً للمعارضة السياسية منذ أن كان له دور الريادة في 25 يناير وفي الأشهر التالية لبداية الثورة، حيث ظهرت المساحة التي كان يتجادل فيها النشطاء ويتناقشون حول الثورة التونسية وإمكانية إحداث ذلك في مصر والتي تفاهموا فيها حول قرارهم تجاه الإستفتاء في 11 مارس حيث إتخذت جمهورية الفيس بوك الثورية موقفاً مختلفاً عما حدث خارجها، وخرجت جميع إستفتاءات الفيس بوك بأكثر من 70% بالتصويت بـ"لا" برغم أن التصويت ب"لا" لم يحقق رسمياً أكثر من 22.7% و هذا ليس بغير مؤثر كما يعتقد البعض.

وبعد فترة ليست بقصيرة أصبح الفيس بوك مرادفاً لـ"صوت الثورة" وكان من الشائع وقتها أن يسأل سائق التاكسي أحد الشباب "هو الفيس بوك بيقول إيه النهاردة ؟" ، وأحيانا بأسلوب آخر يسأل أحد المتقدمين سناً في المقاهي مجموعة من الشباب "هو انتوا اتفقتوا على إيه على الفيس بوك في موضوع اـ.... ؟" وهذا جعل الناس في الشارع تقول بعد الإستفتاء "جاءت النتيجة بنعم لكن الثورة كانت ترغب في قول لا". هنا بدأت جماعة الإخوان تتعامل مع الفيس بوك بحذر كفضاء مستقل، فكما كثفت الجماعة جهودها للسيطرة على ميدان التحرير كثفت أيضاً جهودها لتتحكم في أي جدل يدور على الفيس بوك.

إن تواجد الإخوان على الإنترنت غامض ويصعب رصده بدقة حيث أن معظم النشاط الإلكتروني هو نشاط تمويهي يخلو من الشفافية.

 يبدو أن الجماعة تستخدم خمسة درجات أو أساليب للتعامل الإلكتروني

 أولاً: التواجد الرسمي مثل الصفحة أو الجروب الرسمي لحزب الحرية والعدالة أو الصفحات التي تعلن من عنوانها الإنتماء المباشر للجماعة أو أفكارها. ثانياً: الصفحات التي تظهر في البداية مستقلة ثم يظهر ولائها للإخوان المسلمين شيئاً فشيئاً في تصاعد موسيقي إلى أن تصل للولاء الكامل لتكون الصفحة في نهاية المطاف صفحة إخوانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ونعطي مثال لذلك وهي شبكة رصد وهي شبكة إخبارية تقترب اليوم من مليوني Like حيث حينما أُنشأت صفحة رصد في 25 يناير 2011 في بداية الثورة المصرية كان منشئو الصفحة (Admins) مجهولون عن عمد وكانت الصفحة تظهر كوحدة ذات إنتماءات مستقلة، وفي سلوك إحترافي بدأت الصفحة تكشف هويتها تدريجياً إلى أن أصبحت الصفحة إحدى الصفحات المنتمية للإخوان المسلمين في كل شيء ما عدا الاسم، والمثير أن شبكة رصد كانت تنمو ككيان إقليمي له فروع في ليبيا وسوريا وتركيا وفلسطين. ثالثاً: الصفحات المتعاطفة مع الإخوان والتي يقوم فيها الأدمن ببوستات وتعليقات داعمة للإخوان المسلمين، ولكنها دائماً تنكر أي إنتماء للجماعة. رابعاً :صفحات مستترة ذات إنتماء كامن، هي التي تظهر غير مهتمة بالسياسة أصلاً ولكن عند اللحظات الهامة أو الحرجة مثل الانتخابات أو المظاهرات الحاشدة أو الأحداث السياسية الفارقة تظهر فجأة داعمة للإخوان بشكل كامل. خامساً: الميليشيات الإلكترونية المجندة، وهي تستخدم بروفايلات (profiles) حقيقية وزائفة تتحرك عبر صفحات وجروبات تتداخل في الحوارات الدائرة على الفيس بوك لتوجه الأراء في إتجاه الإخوان المسلمين، على سبيل المثال بروفايل "مصري مصري" وبروفايل "هند عربية"

في الفترة ما قبل الإنتخابات الرئاسية في مرحلة الإعادة بين مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي والوزير السابق في نظام مبارك أحمد شفيق كانت صفحات الفيس بوك مشتعلة بالجدل السياسي، وكان الكثير من متخذي الموقف المؤيد لمحمد مرسي يظهرون كما لو كانوا ينقلون الأسطر من نص معد لهم مسبقاً. الجمل المتشابهة كانت تظهر بكثافة عالية جداً من المنتمين إلى جميع المجالات من المعروف أنهم ذوي اهتمامات سياسية بل ومن الغير مهتمين بالسياسة، وكان من أشهر العبارات المنتشرة على الفيس بوك "أنا مش إخوان بس بحترمهم" "أنا بكره الإخوان المسلمين ولكن بدعم محمد مرسي عشان أخلص من شفيق" "أنا عارف إنهم يسعون لمصالحهم الخاصة بس مننساش إنهم كانوا معانا في ميدان التحرير" "ماتخليش كراهيتك للإخوان تعميك" "الإخوان أنانيين بس مش فاسدين" وهكذا... ، والغريب إنه على مستوى الصحافة اليومية لم يشير أحد أو يسلط الضوء على الميليشيات الإلكترونية ماعدا الصحفي والكاتب محمد سلماوي.

أحد الأعضاء السابقين للإخوان المسلمين والذي لازال على علاقة مقربة للجماعة أوضح أن "الحملة الإلكترونية لمحمد مرسي كانت شديدة القوة على الفيس بوك وتويتر، أستطيع أن أجزم أن كل صفحة كبرت أو صغرت على الفيس بوك كان يتم إختراقها من الإخوان المسلمين" وهو يؤكد أن قادة الاخوان يقومون بتوزيع ملفات من الاسئلة والإجابات لشباب الإخوان المشتركين على الإنترنت تحت عنوان "شبهات وردود" هذه النصوص تغذي الأعضاء بالنقاط التي يجب التحدث عنها وكيفية مواجهة الإنتقادات لتكون هذه النصوص على شكل قوالب كلامية ليقوم أعضاء الإخوان بحفظها في عقولهم أو نقلها لاستخدامها وقت الحاجة، والملفت للنظر إنه حينما تخرج أحد نقاط النقد خارج القوالب التي قام الأعضاء بإستلامها وبالتالي نموذج الإجابة الإخواني يتعثر إستخدامه، تسعى حينها الميليشيات الإلكترونية بكل السبل إلى دفع الطرف الآخر المنتقد أو المجادل إلى إطار النص النموذج لكي يستطيعوا إستخدامه، وإن فشلوا في ذلك فلا يجدوا إلا الأساليب المعتادة مثل الدعاء للطرف الآخر بأن يهديه الله سبحانه وتعالى الى الحق.

على سبيل المثال إنه على أحد الصفحات الداعمة للثورة والمنتقدة للإخوان المسلمين "حلمت بالميدان قبل أن يسكنه الملايين"  أظهرت كيف تعمل الميليشيات الإخوانية الإلكترونية أو"لجان النسخ واللصق".

في أحد البوستات (posts) التي كانت تناقش سلبيات الرئاسة الإخوانية (محمد مرسي) وقرارتها الغير متفقة مع أهداف الثورة، هناك شخصان علقوا تعليق متطابق ونرى في النموذج التالي تامر فؤاد وأشرف عبيد يستخدمون نفس القالب النصي بلا أي تعديل ولو طفيف، يقولون "بإختصار شديد لكل من يفكر في ثورة ضد الإخوان ... الإنتخابات مكنش فيها تزوير وأغلبية الشعب إختارت مرسي ... إديله فرصة نشوف حيعمل ايه ... إنتوا سكتوا 30 سنة ... إصبروا عليه سنة واحدة وإتكلموا بعدها ... على فكرة والله أنا مش إخوان بس بقول كلمة حق.

وهذه أمثلة لما يفعله شباب الإخوان وهم يرصون الإجابات التي نقلوها من القوالب المعدة مسبقاً أو من قاعدة البيانات حيث ترى تلك القوالب في جميع أنحاء الفيس بوك والتويتر.

 

[النقاط المتكلمة - من صفحة "حلمت بالميدان قبل أن يسكنه الملايين"]

وهكذا لا يفوت الإخوان المسلمين فرصة لإحتكار الشباب وإيقاعهم تحت سيطرتهم وسيادتهم في إطار تلك الألعاب الميكافيللية المتجلية في نشاطهم على الإنترنت، فبالتالي بعد صعود الإخوان كقوة مهيمنة على مصر فنحن نحتاج إلى بعض الفحص والتدقيق في سلوكهم و أسلوبيتهم على الإنترنت .

نعرض هنا إحدى عشرة آلية أو خاصية سلوكية تستطيع أن تتعرف من خلالها على الميليشيات الإلكترونية الإخوانية على الفيس بوك. نلقي الضوء على كيفية عمل المكائد أو الألعاب الأيديولوجية الإلكترونية على الإنترنت ونعتبر هذا ركيزة أساسية للإحاطة به ومواجهته لمن يرغب في ذلك.

الإستيلاء على لغة الثورة ( و تغيير تعريف المصطلحات لحساب الجماعة ):

 في التراث الشعبي مثل شهير" الزن عالودان أمر من السحر" ، يقول العالم الأمريكي "جورج لاكوف" الباحث في علوم الإدراك واللغويات أن التكرار اللغوي له قوة تغيير العقول في بحثه عن صعود اليمين المحافظ في الولايات المتحدة الامريكية، حيث أظهر أن كلمة "الحرية" حينما يكرر المحافظون استخدامها بكثرة بغير معناها التقدمي المعروف يكون القصد تحريف المفهوم في العقل الجمعي، بنفس الطريقة يسعى الإخوان المسلمون للإستيلاء على لغة الثورة فالكلمات التي لها دلالة قوية مثل الديموقراطية – النظام القديم أو حتى كلمة ثورة نفسها تم الإستيلاء عليها من الإخوان، فتقوم الميليشيات الإلكترونية للجماعة ليس فقط بتجريد هذه الكلمات من أي دلالة تقدمية أو تحررية بل تختزلها إلى مفاهيم تستوجب الدعم المستميت لمشروع الإخوان بلا أي نقد أو تساؤل.

فنأخذ على سبيل المثال مفهوم "الديموقراطية"، بعد فوز الإخوان في الإنتخابات البرلمانية والرئاسية عملت الجماعة بإستماتة على إختزال مفهوم الديموقراطية في صندوق الإنتخابات، فلقد إنتصرت الديموقراطية في يوم الإنتخابات وعلينا أن نعطي إختيار الديموقراطية فرصة كاملة دون أن نقف في طريقه، وفي الواقع هم يعنون أنه على المواطنين الإلتزام بالصمت التام وأن يمتنعوا عن أي رد فعل وعلى قاطني الشارع السياسي أن يوقفوا الحراك حتى يوم الدورة القادمة في الإنتخابات بعد أربعة سنوات وخلال الأربع سنوات من حق الإخوان أن يتحركوا بالدولة في أي إتجاه يبغونه أياً كان.

بين يدي المليشيات الإلكترونية الإخوانية مفهوم "الثورة" لم يعد يتعلق بالكرامة أو الحرية أو العدالة الاجتماعية بل أصبح يعني تغيير الأفراد المسؤولين من النظام القديم في الدولة بآخرين من الإخوان، وحتى كلمة "فلول" نفسها التي تشير إصطلاحياً إلى الباقين من النظام القديم تم تجريدها من معناها الأصلي وإستبدالها بتعريف جديد، فكلمة فلول تطلق على أي شخص ينتقد الإخوان المسلمين .

ونرى هنا أحد الصفحات المعادية للفلول "اتنين فلول وواحد طعمية".الصفحة تم إنشاؤها في يوليو 2011 وهي تعيد تعريف كلمة فلول بعيداً عن تعريفها الأصلي وتعلن بوضوح أن الفلول هم كل من يعادي الاخوان. بالإستيلاء على المعجم السياسي وإعادة صياغة التعريفات بحسب هوى الإخوان المسلمين، تستطيع الجماعة إرباك الشباب والناس عامةً والتلاعب في أطرهم المعرفية وإشغال عقولهم بما يتناسب مع مصلحة الجماعة. وقد تعددت الصفحات بل البروفايلات بعنوان "قوتنا في وحدتنا" الذي أصبح شعار حملة مرسي في الإنتخابات وهو الشعار الذي أطلقه محمد البرادعي بعد الثورة داعياً الجميع للإلتفاف حول مصلحة المواطنين في سلوك يتخطى الأيدولوجيات مستشهداً بحال التيارات السياسية في التحرير ولكن الشعار بعد الإستيلاء عليه إختلف معناه إلي قوتنا في وحدتنا وإلتفافنا حول الإخوان في الإنتخابات ليحصلوا على السلطة أو إلتفافنا حولهم بعدها ليبقوا في السلطة، وعلى التيارات السياسية جميعاً أن تذوب داخل مشروع الجماعة.

2-  الإنكار والتنكر :

 من صفحة الميدان هو الحل:

(هو أنا لازم أقول إنى مش إخوانى كل شوية ولا الصفحة تبع الإخوان 
أنا بشرب سجاير والله علبتين فى اليوم كمان 
ومش بصلي فى الجامع تقريباً غير الجمعة بس 
وبلبس جينز :) 
ارحمونا بقى !!!!!!!!!!!!!!!!)

إن كان لك خبرة شخصية في التعامل مع الإخوان المسلمين فمن المعتاد من أعضاء الجماعة أنهم بالإضافة لإنكارهم الإنتماء للجماعة، يتنكرون لها بتأكيدهم على أنهم يشربون السجائر أو أنهم لا يصلون سوى يوم الجمعة أو أنهم يصاحبون الفتيات أو يشربون الخمر أو يستمعون للموسيقى، هذا السلوك مرتبط بفكرة التقية التي تعني حرفياً الحفظ أو الإخفاء وهي مدرسة إسلامية ظهرت أولاً عند الشيعة، والتقية هنا هي أن يخفي الفرد إنتماءاته وقناعاته وآراءه وإستراتجياته، وهم يستخدمونها هنا لكي يجعلوا أي دعم يقدمونه أو مواجهة للإنتقادات يستميتون فيها والهجوم تظهر كما لو كانت تخرج من شخصية محايدة كي تكون أكثر تأثيراً وإقناعاً.
صفحة الفيس بوك "الميدان هو الحل" تقدم نفسها كصفحة مدنية مستقلة لمجموعة من الشباب، تنشر أحياناً صور لممثلات وأخبارهم ولا مانع من أن تقوم بإنتقادات ضعيفة لشخصيات من الإخوان ولكنها في الأوقات الحرجة قبل الإنتخابات مثلاً نجد أدمن الصفحة يضع كل طاقته لدفع المشاركين في الصفحة لدعم مرشح الإخوان بل وبعدها لدعم قرارات مرسي المصيرية.

هل كانت الصفحة إخوانية منذ البداية ولكنها تنتظر إلى أن يصل عدد الأعضاء إلى عدد كبير وذو جدوى وعندها تُستخدم الصفحة لدعم الإخوان وقت اللزوم؟ ، لا يمكن القطع بذلك ولكن سلوك الأدمن يثير الشكوك في إستقلالية الصفحة وفي الصفحات الشبيهة التي تتحول إلى أدوات إخواني عن جدارة في اللحظات الفارقة.
 

الإحتفاء الإجلالي المصطنع بحرية الصحافة ( أو صناعة دراما الواهب الأعلى للحرية ):

 عند عودة محمد مرسي في 16 يوليو 2012 من أثيوبيا عاد في موقف بطولي إلى القاهرة، في أثناء رحلة عودته مر الرئيس مرسي على السودان وأعلن أن توقفه كان بغرض التفاوض حول عودة الصحفية المصرية شيماء عادل، وعادت الصحفية الشابة بالفعل مع الرئيس مرسي على طائرته الخاصة، قامت وقتها الوكالة الإخبارية الإخوانية على الفيس بوك "شبكة رصد" بتقرير يصف كيف مرسي يحترم الصحافة ومن يحترم الصحافة هو بالتأكيد يحترم المواطنين، وأنه بإنقاذه شيماء يفتح مرسي تاريخاً جديداً في عهد الصحافة المصرية.

 

[مرسي يعود منتصرا مع شيماء - من شبكة رصد

وأستطاع ان يضع مرسي نفسه في دور واهب الحرية للصحافة حينما يتدخل بقراراته الرئاسية العلوية للإفراج عن الصحفين المحبوسين في قضايا حرية الرأي وهو الموقف الذي حدث في القضية الشهيرة ضد إسلام عفيفي رئيس تحرير جريدة الدستور، أُتهم عفيفي بإهانة الرئيس والقضية لازالت قائمة ولكن عفيفي أفرج عنه بقرار جمهوري من واهب الحرية.

هذا النوع من التحركات من الرئيس مرسي يستطيع أن يمتص غضب المنتقدين ويأخذ الأضواء بعيداً عن أي إنتهاك لإستقلال وحرية الاعلام برغم أنه في الفترة نفسها تناثرت ملفات القضايا بعنوان "تهمة إهانة الرئيس" مثل قضية توفيق عكاشة وعبد الحليم قنديل المحرر في جريدة "صوت الأمة".

4- التسخيف من المعارضة :

الإخوان المسلمين مثل أي فصيل سياسي سلطوي يتعامل مع منافسيه بالتسخيف منهم وإخفاس حقهم، فكان جزء من عمل مليشيات الإخوان هو أن ينشروا ميمات معادية لبعض رموز الثورة أو القادة الذين لا ينتمون للجماعة ويعدوا خصوم لها مثل محمد البرادعي وحمدين صباحي وأحياناً مع إعلاميين مثل إبراهيم عسيى، هذه الميمات لا تحتوي على أي حوار حقيقي أو جدل سياسي جاد حول المواقف السياسية وكل الغرض منها هو التقليل من شأن هذه الشخصية العامة وإظهارها كشخصية حمقاء وغير رشيدة، ومن خلال التكرار المبالغ فيه لهذه الميمة يأمل الإخوان أن تتحقق الرسالة الخفية المرجوة وهي ألا تؤخذ هذه الشخصية بشكل جدي بعد ذلك، نأخذ على سبيل المثال صفحة إخوانية تحمل عنوان "حمدين صباحي واحد خمنا"  المرشح الرئاسي الناصري الذي كاد أن يصير رئيساً لمصر في الإنتخابات الأخيرة، الصفحة الإخوانية تستخدم عنوان يسخر من شعار حملة حمدين وهو "حمدين صباحي واحد مننا"

 

 

[حمدين صباحي - من صفحة https://www.facebook.com/7amden.5amena

من خلال الخلفية المستخدمة والبالونات الملونة بالإضافة لصورة حمدين التي يبتسم فيها وهو مغمض العينين، فالرسالة المرغوب توصيلها هي أن صباحي مثل طفل أحمق وغير رشيد، لهذا هو لا يصلح أن يؤخذ بجدية ليكون رجل دولة، نلاحظ أن الإخوان هذا هو أسلوبهم الرئيسي في الهجوم بإستخدام التسخيف والتكرار فقط ليس أكثر، حيث أنهم يفتقدوا أسلحة هامة في الهجوم وهي النقد المنطقي من جهة أو روح الدعابة من جهة أخرى وهذا لأن الجماعة في طبيعتها جماعة أصولية لا يعتمد تشكيل عقلية الفرد بداخلها على تنمية العقل النقدي الذي يواجه خصومه بالنقد الممنهج والجدل الممنهج الثري، الشخصية العقلانية الناقدة لا تصلح ان تكون عضواً في كيان الإخواني لأنها لن تكون مطيعة ومنساقة لأوامر القادة بل ستكون معطلة ومجادلة و ستؤثر علي تحرك الكيان بكفاءة، أما عن روح الدعابة فهي تحتاج إلى مساحة شاسعة من الحرية والإبداع ومساحات يخوض فيها الأصولي بحذر لأنه لم يعتدها، فالضحك عند الأصولي له حدود والنكات لها رقابة وضوابط، وفي حالتنا الإخوانية هذه ما أبوخ الإفيهات إن تحولت إلى قوالب محفوظة عليها رقابة و قيود ينحصر دور المليشيات الالكترونية فيها على النسخ واللصق.

5- صناعة البطلالمجاهدالخليفة :

الأسلوب العكسي لتشويه المعارضة وتصويرها كشخصيات لا تستحق المنافسة وغير جديرة بالإهتمام هو أن تُظهر من هم في صفك كأبطال ومجاهدين وقديسين، كل بطل يحتاج إلى عدو يحتاج إلى قوى الشر التي سيقف أمامها مظهراً شجاعته وبسالته الفائقة، لا يهم إذا كان من سيقوم بدور الوغد هو بالحقيقة يستحق العداوة أم لا، ولا يهم إذا كان ما يدور بين البطل والوغد هو صراع أم صفقة، كل ما يهم هو إقناع الجماهير بأمجاد البطل.

صفحة "المنوفية على الفيس بوكلشباب المنوفية فقط"

 

[ شعر ومديح في مرسي]

 

هي صفحة تعلن عن نفسها كصفحة للشباب المستقل فقط، ولكنها في الواقع تظهر كصفحة مؤيدة لمرسي والإخوان بقوة، حيث نشرت الصفحة بورتريه لمرسي مع أشعار تمجد أعماله البطولية وذلك أثناء بداية توليه الرئاسة حينما أراد أن يعيد البرلمان بقرار جمهوري، وقد صورته الصفحة كقرار يمثل ضربة قاصمة للعسكر، وذلك من خلال قصيدة من المديح مكتوبة خصيصاً لهذا الحدث.

مرسي يُمجد على أنه القائد السياسي، البطل الهمام الذي يتخلص من العسكر موحد عناصر الأمة بكل أطيافها وفي الحقيقة إننا لم نرى يوماً صراع حقيقي بين العسكر والإخوان، بل كانوا منذ اللحظات الأولى أصدقاء وداعمين لبعضهم البعض منذ حديث طنطاوي مع شباب الإخوان في التحرير حتى مقابلة عمر سليمان حتى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، لم يتعرض الإخوان من العسكر لأي إنتهاك أو إعتداء طوال عام ونصف برغم تعرض كل الفصائل لذلك، ولكن حينما يشعرفريق الإخوان والعسكر بالضعف يضطر الإخوان لتصنع ضرب العسكر كما يفعل المصريين في مشاجرات الشوارع، فحينما يكون أحد الأفراد ممن في صفوفك في "العركة" مصدر لضعفك أو حينما تشعر أنكم تكادوا أن تُهزموا تنقلب على زميلك في تمثيلية تروق للطرف الآخر في أغلب الأحيان وتجعله يتوقف عن مهاجمتك وأحياناً يمدح تصرفك.  

 وفي صفحات أخرى يُقدم مرسي مثل خليفة، فهو الرئيس التقي الورع ذو صلة لا تنقطع بالله سبحانه وتعالى، ومن أشهر الفيديوهات التي أستخدمتها تلك الصفحات هو فيديو بعنوان "الرئيس محمد مرسي يبكي في الحرم" وهو فيديو يظهر المشاعر الدينية المتأججة للرئيس مرسي أثناء أداءه للعمرة خلال رحلته للمملكة العربية السعودية، وتلك الصورة المقدسة للرئيس مرسي يسعى الإخوان المسلمون بدون شك لترسيخها في العقل الجمعي شيئاً فشيئاً ، وحينما تقبل الجماهير المصرية الرئيس مرسي كأيقونة دينية تكون الأيديولوجية الإخوانية تم تحميلها بشكل كامل والسيطرة على الدولة ستكون محكمة لا تحتاج إلى تأمين .

6- قطع الطريق أمام النقد وتشويهه :

المليشيات الإلكترونية تقطع الطريق أمام أي نقد مستقبلي بإستخدام أدوات حرفية مثل "تخيل أن - ياريت يحصل– ماذا لو" ، وهم يدعون أنهم يتخيلون سيناريوهات مستقبلية يكون الهدف من إختلاقها تمهيد الرأي العام للقرارات والأفعال التي ستصدر بالفعل مستقبلاً من الجماعة (مرسي) وتشويه أي رد فعل مضاد أو نقد سيواجه القرارت المستقبلية.

نأخذ على سبيل المثال صفحة "امسك فلول" التي يزيد عدد اللايكات فيها عن 334 ألف لايك

حينما تم إنشاءها ظهرت كحملة شبابية مستقلة ضد رجال النظام القديم، لكن منذ أن دعمت مرسي في إنتخابات الإعادة خرجت هويتها الحقيقية إلى السطح وصارت داعمة للجماعة على طول الخط، ولاشك لدينا الآن أنها إحدى صفحات الاخوان المسلمين.

أدمن الصفحة نشر هذا الكارتون الفلولي والذي من المفترض ان يكون توصيفاً ساخراً للصوص مبارك من النظام القديم وهم يُعاقبون على جرائمهم، ولكن النص الملحق بالكارتون كان له تفسير بديل للصورة نستطيع أن نقول أنه تفسير إخواني متميز.

 

["امسك فلول كارتون" - من صفحة http://on.fb.me/UpHpJU]

الخطاب الإخواني هنا صخب وواضح جداً وشديد اللذاعة، المتحدث هنا يسعى لضرب وسد الطريق على أي نقد مستقبلي يمنع الجماعة من الحصول على السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية، أي أن الجماعة نفسها تعمل على تعطيل النقد المستقبلي وتحضير الأرضية لبناء دكتاتورية الحزب الواحد.

هناك شيئاً آخر نلاحظه في هذا البوست، فلقد وضع المتحدث هنا "أبو العز الحريري" أحد أهم الأعضاء المؤسسين لحزب التحالف الشعبي في نفس الكفة خلسة مع الشرطة التي قتلت الثوار في 28 يناير، بل سعى أن يقنع القارئ خلسة أن ضرب الإخوان لأبو العز الحريري يحمل القيم الثورية ذاتها التي يحملها ضرب الثوار للشرطة ونضالهم ضدها في 28 يناير، وأن أبو العز الحريري أحد المعارضين المعروفين لنظام مبارك هو مثله مثل رجال الأمن قتلة الثوار الذين كانوا يعذبون الثوار في السجون وأقسام الشرطة، وهذا بالطبع لأن أبو العز الحريري أحد معارضي الإخوان.

7- اللعب بكارت الإسلاموفوبيا :

صفحة "جروب الصور الطريفة والغريبة"

ظهرت في الأصل كصفحة مستقلة للتسلية تعرض الصور الغريبة مثل قرد يلبس نظارة – أطفال يقومون بتصرفات ملفتة – صور كارتونية مضحكة، هذا الجو المسلي جذب 97 ألف لايك، ولكن الصفحة بدأت تنشر رسائل سياسية ودينية أحياناً، تدعم تكوين حكومة إسلامية أحياناً، تتغزل في خطابات مرسي أحياناً، وحينما قام زائري الصفحة بالتشكك في قدرة الإخوان على قيادة الدولة إلى حالة مدنية دستورية سليمة بدأ الأدمن يتهم المشاركين في الصفحة بالإسلاموفوبيا. 

الحقيقة أن تهمة الإسلاموفوبيا من الغريب أن يستخدمها الإخوان في غير موقعها بهذا الشكل ولا يتم تفنيد الإتهام، حيث أن الإسلاموفوبيا تتعلق بخوف غير المسلمين من المسلمين كنتيجة للفزع الذي أنتشر بعد قيام بعض المسلمين بعمليات إرهابية ونسب أفعالهم الإجرامية للأسف إلى الإسلام، مما أدى لظهور عند بعض غير المسلمين خاصةً في الغرب فوبيا من التعامل مع المسلمين خاصةً عند هؤلاء الذين لم تتح لهم الفرصة أن يتعرفوا على الإسلام طوال حياتهم.

بالتالي فالذي يتهم الآخرين بالإسلاموفوبيا في مصر فكما لو كان يتهم المسلمين بالخوف من الإسلام والمسلمين أو ربما يتهم الأقباط المصريين بالخوف من الإسلام والمسلمين، وهذا كله يتنافى مع المنطق، فكيف لمسلم أن يخشى الإسلام والمسلمين أو كيف لقبطي عاش مع المسلمين ألف وربعمائة عام أن يخاف هو الآخر، ولكن هذا يتفق مع منطق واحد هو أن المتحدث أي الإخواني يعتقد إنه مسلم والآخرون ليسوا كذلك بل ويعتقد أن القبطي يخشى الإسلام لأنه يظن واهماً إنه كإخواني يُدخل الإسلام الى مصر. ولا عجب أن في أحد تصريحات صفوت حجازي أنه قد أشار لفرحته العارمة بتعيين أول مذيعة محجبة في التليفزيون المصري ودخول الإسلام مصر.  

8- جذب الأنظار بعيداً عن الأحداث الجارية إلى مواقع أخرى لا تتوفر عنها المعلومات الكافية:

في 28 يونيو 2012 بعد إعلان نتيجة الرئاسة وفوز مرسي بأربعة أيام بدأت مجموعات على الفيس بوك حملات توعية مكثفة عن إضطهاد المسلمين في "بورما"، حركة 6 أبريل وضعت على عاتقها حمل هذه القضية بل وبدأت تنظم المظاهرات أمام سفارة بورما في 28 يونيو، وأُستخدمت صفحة "مباشر 6 أبريل" (156,883 لايك) للتوعية عن إضطهاد المسلمين هناك.


 [ذبح المسلمين على يد رهبان بورما - من صفحة http://www.tibetancommunity.be/news/chinaquake.html]

ولكن لماذا بورما ولماذا في هذا التوقيت؟

نستطيع فقط أن نخمن أن هناك ثلاث أسباب رئيسية تدفع المليشيات الإخوانية الإلكترونية لتحويل تركيز وإنتباه المجموعات الثورية إلى قضية بورما.

أولاً: بورما تجذب إنتباه الشباب المسيس بعيداً عن القضايا الوطنية من إصلاح التعليم والإصلاح الاقتصادي والقضايا العمالية والعمل على بناء أحزاب سياسية جديدة قادرة على المشاركة والمعارضة السياسية بقوة وتجعل الشباب يركز في قضية خارجية فهمها متعثر تتسم بنقص المعلومات والحقائق الملفقة. 

فننظر مثلاً إلى هذه الصورة التي إنتشرت بشكل شاسع على الإنترنت في مصر والسعودية في يونيو 2012 بعنواين تراجيدية حول الرهبان في بورما وذبحهم للمسلمين، تكتشف بقليل من البحث أن تلك الصورة ليست لضحايا مسلمين مقتولين على يد الرهبان بل هي صورة نُشرت في أبريل 2010 على موقع "أهل التبت" الذي يصور رهبان التبت وهم يدفنون ضحايا زلزال الصين في 2010.

ثانياً :إن قضية إضطهاد المسلمين في بورما تنشط فكرة الهوية السياسية الإسلامية التي يرغب الإخوان أن يتوحد حولها الشباب في المنطقة كبديل للثورة والحرية.

ثالثاً: إن قضية بورما تصلح كبديل جيد للقضية الفلسطينية التي إستخدمها الإخوان المسلمون لسنوات طويلة للسيطرة على الشباب وتحريكهم دون أي صدام حقيقي مع النظام المصري، والآن حينما حصل الإخوان المسلمون على السلطة والقوة فإستخدام قضية فلسطين سيحول بينهم وبين ترسيخ العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل، وبالتالي فإن بورما تصلح كوسيلة مؤقتة لدعوات الغضب والوحدة الإسلامية كما أنها تخدم رغبة أمريكا في تكوين معسكر إسلامي مناهض وكاره للمعسكر الشرقي للصين وايران.

9- أنسنة السياسي :

عبر التاريخ والناس الذين خلف الناس الذين هم في السلطة يسعون دائما لدفع أفراد المجتمع للتركيز على الصفات الإنسانية للقادة السياسين بدلاً من مواصفاتهم وسلوكهم السياسيين. الإخوان كأفراد في الجماعة هم في النهاية أشخاص مخلصين وطنيين أتقياء (يعرفوا ربنا) وكل ما يريدوه هو الخير لهذا الوطن، وإن أخطأ الإخوان المسلمون فهذا لأن كل إنسان في العالم له أخطاءه لا أكثر، فنحن بشر وتلك الأخطاء بالتأكيد لن تكون بسبب إستغلال النفوذ أو سياسيات غير نزيهة أو أغراض بعيدة. هذه الإستراتيجية لإظهار الصفات الإنسانية والمستضعفة للقادة السياسين تخلط السياسي بالإنساني وتشخصن السياسة وتخويها من مضمونها.

فلنأخذ البوست التالي في صفحة "آخر أخبار ميدان التحرير التي نشرت كلمات محمد سعد أبوالعزم تحت عنوان "حب مصر وكراهية الإخوان المسلمين"

(نعم ... من حقك أن تعارض الإخوان، وتنتقد أداء نوابهم وقيادتهم، فمن قال إنهم لا يخطئون؟ من قال إن كل ما إتخذه الإخوان من قرارات كان صحيحاً؟ هم بدون شك تجمع بشرى يجتهد فيصيب ويخطئ، ولكن المؤكد أنهم فصيل وطني له رؤيته فى إصلاح البلاد؛ التى قد يختلف البعض معها، وقد سجلت تحفظاتي عدة مرات على بعض تلك القرارات)

تلاعب آخر على المشاعر الإنسانية كان يحدث على الفيس بوك والإنترنت عامةً وهو الذي كان يركز على أن متطلبات المرحلة أكثر من أن يحتملها محمد مرسي كإنسان، فهو يضطر ألا ينام من أجل مصر، وهو ما ترتب عليه بالتالي إننا علينا أن نقلل من متطلباتنا حتى نخفف من عليه الضغوط ، وأن نكون مقدرين لما يفعله وليس ناقدين لمن لا ينام. 

وهذه أحد البوستات الشبيهة في صفحة "شباب وفتيات مصر في السعودية"

حينما كانت تستجدي عطف الناس وتكتب

 "أنا بتمنى أعرف هو الرئيس مرسي امتى بيبقى عنده وقت ينام"

10- أن تشيع عن نقطة ضعفك أنها نقطة قوتك : 

صفحة "إحنا آسفين لأننا منظمين

 

 [من صفحة https://www.facebook.com/e7na.asfeenmonazameen]

تظهر كيف يتباهى الإخوان المسلمون بما يعتبرونه أحد أهم فضائلهم، فالصفحة تقدم الشكل التنظيمي للإخوان على أنه كنز الجماعة، والإخوان المسلمون هو تنظيم غير شفاف وغير ديموقراطي لا يمكن بأي شكل مقارنته بالنظام الديموقراطي العادل الذي تحلم به مصر الثورة، فشباب الإخوان ينفذون الأوامر الموجهة لهم من صناع القرار وهم مجلس شورى الإخوان، لا يحق لهم أن يسألوا وإن سألوا فعليهم أن يسألوا الأسئلة المجهزة مسبقاً في قوالب الشبهات والردود، والأعضاء يعلون في المراتب داخل الجماعة بحسب ولائهم للقادة داخل هذا البناء فالكفاءة هنا معادلة للولاء للقائد وهو ما يتنافى تماماً مع القيم الإجتماعية والسياسية الجديدة التي تطرحها الثورة.

والحقيقة أن الهيكل التنظيمي وأسلوب الإدارة والتنظيم داخل الإخوان هي أكبر نقطة ضعف لديهم، فكيف لتنظيم ديكتاتوري أن يؤسس الديموقراطية في مصر، ولكن أستطاع الإخوان أن ينشروا ميمة أن أسلوبهم التنظيمي ميزة ونقطة قوة يكاد الجميع أن يصدقها برغم عجز الإخوان عن تكوين حزب سياسي أصلاً ذو قرار منفصل عن مجلس شورى الجماعة.

وحتى اليوم يجتمع الرئيس بمجلس شورى الإخوان ويتحدث المرشد العام الذي لم يحصل رسمياً على أي منصب سياسي داخل الدولة أو داخل حزب الحرية والعدالة عن خططه لمستقبل مصر، ويقوم شباب الإخوان بتأمين المباراة بدلاً من الشرطة وكأنه جهاز أمني موازي للجهاز الأمني الرسمي. ولازال الكثيرون يصدقون أن فضيلة الإخوان أنهم منظمون. 

11- شيطنة الانترنت :

 

[ شيطنة الفيس بوك - من صفحة http://www.menspsychology.com/blog/facebook-is-the-devil

سيظل الإنترنت لا يمكن السيطرة عليه أو توقع ما سينتج عنه بغض النظر عن الجهود المستميتة للإخوان، فيضطر الإخوان أحياناً للعب على المخاوف الدينية لإثناء الشباب عن الفيس بوك وتويتر. أحد أشهر المتحدثين بأسم الإخوان في الإعلام وهو صفوت حجازي قارن الفيس بوك وتويتر ب"اللات والعزى" آلهة الوثنين في مكة في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام حيث أكد في نهاية حديثه التليفزيوني في يوليو 2012 ان الإنترنت هو مسيلمة الكذاب.

والحقيقة أن هذا الوصف فيه مفارقة لأنه يصلح لوصف أساليب المليشيات الإلكترونية الإخوانية للسيطرة الأيديولوجية. ومن جهة أخرى فالمليشيات الإلكترونية بلغة أقل حدة كانت تثني الشباب من إهدار طاقتهم على الفيس بوك وتويتر، ولا ننسى إنتقادتهم المستمرة والقوية لمحمد البرادعي وتويتاته التي تنتشر عبر وكالات الأنباء والجرائد والمواقع الإلكترونية بل يتناقلها عدد لا يحصى من حسابات الفيس بوك و الذي ينتقيها البرادعي بذكاء ولا يكثر منها، وبالتأكيد أن هذا الإنتقاد الإخواني لمحمد البرادعي ونشاطه على تويتر ليس هدفه أن يدفع البرادعي بأن يقوم بأعمال أكثر اتصالاً بالشارع بل هدفه إثناءه عن أن يكون شخصية فعالة على التويتر والإنترنت وربما انسحابه من التويتر يفتح لهم مساحات أرحب.

فإن الإنترنت يكون فعالاً حينما يكون جهاز يستطيع الإخوان من خلاله تحميل أيديولوجياتهم ويكون شيطاناً حينما يعجزوا عن ذلك. لذا فلا عجب أن الإخوان يحلمون بفيس بوك يسمونه إسلامي أو بلفظ أوضح فيس بوك إخواني يقوموا بإنشاءه بدعم من الخليج يحركون من خلاله الشباب في المنطقة و يروجون له بأفكار براقة عن الأخلاق و القيم الدينية.

الأيديولوجية لم يتم تحميلها بشكل كامل ... هل تريد إلغاء الأمر؟

للأفضل أو للأسوء...للنفع أو للضرر سيستمر الفيس بوك في كونه منبر حرج، مساحة يدور فيها الجدل الحاد والتشاور المتروي حول مستقبل بديل قابل للتحقق، ملايين من المستقلين سواء مواطنين إلكترونين أو نشطاء إلكترونين يتشاركون في هذا الفضاء مع جماعة تبحث عن القوة لها مليشيات إلكترونية تحركها بالأمر تسعى لتحميل أيديولوجياتها وأن تشكل على هواها اللغة السياسية والعمليات العقلية داخل عقول المستخدمين.

الجماعة ذات البناء القمعي تقدم نفسها كجماعة تحررية، فإن الجماعة التي تعتمد على التخفي والتلاعب تقدم نفسها كجماعة تحرص على الشفافية والديموقراطية. أقرت العديد من السياسات المريبة للنظام القديم في محاولاتها للإصلاح. 

تُحدثنا عن مشروع إبداعي خلاق وتقتل الشخصية والإبداع الفردي في شبابها، فيتحول شبابها ليس في الفيس بوك فقط بل في الواقع إلي بروفايلات خاوية من الخصائص والمعلومات (info)، يملؤها القادة بالقوالب حسب الحاجة. فأكثر ما يحزنني حين يدخل أحد الشباب الإخواني بأحد القوالب التي تلقى أوامر نشرها ويكون داخل القالب أنه يعمل في كذا أو لديه خبرة في كذا أوتربى في كذا، وهذا القالب يتنقله الآلاف من المفترض أنهم أفراد مختلفين، فقد أُبطلت شخصيتهم لصالح القادة لم يُبطل عقلهم النقدي وإبداعهم فقط. وعدت بالكثير ولم تقدم سوى الخطاب، ولكن حينما يصبح خطاب ما ممتداً ومنتشراً بغزارة يصبح انتقاده شديد الصعوبة. على المواطنين العادين في الفضاء الإلكتروني الرافضون لتحميل الأيديولوجية أن يعملوا بشكل فردي أو جمعي لمقاومة هذا التحميل وألا ينخدعوا بالبروفايلات الكاذبة والقوالب الموجهة المعدة مسبقاً. وفي الحقيقة هناك الكثير من المستخدمين لديهم وعي كامل بكثير مما ذكرنا لتكتيكات وربما أكثر وعليهم أن يستمروا في فك شفرات تكتيكات الخطاب التي تستجد على الساحة الإلكترونية أول بأول، عليهم أن يرفضوا أي تضييق على المساحات المادية والإفتراضية في الفضاء الإلكتروني التي كانت يوماً ما مجالاً للروح السقراطية الجمعية التي تشارك فيها الجميع بالأسئلة الأساسية الهامة، الوطنية والسياسية والإنسانية لأن إنطفاء تلك الروح التي بدأت بها الثورة يقطع الطريق أمام تحقيق أهدافها.

 

إن الطليعة الإلكترونية تستخدم فضاءات الإنترنت بأساليب إبداعية مرحة منفتحة سياسياً وتوعوياً، تكشف الحقائق للجماهير في وجه السلطة وتحرك الإبداع في العقول. هناك صفحات كثيرة مثل صفحة "كارلوس لاتوف" أو "الحملة القومية ضد السرسجية" أو "أنا إخوان أنا مقطف بودان" وصفحات أخرى، كل هذه الصفحات لم تعد كافية الآن للتعامل مع التسونامي الاخواني على الفيس بوك وعلى المجتمع ككل.

الذين لازالوا مستمرون في النضال من أجل الديموقراطية والكرامة والعيش ... الذين لايزالوا يدافعون عن أهداف الثورة، يحتاجون إلى فهم أكثر فهماً وتدقيقاً لتحركات وتكتيكات الإخوان الأيديولوجية، فقط من خلال الإقتراب من الإنترنت والإعلام الرسمي والغير رسمي بأعين مفتوحة واعية ومحللة، وعليهم أن يكتبوا بأيديهم السيناريو المستقبلي الخاص بهم نحو حريتهم وحريات ذويهم. عليهم اليوم أن يبدعوا نموذجهم الخاص للوطن بدلاً من أن يعيشوا كمواطنين محملين بقوالب مكتوبة في عقولهم تقودهم نحو مصالح جماعة بعينها.

[نشر هذا المقال للمرة الأولى على "جدلية" باللغة الإنجليزية]

Four Poems by Sargon Boulus

$
0
0

[The Iraqi poet Sargon Boulus (1944-22 October, 2007), one of the pioneers of modern Arabic poetry, died five years ago in a hospital in Berlin. We celebrate his legacy with these translations of four of his poems. You can read more about his life and works here.]

 

Four Poems

Sargon Boulus

Translated by Sinan Antoon

 

Eve’s House

When I am lost

her eyes

guide me

from below

The silence

in her house

is deeper

than a forest

The world

around us

is a sea

(Humans have not been created)

There is a nocturnal bird

in the garden

Its monotonous singing

accompanies our descent

from one abyss

to the next

 

A Note From a Traveler

When I saw

death performing its ablutions in the fountain

People around me crossing the streets in their sleep

It seemed that my dreams were

pyramids of sand

crumbling before my eyes

I saw my day fleeing

in the opposite direction

far away from that cursed city. . . 

 

We choose the beginning

But the end chooses us

And there is no road

except the road

 

Dimensions

The musician is in his corner

Gently embracing his oud, as if listening

to a pregnant belly

His fingers torture the strings

The dancer’s body is utterly seized

under the lights

Bending in the fourth dimension

Where no tickets are sold

 

We, the spectators, stay here with our chairs

The stage is empty

 

An Elegy for Sindibad Cinema

There is a road

Adorned with ceilings

Washed by memory

until they are white

Under a sky at the apex of its agony

Where I walk

Where my words want to rise like the stairs of a castle

Like sounds ascending the lost scale

One note after another

In my friend’s notebook

The oud player who died of his own silence in the desolation of exile

I find that sound

I find the building and open a door to it:

Our time; how it lost its tickets!

It is flowing in the dark

Like a tiny stream of voices

The voices of those who no longer have a voice

They told me

that they had demolished Sindibad Cinema

What a loss!

Who will sail now?

Who will meet the old man at sea?

They demolished those evenings

Our white shirts, Baghdad summers

Spartacus, The Hunchback of Notre-Dame, Samson and Delila

How will we dream of travelling now?

And to which island?

They demolished Sindibad Cinema 

Heavy with water

is the hair of the drowned man

Who returned to the party

After they turned off the lights

Piled the chairs on the barren riverbank

and chained the waves of the Tigris

 * * *

[Translated from the Arabic by Sinan Antoon. The first three poems are from Sargon Boulus, Hamil al-Fanus fi Laylal-Dhi’ab (The Lamp Carrier in the Wolves’ Night) (Cologne: Dar al-Jamal, 1996) pp. 71, 84, and 85. “An Elegy for Sindibad Cinema” (Martiya ila Sinama al-Sindibad) is from Azma Ukhra li-Kalb al-Qabila (Beirut/Baghdad: Dar al-Jamal, 2008) pp. 173-174]    

محكمة جنايات القاهرة وقضية موقعة الجمل

$
0
0

ملاحظة حول قرار محكمة جنايات القاهرة في قضية "موقعة الجمل"

حكمت محكمة جنايات القاهرة ببراءة ٢٤ متهماً في قضية "موقعة الجمل".  "موقعة الجمل" (٢-٣ فبراير ٢٠١١)  تشير إلى الهجوم على متظاهري التحرير من قبل أشخاص مستخدمين من قبل النظام السابق بلباس مدني، والذي أدى إلى مصرع ١٤ متظاهراً. استخدم المهاجمون جمالاً و أحصنة  في محاولة لدهس المتظاهرين، بالإضافة إلى كوكتيل المولوتوف واحياناً بعض الأسلحة النارية.  المتهمون ال٢٤ كلهم من أقطاب النظام السابق. تلعب "موقعة الجمل" في مصر بعد ثورة ٢٥ يناير دوراً محورياً في الخيال السياسي الجمعي و خاصة في تمثيل أي فعل جماهيري وتحديد علاقتنا به . فهي في الواقع أول ظهور إعلامي في التحرير لما يسمى البلطجية كفاعل سياسي سيدخل  بعد الثورة أكثر من مرّة على الساحة العامة ( رمزياً و بالمعنى الحرفي) دائماً من اجل تخويف أو اسكات بعض النشطاء نهائياً، تمييع المشهد السياسي للمراقب الوطني والدولي، و بشكل عام كأسلوب من أساليب الاستبداد في ترهيب و قمع حراك ثوري جماهيري. و منذ موقعة الجمل أصبح "البلطجي" المقابل السياسي والأخلاقي لثوار التحرير. الخطاب السياسي السائد الذي يدور حول حراك الجماهير يفترض التمييز بين "البلطجي" و "الثائر" كبنية أساسية تحدد موقفنا الأخلاقي والسياسي من أي حراك شعبي.  لم يكن استخدام بلطجية كأدوات للقمع في "موقعة الجمل" أسلوباً جديداً على النظام البائد. و كذلك فإن وصف المتظاهرين بأنهم بلطجية كان دائما موجود في خطاب الاستبداد. و لكن موقعة الجمل أعطت البلطجية في المخيلة السياسية للمصريين نقطة علام تاريخية. في "موقعة الجمل" تحول البلطجي من فئة موجودة فقط كأسطورة من أساطير الاستبداد إلى أشخاص حقيقيين يمكن ملاحظة أفعالهم و نتائجها على التلفزيون بنقل حي و مباشر. "موقعة الجمل" هي التي سمحت في الواقع لتهمة البلطجية أن تستمر إلى ما بعد الثورة و سقوط مبارك الشخص دون نظامه.

لن أدخل أكثر من ذلك في بنية الخطاب السياسي بعد ٢٥ يناير حول تمثيل حراك الجماهير في الشارع، سوى لإعادة التأكيد على مركزية التمييز بين "البلطجية" و "ثوار التحرير" وعلى الأهمية الرمزية لموقعة الجمل في ترسيخ هذا التمييز.  بالنسبة للكثيرين كان هذا التمييز مقبولاً بعد الثورة لأنه في الواقع يعتمد على منظومة قيمية أفرزتها الثورة والتي تبدأ من رفض النظام القديم وسياساته وممارساته.  التمييز بين "البلطجي" و "الثائر" كان له مضمونه القيمي بالنسبة للثوار والمراقب المنحاز والذي سهل تداوله وانتشاره بعد الثورة لأننا أيضاً كنا نفترض أن "البلطجية" هم أدوات نظام مبارك.  وأصبح التمييز بين البلطجي والثائر أحد ساحات الصراع السياسي الرمزي مع السلطة ليس فقط على المستوى الوطني بل أيضا في صراعات سياسية محلية في المعمل والجامعة.  و من هنا فعندما تحكم محكمة جنايات القاهرة ببراءة ال٢٤ متهماً من أقطاب النظام القديم وعدم مسؤوليتهم عن القتل والشروع بالقتل لمتظاهري التحرير، ثوار ٢٥ يناير الحقيقيين، في "موقعة الجمل"، فان أثر ذلك سيتجاوز بشكل نوعي موضوع حق الشهيد وتحقيق العدالة بمحاسبة المجرم.  حكم محكمة جنايات القاهرة في قضية "موقعة الجمل" سيسبب شرخاً بنيوياً في الخطاب السياسي و كيفية تمثيل الفعل الجماهيري فيه. الشعور بخيبة الأمل، الشعور بفقدان الأمل، الغضب، الشعور بالظلم المجحف المستوطن في صلب المجتمع، و حتى الشعور بعدم التوازن وفقدان نقاط علام في منظومة قيمنا السياسية كلها محتملة واستجابة إنسانية للعنف الرمزي الذي يمثله هذا القرار. بشكل أبسط الحكم ببراءة ال ٢٤ متهم من الممكن أن يمغمغ التمييز بين "البلطجي" و "الثائر": كيف نصف ما حصل في مظاهرات ١٢ أكتوبر و ما هو الخط الفاصل بين البلطجي و الثائر و من  يتحكم في هذا التصنيف؟   الغموض في منظومة القيم التي تسمح لنا أن نميز  بين الثوري والفاشي، بين "الفلول" و سياسي له وجهة نظر مختلفة، سيبعد السياسة عن فئات كثيرة من المجتمع و يحد من قدرة النخب السياسية الفاعلة على تعبئة فئات من الشعب غير منظمة في حركات سياسية أو حزبية لأي عمل سياسي.

السؤال الذي لا بد طرحه في هذه الظروف من دون تأخير هو كيف وصلنا الى هنا؟ من السهل جداً ان ندخل في متاهة فساد القضاء، و ارتباطه بفلول النظام البائد.  من السهل أيضا حتى أن ندخل في تفسيرات نحاول فيها وبكل جد و مثابرة أن نثبت أن قرار محكمة الجنايات هو تعبير عن الإرادة السياسية لــ "الدولة العميقة"، وأن نستغل هذه اللحظة الأليمة لكي نجدد العزم على إحداث تغيير جذري في مؤسسات الحكم، و على أن نواجه الدولة العميقة بثورة عميقة. و في ذات الوقت من الصعب على أي منا أن يؤكد أو ينفي هذه التفسيرات فهي بالفعل غير مستبعدة.  و من الصعب أيضاً أن نختلف مع أي فعل سياسي من اجل  تغيير جذري في مؤسسات المجتمع والحكم. 

ولكنني كقانوني لم أجد قرار محكمة جنايات القاهرة  في هذه القضية مفاجئاً أو حتى مخيباً للآمال .  ما زلت أُقيّم هذا الحكم سياسياً كصفعة في وجه كل من وقف أمام الطغيان لعقود طويلة، و أخلاقياً على انه ازدراء معلل بلغة القانون لحقوق الشهداء و أحزان عائلاتهم. لم أجد الحكم مفاجئاً ومخيبا للآمال لأنني كقانوني منحاز سياسياً لليسار لا أرى من القانون إلا حدوده و ما يمكن توقعه بأحسن الظروف من محاكم الجنايات عندما تنظر في قضايا من نوع قضية "موقعة الجمل".  بمعنى أن النتيجة، من منظور قانوني يساري،  ستكون مخيبة للآمال و مدانة سياسياً و مرفوضة أخلاقياً حتى لو كان حكم محكمة الجنايات الإدانة لرموز النظام السابق. و من نفس المنظور فان استجابة السلطة التنفيذية لمصر بعد الثورة بإقالة النائب العام هي عرض لنفس المرض و مخيبة للآمال لأننا لا بد أن نتوقع من سلطة منتخبة بعد ثورة أكثر من ذلك بكثير. 

القوانين الجزائية الوضعية، منذ الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر، تفترض أن المسؤولية الجنائية  ١) فردية؛ و ٢) موضوعها أفعال مادية موصوفة مسبقاً بالتحديد في قوانين العقوبات.  قضية "موقعةالجمل" و كذلك القضايا الجنائية المتعلقة  بمجزرة ماسبيرو،  قتل المتظاهرين في ثورة ٢٥ يناير  و كذلك قضايا الفساد ضد رموز النظام السابق، والقضاياالجنائية المتعلقة بمجزرة بور سعيد، لها طبيعة خاصة  من ناحيتن. أولها إزدواجية الموضوع، فهي من جهة إجراءات قضائية تنتهي بتحديد مسؤولية أفراد عن أفعال مادية محددة. و هي من جهة أخرى إطار رمزي  لمحاسبة طبقة سياسية كاملة عن جرائم من المستحيل حصرها أو حتى تصنيفها.  ثانيها هو علاقة الكناية بين الموضوعين. والكناية بلاغة هي تعبير ينصرف فيه قصد قائله  ليس إلى المعنى الحرفي لكلماته بل إلى معنى آخر ملازم ومسكوت عنه.  أي أنه في سياق حديثنا هذا، جوهر القيمة الرمزية لهذه القضايا ليس المسؤولية الفردية عن أفعال مادية محددة، بل مدى قدرة هذه القضايا على أن تكون كناية مقبولة سياسياً لمحاسبة طبقة سياسية كاملة على عقود من القهر والاستبداد.  في مثل هذه القضايا سيكون أي حكم قانوني قاصر ومخيب للآمال في أحسن الظروف.  مسؤولية الفرد عن أعمال محددة لايمكن أن تختصر مسؤولية نظام عن عقود من الطغيان. ليس للغة القانون والمخيلة القضائية أي أدوات معرفية أو مفردات كافية تسمح لهما بأن ينتجان أحكاماً قادرة على أن تربط مسؤولية فرد عن أفعال مادية محددة والمسؤولية السياسية لنظام و رجاله. بل على العكس من ذلك فقد كانت مباشرة مثل هذه القضايا الجنائية،  في أغلب الأحيان، محاولة لنخب سياسية انتقالية للهروب من استحقاقات العدالة والمسؤولية السياسية والأسئلة الصعبة التي لا بد لكل منّا ان يواجهها، إلى المسؤولية القانونية حيث يمكن التعايش مع وهم أننا نستطيع أن نتحكم بمسار الأمور بعد أن نفتح ”صندوق  باندورا“. 

التناقضات التي تفرزها هذه الإشكالية أكبر بكثير من أن يمكن تجاوزها بإجراءات تجميلية.  القضاء الجنائي يفترض كشرط لعدالة المحاكمة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته.  والثقة العامة بعدالة المحاكمة لا بد أن تعني من ضمن ما تعنيه قبولنا أن أحد النتائج المحتملة للمحاكمة هو براءة المتهم.  و هذا ما هو غير محقق في مصر بعد الثورة. لا بد لمسؤولية أقطاب نظام مبارك المباشرة عن انتهاكات دمرت حياة مئات الأولوف من المصريين أن تكون نقطة البداية في أي من هذه المحاكمات و ليست إحدى استنتاجاتها المحتملة. فإذا لم يكن كذلك فكأن الثورة لم تكن. و بالتالي فإن الإصرار على التعامل مع النظام البائد عن طريق المسائلة الجنائية يفترض ضمنا أننا نطلب من القضاء أن يكون غير عادلاً و أن تكون المحاكمة شكلية وأن تكون الضمانات الإجرائية التي تكفل للمتهم عدالة الإجراءات في نهاية الأمر مسرحية.  هذه الصورية هي أسلوب النظام البائد في التعامل مع حكم القانون و ليس، كما هو سائد في المجال العام اليوم، تطبيق فعلي لشعارات سيادة القانون.  

هذا لا يعني أن المساءلة  الجنائية لمن اقترف جرائم بحق متظاهر أو معتقل أمر هامشي.  بل على العكس من ذلك تماماً. المشكلة هي عندما نصور المسائلة الجنائية على أنها معادلة للمسائلة الشعبية السياسية وتحقيق للعدالة. السياسة في مصر بعد الثورة لا يمكن أن تتعامل مع العدالة على أنها علاقة بين جلاد و ضحيته. كل مصري طرف في هذه العلاقة. و ليس من المقبول أن يتعامل السياسيون في مصر مع مسألة العدالة كموضوع تقني على هامش السياسة يمكن حله بتبديل مناصب بينما تسير الآلة السياسية قدما بمشاريع اقتصادية وانتخابات و دستور. العدالة في  مصر بعد الثورة، بل في جميع ثورات ما يسمى بالربيع العربي، هي المسألة التي يجب أن تبدأ منها كل السياسة.

Last Week on Jadaliyya (Oct 15-21)

$
0
0

This is a selection of what you might have missed on Jadaliyya last week. It also includes a list of the most read articles.  Progressively, we will be featuring more content on our "Last Week on Jadaliyya" series. 

 

‎التغيير قادم إلى دول الخليج... عاجلاً أم آجلاً

$
0
0

يظن الكثيرون أن أنظمة دول الخليج العربية في منأى عن التغيرات التي طالت ومازالت تطال الدول العربية الأخرى. يرتكز هذا الظن في الأساس على العائدات النفطية الهائلة المتوافرة لديها، والدعم الأمني والسياسي الغربي لها، وتحكّمها المطلق في كل الأجهزة العسكرية والأمنية المحلية.

هذا بالإضافة إلى عدد مواطنيها القليل نسبياً، والركود النسبي في مستوى النشاط السياسي في بعض أقطاره (باستثناء البحرين والكويت وعمان). وإن دلت الاحتجاجات التي وصلت إلى ضفاف دول الخليج على شيء، فهي تبين مقدرة الأنظمة على السيطرة على زمام الأمور والقدرة التكيفية الهائلة لديها عند مواجهة أية تحركات محلية مهما بلغ حجمها.

صحيح أن لدى دول الخليج خصوصيات قد تجعلها حالات فريدة على المستوى العالمي، لكن يخطئ من يظن أنها في معزل عن التغيير. بل هذه الخصوصيات إن لم يتم التطرق إليها جذرياً وسريعاً، قد تجعل التغيير يأخذ منحنى حاداً ومتفجراً من الصعب التنبؤ به أو بمداه وتبعاته، لكن التطورات على أرض الواقع تنذر بأن التغيير قادم لا محالة.

تم تناول خصوصيات حالة دول مجلس التعاون بإسهاب من قبل أطراف عدة مسبقاً، وهي ليست بالطرح الجديد على الساحة. هذا على رغم أن الدخل والبذخ الذي تراكم في الطفرة النفطية الأخيرة قد خلق عند البعض وهماً زائفاً بأن هذه الخصوصيات قد تم تخطيها أو أنها لم تعد مهمة. لقد لخص الباحث على الكواري بشكل أنيق ومسهب هذه الخصوصيات عندما سمّاها بـ «أوجه الخلل المزمنة الأربعة» التي تواجه دول المنطقة. أولها الخلل السياسي، الذي يكمن في الاستئثار شبه المطلق من قبل النخبة الحاكمة بالقرار السياسي والحكم.

ثانيها هو الخلل الاقتصادي، حيث تتواصل الاعتمادية شبه المطلقة على العائدات من النفط كمرتكز اقتصاديات المنطقة. ثالث أوجه الخلل المزمنة هو الخلل السكاني، المتمثل في الاعتماد المكثف على الوافدين للإنتاج ولتحريك اقتصاد المنطقة، حتى وصل الحال إلى أن شكل الوافدون غالبية السكان في أربع من دول المجلس الست. وأخيراً هناك الخلل الأمني المستفحل، وهو الاتكالية الحادة على القوى الغربية لتزويد الحماية والدعم السياسي والأمني والعسكري لدول المنطقة.

تترابط أوجه الخلل المزمنة الأربعة وتغذي بعضها البعض في تفاعل وجدلية مستمرة، فالعوائد الهائلة من النفط هي السبب الرئيسي لاهتمام الغرب بالمنطقة. النفط أيضاً هو المورد الرئيسي الذي منح متخذي القرار الاستقلالية المادية محلياً، والتي خلصتها من الاعتماد على شعوبها اقتصادياً، وسمحت بترسيخ دولة ريعية يتكون غالبية سوق العمل فيها من الوافدين. كل هذه العوامل مجتمعة أدّت إلى تكون ما سماه الباحث الإماراتي محمد عبيد غباش بـ «سلطة أكثر من مطلقة، مجتمع أقل من عاجز».

يشكل «كوكتيل» أوجه الخلل المزمنة هذه خلطة فريدة عالمياً في حدتها وترابطها. هذه «الخصوصية» أدت بالكثيرين إلى تحليلها كنقاط قوة للأنظمة السياسية، ساعدت في ترسيخ دعائم حكمها واستمراريتها وقدرتها البقائية.

فالاستئثار شبه المطلق بالسلطة والدعم الغربي والموارد المادية الجبارة وضعف المواطنين (والوافدين) من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية يجعل إمكانية التغيير شبه معدومة.

ما بودي طرحه في هذه السلسلة من المقالات هو التالي: ربما كانت أوجه الخلل المزمنة مصدر استقرار في دول وأنظمة الخليج على مدى العقود القليلة الماضية، إلا أنها ستكون مصدر اضطرابات وتغيرات حادة في المستقبل وليس ببعيد جداً. فتسميتها بأوجه خلل مزمنة لا يأتي من فراغ، فهذه التسمية لا تعني فقط أن الشعوب هي من تحس بتبعات أوجه الخلل المزمنة بينما الأنظمة محصنة منها، بل هي أوجه خلل مزمنة تحديداً لأنها تجذّرت في مجتمعات المنطقة، وإن استمرت في التراكم فهي تنذر بتغيرات جذرية وحادة ستشمل بتبعاتها كل مكونات المجتمع. وهدفنا في هذه السلسلة من المقالات هي تسليط الضوء على هذه العوامل الجذرية التي انغرست في مجتمعات دول المجلس التعاون والتبعات المتوقعة منها.

ما بينته التطورات على مدى السنوات القليلة الماضية هو تقلص قدرة الأنظمة الحاكمة في التحكم والسيطرة على مجريات الأمور في نطاقها الأوسع، وخصوصاً أن أعمدة أوجه الخلل المزمنة قد تم إرساؤها بشكل معمق، بحيث أصبح من الصعب جداً التطرق إليها من دون مجهود جبار، وحيث باتت الحلول الترقيعية والتدريجية عقيمة. فالاعتمادية شبه المطلقة على العوائد المتدفقة من النفط ترسخت بشكل جذري في مجتمعات الخليج، وكذلك الاعتمادية على الوافدين لتحريك الاقتصاد، والمنطق نفسه ينطبق على بقية أوجه الخلل المزمنة. هذه العوامل لا يمكن مواجهتها إلا ببرنامج إصلاح جذري لمجتمعات واقتصاديات الخليج، وحالياً لا توجد مؤشرات على حصول ذلك.

من الصعب جداً التنبؤ بكيف ومتى سيكون هذا التغيير وأي شكل سيأخذ، فحدّة أوجه الخلل المزمنة في دول المجلس تجعل «الكوكتيل» قوياً ومركباً ومن الصعب التكهن بطريقة تفاعله. ولكن استمرار أوجه الخلل المزمنة على حالها بلا تغيير يبدو أمراً مستبعداً. فالتغيرات والتضادات على أرض الواقع نادراً ما تسير في خطوط مستقيمة مرسومة، حيث تتفجر بطرق وأشكال مفاجئة غير معدة مسبقاً.

احتمال كبير أن التغيير الجذري سيحل بالخليج عند انحسار أهمية النفط عالمياً، وبناءً على أن عمر النفط في دول الخليج مازال يمتد لنصف قرن على الأقل، (فالدرب لسه طويل). قد يكون الأمر كذلك، ولكن التفاعلات المتراكمة على أرض الواقع تنذر بأن التغيير قد يأتي قبل ذلك بكثير، وغير معلوم أي منحنى سيأخذ لأنه حتى الكلام في هذه الأمور يعتبر حالياً من الممنوعات والمحرمات السياسية. تبعات هذه الأمور مصيرية لكل أبناء المنطقة، ولا يمكن تركها على بركة تقدير متخذي القرار فقط. لذلك أصبح من الملِحّ والواجب على أبناء المنطقة مناقشة الواقع والنظر إلى المستقبل بتحليل منهجي صريح من دون أية مجاملات. وهذه السلسلة من المقالات هي محاولة لفتح النقاش في هذا الإطار.


‎عمر الشهابي مدير مركز الخليج لسياسات التنمية

Viewing all 6235 articles
Browse latest View live