Quantcast
Channel: Jadaliyya Ezine
Viewing all 6235 articles
Browse latest View live

الفكر التقدمي في الإسلام المعاصر: نظرة نقدية

$
0
0

 [قدمت هذه الورقة في الأصل في المؤتمر الدولي الذي انعقد في برلين بتاريخ 22-24 سبتمبر 2005 بعنوان"الفكر التقدمي في الإسلام المعاصر" بدعوة من مؤسسة فريدريش ايبرت، المركز الاتحادي للتثقيف السياسي، مؤسسة كونراد اديناور وبمشاركة مميزة من علماء الإسلاميات واللاهوت والعلوم السياسية. وصدرت الورقة الآن في كتيب ضمن سلسلة حوار التداخل الثقافي (الإسلام والمجتمع رقم 4) التي تصدرها مؤسسة فريدرش آيبرت الألمانية. ترجمها من الألمانية إلى العربية حامد فضل الله] 

1.   خلفية تمهيدية: التجديد الإسلامي

في البداية من المفيد أن نتبين الخلفية ونحدد الإطار الذي نريد من خلاله تقديم الفكر التقدمي في الإسلام المعاصر. إن الحركات والاتجاهات التي تشغل العالم الإسلامي المعاصر يمكن تحليلها في المساحة المتوترة بين مفهومي الأصالة والحداثة. إن مثل هذا المدخل يضع في اعتباره الإسلام المعاصر في المساحة المتوترة بين الأصالة فيما يتعلق بأمور الحياة والفقه الديني النابعة من الماضي، والحداثة التي تحيل إلى الحاضر و "المستقبل" الذي لم يعد يجد المسلمون أنفسهم فيه كمحرك قوة ولذلك ليس بمقدورهم التحكم في تطور الفكر.

القرآن – أزلي وغير قابل للتغيير

القرآن الكتاب المنزل من عند الله يعتبر جوهر العقيدة الإسلامية. وهذا الكتاب يعتبر كتاباً أزلياً وغير قابل للتغيير من حيث الشكل و المضمون. ويعتقد المؤمنون به أنه يصلح لكل مكان وزمان وأنه يحوي بين دفتيه الحقيقة الأزلية. وفي المقابل تتسم فكرة الحداثة بالنسبية فيما يتعلق بالحقيقة وبعامل تطورها المستمر. فبالنسبة للحداثة لا يوجد أي شيء سواء كان مكتوباً أو منطوقاً لا يحق ولا يمكن للإنسان إعادة صياغته وتطويره أو التشكيك في صحته. وهكذا يجد الإسلام نفسه بين طرفي الرحى: رحى الحقيقة الأزلية الثابتة الموجودة بين دفة القرآن من ناحية، ومن ناحية أخرى رحى الحداثة التي ترى أن جميع الأمور قابلة لإعادة الصياغة والتطور الدائم. وهنا يطرح السؤال التالي نفسه: هل يوجد الحل في تحديث الإسلام أم في أسلمة الحداثة؟ ومن واجب المسلمين تقديم الإجابة عليه. 

ومهما كان هذا المدخل مثيراً فمن ما يعيبه أنه يظل باقياً على السطح. هنا سوف تتم مواجهة بين الأصالة الإسلامية والحداثة التي تأتي من خارج الإسلام تماماً. وعلاوة على ذلك يقود هذا المدخل إلى سؤال الهوية المهددة من الخارج ويودي إلى خيارين إما الرضوخ وإما الانعزال. وكلا الأمرين يلقيان الرفض من أغلبية المسلمين. وإذا لزم إجراء مناقشة حول الاتجاهات الإسلامية المختلفة، فلا بد أن تنبع هذه المناقشة من عناصر من داخل العقيدة الإسلامية وليس من خارجها. ومن هنا يبدو انه من المناسب التطرق إلى المناقشة التي تدور بين الحرف والروح (العقل وبالألمانية - Geist) أي بين نزعة التأويل الحرفي للنصوص الدينية ونزعة التأويل الذي يستلهم روح النصوص. وهذا التحليل يتميز بأنه ينبع من داخل الإسلام وينطلق منه.

الإسلام الأصولي و إسلام التأويل الجديد – أي الإسلام طبقاً لروح النص

فيما يبدو هناك ثلاثة اتجاهات تنتشر في العالم الإسلامي. فعلى خلفية الإسلام الثقافي يوجد إسلام متزمت بمعنى إسلام قائم على التفسير الحرفي للنص. وبخلاف ذلك يوجد إسلام ينبع من التأويل الجديد، وهو الإسلام الذي يعتمد على تفسير روح النص لا حرفيته. والإسلام الثقافي (ويمكن هنا استخدام مصطلح الإسلام التقليدي ولا أحبذ هنا استخدام مصطلح الإسلام الشعبي) يعني الإسلام الذي يتم الاعتقاد بمبادئه وممارسة شعائره في مجتمع معين. فالمسلم التركي يعتمد على التفاسير السنية في فهمه للقرآن وعلى المذهب الحنفي في ميدان الأحكام الشرعية. ولكن هذا لا يمنع من وجود اتجاهات وجماعات داخل الأمة التركية ترى أنها تملك مرجعيات فقهية شرعية خاصة بها، مثل الحركات الصوفية الشعبية وتقديس الأولياء وبعض الممارسات السحرية التي يقوم بها بعض رجال الدين غير المؤهلين علمياً وكذلك بعض الناس الذين يقعون تحت تأثيرهم الفكري، والتي تتبنى في كثير من الأحوال بعض الطقوس الجاهلية وبعض الأفكار النابعة إما من داخل البلاد وإما من الثقافات الخارجية المحيطة بهم. وكل هذه العوامل هي التي تمثل ما نطلق علية الإسلام الثقافي. وهو وثيق الارتباط بالحضارة التي ينتمي إليها. وهو يُكون بذلك المجتمع الإسلامي ويساهم بقدر كبير في تشكيل شخصية الفرد المسلم وتحقيق توازنه النفسي وانسجامه مع محيطه. أي انه يمثل بالنسبة لكل مسلم المرجعية التي يعود إليها فيما يتعلق بالقيم والسلوك وبعبارة واحدة الثقافة الحقيقية للمجتمع الإسلامي. وطبقاً لمرجعية هذا الإسلام الثقافي بزغ ما نسميه الإسلام القائم على التفسير الحرفي للنص وهو ما يطلق عليه الآن أيضاً بالإسلامويه. ولكن أشكاله المتعددة تعود إلى زمن بعيد.

العلاقة الداخلية بين الإسلاموية والإسلام

ويتحول هذا الإسلام إلى أنظمة شرعية وحركات منتظمة وذلك عندما يجد نفسه مضطراً إلى الدفاع عن نفسه ضد قوى غير إسلامية. ولذلك فهو لا يخلو من اتجاهات متطرفة. إن الأسباب التي تفسر عودة الإسلاموية إلى الظهور حالياً متعددة. وفي مقدمة هذه الأسباب بدون شك سيطرة قوة ما يسمى "بالغرب" وضعف الوضع السياسي والاقتصادي وانكسار أمة الإسلام أمامه. وهنا يقع يبدو أمامنا مباشرةً مشهد أزمة اقتصادية وسياسية وثقافية، أي بعبارة واحدة أزمة تطور. وهذه الأزمة تدفع بعض المجموعات لشحذ الهمم للبحث عن مخرج لها. ومن الخطأ الاعتقاد بان إنهاء أسباب هذا الإحباط يقود مباشرة إلى اختفاء حالة الإسلاموية ويؤدي إلى الاندماج في "الإسلام الثقافي". والسبب في ذلك أننا إذا تحركنا بين الإسلام الثقافي والإسلام السياسي فإننا نتبع حركة ديناميكية مستمرة. إن الأقوال والأوامر التي يعتقد أنه جاءت بناء على الوحي السماوي يتم تفسيرها حرفياً طبقاً للإسلام الأصولي ويبذل المؤمنون بذلك الجهود لمحاولة تطبيقها على أرض الواقع بصورة فعالة ، بما في ذلك استخدام القوة السياسية أو في حالات استثنائية بالأساليب الإرهابية.

هل يمكن شرح المنطق الذي يكمن وراء التفسير الحرفي الراديكالي للنصوص المقدسة بصورة أكثر دقة؟ الله هو الرب والخالق الذي يجب أن يعبده الجميع. وقد أنزل كتابه، القرآن، الذي فرض علينا اتباعه. ويشكل القرآن، بالإضافة لسنة الرسول الصحيحة، المرجع الأساسي للمسلم الذي ينبغي على أن يطبقه بحذافيره بدون الخروج عليه قيد أنملة. إن الدين يحتوي على إطار للسلوك لا ينبغي الخروج عليه مطلقاً. إن أمة الإسلام مطالبة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (كما ورد في القرآن، سورة 3/104)، وطبقاً لهذا الأمر فالمسلمون مطالبون في كل مجالات الحياة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. على أن المعروف والمنكر يتوقف تحديدهما على القرآن والسنة وعلى هذا الأساس يتم الاستنباط العقلاني للشريعة وهذا يعني وجود رابطة داخلية بين الأصولية الإسلامية والإسلام وبالرغم من أنهما ليسا متطابقين ويجب التفريق الواضح بينهما، فالإسلام الأصولي على أي حال في نظر البعض وربما الكثير من المسلمين هو إسلام الاعتدال ولا يقود إلى الضلال وهو اقرب إلى الإسلام الشامل والكامل. فالإسلاموية بالنسبة لاتباعها ليس الإسلام الباطني وإنما الإسلام الصحيح الذي ينبغي على الجميع اتباعه.

إسلام التأويل الجديد

في نفس الوقت نشاهد هذه الأيام بزوغ إسلام يقوم على تفسير جديد نابع من الإسلام الثقافي أو كرد فعل للتجارب القاسية التي نجمت عن الإسلام الأيدلوجي الأصولي المعاصر ونحن نطلق عليه تسمية إسلام التأويل الجديد لأنه يحاول فتح باب الاجتهاد مرة أخرى (بمعنى السعي الشخصي لإيجاد أفكار تفسيرية جديدة للنصوص المقدسة الأساسية) وكان يعتقد أن هذا الباب قد أغلق تماماً في منتصف القرن العاشر. وإسلام التأويل الجديد يحتوي أيضاَ مثل الإسلام الأصولي على تيارات مختلفة واتجاهات عديدة حيث أن محاولة تصنيفها أو ترتيبها يؤدي فقط إلى اضطراب وبلبلة. وأهمية هذا الاجتهاد تكمن في شجاعة البعض على إعادة التفكير في الأحكام الفقهية والشرعية القديمة وصياغتها من جديد. وهذه الأحكام تعود إلى حوالي ألف سنة مضت وأعتقد الناس بصحتها طوال هذا الوقت وانتهاء أمر النظر فيها قطعياً. وهذه المحاولات الجديدة تتميز أهميتها بمعالجاتها للنصوص التأسيسية للإسلام وبمحاولة إيجاد تفسير جديد ليس طبقاً لحرفية النص، ويأخذون في الاعتبار المخاطرة والمغامرة التي لا يمكن تحاشيها عندما يتصدون لذلك وهذا الإسلام القائم على روح النص لا يقف الآن في مقدمة المشهد الاجتماعي السياسي والاجتماعي الديني، فهذه الصدارة يحتلها على أي حال تيار الحركات الإسلاموية، ولكنه يتمتع بميزة التوافق مع الأهداف والأفكار التي تتبناها أغلبية الناس. وبطبيعة الحال لا يتطرق الإسلام القائم على تفسير النصوص طبقاً لروح النص وليس حرفيته إلى جميع المسائل ويترك بعضها غامضاً مخافة التعرض للهجمات العدوانية من قبل الإسلامويين وكذلك من قبل الحكام المستبدين الذين يستخدمون الإسلام الثقافي لترسيخ الوضع القائم وتثبيته كما هو عليه الحال الآن. ولكن هذا التفسير طبقاً لروح النص يمكن أن يحمل في طياته بذور الأمل في مستقبل أفضل، حيث أنه يواجه بمرونة تحديات الحداثة بدون إنكار بعض الأحكام الإسلامية التي توصل إليها القدماء.

مناقشة حول الإسلام من داخله

تدور حالياً في كل مكان مناقشة حول الإسلام من داخله فالمسلم حالياً يجد نفسه موزعاً بين ممارسات الأفكار التقليدية النابعة من الإسلام الثقافي من ناحية والتطورات والإغراءات التي يحملها الإسلام السياسي الأصولي وكذا التفسير الجديد من ناحية أخرى ولا يمكن للمسلم المؤمن والمثقف في هذه الحالة إلا أن يسٍأل نفسه عن الإسلام الذي يرضاه ديناً لأطفاله. ويبدو أن الكثير من المسلمين يجدون أنفسهم في مواجهة طرح جديد للدين يحوز على رضاهم ومسئوليتهم الشخصية وعدم التسليم بالأحكام التي تصلهم من الوسط المحيط بهم.

2.   هدف الدراسة وحدودها، تدقيق المفاهيم

بدون شك توجد الآن ظاهرة الفكر الإسلامي الجديد. ولكن السؤال هو أين الجديد فيها؟ الجديد هو النمط من الفكر الإسلامي المعاصر لدى البعض الذي يرى ضرورة إخضاع الأحكام التي نصفها بالإسلامية للتدقيق في ضوء التحولات المستجدة على أرض الواقع. ولا بد من التنويه هنا إلى أن هذا النمط من الفكر الجديد ليس مرتبطاً تماماً بأيدلوجية تقدمية. إنه فكر يعترف بإمكانية الوقوع في الأخطاء وعدم ديمومة الأحكام وإمكانية إعادة النظر فيها ولا يستثني نفسه من ذلك. ولذلك يطالب بضرورة نقد الذات بصفة دائمة. إنه يطالب بإعادة صياغة أحكام الماضي (وليس بإلغائها أو القضاء عليها نهائياً) وضرورة إتاحة الفرصة أمام كل مسلم وكل إنسان صادق للتوصل إلى حقيقة الرسالة الإسلامية عن طريق المعرفة العميقة لخلفيات النصوص بدون التعرض للتشويه الأيدلوجي المتعمد (راجع بن زينه، 2004، ص 13) وعلى ذلك ينظر المفكرون المعاصرون "للحداثة" بطريقة أخرى عن نظرة الإصلاحيين السابقين (من نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين) ويختلفون معهم اختلافاً جوهرياً فهم لا يكتفون باستخدام الفكر كمعيار شامل وبديهي فحسب وإنما ينظرون إليه كمكون اجتماعي يوجد داخل الممارسات العديدة والخطابات النظرية المختلفة. وبعبارة أخرى يرعى دعاة التفكير التقدمي الجديد ضرورة اتخاذ موقف نقدي من الحداثة وضرورة تعميق شعور المفكر بالمسؤولية الذاتية عند ممارسة حريته الكاملة في التفكير.

وكتب نصر حامد أبو زيد في جريدة الأهرام عام 2002 ما يلي:

"نحن في حاجة إلى حرية البحث في تراثنا الديني. وهذا الأمر هو الشرط الأساسي للتجديد الديني. لا بد لنا من رفع الحظر عن حرية التفكير. إن مجال التجديد لا حدود له. في عملية التجديد الديني لا يوجد ما يسمى المرافئ الآمنة التي يمكن أن تستثنى من عملية البحث العلمي الحر، لأن ذلك لو حدث فسوف يخلق نوعاً من الرقابة الفكرية التي لا مكان لها في تاريخ الفكر الإسلامي".(أنظر نصر حامد أبو زيد، الأهرام ويكلي 2002)

وهذا النداء يطالب بالحرية بصفة عامة وبخلق النظام الاجتماعي الذي يسمح لمثل هذا الفكر الحر ولا يؤدي إلى مصادرته بالقوة. وهو أيضاً لوم وعتاب ضمني للحكومات التي تستخدم الدين بلا انقطاع لتحقيق الأغراض السياسية وهذا الأمر يشبه ما تفعله الجماعات الإسلامية الأصولية بالدين.

إن النقد العلمي العلني "للظاهرة الدينية وللخطاب الديني" هو أمر جديد بالنسبة للمجتمعات الإسلامية. ولذلك يتم وصم دعاة الفكر الجديد دائماً بالمرتدين. فهم ومفاهيمهم لا تروق للمؤسسة السياسية الحاكمة لأنهم بالإضافة إلى بحث المسائل الدينية يتطرقون إلى الخوض في المشاكل الحالية والتي هي وثيقة الصلة بقضية العلاقة بين الدين والدولة وأيضاً بين الشريعة والقانون (وخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وتحرير المرأة) وكذلك الأمر بالنسبة للقضايا الاجتماعية مثل الرؤية الإسلامية للعلاقة بين الدين والعدالة الاجتماعية أو مسألة ما إذا كان الدين الإسلامي يحمل في طياته نظامه الاجتماعي والسياسي الخاص به. ومن الخطأ الجسيم أن يقوم أعداء هذا التيار الفكري الجديد باتهام أصحاب هذا التيار بأنهم ارتموا في أحضان الفكر الغربي وقبلوا القيم الفكرية الغربية بدون نقد أو تمحيص. وفي الحقيقة فالتحديث بالنسبة لأصحاب هذا التيار لا يعني أبداً الحداثة الغربية.

إن التحديث يعني عندهم الضوء الذي نتج عن المعلومات الحديثة والتي يتمكن الباحث من خلاله على ممارسة النقد الموضوعي. ولذلك يؤيد أصحاب تيار التفكير الحر عند دراستهم وتفسيرهم للنصوص استخدام أدوات المعرفة الحديثة التي تشملها العلوم الاجتماعية الحديثة (مثل علم اللغويات والسيميوطيقا –علم العلامات- وعلم دراسات الأديان المقارنة وعلم الاجتماع).

إن أصحاب الفكر التقدمي لا يكونون مدرسة فكرية ولا تشغلهم جمعياً نفس القضايا. ومع ذلك يمكننا أن نوافق على ما قاله رشيد بن زينه:

"إن الذي يجمع هؤلاء هو البحث عن معرفة محايدة عن طريق دراسة القرآن والسنة والإسلام بصورة عامة دراسة أكاديمية تحترم المناهج العلمية الجامعية وتلتزم بوسائلها". (راجع بن زينه، 2004، ص 18)

ونذكر هنا من أصحاب ذلك التيار على سبيل المثال: محمد أركون (فرنسا/الجزائر)، ليلة بابيس (الجزائر/فرنسا) عبد الكريم سوروش (إيران)، نصر حامد أبو زيد (مصر/هولندا)، عبده الفيلالي الأنصاري (المغرب)، عبد المجيد شرفى (تونس)، فريد أسحق (جنوب أفريقيا/الولايات المتحدة الأمريكية)، إبراهيم موسى (الولايات المتحدة الأمريكية)، أصغر على أنجنيير (الهند)، عبد الله النعيم (السودان/الولايات المتحدة الأمريكية)، أمينة ودود (الولايات المتحدة الأمريكية)، فاطمة المرنيسي (المغرب)، خالد أبو الفضل (الولايات المتحدة الأمريكية)، نورشوليش مجيد (إندونيسيا)، فارش نور (ماليزيا)، عمر أوزوسوى (تركيا)....الخ.

 3.     النطاق التاريخي للتفكير التقدمي

لقد ظهرت حركة التجديد في الفكر الإسلامي والنهضة الإسلامية منذ نهاية القرن الثامن عشر في زمن التبعية السياسية للدول الإسلامية إلى الغرب المستعمر. والآن يعيش المسلمون زمن الاستقلال السياسي ولكنهم ذاقوا مرارة الدكتاتورية والفساد في معظم البلدان الإسلامية. وبطبيعة الحال لم تتلاشى تماماً علاقات التبعية للغرب ولكنها أخذت أشكالاً أخرى. وعلاوة على ذلك يعيش بعض المسلمين كأقلية تتزايد نسبتهم في مجتمعات لا تدين بالدين الإسلامي.

وكما هو الحال بالنسبة للإسلاميين الأصوليين يمكن النظر إلى دعاة الفكر التقدمي إلى حد ما كنتاج لعملية الديمقراطية والدراسة الجامعية. وبعض هؤلاء المفكرين أساتذة متخصصون في العلوم الدينية، ولكن الغالبية ليست كذلك. ويمكن القول أن معظمهم درس العلوم الإنسانية، أما معظم الأصوليين فقد درسوا التكنولوجيا والعلوم الطبيعية. إن المفكرين التقدميين على قناعة بأنه لا يمكن الاكتفاء بتحديث المجتمعات الإسلامية في مجال العلوم الطبيعية والتقنيه وفي عين الوقت أيضاً عدم المساس بالنص المدون (بالألمانية Korpus) للتفسيرات الدينية التقليدية. فضل الرحمن الذي ندين له هنا في هذا التحليل للفكر التقدمي من خلال إشاراته الحاسمة يقول في مقدمة الطبعة الثانية لكتابه "الإسلام" 1979 ما يلي:

"في الوقت الحالي يمكن القول بأن الفكر الإسلامي قد لفظ أنفاسه والعالم الإسلامي يمثل صحراء فكرية قاحلة لا تنهض من أعماقه أي أفكار ومحاولة الخروج من هذا الصمت القاتل يشبه فرفرة (ارتجاف) جناح. وهو مجتمع الجيل الناشئ (بداية ثلاثينيات القرن الماضي) الذي يتوسل له محمد إقبال بدعوته القائلة: أدعو الله أن يضع فكركم في عاصفة (جديدة) حيث لا توجد حياة في مياه بحاركم".

ولكن لماذا كانت الخمسون عاماً بعد وفاة إقبال مجدبةً؟ ويمكن أن تكون الإجابة هي: في السنوات الخمسين الماضية انشغل العالم الإسلامي بمعارك التحرر من الاستعمار الغربي وبعدها ببرامج إعادة البناء. وصحيح أيضاً بلا شك أنه عندما يكون الناس تحت ضغط غير عادي ويواجهون تحديات هائلة يصل إبداعهم إلى أبعاد غير مألوفة. ولكن كيف تكون إعادة البناء؟ عندما لا يلعب البناء الفكري والتجديد العقلاني إلا دوراً ضئيلاً أو حتى لا دور إطلاقاً (فضل الرحمن 1979 ص 263 – 264). كما أن الضغط الهائل الناتج من التحديات الجديدة وتسارع الدعوة للعلمانية والتي وصلت إلى درجة عالية في أوساط ومجتمعات ودول إسلامية دفعت برفع وتيرة الفكر التقدمي في كل مكان وبعض هذه الدول الإسلامية كانت قد عاشت تجربة (مثل حكم الملالي في إيران وطالبان في أفغانستان) وكما أن تجربة المعارك مع الحركات الإسلاموية ضد أنظمتهم الدكتاتورية والدفاع عنها لعب دوراً في تكريس الحالة الراهنة.

في الواقع يهتم كل المفكرين التقدميين بإعادة النظر في المكانة التي يجب أن يحتلها الدين مع التنامي المتزايد على الدوام لعلمنة العالم بالرغم من ما يبدو في الظاهر عكس ذلك. فقد اجتاحت العلمنة فجأةً العالم الإسلامي بدون تحضير ونضوج داخلي لشروطها. هذه العملية تضع الفكر الإسلامي مباشرةً أمام السؤال: كيف يمكن التوفيق بين الدين (الحقيقة الثابتة) وبين التحول؟

لقد طرح عبد الكريم سوروش (المولود عام 1945) هذا السؤال على نفسه منذ فترة طويلة وكانت إجابته هي: كل فروع العلم والمعرفة في حالة تحول مستمر. أي تغيير في منحى من نواحي العلم يقود بالضرورة إلى تعديلات في مجالات أخرى بما في ذلك الفقه الإسلامي. وهنا طور عبد الكريم سوروش تدريجياً "نظرية تمدد وتقلص المعرفة الدينية" وتوصل طبقاً لهذه النظرية إلى قناعةٍ بأنه في إطار التطور لا بد أن يظل الفقه الإسلامي في حالة تمدد مع الأخذ في الاعتبار مواكبة التطورات التي طرأت في مجالات دينية أخرى. (راجع عبد الكريم سوروش، 2002)

وطبقاً لدعاة التفكير التقدمي لا يمكن التصدي لمتطلبات الحداثة والوصول إلى القيم الإنسانية للعقيدة الإسلامية بدون القيام بعملية تفسير جديد موضوعي ومحايد للنصوص المقدسة. وهذا من شأنه أن يفضي إلى مواكبة التفسيرات للقضايا الإنسانية المطروحة، مثل حقوق الإنسان والمساواة بين الرجل والمرأة وسوف يتم ذلك بضمير مستريح إزاء القرآن والسنة وجدل مع الفكر النقدي للحداثة.

 4.     بعض أفكار وحجج الفكر الجديد

لا يمكن في هذا الإطار أن نذكر جميع أفراد تيار التفكير الإسلامي الجديد أو اختيار الأسس الهامة لهذا الفكر، كما تتطلبه المساواة وسوف نختار بصورة اعتباطية بعض الحجج التي يسوقها أصحاب هذا التيار لبعض القضايا الأساسية التي تتفق مع سياق نقاشنا. ولا يجب أن يفهم البعض أن اختيارنا لبعض رموز هذا التيار يدل على علو مكانتهم الفكرية في ميدان الفكر التقدمي عن الآخرين.

4.1   ما هو الإسلام؟ تراث حضاري تدرجي

عالج أحمد كرا مصطفى „Ahmet Karamustafa“ المحاضر بجامعة واشنطن في ميدان العلوم الإسلامية في مقالته "الإسلام: مشروع حضاري في حالة تقدم" السؤال الأساسي الذي يشغل دائماً المفكرين التقدميين وهو تحديد مفهوم الإسلام. ويمكن إيجاز إجابته الخطيرة العواقب كالأتي: إن مفهوم "الدين" بسبب عدم وضوحه وغموضه يمكن بالكاد تطبيقه عموماً على الإسلام والكاتب يوحي بصورة مضللة بأن الإسلام هو حقيقة واضحة محددة وأيضاً لا يمكن تطابق الإسلام مع الثقافات الإنسانية المختلفة وكذلك الثقافات المختلفة التي تعرف نفسها بأنها إسلامية لا يمكن تصنيفها هرمياً تراتبياً على أساس القرب أو البعد من إسلام متصور.

ولا يبقى سوى التعريف الشائع للإسلام بالممارسات المفروضة والتي نعرفها من خلال الأركان الخمسة. وهذا أيضاً موقف غير مقنع، فبنظرة نقدية دقيقة فإن الجزء الوحيد من الأركان الخمسة والذي لا يزال باقياً كرمز لكل المسلمين هو الشهادة وهي (بصيغة مختصرة) "أشهد أن لا إله إلا الله" [واشهد أن محمداً رسول الله – المترجم].

والذي لا يعترف بالشهادة لا يعتبر في الواقع مسلماً وهذا التعريف للإسلام من الشهادة له قيمة فقط هنا عندما يوضع كإطار حضاري وبكلمات أخرى حتى نصل إلى الصيغة الإيجابية لنظرية كرا مصطفى: بالتأكيد يمتلك الإسلام في محوره بعض ممارسات وأفكار أساسية ولكن الأهم أدراك الروح الديناميكية التي تجعل المسلمين دائماً في ظروف تاريخية محددة أن يجمعوا على هذه الممارسات وبؤرة الأفكار ويجب على المرء أن لا يضعها أيضاً في صيغة صارمة سواء كانت غير تاريخية أو مثالية متخيلة. وبكلمات أخرى "الإسلام مشروع حضاري تدرجي ويتطور من داخله تراث حضاري والذي ينتج من بوتقته إمكانية مشاريع اجتماعية وثقافية لا تحصى للحياة الإنسانية على الأرض" (Karamustafa، 2003، ص 109)

من هذا المنظور تنشأ حسب كرا مصطفى نتائج منها: إذا فهم الإسلام كمشروع حضاري يتجلى كظاهرة ديناميكية تتطور من داخله والتي لا يمكن بأي أسلوب تحديدها أو تجسيدها. وهذه الحقيقة أي الظاهرة التي يطغى عليها النداء الإسلاموي غير الواقعي والوهمي لتأسيس الإسلام الحقيقي أو لاتحاد سياسي أيدلوجي لكل المسلمين، يجب الاحتفاء بها.

إن الرؤية التي عرضت هنا عن الإسلام، تظهر الإسلام كتراث حقيقي عالمي متطور وكتراث لا يحتاج أن يبتعد عن أي جنس أو لغة أو ثقافة. أو بقول أخر تتيح لنا هذه الرؤية تقدير واحترام الأبعاد المتعدية للثقافات والإثنيات والقوميات أو باختصار الأبعاد الإنسية (الإنسانية) للإسلام. وبجانب ذلك ينظر للإسلام كتراث متفاعل ومتداخل، فهو يضرب جذوره في الثقافات التي يتصل بها، فيشكلها ويصلحها، ولذا توجد ثقافات إسلامية أخرى أيضاً على الكرة الأرضية وكلها شريكة متساوية في بناء وتجديد التراث الإسلامي الحضاري.

4.2. إسلام النقد – إسلام عارٍ من التبرير (الاعتذار)

يشير إبراهيم موسى وهو وأحد من أهم أصحاب التيار التقدمي للفكر الإسلامي والمحاضر بجامعة ديوك في شمال كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية إلى الملامح الرئيسية للفكر التقدمي ويقارن بينه وبين فكر الحداثيين المسلمين في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، الذين اعتبروا الحداثة حليفتهم وأعطوا العقلانية بصورة خاصة قيمة عالية، ومثلَ العقل لهم أهم معيار كسلاح قاطع في معركتهم مع الغرب، واستخدموه أيضاً في مكافحة الخرافات والعادات الشعبية المتدنية وكذلك توسموا من المعيار العقلاني التحرر من أية مرجعيات دينية خارجية، سواء كانت صوفية أو لاهوتية أو تعاليم شريعة، بالإضافة إلى ذلك اعتقدوا بإمكانية توصلهم مباشرة بواسطة الطرق العقلانية إلى الرسالة الأصلية للقرآن. ولكن لم يدرك هؤلاء المفكرون الوضوح النقدي للمعرفة الحديثة الذي أنجزته العلوم الإنسانية الحديثة. ولم يوجد بينهم بالكاد علماء كانوا على إدراك واستعداد ومقدرة لتطبيق علم التاريخ النقدي وعلم الأدب النقدي وعلم الاجتماع وعلم النفس في مجال تأويل القرآن والسنة وكذلك مجال التاريخ والنظم الاجتماعية ومجال فهم علم الكلام وعلم القانون.

لقد راودهم الخوف المشروع بأن القبول التام للحداثة كتقليد فلسفي ربما يؤدي إلى تفتيت الإسلام كعقيدة، كما عاشوا على قناعة بأن علم المعرفة ما قبل الحداثة المتأصل في علم الكلام وعلم الفقه يستطيع أن يقاوم تدمير الحداثة أو بالأحرى يمكن أن يتوافق بصورة أفضل حتى مع علم المعرفة الحديثة.

إلا إن هذا التحايل، بالرغم من حسن النية، يتسم بالسذاجة، إذ أن غالبية هؤلاء المصلحين اعتبروا الحداثة وموروثها الفلسفي مجرد أداة لتشجيع وشرح تقاليد ومعرفة ما قبل الحداثة للدين. وهذا يوضح بأنهم لم يعرفوا أو تجاهلوا الحداثة في مداها الشامل.

إن الطريق إلى تحليل جديد ومقنع يتعدى الأوضاع المشار إليها، يستلزم قبل كل شئ، حسب إبراهيم موسى، تجنب خطأين تتصف بهما المدونات الحديثة.

أولاً: التجسيم (بالإنجليزية Reification) في مثل هذا الفكر تُختزل وتتحول التجارب والممارسات الذاتية إلى سلسلة من مشروعات وأفكار وأشياء. ولهذا ليس نادراً التصور المثالي للموروث القديم فيما يتعلق بالفترة الأولى لتاريخ المسلمين والقول بأن روح الإسلام تكمن في العدالة والمساواة والإنسانية، وهي كقيم منفردة أو مركبة مع بعضها البعض تُمثل طبيعة، جوهر الإسلام الذي من خلاله يُفهم أيضاً ما يأتي بعد ذلك ولكن فات عليهم اطلاعنا بدقة وعموماً متى وإلى أي مدى كانت هذه القيم واضحة بالفعل في السلوك والممارسات اليومية للمسلمين القدامى.

ثانياً: يجب تجاوز العقلية التبريرية المسيطرة الآن، حيث توجد عناصر بطريركية (أبوية) التركيب وسلوك حياتي وقناعات مصوغة في القرآن والسنة يتم تفسيرها بمنهج استبعادي وغير مقبول. ومن خلال عقدة النقص غير الصحيحة عن الحاضر والهروب أمام التاريخ والهروب من الفهم النقدي له.

إن أصحاب هذا المنهج في التفكير من المسلمين لا يؤمنون بتجربتهم الشخصية في الحاضر ويرفضون اتخاذ هذه التجربة الحية كحافز لهم للعمل على التجديد والتحول والتلاؤم. وهذا له علاقة بالاعتقاد المرضي بتفوق الماضي وعدم قدرة أغلب المسلمين اتخاذ الحاضر، الذي هو ثمرة النهضة والإنجازات الكبيرة في ميدان العلوم الإنسانية الحديثة، كفرصة طيبة لتطوير الإسلام.

4.3. البحث عن القيم الخلقية التي يعارضها أصحاب السلطة

لقد قدم خالد أبو الفضل المحاضر المحاضر بكلية القانون كاليفورنيا/لوس أنجلوس (UCLA) في كتابه الموسوم "التحدث باسم الله" (أبو الفضل 2003)، دراسة نقدية للأسس الأخلاقية للنظام القانوني في الإسلام. وكما يقول اليوم فان هذا النظام القانوني للإسلام الذي قام على التفسير السلطوي للقرآن والحديث، أسفر عن عواقب وخيمة لقطاعات في المجتمع الإسلامي وخاصة بالنسبة للنساء. ويخشى أبو الفضل بأن هذه السلطوية للقانون الإسلامي أضاعت عملياً ليس فقط أي اندماج واحترام فحسب بل أيضاً التطبيق والديناميكية للقانون الإسلامي في العالم المعاصر. وبجانب التبرير للفاعلين النشطاء والدغمائية المشلولة (التعصب العقلي) لخبراء القانون الإسلامي المعاصر لم يبق الآن سواء القليل من التراث الثمين والشامل للقانون الإسلامي. فإذا كان هذا يمثل أساس المنهج الذي يعكس حياة دينية تلتمس الإلهي وكمشروع يدبر ويوازن جوهر قيم الشريعة والتطلع إلى حياة أخلاقية، إذن يجب الإقرار حسب قول "أبو الفضل" بأن الشريعة قد انهارت بل اختفت عبر القرون الثلاثة الأخيرة وخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين.

وبالنظر إلى آثار الأحكام الإسلامية المتعلقة بالنساء يصل أبو الفضل إلى نتيجة قاتلة وهو يُقيم أقواله النقدية من بين وكمثال، الأحكام التي تصدرها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء التابعة للمملكة العربية السعودية والمنوط بها تقديم الفتاوى الإسلامية ولها سلطانها القوي في نشر الفكر السلفي والفكر الوهابي في جميع أرجاء العالم ومن هذه الفتاوى على سبيل المثال: تحريم زيارة المرأة لقبر زوجها وتحريم صلاتها بصوت مرتفع وتحريم قيادتها للسيارة وتحريم سفرها بدون محرم، بدعوى أن مثل هذه الأفعال تمثل بالضرورة إغراء غير محتمل للرجال وهذه الأمور تمثل لأبي الفضل إشكالية أخلاقية ويتساءل بلهجة لطيفة: إذا كان الرجل بمثل هذا الضعف، فلماذا تدفع المرأة الثمن؟

ولأن النظام القانوني لا يعمل في فراغ أخلاقي، يجب على المسلمين طبقاً لأبي الفضل أن يفكروا بجدية في ذلك ويحددوا التصورات الأخلاقية للقانون الإسلامي الذي ينبغي الاسترشاد بها في زمننا هذا.

ما هو الأمر أو ماذا يتمخض عن مثل هذا النوع من الأحكام القانونية؟ وعندما يقال بأن مثل هذه الأحكام ليس لها أي علاقة بالدين وإنما هي نتاج يُمثل تماماً البطريركية الثقافية الاجتماعية للفضاءات المحيطة، وهذا يمكن الاتفاق عليه فقط، ولكن بمعنى أخر وبحدة غير متوقعه يضيف أبو الفضل: "أنه ليس من الأمانة الادعاء بأن هذه الأحكام لا يوجد لها سند في المصادر الإسلامية وكما وضحت هذه الدراسة فهناك سند لها في عدة سوابق وعادات. ولكن يمكن للمرء أن يبرهن بأسس موضوعية بأن هذه الأحكام لا تتفق مع الأخلاق الإسلامية". (أبو الفضل 2003، ص 270)

إذا كان الإسلام رسالة كونية كما يحاجج أبو الفضل، فإذن يجب أن يكون خطابه عن أسئلة الأخلاق والعدالة ذا بصيرة وعقلانية خارج الحدود الضيقة لثقافة قانونية خاصة في محيط ثقافي محدد. وأبو الفضل لا يمثل فكرة وضع قانون كوني عام ولا إلغاء أي خصوصية ثقافية ولكن من ينادي بالعمل في عبادة الله لابد أن ينادي بالعمل في خدمة العدالة ومن ينادي بخدمة العدالة لابد من أن يعمل على تحقيق قيم العدل والأخلاق والقيم الإنسانية.

4.4. الضرورة الملحة لإصلاح القانون الإسلامي وخاصة فيما يتعلق بحق حرية العقيدة الدينية

إن المفكر السوداني المُؤثر والمقيم حالياً في الولايات المتحدة عبد الله أحمد النعيم يشعر كمسلم بأنه عاجز عن قبول قانون الردة بوصفه جانباً من قانون الإسلام اليوم. لو اعتبر الرأي الشائع عن الردة سليماً اليوم، لجاز إعدام المسلم في دولة إسلامية معينة لتعبيره عن آراء ترى الغالبية العظمى من سكانها إنها ترقى إلى مستوى الردة. وعلى سبيل المثال، فأنه من بعض المنظورات السُنية، تشكل أراء كثيرين من مسلمي الشيعة ردة عن الإسلام، في حين تشكل آراء الكثيرين من مسلمي السُنة من بعض المنظورات الشيعية ردة عنه. ولو طبق اليوم قانون الشريعة الخاص بالردة لجاز الحكم بإعدام بعض مسلمي الشيعة في دولة سُنية والعكس أيضاً. ولا مبالغة في ذلك مطلقاً فالنظرة الفاحصة للتاريخ وحتى زمننا هذا تثبت ذلك. ويضيف النعيم ما دام قانون الشريعة العام يعتبر في الواقع الشكل الإسلامي الوحيد الساري للقانون الإسلامي، فأن معظم المسلمين سيجدون صعوبة بالغة في الاعتراض جهراً على أي من مبادئه وقواعده، أو مقاومة دلالاتها العملية، مهما بدأت لهم هذه المبادئ والقواعد شائنة وغير مناسبة. إن الشريعة "صيغت" من فقهاء مسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى لظهور الإسلام، ورغم أن الشريعة مستقاة من المصادر الإلهية الأساسية بالإسلام، القرآن والسنة، فهي ليست إلهية، حيث أنها نتاج تفسير بشري لهذه المصادر. وعلاوة على ذلك فقد تمت هذه العملية طبقاً لتفسير بشري في سياق تاريخي معين، يختلف جذرياً عن السياق الذي نعيشه حالياً. لذلك فإنه بوسع المسلمين المعاصرين الاضطلاع بمهمة مماثلة من تفسير وتطبيق القرآن والسنة في السياق التاريخي الراهن حتى يخرجوا بقانون إسلامي بديل، يناسبهم تطبيقه اليوم. ويكتب النعيم: "إن قناعتي كمسلم بأن القانون العام في الشريعة لا يمثل قانون الإسلام الذي يطالب المسلمون المعاصرون بتطبيقه على أساس أن هذا التطبيق التزام ديني" (AN-NAIM، 1996، ص 187)1

وهو يقترح منهجية للإصلاح تقوم على قاعدة منفتحة على مبدأ التطور "evolutionary Principle" وأيضاً على الآراء الأساسية لأستاذه المفكر محمود محمد طه2. ولكن يضيف النعيم: وسواء قبل المسلمون المعاصرون أو رفضوا هذا المنهاج المعين، فإن الحاجة إلى إصلاح جذري للقانون العام في الشريعة ستظل قائمة دون منازعة. (AN-NAIM، ص 186)

5.     التحدي الأصولي: القراءة التأويلية للقرآن

يذكرنا دائماً المفكرون التقدميون للإسلام المعاصر أو "المفكرون الجدد"، بأن القرآن كتاب مفتوح للمسلمين وغير المسلمين جميعاً. فالقرآن يخاطب جميع الناس، فقراءته والاستماع إليه يمثل التحدي للاهتداء القويم للإيمان (الصِّرَاطَ المُستَقِيم) وبجانب ذلك فأن القرآن كما يؤكد محمد أركون، والذي ينادي به اليوم "الملايين من المؤمنين لتأمين شرعية سلوكهم ولتدعيم كفاحهم، تقوية قناعاتهم الإيمانية والاتفاق على الهُوية المشتركة في مواجهة القوى المتحدة للحضارة الصناعية" (ص 1، 1982،ARKOUN)

بهذا المعنى يحتاج جزء كبير من عالمنا إلى فهم صحيح للقرآن.

فالقرآن يبقى كواحد من الكتب التي تغني الذاكرة وعالم الخيال (المخيال) للبشرية. إن المفكرين المعاصرين يتلقون الآن بوعي الأسئلة المتعلقة بالقرآن التي نتجت من وجهات النظر المعاصرة والخطابات العلمية، ويتساءل بعضهم كيف يستطيع المرء الحصول على مداخل أو استشهاد بنص معين معقد، نص يختلف في مشاعره وتصوره للعالم، اختلافاً جذرياً عن بعض تصوراتنا؟

ويجيبون على هذا التحدي باستخدام المنهج التاريخي النقدي والذي يهدف إلى تخطي الفترة الزمنية التي تباعد بين القارئ والمستمع الحالي وبين نص من القرن السابع. إن المنهج التاريخي النقدي يحاول وضع النص في سياق تكوَّنه.ويرى أن القرآن هو جزء من التاريخ. فالقرآن كلام الله ولكنه موصوم بالتاريخية. إن تاريخيته كما عبر بن زين "متجسدة" في تلاصق النص (طبيعته وتركيبه). هذا النص المتلاصق يأخذ شكل خطاب مترابط شبكي كثيف (بالفرنسية maillage) (والذي يتألف من كلمات وأقوال وتنبؤات وعلى نحو ما نزل على قلب وعلى لسان النبي)، ثم صار مخطوطاً وأخيراً كتاباً. (BENZINE، 2004، ص 278)

ومعنى ذلك أن الله وضع كلمته في قالب لغوي بشري وضمن ثقافة معينة، وجمع الناس كلام الله ثم وضعوه بين دفتي كتاب: فالمصحف كما هو معروف يمثل مجهوداً جماعياً. وطبقاً لهذا التصور الجديد، فالقرآن يتحدث عن حقائق أزلية ولكنه ينقلها لنا في صورة ثقافة معينة لا كونية وهي ثقافة عرب الحجاز في القرن السابع والثامن.

هناك آخرون يريدون أن يعرفوا كيف يتكلم النص ويؤدي وظيفته؟ فهذا الخطاب الإلهي في "لغة بشرية" يعرض كمدونة كلية تحتوي على كلمات وجمل منسوجة بشكل بليغ ومرتبطة مع بعضها البعض، ولذلك فالقرآن يمثل في هذا الإطار تحفة أدبية وخطاب أخلاقي ورمزي وتقرير تاريخي وكذلك يمتد إلى خطاب من رموز وأساطير وأيضاَ إلى أحكام قانونية قليلة. وطبقاَ لذلك تأتي في القرآن أشكال أدبية مختلفة تختلف حسب الموضع الذي تواردت فيه.

وحالياً يلزم لفهم القرآن فهماً صحيحاً استخدام علم اللغة وعلم الأدب، وعلى ذلك تركز مجموعة من المفكرين الجدد ومنهم بالأخص المصري نصر حامد أبو زيد (مولود عام 1943) أستاذ الآداب والمحاضر حالياً في لأيدن (هولندا). ومن بين المناهج الأدبية تُجيز التحليلات البلاغية والسردية للمؤمن، مستندة إلى النص في صياغته النهاية، إضفاء العصرنة (التحيين بالألمانيةAktualisierung ) الضرورية على القرآن في الحياة.

إن الأشكال الأدبية للقرآن تحتل أهمية بالغة لأنها تعطينا معلومات عن كيف استخدم النص الحالي في سياق تكوُنه وما هي الوظائف التي حققها وقتها. بينما هنا تسيطر وظيفة الفهم، تظهر هناك وظيفة المقدس، بينما في مكان آخر تتجلى "فقط" متعة كلمة الله المسموعة. ولذلك يمكن من خلال أساليب النص وفي أماكن متفرقة الحصول على الأجوبة التي أعطيت على أية هموم خاصة بذلك الوقت.

ولكن سواء الأمر يتعلق بالقرآن أو بأي نص آخر، فلكي يفهم المرء لا يساعد في ذلك معرفة أسباب كتابته وما نجده في البيئة المحيطة به (علم الأنثربولوجيا، علم الآثار، علم الكتابات والبيئة السياسية والاجتماعية وتاريخ الثقافة) فحسب بل معرفة تركيبه الأدبي (مفرداته، قواعده، أسلوبه وعلاقته باللغات السابقة عليه والمحيطة به). أن قراءة وفهم النص يجب أن لا يختصر على معرفة تَشكله وإنما أولاَ من اتحاد كل العوامل التي جاء ذكرها سابقاً وثم بعد ذلك من قراءته. إن الدراسات التأويليه تظهر الغامض من القرآن، لأن فعل القراءة وكأنه ينتج المعرفة والمعنى. إن القراءة أو السمع هو في البداية نشاط يقوم به في الأساس القارئ أو المستمع. ولا توجد قراءة بدون قارئ ولا استماع بدون سامع. ومعنى النص يوجد في البداية عند المستمع /القارئ وتوجد رغبة أخاذة حميمية عند البعض لتفكيك النص لمعرفة كيف يؤدي وظيفته. ولكن مثل هذه "الآلية الميكانيكية" ليست كافية للوصول إلى معنى النص، فالنص يبدأ أولاً في الوضوح على حقيقته للمستمع أو القارئ عندما يصل القارئ إلى قناعة بأن أحد أجزاء أو أحد جوانب النص تتفق على الأقل مع تجربة عاشها أو شاهدها. إن المستمع أو القارئ هو الذي يكتشف تدريجياً في نسيج النص الطرق التي تجذبه إليه. ومما تقدم يظهر: أنه لا توجد طريقة للولوج إلى النص القرآني - مثله مثل ٍأي نص آخر مقارن به – إلا من خلال منظور ثقافة جزئية أي ثقافة القارئ أو المستمع.

إن الفهم وحتى الجيد منه، يبقى دائماً مرتبطاً بطبيعة القراءة غير المكتملة والانحياز (التحزب) الذي يلازم كل قارئ. فكل قراءة هي قراءة سياقية. ولذلك لا توجد منهجيات تسمح باستنتاج فهم واحد "موضوعي" من أي نص معروف. فالقرآن لا يمكن أن تختصر قراءته على منظور واحد. ولذلك لا توجد قراءة حقيقية واحدة لكل الأزمنة.

 6.     بعض الملاحظات الختامية

6.1. المنهج التاريخي النقدي والعقيدة الدينية

بالنسبة للفكر التقدمي الإسلامي لا يوجد تعارض بين الدراسة العلمية والتحليل الأدبي وبين دراسة القرآن دراسة دينية إيمانية. بل يقول أصحاب هذا التيار بأنفسهم، بأن هذا المنهج يثري ويكمل التحليل العلمي ويعطيهم الأساس الفكري السليم. إن المعلومات المستقاة من النصوص لا تقدم من نفسها الفهم الديني الصحيح لكلمة الوحي. لكنها تريد وتستطيع أيضاً أن تساهم في الوصول إلى ذروة فهم النص وبذلك المعنى الديني الصحيح الذي ينسب إلى رسالة الوحي. وعندما يبين المفكرون التقدميون الأبعاد الرمزية والميثولوجية في الخطاب القرآني فإنهم يبرزون كذلك كيف تشكل القرآن كحقيقة أزلية. لا توجد ثقافة دينية بدون أسطورة (بالألمانية Mythus). فالأسطورة ترمز وتشكل أحد أبعاد وعينا في الحاضر والمستقبل. فالقرآن يتمتع بقيمة دائمة لأنه يروي قصص والمؤمن يجد بينها ما تحكي قصته الذاتية. وليس كل القصص التي وردت في القرآن تتمتع بقيمة خارج إطار الزمن الذي حدثت فيه. ولكن الأحداث التي رواها القرآن لها تأثيرها على حياة الفرد وحياة الجماعة في الحاضر والمستقبل.

 6.2. المنهج النقدي الجديد وأهميته في تحقيق شعور روحاني أصيل

عندما نتحدث عن منهج جديد وسليم لتفسير القرآن، فلا يعني هذا أهمية الجانب المعرفي والفكري فحسب، بل نلامس أيضاً قيمة الإيمان والتدين في علم الدين الإسلامي والفكر الديني الإسلامي. وكذلك توجد في الواقع أيضاً وجهة نظر أخرى وما يتبعها من منهج للتفسير، التي تفهم القرآن، ليس باتباع الحديث إليه فحسب وإنما حتى ما يستنبط من قواعد قانونية شرعية واعتقاديه، وهذا يقود المؤمن إلى أن تقتصر علاقته مع النص على ما يستفيد منه فقط هو. وفي هذه الحالة لا تتخطى العلاقة مع القرآن، أبعد من استخدام النص لإرضاء الضرورات الشرعية والدغمائية السارية المفعول. أن الخطورة من هذا الأمر تجعل الموقف من القرآن قائم على الجانب النفعي فقط. وهذه العقلية تؤدي إلى تضييق أفق الإيمان، فمثل هذا المسلم لا يرى في علاقته مع القرآن سوى الجانب السطحي والنفعي. إن هذا الإيمان الذي يتشكل من منبع هذه العقلية وهذا التفسير يقوم على شعور متكرر لا يرقى إليه الشك وبكلمات أخرى، مثل هذا الإيمان لا يمس الشعور الداخلي للمؤمن ولا يعبر عن أسئلته وشكوكه وحيرته ولا عن التوق والتشوق إلى طريق ذاتي وروحي. وهنا تقتصر ديناميكية الإيمان على الضرورات الأولية والسطحية ويرى ما تبقى كأغراءت (هلوسة) من الأفضل كبتها. يتركز الإيمان في هذه النظرة على ما هو ثابت وبطمانية يردد ما هو موروث. في حالة حدوث أزمة يؤدي هذا المنهج إلى نتيجتين: إما الاستهانة (اللامبالاة) أو العنف. فالاستهانة تأتي من المؤمن الضعيف في قناعاته وغير القادر على تحمل آي مسؤولية حقيقية وشخصية. أما العنف فيصدر من المؤمن الذي يتوهم ويتصور بأن قيمة التدين تكمن في العناد والتصميم بالدفاع عن الأحكام بمعناها الحرفي وعن شكل العلاقات المؤسسة، ولا يهم هنا ما هو الشكل الحقيقي لهذه المغامرة لتأمين والدفاع عن هذه الأحكام. أما المنهج التأويلي الذي يخضع إلى وجهة نظر أخرى، فانه يسلك الطريق النقدي والتاريخي ويستعيد للنص الموحي حيوية لغته ورموزه وعقلانيته وقوة روحانيته. وربما أذن أن ينفتح مجال لأسلوب تدين جديد يتأسس على يقين، منفتحاً أمام الأسئلة والتساؤلات وفخوراً بالانتشار الواسع للقرآن ومدركاً بوعي بأن هذا الانتشار يمكن أن يعطي للمؤمن زيادة في التواضع والانفتاح حيال الأخر، أياً كان ومهما كانت ماهيته. إن هذا المنهج في التفسير في العصر الحديث جاء نتيجة للتطور التدريجي في الفكر الإسلامي وقد تأثر هذا المنهج بالعلوم الإنسانية والاجتماعية التي تطرح التساؤلات والتي ينتج عنها الكثير من التحولات. وهي تشير إلى القوى الخلاقة التي وصفها صوفي مغربي معاصر بإيجاز بقوله: "ما يتعلق بالنص فقد بلغ نزول القرآن التدريجي (التنجيم) في الحقيقة هدفه. غير أن هذا لا ينطبق بالنظر إلى مغزاه". (Zit. In: ENNAIFER، 1998، ص 105)

6.3. "من الذي يتكلم نيابة عن الله؟" السؤال حول الإجماع والسلطة المذهبية

في لقاء تم منذ ثلاثة سنوات بين مفكرين مسلمين ومسيحيين بدعوة من كبير أساقفة كانتربري (Canterbury) في لندن حول موضوع "بناء الجسور" عبر الأمير الحسن بن طلال من الأردن عن وجهة نظره علناً بقوله:

"إذا لم يجد الإسلام السني في السنوات القادمة طرقاً وأسلوباً ليتكلم بصوت واحد عن الأسئلة الأساسية للعقيدة وتطبيقها (مما يعني أيضاً الشريعة) فإذن لن يكون له أي فرصة دائمة كعقيدة أن يساير التطور في العالم الحديث".

أيا كان ما يراد من هذا الأمر، فهناك سؤالان الآن سواء نطقنا بهما أم لا يلازمان دائماً الفكر التقدمي في الإسلام المعاصر.

السؤال الأول: كيف يتكلم الله؟

السؤال الثاني: من الذي يتكلم نيابة عن الله؟

إن الأصوات التي تحدثت في هذه الورقة والتي تم اختيارها عفوياً واعتباطياً باستثناء أبي الفضل، عالجت في المرحلة الأولى نواحي السؤال الأول.

كما أن الأحكام التي عرضت هنا للفكر الإسلامي التقدمي تطرح اليوم وأكثر من ذي قبل أيضاً السؤال الثاني بالذات الذي لا يمكن تحاشيه – من الذي يتكلم نيابة عن الله؟

إذ أن أساس القرآن المحدد والواضح نسبياً في تفسيره الحرفي أو اللاحرفي في التفسير الذي ظفر به من المائتي سنة الأولى، لم يعد يعتبر مقدساً وملزماً ومخذولاً من النزوع إلى تفسير مماثل أو شخصي مبرراً بتفسير روح النص، يطرح السؤال الضروري نفسه عن شرعية لمثل تفسير جديد ومطرد كهذا.

وفي الوقت عينه يثور السؤال الذي لا يمكن تجاهله عن المقياس والمعايير للفهم الصحيح للقرآن وكذلك الوحي الآلهي في زمننا. بجانب ذلك يُطرح أمام الإسلام كظاهرة اجتماعية وسياسية السؤال القديم والجديد الدائم عن الإجماع: هل ثمة مذهب لاهوتي مثبت للملة الإسلامية (أمة لاهوتية Ummatologie) إذا صح التعبير أي لاهوت إسلامي يوحد الأمة ويجسد إجماعها، وما هو دور هذا الإجماع وشروطه وضوابطه المحددة، وما هي أهلية هذا الإجماع لتحقيق مهامه عندما يتعلق الأمر بتجسيد إرادة الله ونقلها من مجال الأيمان والأخلاق لتكريسها في مجال الفعل في عصرنا هذا؟

أليس الأمر كذلك بأن أولئك الذين يدافعون عن الأفكار التقليدية التي تتبنى سلطة النبي أو بالأحرى كلمة الله التي وصلت من خلاله، وأولئك الذين يضعون ذلك موضع تساؤل أساسي إنما هما في النهاية يختلفان حول أحقيتهما ويدعيان تبني سلطة النبي أو بالأحرى نصوص الوحي التي ينقلها النبي كوسيط.

وأخيراً هل أجد نفسي كمجرد مراقب للمناقشات الإسلامية الداخلية المعاصرة بطرح هذه الأسئلة أقف خارج الحلبة.

1 – الكتاب صدر أيضاً باللغة العربية بعنوان: نحو تطوير التشريع الإسلامي ترجمة وتقديم حسين أحمد أمين عام 1994 دار سيناء للنشر، القاهرة

2 - الأستاذ محمود محمد طه اعدم ظلماً في السودان في يناير عام 1985، بسبب اعتراضه على أسلوب تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان أثناء حكم الطاغية جعفر

نميري (المترجم)

7.     مراجع مختارة


أزمة اليمين في مصر: من مبارك إلى الإخوان

$
0
0

قد يكون من المبكر القطع بتوجه الإخوان الاقتصادي، وموقفهم النهائي من قضايا العدالة الاجتماعية والنمو والتوزيع ودور الدولة في الاقتصاد إذ أن البرلمان الذي حظيت فيه الجماعة بأكثرية نسبية كان قصير العمر كما أن الرئيس المنتخب محمد مرسي لم يقض أكثر من شهر فحسب في المنصب الجديد. بيد أنه بالإمكان الحديث عن الميول العامة والتصورات الحاضرة لدى جماعة الإخوان فيما يتعلق بالسياسات العامة الاقتصادية والاجتماعية من واقع برنامج حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة ومشروع النهضة والبرنامج الانتخابي للرئيس مرسي. ولا شك فإن هذه الوثائق مضافاً إليها ما صدر من قرارات وقوانين ومشروعات قوانين عن البرلمان المنحل ومن الرئيس حديث الانتخاب تكشف لنا بشكل مبدئي ومبكر عن طبيعة الانحيازات الاجتماعية والسياسية التي تراهن عليها قيادات الإخوان في الوقت الحالي، كما تكشف عن التصورات الأولى للتحالف الاجتماعي المنتظر إنشاؤه في سنوات حكم الإخوان القادمة. 

واستناداً لما سبق فإن التصورات الإخوانية الاقتصادية والاجتماعية تبدو محافظة بمعنى عدم قيامها على تغييرات جذرية لا في علاقات الملكية (غلبة القطاع الخاص ومد دوره الإنتاجي والتوزيعي) ولا في علاقة الدولة بالسوق ولا كذلك في علاقة مصر بالاقتصاد العالمي ممثلاً في التجارة وانتقالات رؤوس الأموال والالتزام بمشروطية المؤسسات المالية العالمية كالصندوق والبنك الدوليين وهيئة المعونة الأمريكية. وقد عبر خطاب القيادات الإخوانية عن رغبة في استمرار السياسات الاقتصادية على ما كانت عليه قبل الثورة مع التشديد على مكافحة الفساد والمحسوبية، وهو ما يعني استمرار الخط النيوليبرالي العام الذي سلكته الحكومات المصرية المتعاقبة منذ تبني برنامج الإصلاح الهيكلي في مطلع التسعينيات. ويطرح المقال تساؤلاً استشرافياً حول إمكانية إبقاء النخبة الإخوانية الجديدة على نموذج النمو النيوليبرالي ما بعد الثورة. وما هي العوائق التي قد تحول دون هذا الاستمرار مع انفتاح المجال السياسي، وانهيار النظام القمعي، والتمكين الانتخابي لشرائح عريضة من المصريين حديثي التسيس في خضم إلحاح القضايا الاجتماعية والاقتصادية؟ 

خيار الإخوان: النيوليبرالية كخيار عملي لا أيديولوجي 

يحلو لبعض المحللين والمتابعين لمواقف الإخوان الاقتصادية القول بأن للجماعة مواقف تميل لليمين الاقتصادي المحافظ بمعنى الانحياز للمستثمرين ورجال الأعمال، وخاصة رأس المال الكبير والأجنبي، ومساواة التنمية الاقتصادية بمعدلات نمو مرتفعة دون النظر بشكل جدي لآليات التوزيع بجانب عدم النظر بعين العطف على مطالب الحريات النقابية وحقوق العمال. وكلها ملامح تشي بأن للإخوان أيديولوجية رأسمالية على غرار الحزب الجمهوري الأمريكي على حد قول زينب أبو المجد. وقد أرجع البعض هذا التوجه لطبيعة الجماعة المحافظة، والتي لا تتبنى تصورا واضحا عن حقوق المهمشين الاقتصادية والاجتماعية بقدر ما تملك برنامجاً هوياتياً يخص علاقة الإسلام بالمجال العام والدولة. وأبرز هؤلاء المحللون دور رجال الأعمال داخل جماعة الإخوان المسلمين، وخصوا بالذكر أناساً كخيرت الشاطر وحسن مالك باعتبارهما من رجال رأس المال الكبار الذين كونوا ثروات طائلة من خلال الانخراط في أنشطة التجارة والاستيراد من ناحية، والدخول في شراكة مع رؤوس الأموال الأجنبية وخاصة الخليجية من ناحية أخرى مما يخلق لهم مصالح خاصة لاستمرار ذات التحولات النيوليبرالية بل وزيادة اندماج الاقتصاد المصري في تقسيم العمل الدولي. وإذا مدت هذه التحليلات على استقامتها يصبح الإخوان في واقع الحال ورثة مشروع جمال مبارك مع كونهم أكثر قدرة منه على إنجاز المشروع بحكم تمتعهم بتنظيم حزبي قوي يضمن لهم الأغلبية الشرعية عبر الانتخاب واستنادهم للشرعية السياسية/الدينية.

فهل الإخوان تنظيم يميني محافظ بالمعنى الاقتصادي والاجتماعي؟ هل هم النسخة المصرية من حزب المحافظين البريطاني أو الحزب الجمهوري الأمريكي؟ في تصوري أن الإجابة هي بالنفي. فمحافظة الإخوان المسلمين ليست أيديولوجية بقدر ما هي نابعة من حسابات عملية تتعلق بالأساس بمصالح الجماعة وبطبيعة المرحلة من حيث انتقال السلطة والصراعات المرتبطة بها منذ سقوط مبارك. 

أولها تتعلق بوضع مصر كدولة ذات غالبية فقيرة في العالم النامي. فما من إمكانية لظهور حزب لرجال الأعمال يتبنى الأيديولوجية النيوليبرالية صراحة قولاً وعملاً ويحظى بأغلبية شعبية. فالأحزاب المحافظة بالمعنى الاقتصادي تقوم على تفكيك مؤسسات دولة الرفاه – وهو ما يغيب أصلاً عن الحالة المصرية وعن أغلب الدول النامية-. وتعتمد في هذا على تأييد واسع من الطبقات الوسطى –والتي لا تشكل الأغلبية إلا في بلدان الشمال الرأسمالية- في مقابل الطبقات العاملة. وفي هذه المجتمعات تحظى أيديولوجية السوق الحر بكثير من المصداقية باعتبارها أفضل سبل تخصيص الموارد الاقتصادية بكفاءة، وباعتبار أن الحرية الاقتصادية شرط أساسي للحرية السياسية.

ومثل هذه التصورات لا سبيل لقبولها شعبياً في بلد غالبية سكانه من الفقراء في الريف والمدن من ناحية، ويرتبط تقليدياً برباط أبوي مع حكامه من ناحية أخرى قوامه اضطلاع الدولة بتوفير سلع وخدمات أساسية تفي بالإعاشة (من عينة الخبز والزيت والكيروسين والسولار) من ناحية أخرى. ويضاف إلى هذا أن حزب الإخوان المسلمين قد وصل للسلطة في أعقاب انهيار نظام مستبد طبق سياسات نيوليبرالية على استحياء لعدة سنوات (2004-2008)، ومع محدودية الإصلاحات هذه فقد أدت إلى تفجير موجة عاتية من الاحتجاجات الجماهيرية التي انتهت بالإطاحة به، ولا تزال الاضرابات والاعتصامات والتظاهرات العمالية مشتعلة في ظل انهيار الدولة الأمنية على نحو يضع قيودا سياسية جمة على تصور نيوليبرالي واسع، وإلا عد من باب الانتحار السياسي لتنظيم يعتمد على نتائج الانتخابات في المقام الأول لتأمين موقعه في السلطة.

مأزق التبرير السياسي للنيوليبرالية 

ليس بوسع حزب يسعى للهيمنة على المجال السياسي الجديد في مصر أن يعلن صراحة عن اتباعه أيديولوجية اقتصادية محافظة أو نيوليبرالية. وإنما سيتم دوما تبرير استمرار الإجراءات والسياسات النيوليبرالية ليس بذاتها وإنما بأثرها على الخير العام أي الحديث عن ضرورة استمرار عمل القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية بما يحقق معدلات للنمو وخلق فرص عمل ومن ثم تحسين مستويات المعيشة ورفع الدخول للغالبية من المصريين خاصة الطبقات الوسطى التقليدية في الريف والمدن، والتي لا تزال تملك خيالاً ناصرياً للغاية للعدالة الاجتماعية من حيث ملكية الدولة لوسائل الإنتاج (القطاع العام)، والتزام الدولة بتقديم خدمات عامة مجانية من قبيل العلاج والتعليم مع وضع حد أقصى وأدنى للأجور وهلم جرا. 

ومن هنا فإن حزب الأغلبية الإخواني ببرلمانه المنحل ورئيسه المنتخب قد ورث في حقيقة الحال الحزب الوطني لا بشبكاته وفساده ومحاسيبه، ولا بتفككه وترهله واعتماده الكلي على الأجهزة الأمنية، وإنما بأزمته في إنتاج خطاب يبرر التحول الرأسمالي، وبالتالي تفكيك مكتسبات الطبقات الوسطى والعمالية من العهد الناصري، دون أن يفقده هيمنته السياسية. وهذه المفارقة الرئيسية هي التي قد تفسر كم التناقضات التي يحويها الموقف الإخواني المبدئي من مسائل الاقتصاد والعدالة الاجتماعية. والتي تتجلى في برنامجه الحزبي وفي مشروع النهضة وفي العمل البرلماني الإخواني. وهي تناقضات لا تشبه سوى مواقف الحزب الوطني في جمعها لمكونات متضاربة للسياسات والقرارات تتأرجح من الالتزام بالتحرير الاقتصادي والخصخصة وحفز دور القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية وغيرها من ملامح الأحزاب اليمينية إلى بذل الوعود ووضع البرامج وتخصيص الموارد فعلياً لبرامج وسياسات توزيعية تقترب كثيرا من تصورات دولة الرفاه الخاصة بيسار الوسط مما يزيد من نطاق التناقضات الحاكمة للسياسات العامة. 

 

2.1-الوعود التوزيعية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية

بجانب تأكيد البرامج الإخوانية المختلفة على اقتصاد السوق الحر، وعلى استمرار العمل في إطار القطاع الخاص، وتبني نموذج تنموي يعلي من قيم النمو من خلال التصدير وجذب استثمارات أجنبية فإن ثمة ملامح توزيعية واضحة في البرامج نفسها تتمثل في التزامات على الدولة في مواجهة شرائح اجتماعية متعددة.  فعلى سبيل المثال نجد في برنامج حزب الإخوان حديثاً عن إنشاء صندوق قومي لمنح إعانة بطالة للمتعطلين وتيسير إجراءات الحصول عليها، وذلك عن طريق تشريع قانون. وهو ملمح يدل وضعه في برنامج الحزب عن وعود توزيعية لفئة عريضة من الشباب العاطل الذي تصل نسبته لقوة العمل إلى ما بين 10 و20%. وبغض النظر عن جدية الطرح من عدمه –خاصة وأنه لم تتم مناقشة أي قانون بهذا الخصوص بعد- فإن ذكر الحزب لهذا الأمر في برنامجه يعني استهدافه لشرائح من الطبقات الوسطى والوسطى الدنيا خاصة في المدن بترتيبات تقترب به كثيراً من أطروحات أحزاب اليسار ويسار الوسط، وهو ما يعني أن قيادات الإخوان المسلمين لا تتبنى تصوراً نيوليبرالياً أو يمينياً محافظاً متسقاً من الاقتصاد ودور الدولة فيه ولا فيه قصر المواطنة على الحقوق السياسية دون الاقتصادية والاجتماعية. 

وينطبق الأمر ذاته على بند "تحسين أوضاع العمال والفلاحين" من حيث التعهد بوضع حد أدنى للأجر يضمن حياة كريمة للأسرة المصرية مع "إقرار زيادة سنوية تكفي لمواجهة التضخم". وهو إجراء تماماً كإعانة البطالة لم تقره أي حكومة يوماً في تاريخ البلاد الحديث –بما في ذلك في العصر الناصري-. وهو إجراء يدفع بالحزب، على مستوى البرنامج على الأقل، إلى حكومة أحزاب يسار الوسط التي تراهن على الطبقة الوسطى من العاملين بأجر في القطاع الرسمي، والذين من المنتظر أن يستفيدوا من وضع حد أدنى للأجور علاوة على موظفي الحكومة. وينسحب الأمر نفسه على رفع الحد الأدنى للمعاشات وإقرار زيادات سنوية تكفي لمواجهة ارتفاع الأسعار. ويذهب البرنامج إلى الحديث عن توسيع مظلة التأمينات لتشمل كل المصريين، وهو اتجاه يتمشى مع وضع حد أدنى للأجور وربطه بالتضخم. وكلها ملامح لحزب عمالي وليست لحزب لرجال الأعمال. وهو ما صدر به قرار جمهوري بالفعل رفع المعاشات لكل من العاملين المدنيين والعسكريين بالدولة. 

وتتكامل تصورات الرفاه هذه في جانب من برنامج حزب الحرية والعدالة بالتأكيد على "كفالة الدولة للتأمين الصحي كاملاً ودون أدنى أعباء" و"مد مظلة التأمين الطبي لتغطي كافة طبقات الشعب وفيها يدفع الفرد مايستطيع ويحصل على مايحتاج" .وهو بالطبع طرح طموح للغاية، وإن كان ينقصه جدول زمني وبرنامج وخطة يقتضي تطبيقها سنوات طويلة. ويقر البرنامج تصوراً للرعاية الصحية يقوم على زيادة المخصصات المالية للصحة بشكل تدريجي حتى تصل للمعدلات العالمية، وزيادة دخول الفرق الطبية.والمثير للانتباه أن التزام حزب الجماعة بالتأمين الصحي الشامل لم يقف عند ذكره في البرنامج فحسب بل امتد إلى أعمال مجلسي الشعب والشورى كذلك. فنجد أن رئيس لجنة الصحة بمجلس الشورى د. عبد الغفار صالحين النائب السابق عن حزب الحرية والعدالة يصرح بأن "جميع المصريين تحت مظلة التأمين الصحي خلال خمس سنوات فقط". ونجده وقد أفاض بالقول أن الحزب يسعى لوضع "نظام متكامل ما بين 4 إلى 8 سنوات"، وأنه يسعى لتوسيع العلاج على نفقة الدولة ليشتمل على أمراض أخرى بعد قصره على أربعة أمراض فقط. . .ويتعهد كذلك بحل "أزمة الريف الصحية" من خلال إعادة توزيع الموارد المادية والبشرية. ويخلص د.عبد الغفار إلى القول بـ""طبعا تحتاج {الخطة} إلى ميزانية كبيرة، ولكننا لسنا أقل من الدول الإفريقية الأضعف منا اقتصادياً ومواردها أقل...فسنعمل على إعادة توزيع ميزانية الصحة والتعليم، التي هي عصب نهضة الأمم ولا يمكن أن يستمر نفس التوزيع الذي يعظم من ميزانية الأمن على حساب الصحة والتعليم". 

ونلمس الاضطراب ذاته في تصورات العلاقة الرابطة بين الدولة ودورها التدخلي في الاقتصاد ونظام السوق الحر فثمة ذكر واضح لدور الدولة في مواجهة الغلاء والقضاء على الفقر والبطالة وتقديم الخدمات العامة الأساسية من مرافق وتعليم ورعاية صحية ونقل ومواصلات. ويتناول البرنامج كذلك بالحديث مطولاً عن دور الدولة التنظيمي في ضبط علاقات السوق من خلال تفعيل قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار. وهو ما تمت مناقشته بالفعل في البرلمان والدفع باتجاهه بتخفيض الغرامات المفروضة على المبلغ عن الممارسة الاحتكارية، بل ويذهب البرنامج إلى الحديث عن "المراقبة الصارمة للأسواق لتحديد مدى الالتزام بالحدود المتفق عليها للسعر" وهو ما يوحي بفرض الدولة لنوع ما من التسعير الجبري، ربما للسلع والخدمات الأساسية. 

 

2.2-الاقتصاد القومي في مواجهة الاقتصاد الرأسمالي 

وأما الملمح الثاني للتناقض فيتمثل في تقديم تبريرات قومية لعمل الاقتصاد الرأسمالي. فالقطاع الخاص سواء أكان وطنياً أو أجنبياً لا يبرر على أرضية كفاءة استخدام الموارد أو تفوق نموذج السوق على ما عداه ولا يبرر بالطبع من زاوية حقوق الملكية الراسخة –لغياب مثل هذا التقليد في البلدان غير الرأسمالية بما فيها مصر-، وإنما يبرره العائد الذي يمكن أن يحققه من خلال رفع الدخول وتوليد فرص العمل وتحسين القدرة على الاستهلاك للغالبية من السكان، وخاصة الطبقات المتوسطة في المدن. وعمل الاقتصاد الخاص في إطار أهداف عامة يحمل منطقين متضاربين تمام التضارب بين إطلاق آليات السوق بمقتضى العولمة المتجاوزة للدولة القومية، وبين منطق إخضاع الاقتصاد للأهداف القومية التي تضعها الدولة. ومن هنا تبرز المشكلات فيما يتعلق بالمسلمات الخاصة باستمرار العلاقة بين مصر والعالم وباستمرار الإطار الرأسمالي ودور الدولة كما هو.

وللقارئ المدقق فإن برنامج الحزب ومشروع النهضة يتأرجحان بين مدخلين متضاربين لإدارة الاقتصاد الأول منهما قومي تدخلي "ناصري الهوى" يرى أن وحدة التفاعل الاقتصادي هو "الدولة". ويرى أن تخصيص الموارد يجب أن يخضع لأهداف تضعها الدولة سواء أكانت قومية "كالاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية كالقمح والسكر والزيت واللحوم والقطن" كما يرد في برنامج الحزب، والذي يذهب إلى "ترشيد سياسة الخصخصة وضبطها وفق سياسة واضحة، وخصوصاً بالنسبة للصناعات الإستراتيجية" في تجل واضح للإعلاء من منطق الاقتصاد القومي على اقتصاد السوق. ويتجلى ملمح ناصري آخر بالحديث عن "تشجيع الإنتاج المحلي وترشيد عمليات الاستيراد". وهو تصور يقترب من البرامج السابقة على الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات، والتي كانت تعلي من شأن التنمية في مصر بالاعتماد على السوق المحلية ومن خلال التصنيع الذي يحل محل الواردات بديلا عن الاندماج في الاقتصاد العالمي. وحتى لو لم تترجم هذه الأهداف إلى برامج أو سياسات على أرض الواقع بحكم الالتزام الفعلي بآليات السوق وانفتاح الاقتصاد المصري على العالم إلا أن حضورها على مستوى الخطاب دليل وحده على قدر من الازدواجية من حيث الحاجة لسوق تبريرات تتناسب وتصورات قواعدهم المستهدفة.  

ويحضرنا هنا بالطبع القول بأن ترتيبات الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية والحدود الدنيا والقصوى للدخل هي أقرب لترتيبات الدولة الأبوية منها إلى دولة الرفاه، حيث إن التصور الأساسي هو قيام الدولة بتوفير هذه الخدمات دون الحاجة لإطلاق حرية تمثيل المصالح الاجتماعية المختلفة في صورة نقابات واتحادات وجمعيات كما هو الحال في دولة الرفاه، والتي تتداخل فيها الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية جميعا باعتبارها مؤسسة للمواطنة. بيد أن حضور مثل هذه التعهدات في البرنامج وفي الخطاب وفي العمل البرلماني الإخواني دليل كاف كذلك على طبيعة ما يتوقعه جزء من القواعد التي صوتت للحرية والعدالة. وهو كما سبق الذكر مخيال ناصري عن العدالة الاجتماعية لم يتغير كثيرا رغم الاضمحلال الشديد الذي أصاب ترتيبات الناصرية منذ هزيمة 1967، وما تلاها من تغيرات كبيرة في السياسات العامة الداخلية وكذا الخارجية. وبما إن الجزء الأكبر من الطبقات الوسطى ذات الحظ من التعليم والتأهيل لم تكسب كثيرا من اندماج مصر في الاقتصاد العالمي منذ الانفتاح في السبعينيات ومروراً بتبني التحول الهيكلي في مطلع التسعينيات ثم إصلاحات نظيف النيوليبرالية منذ 2004. ومع تدهور نصيب هذه الطبقات من الدخل القومي، وتراجع مع تحصل عليه فعلياً من خدمات الدولة العامة من صحة وتعليم ومواصلات أخذت قواعد النظام المستبد للسادات ثم لمبارك في التآكل رويداً رويداً حتى أفضت لمشاهد انتخابية بالغة الدلالة على عزلة النظام المتصاعدة منذ 2000 ومرورا بـ2005 وختاما بـ2010 التي أفضت لانتفاضة يناير 2011.

 

3-أين تكمن جذور الإشكال؟ الأبوية في مواجهة النيوليبرالية 

كانت رؤية السادات ومن بعده مبارك من وراء التحرير الاقتصادي والخصخصة والسماح بحرية حركة رأس المال هو زيادة الموارد المتاحة للنظام نتاجاً لأزمته المالية المستحكمة منذ منتصف السبعينيات. فإذا نظرنا لعهد مبارك (1981-2011) وجدنا أن التصور الغالب على النظام الحاكم كان إتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء اقتصاد سوق تنافسي قادر على توليد نمو اقتصادي مرتفع وخلق فرص عمل بما يعود على قواعد اجتماعية بالنفع تعوض النظام ما خسره من شرعية مع تردي القواعد الموروثة من العهد الناصري. بيد أن نظام مبارك وبعد عقدين من التحول الاقتصادي عجز عن التسويق لشرعيته على أسس غير ناصرية إذ ظل الأصل هو الحفاظ على ما تبقى من الدولة الأبوية ولو كان اسمياً بتعليم ورعاية صحية ومواصلات مجانية وفاتورة دعم للسلع الأساسية تنوء بها خزانة الدولة. وبرز هذا التناقض الشديد في سياسات حكومة نظيف نفسها (2004-2011)، والتي تعد ضمن الأكثر نيوليبرالية في مجالات كالخصخصة وتحرير التجارة واجتذاب رؤوس الأموال، ومع ذلك فإنها سجلت معدلات مرتفعة للعجز في الموازنة وفي نسبة الدين العام للناتج المحلي. وهي مؤشرات تدل على تضخم فاتورة الإنفاق العام باستمرار نتيجة لزيادة الدعم والأجور في محاولة لاحتواء الاحتجاج الاجتماعي الذي انتشر منذ 2005. 

فلم فشل مبارك ومن قبله السادات في استخدام اقتصاد حر لدعم الشرعية الأبوية للدولة؟ تكمن الإجابة باختصار في عجز النظام عن إنشاء مؤسسات قادرة على إقامة نظام اقتصاد سوق حر تنافسي. وذلك لأن إنشاء مثل هذه المؤسسات كان يصطدم في مجمله وفي كثير من جوانبه مع ديناميات عمل النظام السياسي وشبكاته القائمة على المحسوبية والنفوذ والعلاقات غير الرسمية والباب الخلفي المفتوح بين السلطة والثروة. فانتهى التحول الاقتصادي في مصر إلى إنتاج نمط من رأسمالية المحاسيب المشوبة بالفساد وعدم المنافسة، والتي عجزت عن خرق ذات النمط السائد من الاعتماد على بيع المواد الخام وتقاسم الريع على أساس الولاءات السياسية. ولم تسهم هذه الصيغة في توليد معدلات نمو حقيقية تشترك فيها قواعد واسعة من السكان. ومن ناحية أخرى فشل النظام السابق في تطوير قواعده الضريبية بحيث ترتبط موارد الدولة بالاقتصاد النامي. ويرجع الفشل الضريبي هذا لظروف سياسية قبل أن تكون إدارية أو فنية مفادها عجز النظام -في ظل غياب أي ظهير شعبي حقيقي له- عن تحصيل الضرائب من الشرائح ذات الثراء النسبي، والتي كانت لتواجه هذه المحاولات بمقاومة ناجعة كونها الفئات الأكثر تعليما وقدرة على التنظيم في مواجهة الدولة. والضرائب كما يعرف الكثيرون تعتمد على تحالف اجتماعي لفئات مستفيدة من عائدها وفي الوقت نفسه قادرة على تأييد سياسات الدولة في تحصيل الضرائب من الأغنياء. وهو بالطبع ما كان غائبا في ظل انسداد شرايين الحياة السياسية وعجز الحزب الوطني عن أداء وظائف كونه حزبا سياسيا تعبويا كما كان مخططا لأسلافه في العهد الناصري. وكانت الخلاصة هي العجز عن صيانة أصول الدولة الأبوية، ومن ثم انحلال عرى التحالف الاجتماعي الذي نشأ في نهاية الخمسينيات كأساس للدولة الحديثة في مصر. 

ومن ثم يمكن القول إن التحدي الذي فشل فيه نظام مبارك كان كيفية إطلاق آليات السوق الحر من ناحية، واستخدام عوائدها من أجل صيانة شرعية سياسية ذات طابع توزيعي أبوي من ناحية أخرى. ولا أرى أن هذا التناقض كان منحصرا في نظام مبارك بحكم كونه نظاماً مستبداً بقدر ما إنه تناقض يطال اليمين ويمين الوسط في البلدان النامية ذات الميراث الأبوي مثل مصر. ولا أعتقد أن إطلاق الحريات السياسية سيخفف من هذه التناقضات بل سيذكيها ويزيدها حدة لأن الضغوط التي ستضعها المنافسة السياسية عبر الانتخابات على صانعي القرار ستكون شديدة الوطأة، وإذا أضفنا إليها إطلاق الحريات الاحتجاجية في الإضراب والاعتصام والتظاهر وغيرها فإن وضع متقلدي السلطة يكون أشد سوءاً من عهد مبارك. ولنا في الحالة التركية أسوة. فبعد الإصلاحات النيوليبرالية التي اتخذها النظام العسكري المستبد في مطلع الثمانينيات (1980-1983) مع تعليق الآليات الديمقراطية، وفي ظل تصاعد للقمع السياسي، أعيدت الانتخابات الحرة في 1983 بصورة جزئية وفي 1987 بصورة كاملة. ومع عودة الانتخابات بدأت حكومة تورجوت أوزال المنتخبة في الحياد عن خط السياسات النيوليبرالية في شقها المالي فاتسع العجز في الموازنة وزاد الإنفاق الحكومي وارتفاع الدين العام. وكان ذلك كله لحاجة أوزال لإرضاء الجمهور الواسع خاصة في المدن من الشرائح الوسطى من خلال برامج دعم للإسكان وزيادات في الأجور والمعاشات للعاملين في الدولة. وكانت إستراتيجية أوزال بسيطة وهي الإقبال على مزيد من التحرير الاقتصادي لزيادة الصادرات وجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتوليد نمو مرتفع يولد موارد كفيلة لصيانة شبكات التوزيع لأن مصدر الشرعية لدى الغالبية من الأتراك ظل أبوياً استناداً للميراث الكمالي منذ الثلاثينيات. وحالة الهند في التسعينيات لا تختلف كثيراً كذلك في ظل حكم حزب المؤتمر. 

وفي ظل غياب أي بديل قمعي واقعي في المدى المتوسط بمصر فإن النخبة الإخوانية الجديدة ستجد نفسها مضطرة للجمع بين نقيضي السياسات الشعبوية الاقتصادية القائمة على التوزيع لصالح الفئات المتضررة من التحرير الاقتصادي من ناحية، مع الإبقاء على الأطر لاقتصاد سوق حر من ناحية أخرى أي وضعية شبيهة بتركيا في الثمانينيات والتسعينيات. ولكن قدرة الإخوان على إدارة هذا التناقض دون خسائر سياسية واقتصادية باهظة، خاصة في ظل تفجر الوضع الاجتماعي في السنوات القليلة الماضية سترتهن بإيجاد علاج ما لأزمة مالية الدولة بحيث تستطيع دولة الإخوان الجديدة من الوفاء بتعهدات صيانة أبوية الدولة دون مزيد من الانهيارات الاجتماعية في صورة إضرابات واعتصامات وتظاهرات كما كان الحال في السنوات الخمس الأخيرة. خاصة وأن ثمة مؤشرات تفيد بأن وتيرة الإضرابات والاعتصامات العمالية قد تضاعفت بعد الثورة في ظل غياب القمع الأمني. وعلى الرغم من أن الأنشطة الاحتجاجية العمالية تفتقر لأي تنظيم نقابي مستقل وكبير قادر على تطوير سياسات عامة أو الضغط على صانع القرار لتبني اتجاه ما فإن استمرارها على هذا النحو المتسارع يعيق مجهودات التعافي الاقتصادي واجتذاب الاستثمارات المحلية والأجنبية كما تمثل ضغطاً شديداً على الخزانة العامة، وهو ما ظهر بالفعل في القرارات الجمهورية الأخيرة التي اتخذها الدكتور مرسي بزيادة المعاشات ورفع البدلات والحوافز علاوة على الاستجابة لغالب مطالب العمال المعتصمين بما يعنيه هذا من زيادة الأعباء على مالية الدولة.  

 ولكن علاج أزمة ماليات الدولة مسألة ثورية في حد ذاتها من حيث أبعادها الاجتماعية، وتنطوي على إتخاذ تحيزات اجتماعية واضحة لفئات اجتماعية في مواجهة فئات أخرى. وهو ما يبدو أن الإخوان يتجنبونه في التوقيت الحالي حتى لا يوسعوا من نطاق صراعاتهم السياسية من ناحية، ولغياب أية رؤية واضحة عن الإخوان كحزب أغلبية وليس كجماعة فحسب من ناحية أخرى. فما يبدو واضحاً من تحركات القيادات الإخوانية أن الأولوية معطاة للتوصل لاتفاق ما مع العسكر والمصالح القديمة المرتبطة بهم يصوغ الملامح الرئيسية لنظام ما بعد مبارك فيما تغيب رؤية متكاملة عن إدارة الأزمة الاجتماعية في مصر، والتي كانت هي المصدر الرئيسي للحركة الاحتجاجية العارمة التي قضت على نظام مبارك الأمني، وفتحت المجال السياسي في المقام الأول. ولعل في استمرار الحراك الاحتجاجي ما يتناقض بالكامل مع الخيارات القليلة المتاحة للقيادات الإخوانية لإحداث تغييرات اجتماعية واقتصادية في ضوء التزامهم باتفاقات وتعهدات مع العسكر والمصالح القديمة للأجهزة الأمنية والأوليجاركية الاقتصادية، وهو ما ظهر في تسريبات الدستور وفي تشكيل الحكومة الجديدة وتوزيع الحقائب الوزارية بها. والغالب أن النظام السياسي الجديد الجاري تخليقه ستسند إليه مهمة التوفيق بين المصالح القديمة والجديدة، وسيكون غير قادر على الاستجابة للضغوط الاجتماعية التي لا تزال تتعاظم عليه وإن ظلت غير منظمة، وغير مسيسة بعد، وخاضعة للمنطق الأبوي حتى الآن. بيد أنه ما من ضامن أن المجال السياسي الذي انفتح، ولن يكون بمقدور أحد غلقه بسهولة أو مصادرته لصالح القمع الأمني مرة أخرى إلا بتكلفة باخظة- ما من ضامن أن هذا المجال لن يشهد طرحاً للقضايا الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل. وقد يكون هذا الطرح شعبوياً على اليمين أو على اليسار، وهو ما تجلى بالفعل في صعود حازم صلاح أبو إسماعيل قبيل استبعاده من الانتخابات الرئاسية، ثم النتائج المبهرة التي حققها حمدين صباحي في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية. والأول ممثل للشعبوية اليمينية فيما الآخر لتلك اليسارية. وبالتالي فإن صياغة نظام سياسي معزول عن إدارة المطالب الاقتصادية والاجتماعية هو بناء قلاع من رمال في متناول موج البحر. 

New Texts Out Now: Khaled Furani, Silencing the Sea: Secular Rhythms in Palestinian Poetry

$
0
0

Khaled Furani, Silencing the Sea: Secular Rhythms in Palestinian Poetry. Stanford: Stanford University Press, 2012.

Jadaliyya (J): What made you write this book?

Khaled Furani (KF): Growing up in thrall to Israeli policies aimed at diluting and obliterating the Palestine that was, I saw in Arabic poetry “what remains,” to quote from Hannah Arendt’s reminiscences of the Germany she once knew (reverberating in Ghassan Kanafani’s novella and Walid Khalidi’s compendium). In the Arab world, poetry has played the kind of role that perhaps blues and jazz have held in black history in the United States: a record of resilience in rhythms. I wanted to write a book that recognizes how rhythm and language furnish ways for facing defeat and devastation, that recounts resilience in and of poetry, to give poetry its due. I want others to know poetry as a home for struggles to survive (and paying a cost for this survival), as a place to imagine, recover, rebuild, belong, and know (as well as delude) oneself through the material that has always been in human words: sounds.  

My disciplinary experience in anthropology also impelled me to write this book. Since I started my graduate training, I have had this lingering sense that anthropological inquiry in the Middle East remains woefully removed from the region’s poetic and literary formations (even though Abu-Lughod’s Writing Women’s Worlds and Caton’s Peaks of Yemen I Summon are by now classic counterexamples). I do not intend to call for diverting attention away from the political nor for granting any autonomy or normative priority to the literary. On the contrary, through this book I seek to depart from Enlightenment assumptions about drawing lines between the aesthetic and the political, the rhetorical, and the ethical, so that a different, non-fragmented re-entry could open up to ethnographic and other inquiries, whether in the Arab world or beyond.

J: What particular topics, issues, and literatures does it address?

KF: This book describes ways in which Arab, mainly Palestinian, poets (writing in literary Arabic) seek to belong and be creative in a secular world. In an important sense, then, this book joins the literature on secularism, while departing from its predominant concern with the dramas of nation-states as they draw (or fail to draw) the line between religion and politics. I seek to tell a story about how secularism shapes lives that make distinctions between deep and superficial knowledge, reality and illusion, past and present, slavery and freedom, the creative and the soporific, and of course the pious and the aesthetic. This book is also concerned with telling a rare story about Palestine, for rarely does social inquiry listen to the history of a place and its peoples from its poets’ mouths, even though one notable sobriquet for poetry in Arabic is diwan (historical repository).

Poets retain personal and collective memories that linger despite the ruin of time (and occupation). They reveal Palestine as caught in a struggle whereby rhythm and rhyme matter in every way to the politics and ethics one fashions in the world. With what meter do you record a massacre, land confiscation, impoverishment, or expulsion? With what poetic form do you criticize the PNA or the Oslo Accords? The different ways poets raised and grappled with these sorts of questions over the last eight decades is what I follow in this book.

I also grapple with the place of secularism in poets’ pursuits. I learned from my teacher, Talal Asad, to question secularism’s claims to self-sufficiency, as though the life forms it makes possible are all there is or all that is natural and legitimate. Anthropology can be an apt home for nursing skepticism towards certitudes in modern Western reason—for example, the secular announcing its world as real and the religious world it has exiled as illusory or less than real. One irony is that I question secular dismissals of the religious through Plato’s pariahs, namely the poets, whom he thought were the least pious (or most irreligious) and therefore particularly threatening to his republic!

J: Who do you hope will read this book, and what sort of impact would you like it to have?

KF: I hope this book will be read not just by specialists and experts. The words, lives, and struggles of the poets should appeal to anyone able to hear the rhythms that arrive and vanish in the world. In addition, I draw upon disparate fields and question the very lines of expertise supposedly dividing them as they sequester “truth,” which should preclude claims on it by a single specialization.

As for impact, I wish for this book, or rather its story, to provide impetus for generating other and more developed stories about secularism, Islam, the Arab world, and Palestine, with adequate attention (more adequate than I was able to provide) to the salience of language in them all. For example, I remain unsatisfied about the fact that I only scantily address how the secular constitutes itself by drawing distinctions between academic and poetic languages, between “reason” and “imagination.” Another hope is that further attention will be given to aspects of the secular sensorium, for instance as to why meter is not simply an individual choice, but a practice conditioned by time and place.

J: Your book has been described as “an ethnography of contemporary Arabic poetry." How does your disciplinary location as an anthropologist affect the way you write about Palestinian poetry?

KF: I can think of two effects that my location as an anthropologist has had on the writing of this book. First, there were moments when it put me in trouble with poets. As an anthropologist I had neither the tools nor the predilection for appraising literary merit or using it as a criterion for inclusion or exclusion of poets in the study. Since the beginning of my fieldwork, I have not believed in the autonomy or ontological priority of the literary. Yet certain poets found this approach disturbing. It upset them to know that “big poets” and “poet-ies,” as one would say in Arabic, are lumped together in one book. A second effect has to do with the substance of writing. There is very little poetry in the book itself, and in fact little theory as well, in a post-Comtean, positivist sense of the word. My primary material of analysis has been stories poets related to me in conversations. As an anthropologist, I sought to limn their life-worlds from their words.

J: What other projects are you working on now?

KF: While I remain interested in studying relations between “the good” and “the beautiful” (or the political and the aesthetic), my interest in the secular has taken me in new directions. Lately, I have been focusing on the formation of anthropology itself as a modern discipline. While Silencing the Sea investigates some ways in which the secular has formed modern Arabic poetic sensibilities, I am now studying how the secular has constituted a particular swath of reason in the modern West, in this case the anthropological. What specifically interests me is the complex of relations anthropology (as an instance of secular intellect) has acquired with theology since the event that Nietzsche diagnosed in the West as the “death of God.” How is that death related to the birth of modern anthropology, to the scientific curiosity about cultural difference, and to the allure of a disciplinary “method” commonly known as ethnographic immersion? In what ways does anthropology’s secular reason—in which difference is culturally constituted—align the discipline with or separate it from the reason of the modern nation-state? These questions are some of those driving this new project. 

Excerpt from Silencing the Sea: Secular Rhythms in Palestinian Poetry

From Chapter Eight: Rhythmical Freedom

Before Dahbour evacuated during the war, his family had owned a bakery and a house that he was able to return to for the first time in the early 1990s, after the Oslo Accords. When they lost their home in 1948, Dahbour, his siblings, his parents, and his blind grandmother found themselves in a hut in a refugee camp near Hems, Syria; he describes the camp as not fit for human existence. That is where his struggle to survive and to imagine began. And he keeps returning to that place of imagination with tantalizing pangs of pain; for example, he rebukes his father in his book Here, There:

What has my father feared so that his sins committed the act of a swallow if he only were to say: slaughter my child…but did not leave who knows perhaps I would have become Ishmael or his green bird, or…nothing even nothing has a meaning and eminence in its soil.

Deprived of electricity, family gatherings in the evenings focused on story-telling. Words, that is, sounds still came before images. Dahbour’s parents were good storytellers, he recalls. His father, who eked out a living from washing the dead and reciting the Quran at their burials, asked him to read from a fading yellow book when he was in fourth grade. That book contained the Arabian, pre-Islamic epic Al-Zīr Sālim, telling the exploits of the poet-king Abu Leila al-Muhalhil (died AD 531), who abandoned his early life of chasing women to avenge the killing of his brother. When Dahbour read the poems collected in a written version of the oral epic, he immediately fell in love with the “split texts,” as he describes them. One of these split texts is the specimen by al-Khanasā’ in Chapter Five, which he did not then know was an actual poem. But he knows enough today to evoke it as a text in consonance with the academically oriented literary scene. It is as though the word “text” bestows a kind of seriousness, depth, and legitimacy of belonging to the present intellectualism that earlier names cannot. It is also the name used by what may be the largest remaining public for poets: professional literary critics.

Dahbour’s speech may not have been able to escape the presence of specialists, but its beginnings lay in the intimate universe of his mother. His mother, able and resourceful for her family and neighbors, saved him with her stories about a magical, parallel city called Haifa. “Why do you need to see the wonder box [likely derived from the German wunderkammer]?” she asked him when he could not join Syrian kids to see the wonder box on display at town fairs. She promised him that she would bring him instead the sea on a mule from the Mules’ Court in Haifa. She also told him that there was no need for swings for which he could not pay, not even with bread, which substituted for money among penniless kids on the Eid. She reminded him that the Carmel Mountain in Haifa moves when children mount it. When clothes were torn and shoes split open, she asked him not to care about clothes, for in Haifa clothes were impervious to rain. There, she told him, rain fell only on plants and soil, not on humans. Dahbour recovered his mother’s tales and many more as he sought to account for his childhood entry into the kingdom of poetry. Her stories became the soil that nursed his ability to create, his poiesis.

At the start of his sixties when I met him in the winter of 2002, Dahbour was living and working in the ancient city of modern refugees, Gaza, the inferno of Palestinian existence, where military occupation meets military response, almost the only place where occupation is not normalized, as it overwhelmingly has become elsewhere in Palestine, and where the violence of Palestinian against Palestinian was then surpassing that of the occupation. There he resided with his wife and children, one of them a student in the United States. He had returned to Gaza after studying in Baghdad, after living in Tunisia for some time, and after the Oslo Accords, along with many PNA functionaries. He was working as a director in the Ministry of Education and Culture and writing a Friday column titled “Stone in the Air” for the communist daily al-Ittihad, published in Haifa for seven decades. In this way Haifa has stayed with him and he with her. But it was neither in Haifa nor in Gaza where we met. He was barred from entering Israeli territory and I from entering Gaza, because of my Israeli citizenship. An Israeli military ordinance then prohibited citizens of Israel from entering the enclosed West Bank and Gaza; however, prohibition was more whimsical than systematic or constant.

Dahbour and I met in Cairo during the book fair, where the Egyptian Ministry of Culture officially invited him to read during one of the poetry evenings. The Israelis had allowed him to enter Egypt by land and me by air, but I was not fated to return the same way. After carefully inspecting my laptop, Israeli security personnel at the International Cairo Airport deemed it suspicious and dangerous due to a “technical problem that they could not reveal.” They would not allow me on the aircraft with the laptop, so I returned to Haifa by land the following evening with some of the best conversations I had during my ethnographic fieldwork safely stored on the computer. One of them was with Dahbour. Although I missed his reading event, I was able to interview him for nearly four hours in the cafeteria of the Semiramis Hotel, on the bank of the Nile.

For someone with an upset stomach and worries about his wife and children back in Gaza, Dahbour nonetheless engaged me for hours over coffee and tea with stories about his childhood mentor, the poet Maurice Qabaq, and the poetic ability he nurtured in him. Dahbour said that Qabaq was his “guardian angel,” who taught him poetry as well as “the art of life through giving and tolerance.” Qabaq also taught Dahbour that it is “not necessary to be noisy and exhibit oratory because the modern poem is read with the eye.” Qabaq thus initiated him into the secular intellect of modernity that distances itself from the acoustic in searching for truths. The ear, which brings noise, becomes inferior to the eye, which takes you to depth. The deferral that comes with sound loses out to the immediacy of vision. The eye has proven to be of greater service than the ear to reveal a form of eternity (embedded in modernity), which is neither deferred to a future point nor recovered from a certain past, but is believed to be lived.

Dahbour also learned that the modern poem is read as a whole text, not as discrete lines. When image dethrones sound, figurative representation rules. When sonic repetition retreats in the world of poetry, so does memory. Without repetition much is bound to be either misrecognized or altogether forgotten. Because of this modern conception of reading a poem, according to Dahbour, Qabaq once found himself in scandalous trouble with the salafi (past-ist) culture in town when ecclesiastical authorities in the Syrian church misread his poem “Love and Theology.” His lines “The Son, the Holy Spirit, and the Father, three in One Phantom / if we do not praise the Lord¨ marked him as a heretic. The iconoclast Qabaq helped Dahbour do what Hijazi of Egypt did before him: leave romantic and classicist verse for an unhierarchical “modern” and “liberated” poetry:

I am undeniably indebted to tafʿīla, that is, modern poetry, to Maurice Qabaq, who noticed that this child, who may be talented, is afraid of tafʿīla because he was pulled by the turāth [tradition]. He noted that the prose poem is not worth a shilling. He taught me that with tafʿīla poetry you could write it and keep it metered. Tafʿīla was then the revolution in the 1960s, it was the future, tafʿīla was like an earthquake. Today you don’t see that in prose poetry, which is considered the third road. Khalil Khoury and Maurice Qabaq, who are among the best poets of Syria, were deliberately flunked in the university because they wrote tafʿīla. On the radio, it was forbidden to broadcast modern poetry of tafʿīla. Even many modern poets wrote poems about modern poetry….Choosing the modern form is choosing the modernity of life. It was enough for me to know that this form has its rules and that it is difficult and challenging. Beware: tafʿīla is the difficult one, not al-ʿāmūdī. With al-ʿāmūdī once you figure the meters you walk the lane. With tafʿīla you have to know when to put two feet, four feet, or ten feet on the line, when to absent the rhyme and when to reveal it. This challenge, this search for new forms that are not pre-made leads to a heated debate….I discovered that the word's meaning is not literal. I felt that I live in open air.

Dahbour’s account demonstrates ways in which the politics of the establishment (the nation-state) and the politics of dissent (modern poets) collide in the battle over possessing the literary field. The nation-state as a modern creature feels threatened by the conception of free verse and conspires with tradition to abort its birth. The sovereign state recruits tradition in combating renovation and revolution, without either side ever fully recognizing how entangled with each other they are. They all seem to suffer from the misrecognition wrought by a sense of self-sovereignty, whether belonging to states, their dissenting subjects, or their sense of time.

[Excerpted from Khaled Furani, Silencing the Sea: Secular Rhythms in Palestinian Poetry, pages 137-140, by permission of the author. © 2012 by the Board of Trustees of the Leland Stanford Junior University. For more information, or to order the book, click here.]

 

Mahmoud Darwish: At the Station of a Train Which Fell Off the Map

$
0
0

 

At the Station of a Train

Which Fell Off the Map

 

Mahmoud Darwish

(March 13, 1941 - August 9, 2008)

 

Grass, dry air, thorns, and cactus on the tracks

There, the shape of the object in the absurdity of non-shape is chewing its own shadow

There is nothingness there, tied and surrounded by its opposite

Two doves flying over the roof of an abandoned room at the station

The station is like a tattoo which has dissolved into the body of the place

There are also two thin cypresses, like two long needles

embroidering a lime-yellow cloudand there is a tourist photographing two scenes.

The first: the sun lying down on the bed of the sea

The second: the wooden bench without the traveler’s sack

 

(The hypocritical heavenly gold is bored of its own solidity)

 

I stood at the station, not to wait for the train 

or for my hidden feelings in the aesthetics of some distant object

but to know how the sea went mad and how the place broke like a porcelain jar

to know when I was born, where I lived,

how birds migrated South or North

Is what is left of me still enough for the light imaginary to triumph

over the decay of the real?

Is my gazelle still pregnant?

 

(We have aged. We have so aged and the road to the sky is long) 

 

The train moved like a peaceful snake from Syria to Egypt

It’s whistling hid the hoarse bleating of goats from the wolves’ voracity

as if it was a mythical time to tame the wolves to befriend us.

Its smoke billowed over the fire in the villages

which were blossoming like trees. 

 

(Life is self-evident and our homes, like our hearts, have open doors)

 

We were kind and naïve. We said: The land, our land

is the heart of the map and will not be afflicted by any external ailment.

The sky is generous with us and we rarely speak classical Arabic:

At prayer time and on the night of al-Qadr.

Our present converses with us: “We live together.”

Our past entertains us: “If you need me, I will return.”

We were kind and dreamy

so we did not see tomorrow stealing its prey, the past, and departing. 

 

(Just a second ago our present was growing wheat and gourds and dancing with the valley)

 

I stood at the station at sunset: 

Are there still two women in one who is polishing her thigh with thunder?

Two mythical enemies-friends and twins on the roofs of the wind

One flirts and the other fights with me?

Has the shed blood ever broken a single sword so I can ask:

My first goddess is with me?

 

(I believed my old song to belie my reality)

 

The train was a wild ship docking . . . and carrying us

to the realistic cities of imagination

whenever we needed some innocent play with destinies.

The windows of the train have the status of the magical in the mundane:

Everything runs. Trees, thoughts, waves and towers run behind us.

The scent of lemons, the air and all things run.

So does the yearning for an ambiguous distant. The heart runs.

 

(Everything was concordant and discordant)

 

I stood at the station

I was abandoned like the time attendant’s room in that station.

I was a robbed man looking at his coffers and asking himself:

Was that field, that treasure, mine?

Was this lapis lazuli, wet with humidity and night dew, mine?

Was I, one day, the butterfly’s student in fragility and boldness at times,

and her colleague in metaphor at others?

Was I, once, mine? Does memory fall sick with me and have a fever?

 

(I see my trace on a stone and I think it’s my moon so I stand and recite:)

 

Another elegy and I will kill my memories by standing at the station.

I do not love this dry and forgotten grass now

This absurd despair, writing the biography of forgetfulness in this mercurial place.

I do love, as do the daisies on prophets’ graves.

I do not like my salvation through metaphor

even if the violin wants me to be an echo to myself.

I only love returning to my life so that my end can be a narrative for my beginning.

 

(Like the sound of bells: Time was broken right here)

 

I stood when my wound was sixty years old

I stood at the station not to wait for the train

or for the cheers of those returning from the south to grain spikes,

but to preserve the shore of olives and lemons in the history of my map.

Is this . . . all this for absence? And what is left of the crumbs of the unseen for me?

Did my ghost pass by and wave from a distance, and disappear?

Did I ask it: Is it whenever the stranger smiles and greets us that we slaughter a gazelle?

 

(The echo fell from me like a pine cone)

 

Nothing guides me to myself except my intuition.

Two fugitive doves lay the letters of exile on my shoulders

and then fly at a pale height.

A tourist passes by and asks me: Can I photograph you to respect truth?

I said: What does that mean?

She said: Can I photograph you as an extension of nature?

I said: Possible . . . everything is possible

Have a good evening and leave me alone with death . . . and myself!

 

(Here, truth has one lonely face and therefore . . . I will recite)

 

You are you even if you lose

You and I are two in the past and one tomorrow

The train passed by and we were not watchful

Get up intact and optimistic!

Do not wait for anyone except you over there

Here the train fell off the map half way on the coastal road

Fires consumed the heart of the map and then were put out by the late winter

We have aged, we have aged so much before returning to our first names!

 

(I say to the one who sees me through binoculars atop the watchtower: I do not see you. I do not see you)

I see my place, all of it, around me

I see myself in the place with all my parts and names

I see the palm trees correcting the errors in my classical Arabic

I see the habits of almond blossoms training my song for a sudden joy

I see my trace and follow it

I see my shadow and I pick it up from the valley

with the tweezers of a bereaved Canaanite woman

I see the invisible gravity of the full and complete beauty

that flows in the eternity of the hills. I do not see my sniper.

 

(I become a guest to myself)

 

There are the dead who light fires around their graves

There are the living who prepare dinner for their guest

There are enough words for metaphor to rise above events

Whenever the place is distressed, a copper moon lights it and expands it

I am a guest of myself. Its hospitality will embarrass and overjoy me

I will choke on words and words will choke on difficult tears

The dead will drink the mint of immortality with the living

and will not talk too much about resurrection.

 

(There is no train. No one will wait for the train)

 

Our country is the heart of the map

the heart pierced like a metal coin in the market

The last passenger from somewhere in Syria to Egypt did not return

to pay the sniper’s fee for his extra work, as the strangers expect

He did not return and did not carry his death and birth certificate with him

so that the scholars of resurrection would know his place in Paradise

We were such angels and fools when we believed the banners and horses

and believed that an eagle’s wing would lift us above!

 

(My sky is a thought, and earth is my favorite exile)

 

It’s just that I only trust my intuition.

For proofs there is impossible dialogue.

For genesis there are the lengthy interpretations of philosophers.

For my idea about my world there is a defect caused by departure.

For my eternal wound there is a tribunal without a neutral judge

Tired of truth, the judges tell me: It is just that traffic accidents are common.

The train fell off the map

And you were burned by past’s ember

It was not an invasion!

But I say: It’s just that I only trust my intuition.

I am still alive! 

 

[Translated by Sinan Antoon from the Arabic original published May 15, 2008, in al-Quds al-Arabi . Previously published in Banipal 33 & MER (248)] 

تأمّلات في بنيان درويشي: سرير الغريبة

$
0
0

عندما أعلن محمود درويش في سرير غريبته نيته اعتلاء البداهة الإنسانية في صورها الأكثر بدائية ، وهي أن "يحب" أياً كانت مضامين دروعه البطولية والشعرية الفلسطينية و العربية التي أُسبغت عليه حصراً و أحيانا كثيرة قيداً، حينها حُملَّ –درويش- هزائمنا وهزائم الآخرين المهدرة، وتناسى الكثيرون ، مرجعية العودة الانسانية لشؤون النفس ، و أن رفع راياتها لا يحتاج إلا "أنا"ها فقط. ولعل النص الدرويشي -هاهنا- يعلنها باديء السرير و الغرابة معاً أنهما –الشاعر وغريبته- على "ذهاب":

 "لنذهب كما نحن:
سيدة حرة
وصديقاً وفياً،
لنذهب معاً في طريقين مختلفين
لنذهب كما نحن متحدين
ومنفصلين،
ولاشيء يوجعنا
لا طلاق الحمام ولا البرد بين اليدين
ولا الريح حول الكنيسة توجعنا...

لم يكن كافياً ما تفتح من شجر اللوز
فابتسمي يزهر اللوز أكثر
بين فراشات غمازتين".

ما أن يعتلي درويش مطالع السرير، ويعلن بداهة الحب هناك وطناً، حتى يرحل عنه "حاضرنا" فيُعلن: "كان ينقصنا حاضر".  إن موقع الرائي/الشاعر من كامل ذاك النسق هو عودٌ لبطولة الإنسان في إنسانيته ، لذا كانت بطولة درويش في ظلال الفكر العربي بكامل مضامينها الفعلية و المجازية والملموسة و الرمزية و الواقعية و المتخيلة و غيرها ، هي محض "حاضر ناقص" في مواجهة الحب معركة من معارك كثيرة. وتلك طينة الأنبياء التي لا تتآلف مع حواضرها مهما إعتلى "زنارها" من بطولات، لتظل النبوءة محض بشر يتساقطون أمام بطولة الإنسان المجرد:

"فعما قليل ستنتقل الطير من زمن نحو آخر،
هل كان هذا الطريق هباءً
على شكل معنى، وسار بنا
سفراً عابراً بين اسطورتين
فلابد منه، ولابد منا
غريباً يرى نفسه في مرايا غريبته؟
"لا، ليس هذا طريقي إلى جسدي
"لا حلول ثقافية لهموم وجودية
أينما كنت كانت سمائي
حقيقةً."

تلك النبوءات التي شهدناها تحيي سرحان بشارة سرحان وهو "يشرب القهوة في الكافيتيريا" 1972، وكانت كذلك في أبياته لـ"أحمد الزعتر" 1977 ، فحررت ذلك الأخير بصهيل زعتره من فجائع قومه وأنقاضهم، وصولاً إلى "أحد عشر كوكباً على آخر المسهد الأندلسي" 1992، و التي تنبأت بالصاعقة الأخطر التي قصمت وحدة الصف الفلسطيني: إتفاقية أوسلو. تلك النبوءات التي استقرأت طريق سلام كان عليه "أن يريح الهوية الفلسطينية، و أن يريح أسئلة الثقافة الفلسطينية، و أن ينقلنا من وضعنا الأسطوري إلى وضعنا الواقعي ن و أن يدلنا على أن الواقع أغنى من النصّ. وبدأنا فعلاً بطرح أسئلة تتصل بكيفية تحولنا من نص أسطوري فيه الجلاد و الضحية ، إلى أناس عاديين، نبني حياتنا العادية، نعبر عن ضعفنا الإنساني العادي، يلتفت كل منا إلى صوته الشخصي، نشكو المرض و الكسل والضجر. لا نريد أن نكون أبطالاً ولانريد أن نكون ضحايا. بعبارة أخرى، بدأنا في البحث عن الحياة العادية، ولكن يبدو أن البحث عن حياة عادية في ظروف غيرعادية هو بحث عن بطولة أخرى"... ليظل ناقوس الرؤيا فاضحاً: "ليس صحيحاً بأن الصهيونية قد خلقت نقيضها الفلسطيني، لأن هذا النقيض موجود قبل ظهور الصهيونية نفسها، ولكنها تعرقل صيرورته إلى ثبات".

ومن هنا كانت نبوءات درويش الغزلية عبارة عن تمظهرات لجدلية العلاقة بين الهزيمة و النصر بمنطقها الإنساني، وبالتالي فهي أكثر من مجرد غرض شعري في معمار الشعر الخاص بالشاعر، إنما هو فعل مقاومة ، يحمل عبء إستحضار الجانب الإنساني من فعل المقاومة ، ذلك الجانب الأقرب للبداهة والعفوية و الحياة في سؤال المقاوم عن تمسكه بالموت من فرط ما يريد أن يحيا...حباً.
والبنية الغزلية لدى درويش سارت وتسير عكس أعراف الغزل العربي بعمومه ، وثارت وتثور على صكوك المتجانس فيه و ألفته، فكان السبق فيها لوطأة التاريخ قبل وطأة الوجدان ، وكان فيها من الغربة و النفي والغرباء  أكثر مما فيها من الإستيطان و الفيء و اللقاء:

"ليس هذا طريقي إلى أرض حريتي
ليس هذا طريقي إلى جسدي
وأنا، لن أكون "أنا" مرتين
وقد حل أمسِ محل غدي
وانقسمت إلى امرأتين
فلا أنا شرقية
ولا أنا غربية،
ولا أنا زيتونة ظللت آيتين
لنذهب، إذاً.
"لا حلول جماعية لهواجس شخصية
لم يكن كافياً
أن نكون معاً
لنكون معاً...
كان ينقصنا حاضر لنرى 
أين نحن. لنذهب كما نحن،
إنسانة حرةوصديقاً قديماً
لنذهب معاً في طريقين مختلفين
لنذهب معاً،
ولنكن طيبين..."

يثور الشاعر/النبي هاهنا على مواريث إدراكنا الشعري للغزل، فلا يحقق -مثلاً- تعريف قدامة بن جعفر لقصيدة الغزل، ذلك التعريف الذي يضم بين مواثيقه صنوف الغزل وخرائطه ، ليمهد لحلول رؤى ابن حزم الأندلسي في (طوق الحمامة) إذ يقول عن الحب: "وقد علمنا أن سر التمازج والتباين في المخلوقات ، إنما هو الإتصال و الإنفصال، و الشكل دأباً يستدعي شكله، والميل إلى مثله ساكن ، و للمجانسة عملٌ محسوسٌ وتأثير مشاهدٌ، و التنافر في الأضداد والموافقة في الأنداد والنزاع فيما تشابه موجود فيما بيننا، فكيف بالنفس وعالمها العالم الصافي الخفيف، وجوهرها الجوهر الصعّاد المعتدل، وسنخها المهيأ لقبول الاتفاق والميل و التوق والانحراف والشهوة و النفار".

وكيف للغزل ألا يكون مقاومة، وخلفيته "المشهد الملحمي" ، الذي يعلن الشاعر –على الدوام وفي غير موضع ومقال- إنتمائه إليه، وللغزل في الملحمة حضور التاريخ شاهداً على عقد بين الألم و الفجيعة في برهة العشق بين ثنايا الهوية وفعل الحياة:


- "لا اسم لنا يا غريبة، عند وقوع الغريب على نفسه في الغريبة"
- "من يقول لي الآن: دعك من الأمس، و احلم بكامل لاوعيك الحر"
- "كنا غريبين في بلدين بعيدين قبل قليل، فماذا أكون غداة غد عندما أصبح إثنين؟
ماذا صنعت بحريتي؟ كلما ازداد خوفي منك اندفعت إليك، ولا فضل لي يا حبيبي الغريب سوى ولعي"
- "قل إننا / طائران غريبان في أرض مصر و الشام. قل إننا طائران غريبان في ريشنا"
- "وماذا سنفعل؟ ماذا / سنفعل / من / دون / منفى؟"

يتحول النص الغزلي الدرويشي في "سرير الغريبة" من فضاء وجداني تتحدد شروطه بالعاطفة متلمسة طريقها بالمكان و الظرف إلى فضاء مقاوم يستدل بالعاطفة على "الكل الضائع" بين شظايا "الراهن الحاضر"، فتصبح الجدلية هاهنا من الوجود/العشق إلى العشق/التحرر ، مؤسساً غزليته على مقاومة "حاضر مفروض" لقاء "حاضر ناقص" بالجمالي أوليس هو القائل "الجمالي حريتك"؟ :

- "هنالك حب يسير على قدميه الحريريتين / سعيداً بغربته في الشوارع"
- "حب يمر بنا / دون أن ننتبه / فلاهو يدري ولا نحن ندري"
- "... لا أحد يستطيع 
الرجوع إلى أحد. تصنع الأبدية
أشغالها اليدوية من عمرنا وتعمر... فليكن الحب ضرباً من الغيب، وليكن
الغيب ضرباً من الحب. إني عجبت
لمن يعرف الحب كيف يحب!."
ليعلن في النهاية أن "هناك حب".

II

ولأن "الشعر محض ثورة"، يثور شاعرنا على نبوءته ورسالته بالشعر شعراً ورؤيا، ليعود إلى بدايات الإنسان فيه وفينا –من ضمن بدايات كثيرة تميز البنيان الدرويشي في الشعر- ، فيخاطب الضلع في نفسه ، محاوراً جميل بثينة على لسانه سائلاً إياه عن مثاقيل الحب وطرائقه ومواثيقه :

"هل تشرح الحب لي، ياجميل
لأحفظه فكرة فكرة."

فيرد جميل بثينة:

"أعرف الناس بالحب أكثرهم حيرة
فاحترق، لا لتعرف نفسك
ولكن لتشعل ليل بثينة..."

وكما قالت العرب "العاشقون رفاق"، تلك الرفقة التي تصل بالعشاق إلى حدود الهند و تراثها الايروتيكي في آداب "الإنتظار"، فيرتحل العشاق ، بعد ان يعلن درويش مرآويته لجميل بثينة في "الكبر" و "الموت المنفي" و انتفاء الزمن موتاً وبثينة اسماً و نوناً:

"أعلى من الليل، طار جميل
وكسر عكازتيه . ومال على أذني
هامساً: إن رأيت بثينة في إمرأة
غيرها، فاجعل الموت ، ياصاحبي،
صاحباً، وتلألأ هنالك، في إسم
بثينة، كالنون في القافية!."

III

ومن علوم التقفي على شراشف "سرير الغريبة" ، سوسنةً سوسنةً نثراً شعرياً ، كان لابد من كسر الضرورة اللغوية المفرطة الذكورة ، و التي "ينبغي أن أنوه بأن تركيب اللغة يتطلب مني بصورة عامة، أن أكتب وأتكلم بصيغة المذكر. كما يفرض على الكاتب تذكير موضوعات لا تقبل التذكيروالتأنيث إلا عرضاً ومجازاً". ولايتأتى لنا ذلك من دون الحوار الغزلي المتكافيء على امتداد ذلك السرير مع الأنثى  على أن تكون ناصية الكلام لها. وهو ماحدث في سبع قصائد نسير على لسان ضمير المتكلمة المؤنثة ، ضمير العاشقة و ليس العاشق ، لتكشف لنا رؤى المؤنث في الغزل ، في محاولة لكسر الاستحواذ الذكوري لموضوعة الغزل، وهو في ذاته أكثر مواضيع "السرير" ثورة وتحريضاً على الحرية و الإنعتاق من أكثر قيودنا الثقافية و المعرفية و الإدراكية، باعلاء التعددية و الديموقراطية والآخروية في إدراك الذات في أكثر حالاتها ذاتية : "العشق" و "الحب" ، الذي لا يقوم من دون الآخر المكمل و ليس فقط المرادف ولا المضاد: الأنثى.

ولعل هذا الإعلاء من "غريب" التجربة الشعرية في الغزل هو ما يجعل حالة الحوار الغزلية على السرير بجدليتها تصل إلى حدود البداهة العشقية بين غريبين لا يجمعهما حاضر ، أو على الأقل مايجمعهما هو ما يجيء على لسان الأنثى/العاشقة : "لا أقل لا أكثر":

"أنا إمرأة. لا أقل ولا أكثر (...)
أنا من أنا، مثلما
أنت من أنت تسكن في
وأسكن فيك وإليك ولك

أحب الوضوح الضروري في لغزنا المشترك
أنا لك حين أفيض عن الليل
لكنني لست أرضاً
ولا سفراً 
أنا إمرأة، لا أقل ولا أكثر."

فيعيد النسق الغزلي المؤنث النصر لمستحقيه، بعيدا عن تجاذبات الخطاب و السرد، "كأن تغزل الصوف لكي تلبسه لا لكي تكمل قصة هوميروس، أو تحن إلى سوسن آخر غير ذاك الذي خلف جبال مؤاب، أوتطلب منه أن يحك ظهرها  ويفك على مهل جدائل شعرها ، أو تقتبس يانيس ريتوس فترى" في عروق الرخام حليب الكلام الإباحي يجري ويصرخ بالشعراء اكتبوني" أو تهتف ببساطة: ياليتني لم أحبك.."

IV

كل شيء في "سرير الغريبة" يصدح بالموسيقى ويطوقه الإيقاع، صاعدة من ستة سونتات ، تتخلل الجسد السريري الشعري، فينثرها الشاعر بلاعنوان إلا من رقم ، لنقوم بأدوار بعينها:

1. دور  وظيفي فاصل واصل بين قسم و آخر لضمان سيولة موسيقية وتناغم جغرافيا الإيقاع.
2.خلق الفضاء الموسيقي الملحمي لبداهة "وقوع الغريب على نفسه في الغريب"، تحت وطأة التاريخ من سردية الفرد/الانسان.

فيلتزم الشاعر بالشرط العضوي للسوناتا في الشعر الغربي ، وهي أن تكون مكونة من أربعة عشر بيتاً (وفي بعض الأدبيات الشعرية "سطراً") شعرياً، مراوحاً في توزيعه لسطوره الشعرية بين تمثلات السوناتا في أنسابها بين بترارك وسبنسر وشكسبير.

السوناتا في هيكلها المقسم إلى مقطع ثماني Octave يطرح وضعية ذات توتر وشحنة عالية عاطفياً،  ومقطع سداسي Sestet يعمل على تخفيف الشحنة السابقة عليه ومعادلة توترها العالي ، هي مرآة لذلك المخطط الحسابي لأفلاطون الذي يقرأ العلاقة الهندسية بين "النفس" و "الكون"، وكان أوائل مبتكري السونيتات قد حاولوا محاكاة تلك الهندسة عن طريق تتبع خطى "الأنغام غير المسموعة" من "موسيقى الروح الإنسانية" كما يصفها الناقد جون كيتس. ونرى الكثير من الصحة فيما ذهب إليه بعض النقاد من حدود المحاججة أن ابتكار شكل السونيت كان إيذاناً بفجر الفكر و الأدب الحديثين ، باعتبار السونيت هي أول الأشكال الغنائية التي تخاطب "الوعي الذاتي" أو تتناول "الذات في حالة صراع".
ولعل قراءة تاريخ السونيت كصورة شعرية تعبيرية ، تحيلنا إلى النسق الفكري المميز للمرحلة التاريخية التي شهدت ولادة السونيت، على مطالع القرن الـ13 في إيطاليا حيث كان اضمحلال الامبراطورية الرومانية مفسحاً المجال أمام نقاشين حاسمين في الوعي حينها:

1.التنازل عن نموذج الإله البطل لصالح الإنسان العادي.
2.التنازل عن السلوك البطولي التطهيري القدري لصالح السلوك الفردي الوجداني العاطفي ، و الإنتقال من النشيد الوجداني إلى قصيدة الحب.

ولكن مالداعي لطرق الشاعر باب ذلك الصنف الغربي (؟!) من الشعر؟

فنار السونيت التي انتشرت في هشيم الكثير من الثقافات الانسانية قافزة فوق عديد التفاصيل للزمان و المكان ، من غوته وريكله في ألمانيا ، إلى بودليير وفرلين ورامبو في فرنسا، إلى غارسيا لوركا وأنتونيو فيريرا في إسبانيا ، تعود بشرارتها الأولى باجماع المصادر الأدبية أن أول من نظم ذلك الشكل الشعري كان جياكومو دي لنتينو (1188 – 1240) ، من غير اعتماد على ترانيم ومواثيق غنائية محايثة له (أشعار التروبادور و البروفنسيال)، بل طور شكلاً غنائياً مقتبساً من فلاحي صقلية وموسيقاهم المكانية ذات العلاقة الوثيقة الصلة بالحيزالمكاني من حيث بعده عن سلطة الدولة و أمكنتها الجمعية الممأسسة إلى فضاء الريف الحر ، حيث الزمن الأكثر رخاوة وبطأً، وهو ذلك الفن الذي يدين في أصله إلى شعر الغزل العربي الأندلسي و موشحاته ، وقد تناقله العرب المقيمون في صقلية ، ثم كان من واجل من أتى بعده أن يكمل المشوار : دانتي لأليغييري وفرانسيكو بترارك، وصولا إلى شكسبير وجون ملتون وسبنسر.

لذا فـ"سرير الغريبة" في سونتاته هو استرداد لبضاعة عربية ثمينة ضلت طريقها ضمن الكثير مما ضل طريقه منا إلينا، فأكلمت طريقاً حراً من مواريث الهوان و الغربة و الاستلاب في إرث غرناطة ، إلى فضاء أكمل وأكثر غنىً و فتنةً.

وحتى مع ذلك ، فإن شاعرنا هاهنا لا يقوم بنسخ بنيوي ميكانيكي للسونتات ، وإلا فهو لا يجدد في استخدام فضاء السوناتا لاحتواء جدلية "المعنى" و "الدلالة" ، إنما هو يوظف تجديداً موسيقياً لايخفى على ذائقة المتخصص و المتذوق ظله الموسيقي في جسد البنية الشعرية الدرويشية كاملة ، إذ أن التجديد الموسيقي في السوناتا الدرويشية لا يكون ضمن لمسة الشاعر التركيبية المجددة في السوناتا ، من دون الإخلال بعضوية تعريف السوناتا من حيث أبياتها الأربعة عشر، ولكن بالتحديث و التجديد في شرط عضوي آخر للسوناتا وهو "إنهاء السطر الشعري بقافية منضوية في التصميم الثابت لهندسة القافية للسوناتا".
فبينما أسقط درويش القافية في سوناتاته الأولى، حيث كاد أن "يبعثر روحية الهندسة بأسرها" ، عوض ذلك بتواتر "الأصوات الواحدة" أو التقفية الثنائية. أما في السوناتا الثالثة فقد اعتمد بنية تقفية مختلفة ، وإن كانت متسقة صوتياً وحرفياً في هندستها . وهكذا يداعب الشاعر البنية الموسيقية و التركيبية للسوناتا فيعيد موضعتها بشكل مميز مؤكدا على القاعدة النقدية التي تقول أن الشعر محض ثورة:

"حريركما ساخن، وعلى الناي أن يتأنى قليلا
ويصقل سوناتة، عندما تقعان علي غموضا جميلا
كمعنى على أهبة العري، لا يستطيع الوصولا
ولا الانتظار الطويل أمام الكلام، فيختارني عتبة
أحب من الشعر عفوية النثر و الصورة الحافية
بلا قمر للبلاغة: حين تسيرين حافية تترك القافية
جماع الكلام، وينكسر الوزن في ذروة التجربة"

معيداً للعروض في الشعر و اللغة و الإدراك أبهتها  وثرائها في عصر يكاد يكون الفكر العربي أقرب ما يكون للإدراك المادي للفن في صورته المادية الاستهلاكية.

V

يرى غير قليل من النقاد ان انتقال بعض الآداب "من مرحلة السمعية إلى مرحلة البصرية –مثل الشعر العربي- له أثره البالغ في تكييف بنيته، إذ أن الانشاد كان يجعل القيم الموسيقية في الشعر القديم هي الحاسمة في تحديد قيمته، أما القراءة التي تجعله كتابياً  فهي تبرز في تكوينه عناصر تشكيلية مكانية مختلفة عن العنصر الزمني الأول نسبياً "، في إشارة للتأثير التخيلي للأداب ودلالتها بين الموقفية و التجريد.
وقد يصح ذلك على ما يمتد إليه ظله في الكثير من – مايمكننا تسميته- شعر الحداثة، ولكن للمعمار الدرويشي هيكل موسيقي شفاهي يأبى طاعة ذلك الظل ، معيدا التذكرة بأن المعاصر يمكن أن يقارب الماضوي في موسيقية الشفاهى، من حيث "أن الثقافات الشفاهية الخالصة يمكن أن تولد أشكالا فنية للقول ذات حذق ومهارة"، تلك الموسيقى الشفاهية التي أسست لها أول ما أسست النصوص اللاهوتية و الدينية ، التي اعتمدت "الاعجاز" و "الابهام" و "الموسيقى" و "الإيقاع" كعوامل "تكثيف" و"تفكيك" ، لإحداث التأثير المناسب في المتلقي ،العقل الباطن و الإدراك.

فمثلا ماضمن للأوديسا والالياذة وهما البنيتان الشعريتان الموسيقيتان في الأدب الغربي الأهم –من الأهم- هو ما وصفه جان جاك روسو مستشهدا برموز لاهوتية أن "هوميروس ومعاصريه من الاغريق كانوا في أغلب الظن لايعرفون الكتابة" وذلك فيما عرف بـ"المسألة الهومرية" في الأدب، والتي انبثقت في حد ذاتها في القرن التاسع عشر من النقد الهومري الذي تزامن نضجه مع النقد العالي للكتاب المقدس. ففي "الثقافات الشفاهية الأولية، حيث لاوجود للكلمة إلا في الصوت، دون إشارة من أي نوع إلى أي نص يدرك إدراكاً بصرياً، بل دون وعي بإمكان وجوده، تدخل ظاهراتية النغمة/الصوت ومن ثم الموسيقى إلى شعور الكائنات البشرية بالوجود ، كما تنتجه الكلمة المنطوقة" كذلك تؤثر في "حس الانسان بالكون ، و الكون بالنسبة للثقافات الشفاهية (كالشعر) حدث مستمر يقع الانسان في المركز منه. فالانسان سره العالم ، ولم يحدث أن أخذ البشر عندما كانوا يفكرون بالكون أو الدنيا أو العالم في التفكير أساساً في شيء مبسوط أمام عيونهم كما في الأطالس الحديثة (المكتوبة و المُبصرة)" فالفكر و الوعي والتعبير "القائمين على الشفاهية، يرتبطون ارتباطاً حميماً بالنظام الصوتي الذي يدركه البشر (بمجموعاتهم) ، وهو نظام يفضي إلى الاتجاه نحو المركز ونحو الداخل (...) متفقاً مع الميول التجميعية –المساعدة على الائتلاف- أكثر من الميول التحليلية التجزيئية"، وهو ماينطبق –بنظرنا- على المعمار الصوتي و الموسيقي لشعر محمود درويش.
فدرويش لدى تحليل سرير غريبته الشعري موسيقيا وصوتيا –وهو ما نراه ينطبق في الكثير من مواضع البنيان الدرويشي الشعري- نراه يختارتفاعيل البحر المتقارب وحدها وحدة دنيا وعليا ، كما اختار تفاعيل المتقارب اللينة الخافتة الجرس وسيطاً بين أوزان موسيقية ونثرية، خالقا ما اسماه بعض النقاد "التفعيلة المنثورة" و/أو "النثر التفعيلي".

لعل ذلك الفعل الثوري شعريا هو الذي دفع بدرويش للاشتغال على شؤون التقفية وتصانيفها وترانيمها وموسيقاها في "سرير الغريبة" ، وما لتلك الغربة من دلالات ودوافع ، دونما اخلال بدور التقفية التشكيلي في الموسيقى و المعنى ، فهو يقترح في ديوانه – "سرير الغريبة" فقط – ست صيغ مختلفة من التقفية الشعرية ، تراوحت – من دون ذكرها تفصيلياً بما يدفع القاريء للملل بدافع الإفراط في التخصص أو لضيق المتن الحالي – بين "التقفية المتباعدة" و "المقطعية" و "المتناوبة" و "الخفية" و "المفتوحة" و "استخدام مفردة واحدة لتوؤدي وظائف إيقاعية في التكرار وتلعب دور القافية ايضاً"

VI

يختم درويش مطالع "سرير الغريبة" – غريبته وغريبتنا وغربتنا- برائعته "طوق الحمامة الدمشقي"، و التي يستحضر فيها بعداً ثالثاً للزمان و المكان الدمشقيين ، فيحيل به دمشقاً حمامة غواية وتأمل ، تلك هي اللغة حرفاً حرفاً ، تاركاً لها وحدها عبء تأويل "الغربة" التي تجتاح الديوان ، محققاً مقولة هايدجر "عملية الفهم دائرية لا محالة" وغدامر إذ يقول: "نحن لايمكن أن نفهم إلا غذا كنا نريد أن نفهم ، أي لا يمكن أن نفهم دون أن نتيح لشيء ما أن يقال" أي أن يكون ، و الكينونة الإدراكية الأولى للأشياء هي الشعر و الموسيقى، لذا فإن كانت "كتابة القصيدة قراءة للعالم ، فإن قراءة هذه القصيدة هي كتابة للعالم".


إليك أرحنا عازب الشعر بعدما      تمهل في روض المعاني العجائب
غرائب لاقت في فنائك أنسها     من المجد، فهي الآن غير غرائب

أبو تمام 

Syria Media Roundup (August 9)

$
0
0

[This is a roundup of news articles and other materials circulating on Syria and reflects a wide variety of opinions. It does not reflect the views of the Syria Page Editors or of Jadaliyya. You may send your own recommendations for inclusion in each week's roundup to syria@jadaliyya.com by Monday night of every week]

  

Regional and International Perspectives

 

Riyadh to Beirut: A Post-Assad Ultimatum Saudi Arabia’s foreign minister asks Lebanon’s Prime Minister to “cooperate in exchanging information” on the leakage of “any weapons” from Syrian territories. 

Syria-Lebanon Border: A Show of Force Afif Diab gives an update on the military buildup at the Syria- Lebanon border.

Bitter memories, little hope for Syrians Erin Banco and Sophia Jones meet refugees in Jordan’s Zaatri camp, who are dealing with PTSD and harsh living conditions.

Welcome to the ’Kurdish Spring’ Pepe Escobar analyzes Turkey’s anxiety over Syria’s decision to leave some areas to the Syrian Kurdish Democratic Party

Inside Syria

 

Dash to enter Damascus with rebels shows government still in control

 

Refused, confused or pleased to be sectarian in Syria? Rita meets with a young man from the FSA, who she says “has become increasingly sectarian.”

 

Syrian Narratives

 

On Defections and Developments in Syria: PBS NewsHour Interview with Bassam Haddad and David Lesch

 

Breaking the Arab News Sultan Al-Qassemi on Al Jazeera and Al Arabiyya’s biased coverage of the events in Syria.

 

Arab Spring Overdose? Author responds to Al-Qassemi’s argument, highlighting some contradictions.

 

A Note on the Complexities of the Syrian Uprising The author says the dominant antagonism in Syria “is that between the regime, a state-capitalist bloc, and the popular masses based in the working class.”

 

Bilad al-Sham: Jihad’s Newest Hot Spot Radwan Mortada gives a list of important “Islamist militias” inside Syria.

 

Syria: The Military Option Nicolas Nassif says “there will be no alternative to continued military operations” until one side achieves a military victory that translates into political gains.

 

The Islamist Tones of the Syrian Uprising Karl Sharro says opposition’s lack of a clear political vision gives way to a religious mobilization which not everyone can relate to.

 

Battles for Damascus and Aleppo  Nicolas Nassif explains what the fighting in Syria’s two major cities tells us about the developments of the crisis.

 

The Way the Wind Blows in Syria (and Beyond) Jeff Klein says climate change played a role in the Syrian uprising.

 

Syria’s “Liberated” Future Shamus Cooke notes a shift in narrative in western media, a hypocritical move “to sell this bloodbath as an advance of democracy.”

 

Conflicts in Aleppo Determine Syria’s Fate Interview with Dr. Mahmoud Vaezi Vice President for Foreign Policy Studies on the significance of the battles in Aleppo

 

The Eccentricities of Bashar al-Assad As’ad AbuKhalil suggests Bashar’s aloofness is either due to the fact that he grew up in a “ruler’s court” or because he no longer is running the show.

 

The Scorpion and the Frog  Ty Mccormick says Syria long supported terrorist groups within its borders, hence it should not be surprising to see the emergence of some taking advantage of the crisis.

Civil war in Syria: The end of the beginning? Franco Galdini says the collapse of the government could bring a full-scale civil war.

 

'My classmate is a war criminal' Testimonies from those who studied with Bashar al-Assad.

 

Capture the Flag Sami Moubayed provides a short history of the Syrian flag.

 

Syria’s Crumbling Pluralism Civil Disintegration and Ethnic Cleansing Kapil Komireddi says the situation is worsening for minorities in Syria.

 

Could Syria’s Current Predicament Have Been Avoided Over A Decade Ago? Ehsani says the black hole in which Syria is plunged could have been avoided had the Syrian regime dealt differently with the Damascus Spring.

 

Riad Hijab defection drives wedge into fractured party Robert Fisk argues Hijab’s departure “does not constitute a body blow for the President.”

 

Assad's assault risks wiping out Syria's past and its future

 

Partition is a viable option for Syria Dilip Hiro buys the sectarian narrative and dangerously argues that “a viable alternative for them (Alawites) is retreat to an Alawite-majority zone where the Christians, who have allied closely with the Baathist regime, would be welcome.”

 

Do the Assads fear Alawite anger? Michael Young says Assad is not likely to be interested in an Alawite state “an alternative that is almost certain to consume him.”

 

Aleppo Now and the Future of Armenians in Syria Keith Watenpaugh on the developments of the uprising in Aleppo.

 

A death knell for diplomacy? Al Jazeera’s program on Kofi Annan’s departure.

 

'We Are the New Government': Rebels Plant Seeds for Syria's Future Raniah Salloum meets rebels who took control of a Syrian border post, and admit the need “to be careful about [their] image."

 

Safe Harbor for the Wounded Raniah Salloum meets a Syrian ‘rebel’ in a Turkish hospital.

 

Imperialism and the Left

 

Syria Divides the Arab Left Nicolas Dot-Pouillard sheds light on the “leftist” positions.

 

Syria, imperialism and the left Alex Snowdon says “the nature of the Arab revolutions has been dramatically altered by the geo-political context and the role of imperialism.”

 

 Syria, the Left and a Revolution Divided

 

Hezbollah Without Syria As’ad AbuKhalil argues Hezbollah can live without the Syrian regime and envisions a post-Assad period.

 

Syria's Pipelineistan war Pepe Escobar exposes the economic interests of countries in the region, who rely on Syria for their energy supplies.

 

Art and Social Media

 

Syria Conflict Finds a Voice in Hip Hop Syrian artists advocate for the “Third Line,” and try to break the pro and anti-government dichotomy.

 

Raymond Boutros: The Last Communist Khalil Sweileh draws a portrait of this Syrian director and his prolific career.

Syria's ancient treasures pulverised Robert Fisk on the destruction of historical monuments in Syria.

 

Syria Picture Faked, Say Bloggers

 

Policy and Reports

 

Month-by-Month Summary of Developments in Syria (Updated) International Crisis Group’s summary of latest events.

 

Syria conflict: a year of deaths mapped with data collected by the Syrian Shuhada

 

Syrian Crisis as a Reversed Two-Level Game Kursad Turan’s report evaluating “the positions adopted by the actors involved and the potential of a peaceful resolution in the near future.”

 

Arabic:

 

ضربات قوية لنظام الأسد 

Abd Al-Bari Atwan writes about the defection of the Syrian Prime Minister Riad Hijab and its implications on the Assad regime.

 

سوريا وديمغرافية ما بعد الثورة

This is a report by George Kadr about the factors that controlled Syrian demographics before the revolution, and the implications of Al-Assad’s brutal response after.

 

العقيد الأسعد والأميرة السلمية

Subhi Hadid writes about the militarization of the revolution and the mistakes committed by those who say that they are part of an armed struggle against the regime, such as FSA leader Riad Al-Asaad’s false accusation of the city of Salamiyah as being loyalist to Al-Assad. 

 

أعداء مستقبل سوريا يغتالون عقولها: اتهامات متبادلة… والمحصلة واحدة

Tarek Al-Abed writes about the current situation in Syria and the killing that both sides of the conflict are committing.

 

رداً على رياض الشقفة: «بيتكم من زجاج»

Michel Kilo responds to Riad Asheqfeh’s criticism of his stance towards the defected general and Assad’s childhood friend Manaf Tlass.

 

المراقبون سيتحولون إلى بعثة سياسية تتبع جيفري فيلتمان أربعة أسماء لخلافة أنان: موراتينوس الأوفر حظاً

Tarek Al-Balout writes about the possible heir to the Annan Plan after Kofi Annan had resigned from the mission and its transformation from a military plan to a political one.

 

حدثونا عن سورية ما بعد الاسد

Abd Al-Bari Atwan writes about the future of Syria after Al-Assad and the West’s interference.

 

سوريا ولبنان: 1976

Asad Abu Khalil writes about the Syrian military intervention in Lebanon in 1976.

 

«معارك دمشق»: مقاربة طبقية
Ward Kasouha writes about the bloody struggle in Syria and its exacerbation of a class conflict among Syrians.

لمن تكون الغلبة في حلب؟
Fadi Al-Ahmar writes about Aleppo before and during the uprisings and analyzes what could become of the battle that is currently taking place in the city.

Pinkwatching And Pinkwashing: Interpenetration and its Discontents

$
0
0

Over the past year, we have been carefully observing and participating in the rise of anti-pinkwashing queer activism in the United States and Europe, which has followed a similar, though not equivalent trajectory to activism in the Middle East. Pinkwashing—the process by which the Israeli state seeks to gloss over the ongoing settler colonialism of historic Palestine by redirecting international attention towards a comparison between the supposedly stellar record of gay rights in Israel and the supposedly dismal state of life for LGBTQ Palestinians in Occupied Palestine—has met stiff and increasing resistance from queer activists in the United States. Increasingly, though, we have been hard pressed to discern the difference between how pinkwashing operates as a story about sexuality in Israel/Palestine and the supposed counter-narratives produced by what has come to be known as “pinkwatching.” In fact, we note that many of the same assumptions that animate the discourses of pinkwashing are unwittingly and sometimes intentionally reproduced in the pinkwatching efforts to challenge the basis of pinkwashing. Keeping in mind that divergences between academic and activist concerns and strategies are in part structured through disciplinary difference, we nevertheless offer the following observations about the collusions between pinkwashing and pinkwatching. We have clustered our notes around four loose themes.

First, we discuss the ways in which both pinkwashing and pinkwatching operate within and reproduce a discourse of homonationalism. Indeed, without the background picture of homonationalism, neither pinkwashing nor pinkwatching would be intelligible. This is not a normative statement, but rather a recognition of the ways that homonationalism—by which we mean quite simply, that the right to, or quality of sovereignty is now evaluated by how a nation treats its homosexuals—has come to structure the conditions of possibility about sexuality and rights internationally for debates.

Second, we examine the ways in which the practice and normalization of settler colonialism operate as the staging ground for both pinkwashing in Israel and pinkwatching in the United States. While pinkwashing serves to conceal Israel's colonization of Palestine, pinkwatching rarely exposes the United States' self-scripted silence on settler colonialism at home and the ways that discourses of sexuality operate to present natives and people of color as always in need of redemption and education by the liberal state. Discourses on sexuality and criminality are, in fact, a vehicle for multicultural settler colonial states, such as Australia, South Africa, Israel, and the United States, that continue practicing a mission civilisatrice in the age of tolerance.

Third, we draw attention to the ways that a myopic focus on Israeli pinkwashing sacrifices a deeper understanding and critique of the ways in which the war on terror, Islamophobia, and rights discourses are intertwined. By severing Israeli attempts to pinkwash Israeli settler colonialism from the discursive landscape, which makes these attempts legible, pinkwatchers absolve the United States of its own own pinkwashing of the ongoing occupation of Iraq and of the ways in which discourses of Islamophobia and gay rights are currently being used to racialize and demonize Iran, not to mention to police racial-sexual others in the United States itself. Another way to practice exceptionalism is to note Israel’s legal record on gay rights, as many liberal voices in the United States do. But, by severing the supposed gay rights “record” of Israel from its regime of legal apartheid as it pertains to Palestinians, pinkwatchers reproduce gay rights as a measure by which a state can be deemed “liberal” and progressive. In using this discourse, they emphasize particular rights, such as the right to be married or to serve in the army, as markers to which the gay international should aspire. Thus, they reproduce the very discourse of pinkwashing in their attempts to redress it, by treating gay rights as if they operate in a legal vacuum, separate and separable from the legal system as a whole.

Finally, we are concerned by the way that many pinkwatchers (in the name of political expediency and coalition building) engage in lowest common denominator politics. Thus, pinkwatchers in the US ignore “divisive” questions such as the millions of lifetime Palestinian refugees, the right to militarily resist occupation, the illegal annexation of Jerusalem and the Golan Heights by Israel, and the fact that all of what today is called Israel used to be called Palestine not that long ago. They thus focus their conversations on answering almost explicitly the claims of pinkwashing as regards sexuality, rather than showing how these questions are only made possible by racism, colonialism, and homonationalism.

1. Homonationalism 

Many progressive critics miss the point: pinkwashing only makes sense as a political strategy within a discourse of Islamophobia and Arabophobia—it is part of a larger project to anchor all politics within the axis of identity and identitarian (and identifiable) groups. Thus, critics of pinkwashing, who assume an international queer camaraderie, repeat a central tenet of homonationalism: homosexuals should be in solidarity and empathize with each other because they are homosexual. In fact, pinkwashing and pinkwatching are both made possible and legible through the political and social efficacy of homonationalism as a structuring force of neoliberal modernity.

Pinkwashing produces endless questions about the status of gays, lesbians, and trans Palestinians in the West Bank and in Gaza, as well as in Israel. Pinkwatching in the United States not only produces these very same questions, but it also responds to them citing the presence of Arab and Palestinian activist groups and individuals in the Middle East as proof that there are native and authentic LGBT activists in the Arab world. In this way, the relationship between pinkwashing and pinkwatching produces a call and response feedback loop that stabilizes the discourse that pinkwatching claims to critique.

Moreover, pinkwatching has become the primary, myopic lens through which queer youth (but not only youth) are asked to (and allowed to) be politicized around the issue of Palestine—a cycle which reinforces the myriad ways in which solidarity for Palestine/Israel in the United States is often articulated through the presence of different identity groups staking “their claim” in the debate (Jewish- American, Arab-American, Gay-American). One is tempted to call the production of such a narrow and reductive framework, through which American queers are to become politically engaged in foreign policy, an exercise in homonationalism.

Pinkwashing insists that the “queer Palestinian subject” and homophobia show up on Israeli/global terms. Pinkwatching advocates for solidarity for the Palestinian cause only if, and because, Palestinian “queerness” and homophobia shows up on the United States’ terms—terms recognizable by global queer identity formations. In fact, Palestinian queers cannot be cut from the fabric of Palestinian society in a way that mimics the identity politics of the gay(s) internationally. Furthermore, “homophobia” now circulates as a purportedly transparent form of violence that all queers are subject to, regardless of geopolitical locations or historical, cultural, and economic variability. As shorthand for the myriad and complex manners through which heterosexuality can be a privileged form of social organization, it thus also reduces all heterosexualities to the same construct. This globalizing of the term homophobia, and its attendant assumptions works, therefore suture, rather than disrupt the hetero-homo binary and the gender binary upon which it rests/is intertwined.

2. Settler Colonialism and its Affective States

In Israel, pinkwashing works to mobilize a discourse about gay rights to obfuscate the ongoing occupation of Palestine. In the United States, pinkwatching is so focused on recovering the queer Palestinian voice and legitimating queer solidarity frames that it speaks almost exclusively to an American queer audience and its experiences of discrimination and struggle—which it uses as an emotional bridge to Palestinian queers and Palestinians more broadly. Thus, settler colonialism in historic Palestine is framed as a serial of segregated human rights abuses that can be ameliorated piece by piece by state entities. After all, indigenous people everywhere would feel much safer under the watchful eye of the United Nations, the International Criminal Court, and entities such as the United States and the “western” world.

Pinkwashing ignores the settler-colonialism of Israel. Unfortunately, pinkwatching ignores the settler-colonialism of the United States and its own entrenchment in homonationalism. More often than not, pinkwatchers in the United States rightly critique the structural violence of settler colonialism in Palestine, but do so without recognizing the fact that they (we) are also settlers who live in a settler colony. Often, critique of the illegal settlements in Palestine is rendered through a disidentification with those settlers, rather than recognition of a common historical, political, and ongoing practice of settling the United States.

The United States is Israel’s greatest benefactor—its diplomatic and military blank check. Without a critique of US complicity in Israel’s occupation of Palestine, queer solidarity efforts are reproducing homonationalist versions of queerness and colluding with US imperialism. American queers did not need to be reached out to by the Israeli government to have always already been complicit in the colonial and criminal settling of historic Palestine. The fact that they were named as a propaganda target by the Israeli government is only evidence of the normalization of the “special relationship” between Israel and the United States writ large. The very visibility of the call to American gays obfuscates the deeper and more intractable binding between all American citizens and the continued settling of historical Palestine.

In addition to shared history and practice of settler colonialism, the United States and Israel are the largest benefactors of homonationalism, as it operates on three scalar registers: internal, territorial, and global.

3.The Dangers of Exceptionalism

Pinkwashing partakes in global circulations of gay rights that accord civilizational status to “gay-friendly” nations, cultures, and religions. In fact, without these global circulations, pinkwashing would not make much sense at all, just as it would not make sense if international circulations of Islamophobia, Orientalism, and particular ideas about Arab culture had not become “normal.” Pinkwatching does not take into account this broader global context, and instead focuses on the state of Israel as the sole offender of this use of gay rights to demarcate civilizational aptitude. The fact that the United States actively pinkwashes its occupation of Iraq and pinkwashes its military desires on Iran (and that US gays are mobilized for this purpose) goes unremarked upon. In fact, the Israeli state's attempt to “pinkwash” its occupation of Palestine relies on the same discourses that allowed a giant blow up doll of President Ahmadinejad to be sodomized by a blow up nuke held by a white queer dungeon master at the 2011 San Francisco Pride Parade. Pinkwatching activism in the United States by and large ignores the ways that the use of gay rights discourses and bodies have been used to legitimize American colonial and military ambitions.

[Ahmadinejad Is Raped by a Nuke at San Francisco Gay Pride, Image from Iran 180]

Both the Israeli state and American pinkwatchers point to the successes of gay rights in Israel. Disconnecting the “stellar” status of gay rights in Israel from its historical occupation of Palestine and invasions and occupations of other Arab countries is precisely the mode of analysis through which homonationalism operates. Pinkwatchers in the region unsurprisingly do not recognize the right to serve in a colonial army that occupies Palestine and has invaded and occupied other Arab states for decades as a commendable gay right. Pinkwatchers in the United States, perhaps in deference to LGBTQ organizing around the repeal of “Don't Ask, Don't Tell,” cite the fact that gays can openly serve in the Israeli military as an example of Israel's gay rights record. In addition, a focus on supposed “marriage equality” in Israel reproduces the right to marry as a marker of queer equality and the measure to which international queer activism should reach. The fact that the Israeli state does not allow Israeli citizens to marry Palestinians is further normalized every time people celebrate or cite marriage equality in Israel. In the United States, we used to call these state-enforced race policies “miscegenation laws:” laws that were integral to the Jim Crow system of segregation and apartheid.

4. Least Common Denominator (LCD) Solidarity

Pinkwashers, in order to reach broad political consensus, do not talk about the contentious—or what the “peace talks” call “final status”—issues. Similarly, pinkwatchers in the US ignore “divisive” questions, such as the right to militarily resist illegal occupation and settlement, the millions of lifetime Palestinian refugees, the illegal occupation and annexation of Jerusalem by Israel, and fact that the “two state solution” is actually shorthand for the normalization and acceptance of the crimes of settler colonialism. In the name of political expediency and coalition building, many pinkwatchers engage in what Maya Mikdashi calls “lowest common denominator politics.” (see Maya Mikdashi, diss). They thus focus their conversations on responding almost explicitly to the claims of pinkwashing, rather than showing how the very questions are only made possible by racism, colonialism, and homonationalism. For example, rather than respond to the perennial question of whether or not Palestinians are homophobic, (as if Israel, the United States, and the rest of the so-called civilized world have eradicated homophobia), one should query the accusation of homophobia as a political whip. Palestinian Queers for BDS members point out that it is irrelevant whether Palestinian society is homophobic or not. The question of homophobia within Palestinian society has nothing to do with the fact that Israeli occupation must end. For pinkwatching to be effective, as it claims to speak in the name of regional activism (“just listen to what Palestinian queers say about their own lives”), it must respect its histories and regional specificities.

Taken together, we believe that these four points demonstrate that both pinkwashing and pinkwatching speak the language of homonationalism. One does so in the name of Israel, the other does so in the name of Palestine. In addition, both are strategies directed and redirected through the same power centers and towards the same intended audience: Euro-American gays. We would like to end by drawing attention to the fact that Israel/Palestine are not the only arenas where pinkwashing occurs. A deeper critique of pinkwashing and of homonationalism more broadly must take into account the ways that it is used in settler colonies such as the United States and Israel in addition to the ways that homonationalism is intimately connected to practices of power and empire on the international stage.

 

Litigating the New Frontier in the War on Terror

$
0
0

In the landscape of the global “war on terror,” the Center for Constitutional Rights and the American Civil Liberties Union are veteran pioneers. CCR hacked into the “legal black hole” of Guantánamo by pursuing the first challenge, back in February 2002, to the denial of habeas corpus for people detained there incommunicado; they prevailed at the Supreme Court in 2004. The ACLU tunneled into the glacier of governmental secrecy with one Freedom of Information Act (FOIA) lawsuit after another, bringing to light and making publicly accessible a good deal of what we now know about US policies and practices in the context of that ongoing war.

Now CCR and the ACLU are pioneering into the new frontier, the US targeted killing policy, which has escalated dramatically since Barack Obama took office in 2009. In July, the two organizations filed a lawsuit against Defense Secretary Leon Panetta, CIA Director David Petraeus, and two commanders of the Joint Special Operations Command (JSOC). Although thousands have been killed by drones and targeted raids, the grease that opens the courtroom door in this case is the American citizenship status of three of the dead: Anwar al-Awlaki, Samir Khan, and Abdulrahman al-Awlaki. 

This lawsuit is pioneering because it is the first challenge in a US court to the legality of the consequences of the targeted killing policy. It is not the first case, however. After the Washington Post reported in January 2010 that Anwar al-Awlaki had been put on the Obama administration’s “kill list,” his father Nasser, with the ACLU and CCR, brought a lawsuit challenging the legality of executive authorization for extrajudicial execution of a citizen. That case was dismissed when the court ruled that the senior al-Awlaki lacked standing because the government had no plans to kill him. 

Now that Anwar al-Awlaki, his 16-year-old son Abdulrahman and Khan are dead, there is a different kind of case to be made. The plaintiffs are Nasser al-Awlaki and Sarah Khan, mother of Samir. The complaint charges the defendants with violating the Fourth and Fifth Amendments of the Constitution by authorizing attacks that killed three citizens. Everyone in the US, regardless of citizenship status, is covered by the Constitution. But beyond the shores, only citizens have constitutional rights not to be deprived of life without due process of law. Or at least that is a right the lawsuit aims to demonstrate by pursuing consequences for those responsible for its violation. 

Of the three dead citizens, only Anwar al-Awlaki was targeted on purpose. Khan had the misfortune of being with him on 30 September 2011 when the jointly operated CIA-JSOC drone struck. Why Abdulrahman was killed in an attack two weeks later remains shrouded in secrecy, like the policy in general. 

Anwar al-Awlaki was accused by the government of being a leader of al-Qaeda in the Arabian Peninsula and waging war on the US. The authorization to kill him had been varnished with a legal opinion written in 2010 by lawyers in the Justice Department’s Office of Legal Counsel, the same office that, under the previous administration, had provided legal cover for the use of torture. Although the Obama administration has resolutely refused to declassify that opinion, thus depriving the public of a fuller understanding of the legal rationales for the targeted killing of citizens, its contents were leaked to the New York Times in October of last year. (In a separate case, the ACLU along with the New York Times is suing the government under FOIA to release that document and other information about the targeting of citizens.)

The ACLU and CCR are making a case with broad implications for executive discretion and the legality and limits of the use of lethal force. Citing the killing of Anwar al-Awlaki specifically, the complaint challenges the drone war in Yemen more broadly on the grounds that the US “was not engaged in an armed conflict with or within” that country. That charge has shadowed the targeted killing policy since the first operation—also in Yemen—in 2002, and would have implications for drone warfare in Pakistan, East Africa and other areas where the US is not officially “at war.” But the killing of a citizen on purpose outside a war zone provided the opening to challenge it. The Obama administration, like the Bush administration, relies on the Authorization To Use Military Force, passed by Congress days after the 9/11 terrorist attacks, to assert the prerogative to attack perceived threats wherever they may be. This case would put the powers granted to the president under the AUMF into judicial play in a new way. 

The complaint also challenges the government’s interpretation of “direct participation in hostilities.” The blurry and contested meaning of direct participation has gotten a lot of judicial play via habeas challenges to the detention of people in Guantánamo and in the context of charges prosecuted through the military commissions. But this case, in which the allegation of direct participation is coupled with the use of lethal force, elevates the issue to a new level. 

The killing of Khan and Abdulrahman, who were not alleged to be participating in hostilities, would bring the issue of “collateral damage” into the courtroom. If the case is goes forward, the government will be forced to answer questions about decision making and operational compliance with international humanitarian law rules on proportionality and distinction. Did the government kill them—and, by implication, other untargeted civilians—by “mistake”? And if so, is the whole clandestine kill process mistake-prone

So far, the government has not had to answer such questions, at least not in a court of law. To the extent that any answers have been provided about targeted killing in general and the killing of citizens in particular, they have come mostly in the form of leaks from unnamed sources and carefully scripted public remarks by top officials

The targeted killing policy is the latest incarnation of unfettered executive superpower discretion. The policy has been criticized for violating international law, including from European allies and the UN Special Rapporteur on Extrajudicial, Arbitrary or Summary Executions. Popular opinion in the US, however, runs strongly in favor of this policy; target killing is one of the very few things the Obama administration does that enjoys strong bipartisan support. For this reason, litigation is so important because it is the only available means of challenging the policy, and the killing of three citizens provided the opportunity to do so. 

If this case is not dismissed on state secrets grounds, as the government is likely to argue in its response to the complaint which is due in the fall, it will expose a new horizon for litigating the conduct of war. Even if the case is dismissed, CCR and the ACLU deserve commendation for once again pioneering into the murky landscape of the “war on terror” to press for governmental transparency, accountability and adherence to the law.

 


CIA: KUBARK's Very Long Shadow

$
0
0

A 2011 FBI "primer" on overseas interrogations, which became public on August 2, 2012, as a result of Freedom of Information Act action taken by the American Civil Liberties Union, repeatedly cites the Central Intelligence Agency's 1963 KUBARK Counterintelligence Interrogation. KUBARK was the code name the CIA used for itself.

The FBI briefing also cites the CIA's 1983 Human Resource Exploitation Manual (Honduras version) which was compiled by sections of KUBARK to train interrogators in the art of obtaining intelligence from "resistant sources". This was disseminated to the intelligence services of right-wing regimes in Latin America and south-east Asia in the context of the global "war on communism". In the mid-1980s, these manuals became the subject of Congressional investigations into US-supported atrocities in Central America. Both became public in 1997 as a result of FOIA action by the Baltimore Sun.

The FBI primer favourably invokes the KUBARK manual as a resource to illustrate the value of isolation "for several days before you begin interrogation" as well as during the "multi-session, multi-day process" as a means of prolonging a prisoner's fear prior to interrogation. The encouragement of fear-production through isolation is disturbing for (at least) two reasons. First, it indicates that some elements of the CIA's psychological torture model continue to have currency, despite the scandalous record of US prisoner abuse in the "war on terror" and the Obama administration's pledge to end torture.

 

One of the many victims of the US extraordinary rendition programme, Maher Arar, a Canadian citizen who was shipped from New York to Syria in 2002, responded to the FBI primer's advocacy of isolation with the following tweets: "That's called torture. I say this from experience. Isolation 4 long time becomes worse than physical beating." "1 thing isolation inflicted on me is that my cognitive skills have been greatly & permanently diminished." And "If u want 2 know what solitary confinement does 2 humans try locking urself in the bathroom 4 only 24hrs. Please tweet about ur findings." 

Arar's failed attempt to obtain justice in a US court for the abuses to which he was reportedly subjected by and at the behest of the US government is one of many markers of this nation's refusal to deal seriously with the legacy of torture. No wonder, then, that the FBI section chief in the counterterrorism division who is understood to have written the primer would feel no compulsion not to craft current policy from this unaccountable recent past.

The second disturbing element is the primer author's apparent unawareness - or disregard - for the ignominious history of KUBARK, and the CIA record more generally. Did he or she never read Darius Rejali's Torture and Democracy, or Alfred McCoy's A Question of Torture, or Naomi Klein's The Shock Doctrine to name but a few of the many studies that detail and critique that history? Since KUBARK continues to be an operable model, it is worth recalling some highlights (or lowlights) of that history in order to put the 2011 primer into context.

KUBARK's shadowy past

KUBARK was the product of the CIA's "mind control" research programme, which was prompted by the terrible mistreatment of US prisoners of war during the Korean War. Many soldiers who were captured by the North Koreans were beaten, starved, put into forced labour, marched to death, or summarily executed. China, which fought alongside North Korea, also committed war crimes against POWs, but added a new tactic to their repertoire of mistreatment: after starving prisoners into a weakened state, they subjected them to communist indoctrination. That history was immortalised in John Frankenheimer's (1962) political thriller, The Manchurian Candidate, which features a character who was "brainwashed" to become an assassin for an international communist conspiracy.

The CIA took a lesson from the Korean War. Fearful that a communist regime might achieve a breakthrough in the art of brainwashing, in 1953 the agency established the MK-ULTRA programme and invested in mind-control research. This began with experiments in hypnosis, electroshock, and hallucinogenic drugs - including LSD. The CIA programme evolved into psychological torture, which fuses tactics of sensory deprivation and self-inflicted pain (ie: stress position abuse). Unlike beatings and other tactics that violently attack the body, this combination, as McCoy explains, targets the mind and "causes victims to feel responsible for their suffering and thus capitulate more readily to their torturers". The 1963 KUBARK manual explains the purposes and uses of various combinations of tactics - including isolation - that systematically attack all of the human senses to produce effects of "debility, disorientation and dread".

By the late 1950s, the US viewed the conflict in Vietnam as critical to the Cold War goal of containment and rollback of communism. The US started sending forces to South Vietnam in the early 1960s. To root out Southern guerillas (Viet Cong) who were allied with the North, the CIA trained more than 85,000 South Vietnamese police, who operated a network of interrogational torture sites across the country. The CIA developed the Phoenix programme, which typified terroristic torture in its combination of brutal interrogations and extrajudicial executions. Although the Phoenix programme was an intelligence-gathering failure (and more than 26,000 prisoners were either tortured to death or summarily executed), the model lived on.

In the Western Hemisphere, US anxieties about the spread of communism spiked following Fidel Castro's 1959 victory in the Cuban revolutionary war and the installation of a communist government allied to the Soviet Union. The counter-insurgency warfare models honed in Vietnam were transported to Latin America in the 1960s through Project X, a secret training programme of Army Intelligence for militaries and police. The Phoenix programme model was incorporated into the curriculum of the School of the Americas.

Starting with Brazil in 1963, right-wing military leaders across Latin America seized power from democratically elected governments, with US encouragement and assistance. Through the School of the Americas and other US institutions (including the philanthropic Ford Foundation), regional military and political leaders were educated about the free market theories of Milton Friedman, an economics professor at the University of Chicago. Friedman and his acolytes, nicknamed the Chicago Boys, were opposed to any state involvement in the economy. They believed that for the market to be truly "free", government regulation of industry, subsidies, and social welfare programmes should end.

 

In The Shock Doctrine, Klein explains how Friedman's fascination with the 1950s CIA-funded research into electric shock therapy to turn individuals' minds into empty slates that could be inscribed with new information (brainwashing) inspired his theories about how whole societies could be shocked to accept (unpopular) free market policies of privatisation, deregulation, and the termination of social programmes. In 1973, Friedman advised Chilean dictator Augusto Pinochet, who had just seized power (with US assistance) from the democratically elected president, Salvador Allende, to impose economic shock therapy while Chilean society was in shock from the coup. Thus, Chile became the first place where the Chicago Boys' theories could be applied in the real world.

Those economic shock policies instituted by the Pinochet regime and emulated by other Latin American military dictatorships were a disaster. In the short term, the gutting of public services and popular social welfare programmes sparked unrest as people protested the declining standards of living. Over the longer term, national revenues diminished as multinational corporations bought up de-nationalised industries and transported profits to shareholders abroad. To defend their policies and subdue unrest, these military regimes embarked on national wars against domestic subversives and enemies, which they regarded as part of the West's war against international communism.

In these "dirty wars", the people targeted by the region's military regimes were depicted as traitors and communists, or guilty by association with leftist political movements. As Lawrence Weschler explains in A Miracle, A Universe: Settling Accounts with Torturers, the doctrine of national security guiding these military regimes was "a fearsome piece of work... The enemy - the International Communist Movement - is perceived as covertly operating everywhere, all the time, in all fields of human endeavour".

Although it is impossible to know exactly how many people were tortured by these military regimes from the 1960s through the 1980s, experts estimate the number between 100,000 and 150,000, tens of thousands of whom were killed. In some countries, following the collapse of these regimes, their records became the subject of investigations and published reports that took as their titles "never again". Since 1990, a number of leaders of the former military regimes have faced prosecution for torture and other crimes committed while they were in power.

The US has not had its "never again" reckoning, neither for the historic role of aiding other countries in their torture nor for our own history of torture. The FBI, which distinguished itself during the Bush years for refusing to cooperate with the CIA when illegal (and ineffective) tactics were used in the interrogation of prisoners, has now, apparently, decided to embrace some of the measures it had repudiated not long ago.

[This article was originally published on Al Jazeera.]

Maghreb Media Roundup (August 9)

$
0
0

[This is a roundup of news articles and other materials circulating on the Maghreb and reflects a wide variety of opinions. It does not reflect the views of the Maghreb Page Editors or of Jadaliyya. You may send your own recommendations for inclusion in each week's roundup to maghreb@jadaliyya.com by Wednesday night of every week.]

Algeria

Colonised by the Arabs, Abandoned by the World Several Amazigh organizations relate accounts of marginalization and abuse under the pretext of the regime's "anti-terrorist" operations.

Le film algérien 'El Gusto' : Séparés par l'histoire, réunis par la musique Mona Sadek reviews the Algerian-Irish film, which chronicles the lives of Jewish and Muslim friends through the civil war.

Incivisme,insécurité et dégradation du cadre de vie,Où est passé l’État? Farid Belgacem criticizes the state's neglect of  "minor" crimes in favor of its "terrorism" fixation.

Libya

Libya: Fireworks Mark Tripoli's First Liberation Anniversary Amira al-Hussaini presents a compilation of tweets and online reflections in commemoration of Operation Mermaid Dawn.

Opinion: Hopeful signs emerge in Libya Najila Abdurraham argues that "alarmist media narratives have overplayed threats to civic peace," and exclude perspectives of the average Libyan.

Libya council hands power to new assembly Al jazeera covers Libya's first peaceful transition of power in 47 years. 

Jalil in headscarf controversy as first row erupts at National Congress Heckling and removal of an unscarfed presenter at the transfer ceremony sparks condemnation of Jalil and congressional members.

Mauritania

Look Back, Nov. 2011. Activists in Mauritania Brave Threats To Visit The Death Camp Of Innal For the 1st Time CRIDEM.org reports on the the gathering of victim's families at the site where 26 Black soldiers were hanged in 1990.

Mauritania: Mining Workers Protest ‘New Kind of Slavery' Ahmed Jadu summarizes the conditions  and series of events leading to Mauritania's mining protests.

Morocco

La faillite de l’enseignement public Mahdi Zahraoui laments the deficient public education system as a function of corruption and paranoid government attitudes towards the poor and middle class.

Ramadan In Morocco: The Morality Police Matt Schumann discusses the closure of hookah bars in Casablanca and the misdirected motives of the ruling party.  

Morocco, A Police State That Doesn’t Say Its Name Ellen van de Bovenkamp reflects on her personal encounters with constraints on press freedoms in Morocco.

Tawiza cesse de paraître, son esprit continue Ali Khadaoui writes a tribute to activist Mohamed Boudhan, director of the only monthly Amaizgh newspaper in Morocco.

#Morocco: Refugee journalist in danger in Spanish enclave - via @RSF Reporters Without Borders expresses concern for the safety of Naimi Hamid, a journalist who has received several threats following his reports on corruption in the Moroccan government.

Tunisia

Les Tunisiens et le « sacré » Mohamed Firas Arfaoui discusses the potential benefits of Tunisia's new anti-blasphemy law.

Tunisia: Prison, Fines for Offending ‘Sacred Values’ Human Rights Watch outlines the threats of Tunisia's anti-blasphemy law to freedom of expression.

Assaulted by the Cops! Blogger Lina Ben Mhenni describes the August 5th assault on herself and others peacefully protesting against the government's idleness.

Analyse: Ennahda 2012 - première année de l’exercice partagé du pouvoir en Tunisie Dominique Avon and Youseef Aschi explore the role of religion in post-revolutionary Tunisia in the context of Ennahdha's ascent to power.

Prisoner compensation raises eyebrows in Tunisia Critics of the proposal to compensate former political prisoners argue that the economy cannot support the stress, and that the money may flow to the ruling Ennahdha party as many former prisoners were 'Islamists.'   

Tunisian Government Tightens Grip, Sparks Fears of Islamization Nizar Bahloul criticizes Ennahdha's attacks on personal freedoms and inability to respond to the nation's proximate needs.


Arabic

الفرص الضائعة هل تركت بقايا فرصة للخلاص ؟
Youssef Mouhammed outlines missed opportunities, beginning in January 2011, to thoroughly rebuild Tunisia's political sphere.

ندوة حوارية في مقر السراج حول كتاب الرق في موريتانيا
Mohamed Salem Ould discusses his new book on slavery in Mauritania, in which he explores society's legitimization of slavery, Islamic rulings on the issue, and its political management through time.

موريتانيا: الرشوة والوساطة صناعة صينية
Compilation of reactions to the first known report and rejection of bribery by a Mauritanian official.

Recent Jadaliyya Articles on the Maghreb

Maghreb Monthly Edition on Jadaliyya (July 2012)
Dissent in Morocco: Not All for One
Neither Allah, Nor Master
Morocco Reforms: Criminalizing Dissent
نقاش الحرية الجنسية في المغرب بين الحقوقي والسياسي

Cinematic Occupation

$
0
0

Kamal Aljafari, Port of Memory. France/Germany/UAE/Palestine, 2009.

In the state of siege, time becomes place
Fossilized in its eternity
In the state of siege, place becomes time
Lagging behind its yesterday and its tomorrow

—Mahmoud Darwish, “State of Siege”

Kamal Aljafari’s film Port of Memory (2009) opens with a long tracking shot of a grand, decaying house at twilight. The camera lingers on the skin of this structure that bears traces of other times and previous inhabitations. The footage feels like a memorial for a building that may not live much longer: we see a floorboard of what was once a balcony, recesses where there were stairs, and the remnants of plaster crenellations above cinder-blocked windows. Aljafari uses these buildings and streets of Jaffa as a frame against and within which his character’s actions are set. The film pivots around the narrative of a shrinking city and its spectral inhabitants whose lives are inextricably tied to these spaces. The film brings to mind Freud’s writing on The Uncanny in which he quotes Jetsch doubting “whether an apparently animate being is really alive; or conversely, whether a lifeless object might not be in fact animate.”[1] Port of Memory distances itself from conventional filmic narratives of Palestinian subjects by meditating on the state of Palestinians within Israel; it also departs from dominant spectacular representations by focusing on the minutiae of everyday life. The filmmaker’s relationship to the subjects in the film is never made explicit—the characters are Aljafari’s extended family—underscoring his resistance to the documentary format in dealing with his subject matter. Port of Memory thus blurs the line between fiction and non-fiction, offering a collage of staging and restaging, pre-existing archival footage and new footage.

حوار مع الروائي العراقي مرتضى گزار

$
0
0


[مرتضى گزار: روائي عراقي من مواليد ١٩٨٢، البصرة، تخرج من كلية الهندسة بجامعة بغداد سنة ٢٠٠٥، نشر روايته الأولى ”مكنسة الجنة“ سنة ٢٠٠٨، وصدرت روايته الجديدة ”السيد أصغر أكبر“ مطلع هذا العام عن دار التنوير، بيروت. حاوره سنان أنطون]

جدلية: روايتك الأخيرة “السيد أصغر أكبر” رواية فريدة ومتميزة في موضوعها وأسلوبها. وبما أن أشجار النسب والسلالات ثيمة رئيسية فيها، فهلآ حدثتنا عن “نسب” الرواية؟ كيف تشكّلت الفكرة لديك وكيف تخمّرت؟

مرتضى گزار: يقال أن الروايات تولد من الشكوك والكوابيس وسوء الفهم، هذه الرواية تخطيط قديم مثل كل ماكتبت، لايعادل زمن كتابتها زمن تناسل أصواتها،  دعني أخبرك هذه القصة: في سنة ١٩٩٥ كان سوء الوضع الإقتصادي ينهش أقوات الأُسر العراقية حتى ميسورة الحال منها، وكما تعرف فقد كان على الجميع أن يعمل وكان على الجميع ان يصمت، أتذكر نفسي في قيعان الفاو الخاوية، الأرض المثقبة والنخيل التي جعلتها الحرب الإيرانية العراقية أعواد ثقاب منتصبة بعد اشتعال طويل، كان مئات الكسبة يطوفون في أرض المعركة الحرام بحثًاً عن الشظايا النحاسية بغية بيعها، لازلت اتذكر تلك الرحلة اليومية الطويلة وهيام طفل فوق جلدة تراب تشبه سطح القمر! أعود عند الغروب لبيع لقياتي الخطرة من مخلفات الحرب، لكني عدت ذات يوم مع أصبع متهدل أصبح عديم الفائدة فيما بعد، واحدة من صور تلك الأيام كانت مضمرة في ذاكرتي، عائلة من السود فوق ربوة يحصون أغلفة الصواريخ والشظايا التي حصدوها، ثم سمعت بعد فترة بأن ابن العائلة الكبير قد انتحر؛ لقد رافقتني هذه المشاهد طويلاً، وخلافًا لأصبع الطفل في المدرسة المتوسطة الذي أحمله وأتحسس توقفه عن النمو يومياً، كانت ملامح تلك العائلة تنمو..حتى كتبت "مكنسة الجنة"، لم يفكر أحدهم بالانتحار داخل الرواية ورافقتهم سيدة أرمنية تدعى تيغانوش، حتى قصص صحراء الفاو التي كانت غابة غنّاء تزحزحت ثم اندثرت كأنها ساهمت فقط في قدح شرارة الحكاية: وحالت دون ارتكاب جناية ببلوغرافية عراقية مكررة، ومثل هذا حدث أيضاً مع ”السيد أصغر أكبر“.

هرب الطفل ذاته من المنزل بعد عدة كتب قرأها عن حياة النجف الدينية، ثم هرب من النجف بعد فترة وجيزة، لم ينسجم مع أجوائها القارصة روحياً بالنسبة له، ولم تتطابق صورتها مع ما نحتته في باله كتب العرفاء ومشايخ علم الكلام. لم تنشأ بيني وبين المدينة صلة مكانية واضحة، ولم يصادفني واحد من شخصيات رواية ”السيد أصغر أكبر“، كل التفاصيل.

جدلية: لأنك انعطفت بالحديث إلى هنا دعني أقول هذا: تقع أحداث الرواية في مدينة النجف التي تغور الرواية في أجواءها وذاكرتها الثرية ومخيالها الشعبي. أنت تكتب عن كل هذه بسلاسة وحميمية العارف. هل هناك علاقة خاصة بينك وبين المدينة؟ وما سرها؟

- نعم، ظهور السيد أصغر اكبر؛ بدأ مع العلاقة بمدينة شديدة التظاهر بهامشيتها أو بمركزيتها إذا رغبت بذلك في جولاتها التأريخية، مولعة بتدوين سيرتها وتصحيحها ومراجعتها، بعد طردها للطفل الممسوس عاد إليها شاباً؛ متأبطًا دفاتر زرق تشبه دفاتر بول اوستر في ليلة التنبؤ، جمع مئات القصاصات وأجرى عشرات الحوارات الصعبة، وكان عليه أن يتظاهر بشتى الأدوار لخجله المفرط وحساسية مطالبه التي جعلت أحد كبار رجال الدين يهمٌّ بطرده، ودفعت الآخر بمطالبته بالاعتذار للبشرية! لما قرأ له ”مكنسة الجنة“!

إلى جانب ذلك؛ كانت صورة النجف وعلاقتها الملتبسة مع السلطة تمثل مصدراً مهماً لخارطة التنقيب في تأريخنا المعاصر، وكان التماس الخطر مع المدينة التي يذهب إليها كل الموتى كما في قرى العالم الآخر في الحضارات القديمة، بل تشحن إليها كل التوابيت الملفوفة ببطانيات عسكرية وكل أطراف الناس المتطايرة في الإنفجارات، هاجساً يؤهلها للعبة الأقيسة في ورشة الروائي، وأعني تلك الأقيسة التي تعشق الأشياء المهمة التي لاتبدو مهمة! صورة مدينة انتابها الناس بمختلف ألوانهم وأعراقهم، ديموغرافيا ساحرة تصهر الجميع حول ملايين القبور المقدسة، تلمع نفسها يومياً بأشجار وأسانيد النسب الشريف، لا أتذكر بالضبط لحظة الإنفعال؛ هل تولدت خلال بحثي عن واحد من أهم كتب النسب النجفية الذي أختفى بعد الإحتلال وأسرّ لي البائع عزم البعض على إعادة طبعة وتحقيقه وغرس بعض الأشجار الجديدة فيه، إم خلال تمعني بإسم (الحاجة طخّة) على هامش مخفي من هوامش أبواب الضريح الكبير، وهي متبرعة ثرية من القرن الثامن عشر، لكني أركن غالباً إلى ترجيح ظهور السيد أصغر أكبر في جولة في أزقة المدينة المتاهيّة، لحظة قد تشبه لحظات ترقي المقامات الصوفية أو تجوال نيتشوي في غابات سيلفيلانا، ثم تراخى مسمار المكتبة الكبيرة التي قرأها الطفل!، وكاد أن يقع عليه. نعم. . .لقد حدث هذا فعلاً، إنها إشارة كافية لنسف كل التحصيلات التي جنيتها، ومحاولة اعتناق مناخ المدينة وشطب تأريخها الرسمي، كل السيّر والشهادات والموسوعات، وحتى الأطاريح الجيولوجية عن أعماق طبقاتها السحيقة ووصف صخورها ورمالها، ومشاريعها الإروائية وتأريخ بحرها الصغير، شطبها أو نسيانها.

جدلية: وما دمنا في هذا السياق، فما هي شجرة مرتضى كزار الإبداعية أو نسبه؟ لمن تنتسب أدبياً وفكرياً ولماذا؟

- لايمكن الإستعانة هنا بحرفة السيد أصغر أكبر، مع أن المحاولة تبدو مغرية، في الأدب تختلط الدماء وتتصاهر الأفكار لكن الكتابة المغايرة لاتحتاج إلى سلسلسة نسبيَّة طويلة، كما إن النصوص لاتحظى بزيجات شرعية في الغالب، حتى الآلهة، حسب تعبير ساباتو، تتداخل أساطيرها وسلالاتها بين الأمم، سحر المغامرة هو أن ترعى ذلك اللقيط اليومي الذي تتركه التأملات عند بابك، ثم تخفض صوت المذياع الذي تبث منه بيانات الكسالى المسؤولين عن إرجاع نصك إلى شجرة النصوص المعيارية المقدسة. لست مزدحماً بالمقولات وأبدو ساذجاً جداً خلال أي حوار شفاهي مع أحدهم صحبة طاولة أو طريق، هناك زمن ضائع دائماً في العمل المضني ونافذة سيارة أطل منها على صحراء عرضها ثلاث ساعات كل يوم، لذا فمطالعاتي انتقائية وأحرص أن تكون محسوبة، فأنا لم أقرأ في السرد لأدباء كبار يعيشون على مبعدة أميال قليلة مني، ولعل كبار الكتّاب العراقيين قرأوا لي أكثر مما قرأت لهم، حسناً، ليس الأمر مأساوياً كما يبدو. . .وأجدني أنتسب فكرياً إلى بضعة أسماك ملونة تمور في عقلي، أعبث بها وأرج مياها بشدة حتى وأنا أعمل أو محدقاً خلال نافذة السيارة.

جدلية: نسيج نصك غني. يتعدد الرواة ومستويات السرد. كيف تنظر إلى التجريب ووظيفته وتبعاته؟

- لا أدري، لكني أرى الأمر هكذا: الرواية تحمل أدواتها معها، مايسمونه تجريباً ينبغي أن ينبع من رائحة النص وشخوصه، بل ينبغي أن توفر الحكاية سبباً للابتكارات فيها، وهكذا كانت نصوص التراث العربي، فالشكل التقني لألف ليلة وليلة يرتبط بظروف الرواة دائماً، والطبيعة الشخصية لأبي الفتح الأسكندري في "مقامات الحريري" يمنح سبباً لتكرار ظهورها، والفضاء المتخيل في "رسالة الغفران" أعطى شكلاً منسجماً لتنقلات النص، ويبقى التجريب مفهوماً مضللاً في الكتابة الجديدة، فلم يعد شرطه تخليق عوالم خيالية كما تقول قواميس النقّاد، لكنه مضمار تقديم علاقات حديثة مع الحياة المسرودة، وهذا شرط مفصلي يتعلق بنموذجنا العربي، فقد حدث من التفريط والتهويم والنسخ الشكلي ما ضيّع الواقعة وطرح الجزء التوثيقي في السرد، فأكتسب التجريب سمعته المتعالية التي لاتأبه لعلاقات الحياة ولاتقدم صورة واضحة عنها، بينما تحتاج الرواية دائماً إلى إدارة ناحجة تضع التجريب في محله؛ أو تضحي به لصالح قيمة ابداعية أخرى داخل النص. ولايعدم التلويح بما يوفره التجريب من دافعية مرحة نحو الكتابة، في حالتي، لا أكتب شيئاً دون التحديق بعدّاد المجازفات الذي يحفر في المجهول.

جدلية: تفكك الرواية بطريقة ذكية التاريخ الرسمي وتنزع هالة القدسية عنه بتهكم واضح؟ ما الدور الذي يلعبه الخطاب الروائي، بوعي أو بدونه، في الانتصار للهامشي وفي منافسة الروايات الرسمية وهيمنتها أو إرباكها؟

- قلتُ إنها مدينة تواظب على تدوين تاريخها، التأريخ الشفاهي وشهادات كبار السن وماتركته لنا بعض هوامش التحقيق من توريخات متناقضة وسرّانية؛ وأشياء أخرى نجدها بخط اليد أحياناً. كل هذا كان ينساب بالتوازي مع النص الرسمي الذي وظيفته الحفاظ على الصورة المنيعة للمدينة، وهذه الرواية تستل مقاطع من التأريخ في شطرها المعني بسرد الماضي وسيرة العائلة، وشرط أن تكون ”أمينة مع التأريخ“ كما يعبر لوكاتش؛ هو المفصل السهل الذي لاتحتاج إلى التخلي عنه، فهي تتطابق مع التأريخ الرسمي مراراً وتخاتله أحياناً، لكن الإحتكام إلى مسارات النص وقرارات شخوصه، وكما هو الحال دائماً في فن الرواية، يرتبط بأدوات أخرى، أيدلوجية أو فنية، خلافًا للتأريخ الذي يحتكم إلى الحقائق وأدوات المؤرخين، وهاهنا نبلغ عقبة هامة في النموذج العربي السردي الذي احتك بالتأريخ، فسمة الندرة هي الغالبة على الأعمال التي لاتخوّل الـتأريخ كل مقاليدها البنائية، ويقع هذا في مجتمعات يشكل التأريخ معبدها ومشفاها اليومي، وكل مكائن الحكي تقوم بشحذ الزوايا الحادة وتدعيمها بدلاً من تليينها وتفكيكها، وهكذا يصبح التعامل مع التأريخ معضلة جديدة وبؤرة تعزز قدسيته وأحكامه النهائية!

هناك مسافة طويلة بين خامة الـتأريخ ومنضدة الروائي، جعلت إيكو يقول بأنه استعان بشخصية إبسو ضميراً مساعداً له ولمؤرخ القرون الوسطى الذي يسكنه، وفي مثالنا: هناك حاجة ماسة لإعادة تمثيل الـتأريخ بضمائر يقظة وحذرة، لأن الحكاية التي تحملها تستوجب أن لاتظهر ملامح المؤرخ، وأن لايفلت لثام الملامح الأخرى، فأي ملمح أخر، غير ملمح الضمير الخيالي، قد يضر بالتناص المطلوب الذي تتوخاه الرواية الـتأريخية الجيدة، وهو التناص مع تأريخ غير مكتوب، مع تأريخ يشبه الخيال الذي ألّفته الشعوب، ومعه تناطح الرواية كيانًا متحركاً يشذب نفسه بنفسه، في ”السيد أصغر أكبر“ يخدع نسّاب خيول قادم من الخليج مجتمع النجف الجواني، ذاك الذي يعيش خارج ظل البيئة الدينية، يعدهم بتوفير أنساب مستقبلية لأجيالهم، يتنبأ لهم بزيجاتهم ومهن أحفادهم ومناصبهم، وبفضله ستتكاثر أشجار نسب وهمية قد يصدقها البعض غير أنها تُولّد هاجساً يعد بمستقبل محتمل بالنسبة للبعض الآخر، مستقبل تستله الرواية من حوادث أًصبحت الآن ماضياً، وفي رف آخر من رفوف تأريخ المدينة، إذا ما أعجبك هذا التعبير! تبرز بعض المفاصل المهمة كأنتفاضة عام ١٩٩١م؛ التي لاتزال متعطشة لمزيد من الفهم والبحث، إنها انتفاضة ضد سلطة متمادية ووحشية، لكنها بذات الوقت، تعبير عن حد المطاوعة والاحتمال. هذه الإنتفاضة أوردتها الرواية مع مسبب درامي وحيد، قد لاينسجم مع روايات السلطة والأحزاب المعارضة لها، ففي الرواية يعود جندي يائس ومنهك وهارب من مأساة غزوة الكويت المحترقة، ويقذف تمثال الرئيس في ساحة المدينة بالرصاص وتشتعل الإنتفاضة، ولعلك سمعت بهذا السيناريو الذي لايتفق معه الكثيرون، لكنه مثال أورده هنا للتعبير عن جنايات الخيال الذي يذعن لأقاصيص الهامش.

جدلية: يطلع علينا بين حين وآخر ناقد يرثي حال الرواية العراقية وإخفاقاتها. ما هو تقييمك للرواية العراقية في العقد الأخير ورأيك بأحكام كهذه؟

- العقد الأخير يعني السنوات التي تلت حدث ٢٠٠٣ الخطير، وأنا أحب أن أتصوره كحدثين : احتلال العراق وسقوط  الطاغية، إنه عقد انفتاح أسئلة كثيرة وخروج العديد من الأجوبة من زنازينها ومقابرها الجماعية؛ فيما ظل الكثير منها معلقًا بسبب تعقيدات الأزمات الحالية، المسألة تشبه تطاير أوراق نوتات الكونشيرتو واحدة بعد أخرى بفعل رياح غاضبة، تتلعثم الآلات بالألحان وتقذفها قبل أن تكتمل وتنشغل بالصفحات التالية، لذلك كانت المكتوبات الروائية تصدر من مخارج شتى، هناك أجيال متجاورة ومتنافرة ومشاهد متشظية، وأصابع محتارة، ومعها يحار المراقب الجيد، لذلك برز ذلك الميل لتقصي تأريخ الرواية العراقية، شخصياً لدي انطباع عن تاريخ مزيف للرواية العراقية، وأصغي أحياناً لهذه الأصوات التي ذكرتها، فهي تستند على مقدمات صحيحة وتخلط في طرحها رأياً مقبولاً بآخر يشبه الحكم الظني القاطع، ودعنا نستثني أولاً تلك الحملات التي لاتدخر جهداً للاطلاع وتصفح الجرائد، أقول بأن البحث عن صورة ملتحمة بخصائص الفضاء العراقي في الرواية العراقية هو سؤال نقدي لاينبغي أن يتحول إلى رأي ناسف، يمحو صاحبه إرثاً حقيقياً لازال بعضه قيد الاكتشاف بفعل الطمر السلطوي والشتات الثقافي، والسؤال النقدي الذي تفلت منه وظيفته ويتلكأ في قبول مهمته ستفوته الكثير من السمات الجديدة، وسيفسح مجالاً لعروض الدوريات ومساجلات الأخوان لاحتلال مكانه.

الآراء الساخطة تلك؛ وكما قلت، تحمل في بعض قسماتها، تصورات إيجابية عن مشاغل الكتابة، فتخبرك أحيانًا بتوصيفات حقيقية عن أطنان من الأعمال البائسة التي صدرت بعد الإحتلال وقبله، لكنها وبذات الوقت تغض الطرف عن متغيرات ومعايير متقدمة تتمثل بأعمال محدودة ظهرت في كل مواسم الرواية العراقية، وكل هذا مؤشر مقبول لإنتاج حوار يجذب المزيد من المتلقين تحت خيمة القراءة.

لا أعتبر رأيي في الرواية العراقية الآن مثل التقييم أو المراجعة لها ولمصاطب الممتحنين بدوار الرواية الرائع، غير أني لا أملك رأياً إيجابياً في أغلب ما يصدر حولي. فبالإضافة إلى الخلل المكشوف في البنية السردية لبعض الأعمال، واللغة الغنائية أو التراكيب الفاترة–والتراثية أحيانًا!- التي لاتجتاز بوابات القارئ الإعتيادي ولاتمكث فيها؛ في البعض الآخر؛ ترزح الكثير من الأعمال المكتملة شكلياً تحت وطأة الخلاصة المفاهيمية التي تنتهي إلى سيرة إشكالية عاشها وطن بأكمله، فماذا يعني بالنسبة لنا، لو كانت جميع الروايات تريد أن تخبرنا بالقصة ذاتها!، وهناك خانة ظليلة تصطف فيها بعض الأعمال الحربية، تلك التي تنتمي إلى مزاج الدكتاتورية ولغتها وقافيتها الحادة وهمجيتها، وتجاورها أعمال حزبية إسلاموية يخلص قارئها إلى ضرورة ارتداء درعه فوراً والاستعداد لغزوة قرووسطية، وكلا النموذجين يتحركان في دائرة ثقافية غير مرئية تتعاطى النقد والجدال والمجاملات بفعل ماتدفعه تلك الأحزاب لبضعه نقاد يعتاشون على ذلك. لكن التتبع البسيط يعلمك بوجه ناصع لروايات عراقية تكتب بعيداً عن كل هذا الخراب الإنساني.

جدلية: ما هي التحديات التي تواجه الروائي العراقي والمثقف العراقي عموماً؟

- هنالك سقف قلقٌ للحرية، هنالك رقيب يمشي الآن في الشارع يوزع المنشورات الدينية ويعرقل خطوط السيارات، ولعله سيفرغ يومًا لدس أنفه في الكتب، وسيستغرق الأمر مدة طويلة حتى يفهم. وهنالك سقف مثله داخل الحياة الثقافية، فهي لاتزال غير متسامحة، وثرثرات المقاهي ضارية وعبثية، لانحظى أصلاً داخل العراق بتداول صحي للثقافة، لاشيء غير المكتبات الضيقة ومقاه غادرتها الحميمية وأضواء الحوار الخافتة، إن إصغاءً قصيراً لحوار بين كاتبين؛ يطلعك على شهية فائرة نحو الحياة والمستقبل تنغصها آهات يومية يشتركان بها مع سائر الناس، أن تمشي مع روح تترقب قطعة كروية صغيرة من الحديد تخترق رأسك من الخلف لهو إحساس كافٍ بتفجير تساؤلات جادة؛ تجعلك تتسمر طويلاً فوق كرسي الكتابة أو تنبطح عارياً أمام شاشتك البيضاء، لكنك لاتعثر على دماغ أبيض متوثب للتورط مع عزلة الكتابة الذهنية.

جدلية: نسمع كثيراً بأن ماعصف بالعراق من أحداث في العقود الأخيرة يعطي الكتّاب من المواد الخام ما لا نهاية له. لكن هناك أيضاً، على الجانب الآخر، من يقول إن كل هذه الأحداث الجسام قد تشكل عبئاً استثنائياً على الكاتب العراقي وقد تربكه وتؤدي إلى خسائر فنية وجمالية يسببها هاجس المقاومة الثقافية.

- هذا هو المسار التلقائي لأحداث كبيرة مرت بالثقافة العربية، بعد هزيمة حزيران وحرب أكتوبر كانت الرواية العربية مرتهنة بقدر الحرب، وعراقياً كانت لدينا جلسة قرفصاء سردية مريرة في محجر السلطة وحروبها، مكائن الأنظمة تفتعل الأزمات بحماسٍ بالغ لايمكن لدأب الكتّاب أن ينافسه، فعتلة التفكير للكتابة أبطأ من عتلة الحرب كما يعبر بريخت في جملة تشبه هذه، الخامات الحكائية التي تنتج عرضيًا مع مخلفات المعارك، تخلق بجانبها حمّى لسردها وتوثيقها، وزهواً ينشأ عن الظن القائل؛ بأن تفاصيل حياتنا مكتنزة وعامرة بالروايات وتحتاج إلى محراث أنيق وفزاعة أيدلوجية لطرد المرويات الأخرى، التي ستعبث بحقل المروية المؤكدة، وهكذا نخطو باتجاه المسار التلقائي الذي دجنتنا السلطة على المواظبة عليه، دون أن نلتفت إلى أن قصائد المناسبات هو تقليد لاينسجم مع فن الرواية، وليس من السلامة استعمال لهاث المراحل السابقة وفنونها التعبوية في لحظتنا الراهنة، أما السؤال الذي أنتصب فجأة بعد سنة ٢٠٠٣ العراقية؛ وهؤلاء الذين يبحثون عن رواية عراقية أو كتاب صمداني كبير يفهرس الأوجاع والمحن. فكل هذا سيجيب عنه ضاربو الرمل أو نزلاء مواقع التواصل الإجتماعية، أو المذيعون في نشرات الأخبار أو الباحثون والمؤرخون، أما الروائي الذي لايطمع بإفساد الوقائع أو تدنيسها، الذي يكتب بعيداً عن مايجاوره من روايات الصعاليك والمهووسين جنسياً والحزبيين والطائفيين والطفيليين، فإنه سيجيب بطريقته عن سؤال لايرغب أن يوجهه إليه أحد، ويجاهر بأجوبته التي لايمكن إلا للرواية وحدها أن تقولها، فيقصّ خلالها ماحدث وفقًا لتقويمه الخاص.

في كل مايقال تلتمع بعض الاستثناءات، اللحظات الساكنة النادرة في تأريخنا، تحكي لنا عن خامات أصلية لايطمع فيها أحد، ماتفعله الحروب والمجازر في طبائع الناس ومناخاتهم هو عينه ماتفعله بحكاياتهم، ومثلما تشذب أحلامهم وقدراتهم فإنها تقص أجنحة حوادثهم المسلّية، فالمواد الخام تتفجر مثل ينابيع غزيرة في كل الأزمان، لكن مايحدث الآن هو لحظة تشكّل واستيعاب، وقد لاينتهي هذا التشكل ولن يفهم الجميع ماحدث لهم، غير أن الكتابة لاتنتظر التساقط الممل والمرعب للبثور في وجوه من نجا، وخيارها يبقى قائمًا!

جدلية: ما هو مشروعك الروائي القادم؟

- لا اقوى غالباً على الكشف عن إنشغالي الروائي الحالي، ماأهتم به الآن هو تخطيط قديم أيضاً، وضعت له روزنامة خاصة أتمنى أن تكفيه.

 

قصائد

$
0
0

 

 

قصائد

أمامة حميدو


 

كعب حذائي


ينسدل كعب حذائي من شمس عين ثاقبة

يتمايل في عباءة سرمدية

تحيط به فراشات الوادي الزرقاء

يحوم

يتخبط في قدسية منمقة

متتالية إيقاعها

على ضفة أنهار أخرى

ألمح ظلالك المتمايلة

منتشية كالقبلات المنطبعة على سطح الماء

متشكلة كآثار أقدام صغيرة

مبتدئة

متطفلة

رائحتها حبوب زيتون

مذاقها جليدي

يخترق مساحات الظلال الأخرى

اقترب النهر

فأشم الأقدام

وأراني أتضاعف في الأفق

أتقلب في مساحات الظلال الشاسعة

تأملني ولو لوهلة

تذوق طعم العنب

حيث السماء مشتعلة بالشهب

والأطفال العراة يلتهمون القصب

ويستمنون على ضوء أشعتي والشهب


الخمرة

 

خلف الأضواء أختفي

أنحني

تتقاسمني الظلال

أتسلل من نافذة لأخرى

ودموعي تقطر

أنتظر أحدهم

تحت شجرة ليمون

تنساب أناملي

على جسد أبيض

فتجسد الغائب

وتواريه عني

أدخلني

انزع عني خمرتي

خمرتي

اطوِ جسدي النحيل

وارسله برقية لوالدي

هل طليت الجدران

بلعابي

فحين تركتك بالأمس

وجدتني سقيمة

منسية

مستقيمة

محتشمة بين قبعات

تستحوذ عليها أمي

مرتسمة أجزائي هناك

أتأملها

بين تشققات رطبة

منطبعة على شفاهك

ومازالت خمرتي

تعتقني

تستعطفني

تقض مضجعي

بحنين قبلاتك


قصيدة

 

أستيقظ صباحاً. . .

ًأتفاجأ بجسدي عارياً ممتداً..

أشتهيه..

أشاهده يقفز من سقف روحي..

يهيم متسلّقاً تضاريسها ومطبّاتها..

لقد قضم آدم التفّاحة

فنبت على إثرها نهداي..

تكاثرت أشجار التّفاح..

وبقي نهداي معلّقين على كل الأشجار..

أنتظر موعد القطاف..

وأبحث عنك..

ّفتعبث التّفاحات بنهدي..

وتتساقط مع أوراق الشجر..

مهلاً

سأضئ بجسدي جذع الشّجرة..

وأبقيه هناك..

مزروعاً في التراب..

ممتدّاً مع عمق جذورها..

وعند وصولك..

سأكوّره بين أعضائك..

وأشاهد تفاحاتي..

تتدلّى من سمائك..

وأشكّل الليل..

على وقع رائحة زهر الليمون

التي تفوح من أنفاسك..

وأطير..

 

Roundtable on Language of Revolution: The Revolution Continues…(Sabra)

$
0
0

 

[The following article is part of a Jadaliyya roundtable on “The Language of Revolution in Egypt.” It features contributions by Paul SedraRobert SpringborgJoshua Stacher, Adam Sabra, and Elliott Colla. Click here to access the full series.]

 

The Jadaliyya roundtable on “The Language of Revolution in Egypt” raises an important, perennial question: what is a revolution? Without reviewing the copious historical and social science literature on the question, I would answer as follows: a process that radically changes the political and/or social structure of a society. As such, a revolution is not an event, although it often requires dramatic events for the larger process to proceed.

By this definition, the 1952 coup both prevented and resulted in a revolution. The coup brought an end to seven years of increasing volatile protests led by groups ranging from communists to Muslim Brothers. The constitutional monarchy and the multi-party system were abolished with the assistance of the Brothers, before the new dictatorship turned on them as well. In exchange for silence over its methods, the military regime offered substantial social advancement to many ordinary Egyptians, although many others were left out. Nasserism represented a top-down revolution that resembled the Shah’s White Revolution, albeit on a more limited budget. Were it not for the added complication of the Arab-Israeli conflict and Western support for Israel, Nasser would probably be remembered as a pro-American dictator who stood in the way of a communist takeover of the Arab world.

Today, Egypt is undergoing another revolution, albeit a highly attenuated one. It was never the goal of the revolutionaries to repeat the experience of the French, Russian, or Iranian revolutions. Those revolutions entailed enormous social upheaval, mass violence against counter-revolutionaries, and war with external powers. The result, uniformly, was dictatorship. Perhaps these dictatorships were necessary to prevent the victory of the counter-revolution, but the majority of Egypt’s revolutionaries preferred to put their faith in the ballot box. Whether they were right to do so remains to be seen, but the means they have chosen correspond to the ends they seek.

Egypt’s revolutionaries also preferred to avoid exporting their revolution. When revolution broke out in Libya, many waited in vain for an Egypt’s revolutionaries to intervene. For the most part, they were disappointed. Egypt’s revolutionaries have repeatedly expressed solidarity with their counterparts in other Arab countries, but no one has seriously suggested that Egypt attempt to intervene militarily or launch a campaign of subversion against neighboring regimes. Again, the Egyptians have understood their limitations and acted accordingly.

In my opinion, Robert Springborg and Joshua Stracher exaggerate the influence of the military and of the United States. The Supreme Council of the Armed Forces (SCAF) has relatively few options compared with those available to Nasser in 1952. Stracher is right to call into question the Obama administration narrative that it saved Egypt – the Egyptian people did that – but the real lesson here is that the US has limited leverage over a political system where ordinary people have recovered their voices. The SCAF may fear Washington, but it fears the revival of revolutionary activism even more. The military leadership cannot keep up its shell game forever.

It is noteworthy that none of the participants in the debate so far addresses the possibility that the Muslim Brothers are an important agent of democratization in Egypt. It is as if the Brothers were not a significant part of the revolutionary coalition. Admittedly, the jury is still out on the Brothers as a ruling party, and one can understand the concerns of secularists and Christians about the future. Nonetheless, elections are elections, and they have consequences. To date, there is little evidence that we are headed back to the muzzled political life of the past half century.

The past eighteen months have revealed much about Egypt as a society, and not a little of what we have learned has been deeply disturbing. Nonetheless, this process of revolutionary self-recognition has been a necessary step in initiating democratic change. It may yet be that the revolution will be defeated, but that day is not today.

Roundtable on Language of Revolution: The Revolution Continues (present continuous) (Colla)

$
0
0

[The following article is part of a Jadaliyya roundtable on “The Language of Revolution in Egypt.” It features contributions by Paul SedraRobert SpringborgJoshua Stacher, Adam Sabra, and Elliott CollaClick here to access the full series.]

 

The recent Jadaliyya roundtable on "The Language of Revolution" was not only long overdue, but also just the tip of the iceberg. Our manner of speaking about the Egyptian uprising of 2011—and subsequent transformation away from street-level to elite politics—impacts directly on our ability to understand those historical events, just as it influences our capacity to act in solidarity with those making revolution. This is true whether we are demanding that analysis be accurate, or insisting also that those who make revolution are not merely objects for analysis, but subjects whose language and expression are some of the central facts of the events themselves.

Reference, Stance and the Production of Knowledge

Despite the fact that the roundtable did not attempt to define the term “revolution,”[1] most of the discussion was colored by a referentialist language ideology, which is to say, a concern about the proper use of words.[2] In different ways, Joshua Stacher and Robert Springborg agreed that the central question is one of definition: does “revolution” adequately describe what has happened in Egypt? Their skepticism was about whether “revolution”—as a word with a particular denotation—accurately reflects the January 25 uprising and its aftermath.

They are on solid ground when they doubt whether the word (as they understand it) is adequate to the situation (as they understand it). For both Stacher and Springborg, the facts of the Egyptian uprising suggest that something other than a revolution happened. And this, as they point out, is because state power firmly remains within the grasp of Mubarak’s top generals just as it was before 25 January 2011. Both authors acknowledge that the experience of participating in the uprising was real, significant, and perhaps one of the most lasting accomplishments of the event. Yet, when we compare Springborg and Stacher, we notice real differences. And these differences are due more to general questions of knowledge production than questions specific to the word “revolution” and its meanings. In fact, reading those two pieces together we see real divergence in their treatment of facts and their moral meanings, and also in their conception of the role of scholars in the construction of political facts, narratives and meanings.

The critical category of stance, borrowed from sociolinguistics, is useful for reading these two pieces in light of each other.[3] To talk about stance in this sense is not just to repeat the truism that all knowledge is partial and positioned. Rather, it is also to observe how speech signals and expresses this fact.

Stacher’s contribution is an example of self-conscious stance. He takes great pains to acknowledge that analysis is something produced for a particular audience by someone who is locatable somewhere within the story she tells. Indeed, for Stacher, the facts of the Egyptian uprising and its aftermath are not non-interpretative, but rather constructed by situated analysts for audiences who might act on the information presented. Hence his admission that in addition to getting the facts on the ground right, his goal is to disrupt the complacent policy consensus of his US audience. That consensus is based on a narrative that goes something like this: now that the Egyptians have had their “Arab Spring” revolution, the current status quo, despite its ambiguities, represents a new and improved chapter in Egyptian political history. Framed in this way, the perseverance of despotic structures and dynamics appears as democratic transition and political change. Stacher situates his discussion within this frame—the Washington context in which his analysis is going to be read—in order to problematize it. For him, the idea that the uprising might be called a revolution is a problem not just because of facts located in Egypt, but also because of how these facts have been narrated this way in Washington.

Crucial to Stacher’s articulation of stance is his assertion (with which I very much agree) that military rule in Cairo is deeply connected to Washington—a fact that implicates the very audience he is addressing, and himself as an American. And it is here that Stacher positions himself not just as a scholar of Egypt, but as an internal critic of the US government who is interested in challenging the naturalness and desirability of the US-Egyptian axis of elite military power.

In stark contrast, Springborg’s stance is composed in the register of the detached observer. Despite references to honoring the sacrifices of those who died while making revolution, Springborg depicts the uprising mostly as an incident that needs to be accounted for. If it appears as something less than serious in his description it is not because of the value of the revolt’s desired goals, or a lack of will and commitment on the part of those rebelling. Rather, it is because the revolt was contained by the military before it posed a serious threat to the actual foundations of state power.[4] This astute observation is offered up in a neutral tone that turns all protagonists into moral equals. The unprecedented popular uprisings in Egypt are described in a language of stability and security, which is to say from point of view of the military citadel instead of the public square.

More crucially perhaps is the fact that unlike Stacher and Sedra, Springborg does not problematize his role as knowledge producer involved in the conflict. Springborg writes as if the Egyptian status quo was a purely Egyptian event. The facts of elite Egyptian politics are presented as if they were only what they were, and that what analysts say “here” has no bearing on what happens “over there.” The rhetorical flourish is subtle in appearance—findings and assessments appear in the flattest of terms, as if they were an aspect of nature rather than the product of policies, investments and entanglements that demand constant maintenance and expensive subsidy. Policies, investments and entanglements, we might add, that rely entirely on the assessment and predictions of the kind of knowledge produced by area studies experts.

Performative Language, Indexing and Association

It is at this point that we can begin to appreciate how Paul Sedra’s contributions to the discussion diverge so radically from those of Springborg and Stacher alike. For Sedra, what is at stake in discussing the term “revolution” is not only the referentialist concern of accuracy, but also the performative aspect of indexing. How we name things in the world produces meanings beyond the semantic content of our speech. Naming situates us with regard to social groups and allows us to associate ourselves with allies and differentiate ourselves from enemies.

This is to state the obvious: the meaning of “revolution” cannot be reduced to pure linguistic reference—especially in revolutionary times, when the word becomes a slogan with resonances both sacred and profane. In this regard, Sedra identifies two axes along which we might trace the resonance of revolution—thawra / sawra—as a term in Egypt: the first, grounded in the experience and vocabulary of those who consider themselves revolutionaries and insist on the word as a label for what they are making; the second grounded in the way in which “revolution” calls to mind earlier moments in Egyptian history.

In his comments, Sedra expands on this latter dimension with particular reference to the social and cultural power of the term “revolution” following the 1952 seizure of the Egyptian state by the Free Officers. The point is a complicated one and demands a degree of unpacking that did not happen in the discussion. If I understand the point, it is this. On the one hand, the coup d’état signified a demobilization and criminalization of Egyptian civil society as it had existed, including the popular forces behind the uprising of January 1952. On the other hand, the junta ushered new forms of populist discourse and state supports which mobilized and re-channeled the political forces of Egyptian society in meaningful ways—including, the demand for new rights for emerging classes. It is not unreasonable to argue as many have that the 1952 coup paved the way for the social movements of the 1960s and beyond—all under the banner of revolution. Sedra’s point here is to insist that speaking in a language of revolution, even in cases (such as 1952) where revolution did not happen, can be valuable in its own right, since the language of revolution foments a cultural and political climate favorable to the articulation of social demands.

To return to language’s constitutive aspect, we should recall an observation made many times over, namely that language does not merely reflect a world outside, it also expresses things. Which is to say, it brings things into being. Part of this sometimes is a matter of ideation or consciousness, which are, of course, social facts in their own right. At other times, however, the act of expression has immediate and tangible real-world effects. For instance, there was a moment during the January 25 uprising when activists moved from local slogans about bread, justice and freedom to totalizing slogans that demanded a whole new order. With this shift, the very nature of the event of changed, protest became rebellion. Slogans about “revolution” did not describe in a reflective way a state of being that already existed. Rather, to talk about “revolution” was part of the process by which various local acts of protest transformed into a mass revolt against the state.[5]

Arguably, the most important social indexical aspect of the language of revolution lies in how it signals an association with those Egyptians who use the term thawra to refer to themselves and their projects.[6] Indeed, one can refer to the uprising as a revolution in order to gesture solidarity with Egyptian activists who also self-consciously employ that word to signal their demands, desires and aspirations. Of course, what is at stake here is not a referential question of whether a given definition of the word applies. Words like revolution implicate us in relationships insofar as they entail us, by way of shared signs and language, in political and cultural communities.

This last issue brings up a vexing problem however. Just as words never belong to a single group within a linguistic community, Egyptian revolutionaries are not the sole owners of the word “revolution.” Indeed, nearly every political force in Egypt has claimed the term “revolution” since January 2011. Counter-revolutionaries—such as the Muslim Brotherhood’s leadership, business elites, Salafists, and the Army—understand the power of the word and its ability to create positive associations. During the second round of the presidential campaign this year, Mohamed Morsi invoked revolution as he sought to legitimacy for his candidacy, and so did Ahmed Shafik as he sought to undermine Morsi’s claims. Admittedly, each of these invocations stretches the slogan into monstrous new shapes—and no linguistic orthodoxy has the power to stop this from happening. Given its associative power, we should expect revolution to be invoked and appropriated by political elites of all stripes in the coming months and years.

Noun, Verb, Tense, Aspect

To the extent that the roundtable discussed the status of “revolution” as a noun, it largely limited itself to a referentialist consideration of the relation between language and things. Reminding ourselves of this helps us to recall that the word “revolution” is nothing more and nothing less than the nominalization of a complicated set of social relations, actions and experiences. Of course, how to represent living, breathing and evolving processes without rendering them inert and static is a troublesome challenge. Unless handled with care, the act of representing open-ended and ongoing processes as a noun—a discrete event, a period of time—entails that we conceptually break them off from the moment in which are speaking, and also from other earlier moments. In other words, to talk about incomplete history as a discrete event entails some form of reification. To say so is not to argue against the use of nouns or nominalizations, as if that were an option. Instead, it is to appreciate how nominalization works.

When nominalization is combined with efforts to create boundaries in time—such as those that create walls between the present and the past—its ability to reify can be especially pernicious. Take for example some of the commemorative projects that have already begun to emerge in Egypt, evoking the name of revolution in order to frame it as part of a history clearly separated from the present. Someday there will be streets and metro stations named after figures from the January 25 uprising, just as we find in other places—like Mexico City or Paris or Washington—where revolutions and civil wars have been forgotten-remembered through state commemoration. Even before 2011, Cairo’s streets and metro stations were painted with names that, through the distancing mechanism of state commemoration, work to bury the fires of earlier social conflicts. Just as daily use can smoothen the features of a word, it will also soften the sharp teeth of a word like revolution. Like 26th of July, 25th of January might well become just another street name. What allows this sort of reification to take place is not that these events are nominalized but that this is combined with a style of speech that splits the time of the event off from the present.

The narration of present events as past history is one of many themes of Guy Debord’s 1967 manifesto, Society of the Spectacle. In a long jagged line of short theses, Debord describes the impoverishment of human life under the relentless assault of advertising and hypermediation. Under advanced capitalism, he argues, the direct experience of life becomes replaced by its image. Ongoing processes are reframed as events that have already taken place. What is objectionable about this is that it transforms humans-as-agents into humans-as-spectators. Rather than acting in history, the spectator merely watches it as if it were a show. Rather than being something that is made by all humans all the time, history becomes a tableaux produced by some for the entertainment of others. Throughout the theses, Debord enjoins his readers to be mindful that they are first and foremost participants in histories of their own making. He reminds us that history is not something already made. History is not the past. It is not a picture to look at. It is not even an object outside of ourselves or outside our present moment. History, he insists, is something that belongs to us because we make it just as we make ourselves.

Debord’s appeal to an active engagement with the present as history is quite relevant to this discussion, for it suggests something about the limitation of framing our consideration as a question about whether or not the kind of event that took place in Egypt deserves to be called a revolution. This focus shifts the temporal center of gravity to the past simple (or preterite) tense—effectively depicting a still-unresolved set of processes as if they were complete.

It is a truism to observe that language positions us in time—allows us to bind ourselves with certain periods and divorce ourselves from others. It combines times and draws lines between them. Most of all, language allows us to give an appearance of order to the mess of the open-ended present, the only moment we ever inhabit. Yet, it may be that the present—as continuous and as yet unfulfilled—that poses the greatest challenge to conceptualization in language. Consider in this regard an ubiquitous slogan in contemporary Egypt: “al-thawra mustamirra.” The sentiment not only appeals to revolutionaries to go on with their work, but also that we live in an unfolding present named revolution. Slogans like this remind us that it is our job to live and act in our historical time and to be attuned to the state of things as they actually are, which is to say, states in flux and processes of becoming.

Admittedly, the present continuous is a difficult tense to sustain, but it is one of the few ways to register that what we are trying to talk about is ongoing and unfinished. Reasonable people might object to the clunkiness of talking about history in the present continuous. Others might rightly raise the question of whether it makes sense to talk about events from years past in the present continuous tense. To this I say: of course we should use the past tense, but let us do so when we are talking about events of the past. I am not proposing we do away with periodization or thinking of past events in their own terms. Rather, I am insisting that it is too early to speak of the Egyptian revolution in this way. We need to get the verb tense right before we go on arguing about nouns.


[1] Raymond Williams’ discussion of the term’s topsy-turvy history reminds us of the metaphors buried deeply in the word, and of the difficulty of creating normative definitions for its meaning. See: Keywords: A Vocabulary of Culture and Society (New York: Oxford University Press, 1983), 270-274.

[2] Jane Hill, The Everyday Language of White Racism (Oxford: Wiley-Blackwell, 2008), 39.

[3] Elinor Ochs, “Linguistic Resources for Socializing Humanity,” in Rethinking Linguistic Relativity, eds. John Gumperz and Stephen Levinson (Cambridge: Cambridge University Press, 1996), 419-425.

[4] This observation has been made by others. See, for instance: Asaf Bayat, “The Post Islamist Revolutions,” Foreign Affairs (April 26, 2011), http://www.foreignaffairs.com/articles/67812/asef-bayat/the-post-islamist-revolutions, and “Not a Full-Fledged Revolution,” (interview with Rana Khazbak) Egypt Independent (January 22, 2012), http://www.egyptindependent.com/news/qa-asef-bayat-not-yet-full-fledged-revolution; Joel Beinin, “A Revolution is Not a Marketing Campaign,” Middle East Report blog (June 18, 2012), http://www.merip.org/revolution-not-marketing-campaign; Jason Brownlee, “Egypt’s Incomplete Revolution: The Challenge of Post-Mubarak Authoritarianism,” jadaliyya (July 5, 2011) http://www.jadaliyya.com/pages/index/2059/egypts-incomplete-revolution_the-challenge-of-post; and Hesham Sallam, “Striking Back at Egyptian Workers,” Middle East Report 259 (Summer 2011), http://www.merip.org/mer/mer259/striking-back-egyptian-workers.

[5] It needs to be admitted that, despite unprecedented mass participation in the uprising, at no point was revolution—as slogan or action—embraced by the majority of Egyptian citizens. On the lasting implications of this, see Ellis Goldberg, “The Missing Ikhwan and the Electorate Split in Three,” jadaliyya (June 4, 2012), http://www.jadaliyya.com/pages/index/5835/the-missing-ikhwan-and-an-electorate-split-in-thre.

[6] The differences between the Arabic word thawra and the English word revolution are worth considering, as are the differences within the colloquial Egyptian and Modern Standard Arabic registers of revolution. With regard to this, there are differences of register and orientation with regard to MSA and Egyptian terms for revolutionaries, even among people who identify with revolution (thawra / sawra). To take three examples as pronounced, thawri, sawri, and sawragi: it is not clear that all “refer” to exactly the same kind of actor because the resonances and meanings of each term diverge considerably.


Roundtable on the Language of Revolution in Egypt

$
0
0

UPDATED 12 August 2012

[The following series of articles is part of a Jadaliyya roundtable on “The Language of Revolution in Egypt.” It features contributions by Paul Sedra, Robert Springborg, Joshua Stacher, Adam Sabra, and Elliott Colla. The roundtable was first published on 23 July 2012, and contributions by Sabra and Colla were published on 12 August 2012.]

 

23 July 2012

Paul Sedra, “Why the Language of Revolution Matters”

Robert Springborg, “Why the Language of Truth Matters”

Joshua Stacher, “Transnational Discourses of Power, Revolutions, and Uprisings”

Paul Sedra, “The Language of Revolution in Egypt: A Response to Stacher and Springborg”

12 August 2012

Adam Sabra, "The Revolution Continues..."

Elliott Colla, "The Revolution Continues (present continuous)"

 

Why the Language of Revolution Matters

By Paul Sedra 

On 29 June, Mohamed Morsi presented himself to Tahrir Square as Egypt’s new president. The moment was hardly lacking for drama: “You are all my family, my friends,” he told the thousands assembled in the square and the millions watching on television. “We are here today to tell the whole world: these are the Egyptians, these are the revolutionaries, who made this epic, this revolution.” Morsi pointed to the crowd and identified the people as the source of his legitimacy: “There is no person, party, institution or authority over or above the will of the people.” Indeed, so great was the confidence of the new president that he opened his jacket, pointed to his chest and declared that he had forsaken a bullet-proof vest “as I trust God and I trust you, and I fear only God. And I will always be fully accountable to you.”

The next day, the New York Times published an op-ed by Professor Joshua Stacher of Kent State University under the title “How the Army Won Egypt’s Election.” In the piece, Stacher explains how the Supreme Council of the Armed Forces (SCAF) had, in fact, used the presidential elections to strengthen their rule of Egypt. What had effectively emerged from the supposed process of “democratic transition” that had begun back in February 2011 with the overthrow of Hosni Mubarak was a coup rather than a revolution. Indeed, despite the trappings of democracy, with no fewer than five ballots held between March 2011 and June 2012, the state apparatus as it had existed under Mubarak was still intact. SCAF had skillfully maneuvered itself into a position of lasting dominance over Egypt’s political landscape by negotiating with particular political actors—the Muslim Brotherhood foremost among them—and marginalizing the revolutionaries of the street protests.

Of course, Stacher is not alone in this assessment of Egypt’s post-Mubarak politics as a boon to the military and a bust for revolution. As early as 2 February 2011, well before Mubarak’s ouster, Professor Robert Springborg of the Naval Postgraduate School had argued in Foreign Policy (in an eerily prescient fashion): “The military will now enter into negotiations with opposition elements that it chooses.” Arguably, Professor Zeinab Abul-Magd of the American University in Cairo and Oberlin College has led the way in detailing, notably through a series of articles for Al-Masry al-Youm and Egypt Independent, the massive interests that the military has at stake, as well as the mechanisms SCAF has developed to protect them. So great are the doubts now about what actually has transpired in Egypt that most serious analysts of the country’s politics eschew the language of revolution in favor of uprisings, revolts, or simply protests.

Here I must confess that I have always insisted upon the language of revolution—despite the fact that I wholeheartedly agree with the arguments of Stacher and Abul-Magd. I insist on the language of revolution in large part because Egyptians still use this language of revolution themselves. And frankly, I think it is vital that they continue to use this language—not from an analytical standpoint, but from a political one. I fear that to abandon the language of revolution would be tantamount to abandoning the hopes, the ideals, and the expectations that accompanied the ouster of Mubarak.

We ignore at our peril the enormously productive character of language. After recounting how the machinations of SCAF and the deals of the Muslim Brotherhood have foreclosed certain paths ahead, we would be wise to recall what the language of revolution has in fact enabled, has made possible, in post-Mubarak Egypt. I marvel, for my own part, at the inspiration that Coptic Christian activists have taken from the revolution—an inspiration that has propelled them to challenge not only the Egyptian state, but their own Church leadership, in unprecedented ways. Indeed, the language of revolution has created new expectations about what is just and unjust, what is acceptable and unacceptable in public life. And while politicians may fail to live up to these expectations, the expectations themselves remain vitally important nonetheless. To the extent that the language of revolution can enable a new political imagination in Egypt, we should embrace it. 

I might stand accused here of indulging in, even promoting, a delusion. Why speak of a revolution where none has occurred? Why embrace a language that is at odds with the situation on the ground? Lest I be indicted for distributing rose-colored spectacles, I should emphasize that a wide-eyed appraisal of the balance of power is indispensable—and for this, we are indebted to Stacher and Abul-Magd.

Perhaps the best example of what I am driving at can be drawn from history. In a matter of days, the sixtieth anniversary of the 1952 Revolution will be upon us. All the arguments disputing Egypt’s current “transition” as revolutionary would hold—perhaps doubly so—for the 1952 Revolution. Indeed, at the time, the 1952 Revolution was as traditional a coup as coups get, and arguably only became a revolution after the fact, or in retrospect.

Nevertheless, as Joel Gordon has illustrated through his prodigious scholarship on Nasser’s Egypt and, above all, its popular culture, the language of revolution enabled a political imagination in 1950s and 1960s Egypt that paved the way for an unprecedented expansion in social mobility. This was a social mobility that Egyptians came to expect and demand, due in no small measure to the culture of social revolution developed and nurtured by writers, artists, musicians, playwrights, and filmmakers. So compelling was this culture of social revolution that Egyptians look back upon that time as a “golden age” in the country’s cultural life, and artifacts of that time are taken up and reinscribed into the current revolutionary moment. 

I expect, as the anniversary approaches, that there will be no shortage of repudiations of the 1952 Revolution, and properly so. But in this regard, the 1952 Revolution may offer us a lesson—not about democratic transitions or civil-military relations, but about broadening the political imagination. 

 

 

[Back to Top]

 

Why the Language of Truth Matters

By Robert Springborg

Paul Sedra’s insistence that the term revolution be used to describe political change in Egypt since 25 January 2011 reflects the triumph of hope over experience, as he halfway admits. According to him, the language of revolution helped convert the 1952 coup into Gamal Abdel Nasser’s cultural and social “golden age,” just as it has emboldened Copts now to challenge both church and state. The term revolution, in other words, is not analytically but is politically correct. Although untrue, its use may help realize what is politically desired.

This proposition is flawed and dangerous. Using language not to describe reality but to inspire action is precisely the problem George Orwell addressed in 1984. If words are not meant to be truthful but to instill commitment, demagogy and worse is justifiable and likely. Indeed, that was precisely the problem with Nasser, who used inflammatory rhetoric to mobilize the populace behind his regime and to conceal the truth.

Sedra lauds Nasserism as having delivered social mobility and a cultural “golden age,” ignoring the regime’s underpinnings in the military and security services, its destruction of the quasi democratic order, its systematic abuses of human and political rights, its military adventurism abroad and its ruination of the economy. The fundamental political problem that Egypt confronts today, which is persisting rule by the military, can be traced directly to Nasser’s 1952 coup. But even if Nasserism had really delivered substantial and lasting social mobility combined with sustained cultural effervescence, which it did not, such justifications are on the order of justifying Mussolini’s fascism because the trains ran on time, which they did not. No alleged accomplishments, even if given the label “golden age,” can be used to justify dictatorship.  

As for the Coptic liberation that Sedra claims as reason to label the 2011-12 events as revolutionary, he would be well advised to consult with various Coptic activists and analysts, including Mariz Tadros, for a much more balanced and accurate view. Copts are more fearful and fleeing than liberated.

So let us call a spade a spade. What has happened in Egypt was rightly termed a “coup-volution” by Nathan W. Toronto back in February 2011. By that he meant the military intervened to abort a popular uprising that could have become truly revolutionary. Subsequent events have confirmed this assessment, for the coup makers have clearly taken firm control of the governing institutions that really matter. Revolutionary spirit has died away in the absence of its institutionalization or success.

That is not to say, however, that all remains the same. The masses have had the unforgettable experience of flexing their political muscles, even if they failed to lift the weight of the military off their backs. By manipulating the country’s governing institutions to serve their own ends, General Mohamed Hussein Tantawi and his officer colleagues have contributed profoundly to undermining the institutional coherence, effectiveness and legitimacy of the courts, parliament, the constitutional committee, the media, etc. The military itself, the very backbone of the state Nasser bequeathed to his successors, has been compromised and probably divided. The already fragile economy has been further weakened. Egypt, in other words, is far from being stable and secure.

But let us honor those protesters who have made such prodigious personal sacrifices, including their lives, not by referring to the outcome as a revolution. That demeans their efforts, implying that a continuation of military rule, which many of them have openly fought, is a profound change. Let us reserve the term revolution for the real thing, which necessarily includes the termination of the principal component of Nasser’s legacy, which is military supremacy over the state, the economy and the country as a whole. 

 [Back to Top]

 

Transnational Discourses of Power, Revolutions, and Uprisings

By Joshua Stacher

My friend and colleague Paul Sedra raises important points about the language we use as well as the implications that emerge from what’s in a name. His critique is nuanced and I agree it is vital to reflexively engage with the words we use.

During and since the initial eighteen-day uprising that resulted in the forced resignation of long-time president Hosni Mubarak in February 2011, many colleagues have called my assessment of the evolving situation in Egypt pessimistic. Some have told me that I have been too quick to “call” the battle for the future of Egypt, and that I am ignoring the larger historical process that is yet to unfold. Another colleague remarked I was examining the “new” Egypt through an outdated lens. After all, I was told, “The country has experienced a revolution.”

I do not see the role of my work to predict or sugarcoat my interpretation of events since Mubarak was overthrown. My current research is trying to capture the power dynamics evolving in an incredibly fluid political situation at the moment. Like many colleagues who study Egypt with a great deal of care and deep concern, I seek to look beyond the stirring spectacles and dramatic political theater that has taken place since the fall of Mubarak, and to shine light on the more dimly lit areas of where politics is also taking place. These encompass ways in which the “post-Mubarak” Mubarak regime has tried to reconstitute itself, and where state’s legitimacy and authority to act reside. If one defines change in terms of where power resides, how it operates, and who has the most ability to effect the direction of Egypt’s political trajectory, then the story does not produce such transformative ends.

Other perspectives interpret sights of protesters riding on tanks, Mubarak’s trial, and newly elected President Mohamed Morsi’s inauguration, as symbolic tipping points that signify meaningful change. Yet, such analysis tends to underestimate the continuities that persist as inconvenient remnants of a by-gone era. But what if the remnants are not yet peripheral?

The language we use to talk about politics informs our activism. I believe that if we mischaracterize the political realities on the ground, it could contribute to the distortion of resistance to those domestic and international actors that aspire to assert their dominance over Egyptian society and reestablish hegemonic authority. Thus, while I am sympathetic to those who label the events since January 25 a revolution, I believe such well-meaning perspectives can inadvertently undermine the efforts of those leading the struggle on the ground against counterrevolutionary powers such as the SCAF, regional states, and the United States. 

Egyptians succeeded in forcing an end to Mubarak’s rule after achieving a level and degree of popular mobilization that made it impossible for political elites to engineer an outcome that kept their usual pattern of authority intact. This event must be celebrated and those who sacrificed their lives and physical well being to make it happen must be honored. Yet, as the dust continues to settle, the fundamental workings of the regime governing Egypt remain unchanged. Authoritarian institutions, including Mubarak’s coercive apparatus inside the Ministry of Interior, were rebranded, not reformed. Social class hierarchies and the grievances they engender persist.

In a recent conference in Beirut, one colleague told me that my analysis of Egypt is dangerous because it invites despair among Egyptian activists when all they need is hope. While I am sympathetic to this concern, I beg to differ. Besides the fact that there is no room for diplomacy when it comes to speaking truth to power, Egyptians, more than anyone, do not need to read my analysis, or any analysis for that matter, to realize that Egypt’s military rulers have subverted the winds of change. They have seen, if not experienced firsthand, the wrath of Egypt’s military rulers, even at times when Egyptian State TV was still singing the praises of the “January 25 Revolution.” 

My individual framing of Egyptian politics is directed at public debates in the United States and the country’s political leadership. In the aftermath of the eighteen days, President Barack Obama graciously lauded the protesters and went to great pains to praise the popular mobilization that dislodged his former colleague Mubarak. Yet, beyond the words, the White House has been keen to keep the aid flowing and dispatch its officials to frequently visit Egypt’s generals. Even after a president was democratically elected, the Secretary of State Hillary Clinton made sure to visit not only President Morsi but also Field Marshall Mohamed Hussein Tantanwi.

Thus, my goal is to put truth to the lie that many of the DC pundits and political leaders repeat. They want Americans to believe that epic change and revolution has come to the banks of the Nile, autocracy was defeated, and that Obama stood with the right side of history. The actions of US government officials, however, shamefully indicate a preference for the Pakistani model of military autocracy combined with elected Islamist civilians, rather than the empowerment of a population that clearly articulated its demands for bread, freedom and social justice. These important debates demand analysis that studies power on its own terms—even if it raises disappointing conclusions. 

While using the word “Revolution” may inspire and lead to unimaginable pathways of resistance, my own interest as a researcher is in getting the story right at this moment as it unfolds. In time we will hopefully be able to pass more definitive judgment on the questions we are currently pondering. But, for now, the stakes of discussions about Egypt inside and outside of the country are too high. They shape expectations about how our elected and unelected officials should behave. The goal, therefore, should be to accurately detail as meticulously as possible what we witness. In this vein, the words we use matter if greater social justice and political change is to prevail.

[Back to Top

 

The Language of Revolution in Egypt: A Response to Stacher and Springborg

By Paul Sedra

I am indebted to Professors Stacher and Springborg for their trenchant and persuasive critiques of my piece. Indeed, it seems the occasion of the sixtieth anniversary of the 1952 Revolution was a suitable time to interrogate our use of the language of revolution.

Nevertheless, there are several misapprehensions in Professor Springborg’s response that warrant correction. The piece argues that I have ignored “the [Nasser] regime’s underpinnings in the military and security services, its destruction of the quasi democratic order, its systematic abuses of human and political rights, its military adventurism abroad and its ruination of the economy.” I would scarcely dispute these lamentable legacies of Nasser’s leadership – nor would I deny the link between the 1952 Revolution and what Springborg describes as the “fundamental political problem that Egypt confronts today, which is persisting rule by the military.” Indeed, readers of Jadaliyya might recall that, only two days after the resignation of Mubarak, I published a piece in these pages explaining that, “to allow the military to continue to govern the Egyptian people, as it has since the 1952 Revolution against British rule, would be to commit the unpardonable sin of repeating a cardinal error of the past.” There I described Nasser’s decision to prioritize development over democracy as “a historic mistake, for which at least three generations of Egyptians have paid an enormous price.”

Further, Professor Springborg latches on to the phraseology of a “golden age” as if I had myself used that term to describe the years between 1952 and 1970. I indicated in my piece that there are Egyptians who regard the Nasser years as a “golden age,” and used this fact to speak to how compelling that period was and remains in the political imagination. Nowhere have I suggested that one should view the Nasser years as such a “golden age.”

Finally, I would agree with Professor Springborg that one cannot speak of a “Coptic liberation” having followed the ouster of Mubarak. Having consulted with a goodly number of Coptic activists and analysts in the past eighteen months—indeed, having conducted research among them on this topic myself—I feel well-supported in the assertion that I actually made in my piece: that Copts have taken inspiration from last year’s events “to challenge not only the Egyptian state, but their own Church leadership in unprecedented ways.” Unfortunately, Professor Springborg falls back on a time-worn depiction of Copts as “fearful and fleeing” where, in fact, large sections of the community are mounting a vigorous defense of their rights of citizenship. Those with an interest in this question might refer, again, to writings I have published in these pages and elsewhere.

Setting aside these mischaracterizations of my argument, though, one comes up against the principal, and indeed trenchant, point launched by both Professors Springborg and Stacher—that scholars bear a responsibility to “call a spade a spade” as Springborg puts it. I should make it clear, again, that I have benefited enormously from Springborg and Stacher having done just this—having called a spade a spade—in their published work since Mubarak’s ouster, and there is no question that my understanding of Egypt’s current politics would have been much poorer had it not been for their wide-eyed exposition of SCAF’s machinations.

But I am still left to wonder: What are the implications of scholars refusing the language of revolution while countless Egyptians take up this language with alacrity? What is behind the ubiquity of the language of revolution in Egypt, and what is our responsibility as scholars to the words Egyptians themselves use to describe their political action? The principal point I sought to make with my piece is that understanding the spectacle of Morsi taking a symbolic oath at Tahrir—and, specifically, how that spectacle is received by Egyptians—is as important as understanding the machinations of political forces behind the scenes.

Spectacles matter and the language of revolution matters, regardless of the disjuncture between them and action behind the scenes. These spectacles and this language are important insofar as they establish expectations among Egyptians—expectations about, as I explained in my piece, “what is just and unjust, what is acceptable and unacceptable in public life.” In this sense, my personal decision to insist upon the language of revolution is not so much about wishful thinking—though, admittedly, there is an element of that here—but about paying heed to the ways in which Egyptians themselves apprehend this moment in their history.

 

 

[Back to Top]

 

The Revolution Continues…

By Adam Sabra

The Jadaliyya roundtable on “The Language of Revolution in Egypt” raises an important, perennial question: what is a revolution? Without reviewing the copious historical and social science literature on the question, I would answer as follows: a process that radically changes the political and/or social structure of a society. As such, a revolution is not an event, although it often requires dramatic events for the larger process to proceed.

By this definition, the 1952 coup both prevented and resulted in a revolution. The coup brought an end to seven years of increasing volatile protests led by groups ranging from communists to Muslim Brothers. The constitutional monarchy and the multi-party system were abolished with the assistance of the Brothers, before the new dictatorship turned on them as well. In exchange for silence over its methods, the military regime offered substantial social advancement to many ordinary Egyptians, although many others were left out. Nasserism represented a top-down revolution that resembled the Shah’s White Revolution, albeit on a more limited budget. Were it not for the added complication of the Arab-Israeli conflict and Western support for Israel, Nasser would probably be remembered as a pro-American dictator who stood in the way of a communist takeover of the Arab world.

Today, Egypt is undergoing another revolution, albeit a highly attenuated one. It was never the goal of the revolutionaries to repeat the experience of the French, Russian, or Iranian revolutions. Those revolutions entailed enormous social upheaval, mass violence against counter-revolutionaries, and war with external powers. The result, uniformly, was dictatorship. Perhaps these dictatorships were necessary to prevent the victory of the counter-revolution, but the majority of Egypt’s revolutionaries preferred to put their faith in the ballot box. Whether they were right to do so remains to be seen, but the means they have chosen correspond to the ends they seek.

Egypt’s revolutionaries also preferred to avoid exporting their revolution. When revolution broke out in Libya, many waited in vain for an Egypt’s revolutionaries to intervene. For the most part, they were disappointed. Egypt’s revolutionaries have repeatedly expressed solidarity with their counterparts in other Arab countries, but no one has seriously suggested that Egypt attempt to intervene militarily or launch a campaign of subversion against neighboring regimes. Again, the Egyptians have understood their limitations and acted accordingly.

In my opinion, Robert Springborg and Joshua Stracher exaggerate the influence of the military and of the United States. The Supreme Council of the Armed Forces (SCAF) has relatively few options compared with those available to Nasser in 1952. Stracher is right to call into question the Obama administration narrative that it saved Egypt – the Egyptian people did that – but the real lesson here is that the US has limited leverage over a political system where ordinary people have recovered their voices. The SCAF may fear Washington, but it fears the revival of revolutionary activism even more. The military leadership cannot keep up its shell game forever.

It is noteworthy that none of the participants in the debate so far addresses the possibility that the Muslim Brothers are an important agent of democratization in Egypt. It is as if the Brothers were not a significant part of the revolutionary coalition. Admittedly, the jury is still out on the Brothers as a ruling party, and one can understand the concerns of secularists and Christians about the future. Nonetheless, elections are elections, and they have consequences. To date, there is little evidence that we are headed back to the muzzled political life of the past half century.

The past eighteen months have revealed much about Egypt as a society, and not a little of what we have learned has been deeply disturbing. Nonetheless, this process of revolutionary self-recognition has been a necessary step in initiating democratic change. It may yet be that the revolution will be defeated, but that day is not today.

 

[Back to Top]

The Revolution Continues (present continuous)

By Elliott Colla 

The recent Jadaliyya roundtable on "The Language of Revolution" was not only long overdue, but also just the tip of the iceberg. Our manner of speaking about the Egyptian uprising of 2011—and subsequent transformation away from street-level to elite politics—impacts directly on our ability to understand those historical events, just as it influences our capacity to act in solidarity with those making revolution. This is true whether we are demanding that analysis be accurate, or insisting also that those who make revolution are not merely objects for analysis, but subjects whose language and expression are some of the central facts of the events themselves.

Reference, Stance and the Production of Knowledge

Despite the fact that the roundtable did not attempt to define the term “revolution,”[1] most of the discussion was colored by a referentialist language ideology, which is to say, a concern about the proper use of words.[2] In different ways, Joshua Stacher and Robert Springborg agreed that the central question is one of definition: does “revolution” adequately describe what has happened in Egypt? Their skepticism was about whether “revolution”—as a word with a particular denotation—accurately reflects the January 25 uprising and its aftermath.

They are on solid ground when they doubt whether the word (as they understand it) is adequate to the situation (as they understand it). For both Stacher and Springborg, the facts of the Egyptian uprising suggest that something other than a revolution happened. And this, as they point out, is because state power firmly remains within the grasp of Mubarak’s top generals just as it was before 25 January 2011. Both authors acknowledge that the experience of participating in the uprising was real, significant, and perhaps one of the most lasting accomplishments of the event. Yet, when we compare Springborg and Stacher, we notice real differences. And these differences are due more to general questions of knowledge production than questions specific to the word “revolution” and its meanings. In fact, reading those two pieces together we see real divergence in their treatment of facts and their moral meanings, and also in their conception of the role of scholars in the construction of political facts, narratives and meanings.

The critical category of stance, borrowed from sociolinguistics, is useful for reading these two pieces in light of each other.[3] To talk about stance in this sense is not just to repeat the truism that all knowledge is partial and positioned. Rather, it is also to observe how speech signals and expresses this fact.

Stacher’s contribution is an example of self-conscious stance. He takes great pains to acknowledge that analysis is something produced for a particular audience by someone who is locatable somewhere within the story she tells. Indeed, for Stacher, the facts of the Egyptian uprising and its aftermath are not non-interpretative, but rather constructed by situated analysts for audiences who might act on the information presented. Hence his admission that in addition to getting the facts on the ground right, his goal is to disrupt the complacent policy consensus of his US audience. That consensus is based on a narrative that goes something like this: now that the Egyptians have had their “Arab Spring” revolution, the current status quo, despite its ambiguities, represents a new and improved chapter in Egyptian political history. Framed in this way, the perseverance of despotic structures and dynamics appears as democratic transition and political change. Stacher situates his discussion within this frame—the Washington context in which his analysis is going to be read—in order to problematize it. For him, the idea that the uprising might be called a revolution is a problem not just because of facts located in Egypt, but also because of how these facts have been narrated this way in Washington.

Crucial to Stacher’s articulation of stance is his assertion (with which I very much agree) that military rule in Cairo is deeply connected to Washington—a fact that implicates the very audience he is addressing, and himself as an American. And it is here that Stacher positions himself not just as a scholar of Egypt, but as an internal critic of the US government who is interested in challenging the naturalness and desirability of the US-Egyptian axis of elite military power.

In stark contrast, Springborg’s stance is composed in the register of the detached observer. Despite references to honoring the sacrifices of those who died while making revolution, Springborg depicts the uprising mostly as an incident that needs to be accounted for. If it appears as something less than serious in his description it is not because of the value of the revolt’s desired goals, or a lack of will and commitment on the part of those rebelling. Rather, it is because the revolt was contained by the military before it posed a serious threat to the actual foundations of state power.[4] This astute observation is offered up in a neutral tone that turns all protagonists into moral equals. The unprecedented popular uprisings in Egypt are described in a language of stability and security, which is to say from point of view of the military citadel instead of the public square.

More crucially perhaps is the fact that unlike Stacher and Sedra, Springborg does not problematize his role as knowledge producer involved in the conflict. Springborg writes as if the Egyptian status quo was a purely Egyptian event. The facts of elite Egyptian politics are presented as if they were only what they were, and that what analysts say “here” has no bearing on what happens “over there.” The rhetorical flourish is subtle in appearance—findings and assessments appear in the flattest of terms, as if they were an aspect of nature rather than the product of policies, investments and entanglements that demand constant maintenance and expensive subsidy. Policies, investments and entanglements, we might add, that rely entirely on the assessment and predictions of the kind of knowledge produced by area studies experts.

Performative Language, Indexing and Association

It is at this point that we can begin to appreciate how Paul Sedra’s contributions to the discussion diverge so radically from those of Springborg and Stacher alike. For Sedra, what is at stake in discussing the term “revolution” is not only the referentialist concern of accuracy, but also the performative aspect of indexing. How we name things in the world produces meanings beyond the semantic content of our speech. Naming situates us with regard to social groups and allows us to associate ourselves with allies and differentiate ourselves from enemies.

This is to state the obvious: the meaning of “revolution” cannot be reduced to pure linguistic reference—especially in revolutionary times, when the word becomes a slogan with resonances both sacred and profane. In this regard, Sedra identifies two axes along which we might trace the resonance of revolution—thawra / sawra—as a term in Egypt: the first, grounded in the experience and vocabulary of those who consider themselves revolutionaries and insist on the word as a label for what they are making; the second grounded in the way in which “revolution” calls to mind earlier moments in Egyptian history.

In his comments, Sedra expands on this latter dimension with particular reference to the social and cultural power of the term “revolution” following the 1952 seizure of the Egyptian state by the Free Officers. The point is a complicated one and demands a degree of unpacking that did not happen in the discussion. If I understand the point, it is this. On the one hand, the coup d’état signified a demobilization and criminalization of Egyptian civil society as it had existed, including the popular forces behind the uprising of January 1952. On the other hand, the junta ushered new forms of populist discourse and state supports which mobilized and re-channeled the political forces of Egyptian society in meaningful ways—including, the demand for new rights for emerging classes. It is not unreasonable to argue as many have that the 1952 coup paved the way for the social movements of the 1960s and beyond—all under the banner of revolution. Sedra’s point here is to insist that speaking in a language of revolution, even in cases (such as 1952) where revolution did not happen, can be valuable in its own right, since the language of revolution foments a cultural and political climate favorable to the articulation of social demands.

To return to language’s constitutive aspect, we should recall an observation made many times over, namely that language does not merely reflect a world outside, it also expresses things. Which is to say, it brings things into being. Part of this sometimes is a matter of ideation or consciousness, which are, of course, social facts in their own right. At other times, however, the act of expression has immediate and tangible real-world effects. For instance, there was a moment during the January 25 uprising when activists moved from local slogans about bread, justice and freedom to totalizing slogans that demanded a whole new order. With this shift, the very nature of the event of changed, protest became rebellion. Slogans about “revolution” did not describe in a reflective way a state of being that already existed. Rather, to talk about “revolution” was part of the process by which various local acts of protest transformed into a mass revolt against the state.[5]

Arguably, the most important social indexical aspect of the language of revolution lies in how it signals an association with those Egyptians who use the term thawra to refer to themselves and their projects.[6]Indeed, one can refer to the uprising as a revolution in order to gesture solidarity with Egyptian activists who also self-consciously employ that word to signal their demands, desires and aspirations. Of course, what is at stake here is not a referential question of whether a given definition of the word applies. Words like revolution implicate us in relationships insofar as they entail us, by way of shared signs and language, in political and cultural communities.

This last issue brings up a vexing problem however. Just as words never belong to a single group within a linguistic community, Egyptian revolutionaries are not the sole owners of the word “revolution.” Indeed, nearly every political force in Egypt has claimed the term “revolution” since January 2011. Counter-revolutionaries—such as the Muslim Brotherhood’s leadership, business elites, Salafists, and the Army—understand the power of the word and its ability to create positive associations. During the second round of the presidential campaign this year, Mohamed Morsi invoked revolution as he sought to legitimacy for his candidacy, and so did Ahmed Shafik as he sought to undermine Morsi’s claims. Admittedly, each of these invocations stretches the slogan into monstrous new shapes—and no linguistic orthodoxy has the power to stop this from happening. Given its associative power, we should expect revolution to be invoked and appropriated by political elites of all stripes in the coming months and years.

Noun, Verb, Tense, Aspect

To the extent that the roundtable discussed the status of “revolution” as a noun, it largely limited itself to a referentialist consideration of the relation between language and things. Reminding ourselves of this helps us to recall that the word “revolution” is nothing more and nothing less than the nominalization of a complicated set of social relations, actions and experiences. Of course, how to represent living, breathing and evolving processes without rendering them inert and static is a troublesome challenge. Unless handled with care, the act of representing open-ended and ongoing processes as a noun—a discrete event, a period of time—entails that we conceptually break them off from the moment in which are speaking, and also from other earlier moments. In other words, to talk about incomplete history as a discrete event entails some form of reification. To say so is not to argue against the use of nouns or nominalizations, as if that were an option. Instead, it is to appreciate how nominalization works.

When nominalization is combined with efforts to create boundaries in time—such as those that create walls between the present and the past—its ability to reify can be especially pernicious. Take for example some of the commemorative projects that have already begun to emerge in Egypt, evoking the name of revolution in order to frame it as part of a history clearly separated from the present. Someday there will be streets and metro stations named after figures from the January 25 uprising, just as we find in other places—like Mexico City or Paris or Washington—where revolutions and civil wars have been forgotten-remembered through state commemoration. Even before 2011, Cairo’s streets and metro stations were painted with names that, through the distancing mechanism of state commemoration, work to bury the fires of earlier social conflicts. Just as daily use can smoothen the features of a word, it will also soften the sharp teeth of a word like revolution. Like 26th of July, 25th of January might well become just another street name. What allows this sort of reification to take place is not that these events are nominalized but that this is combined with a style of speech that splits the time of the event off from the present.

The narration of present events as past history is one of many themes of Guy Debord’s 1967 manifesto,Society of the Spectacle. In a long jagged line of short theses, Debord describes the impoverishment of human life under the relentless assault of advertising and hypermediation. Under advanced capitalism, he argues, the direct experience of life becomes replaced by its image. Ongoing processes are reframed as events that have already taken place. What is objectionable about this is that it transforms humans-as-agents into humans-as-spectators. Rather than acting in history, the spectator merely watches it as if it were a show. Rather than being something that is made by all humans all the time, history becomes a tableaux produced by some for the entertainment of others. Throughout the theses, Debord enjoins his readers to be mindful that they are first and foremost participants in histories of their own making. He reminds us that history is not something already made. History is not the past. It is not a picture to look at. It is not even an object outside of ourselves or outside our present moment. History, he insists, is something that belongs to us because we make it just as we make ourselves.

Debord’s appeal to an active engagement with the present as history is quite relevant to this discussion, for it suggests something about the limitation of framing our consideration as a question about whether or not the kind of event that took place in Egypt deserves to be called a revolution. This focus shifts the temporal center of gravity to the past simple (or preterite) tense—effectively depicting a still-unresolved set of processes as if they were complete.

It is a truism to observe that language positions us in time—allows us to bind ourselves with certain periods and divorce ourselves from others. It combines times and draws lines between them. Most of all, language allows us to give an appearance of order to the mess of the open-ended present, the only moment we ever inhabit. Yet, it may be that the present—as continuous and as yet unfulfilled—that poses the greatest challenge to conceptualization in language. Consider in this regard an ubiquitous slogan in contemporary Egypt: “al-thawra mustamirra.” The sentiment not only appeals to revolutionaries to go on with their work, but also that we live in an unfolding present named revolution. Slogans like this remind us that it is our job to live and act in our historical time and to be attuned to the state of things as they actually are, which is to say, states in flux and processes of becoming.

Admittedly, the present continuous is a difficult tense to sustain, but it is one of the few ways to register that what we are trying to talk about is ongoing and unfinished. Reasonable people might object to the clunkiness of talking about history in the present continuous. Others might rightly raise the question of whether it makes sense to talk about events from years past in the present continuous tense. To this I say: of course we should use the past tense, but let us do so when we are talking about events of the past. I am not proposing we do away with periodization or thinking of past events in their own terms. Rather, I am insisting that it is too early to speak of the Egyptian revolution in this way. We need to get the verb tense right before we go on arguing about nouns.

 

[Back to Top]


[1] Raymond Williams’ discussion of the term’s topsy-turvy history reminds us of the metaphors buried deeply in the word, and of the difficulty of creating normative definitions for its meaning. See: Keywords: A Vocabulary of Culture and Society (New York: Oxford University Press, 1983), 270-274.

[2] Jane Hill, The Everyday Language of White Racism (Oxford: Wiley-Blackwell, 2008), 39.

[3] Elinor Ochs, “Linguistic Resources for Socializing Humanity,” in Rethinking Linguistic Relativity, eds. John Gumperz and Stephen Levinson (Cambridge: Cambridge University Press, 1996), 419-425.

[4] This observation has been made by others. See, for instance: Asaf Bayat, “The Post Islamist Revolutions,” Foreign Affairs (April 26, 2011), http://www.foreignaffairs.com/articles/67812/asef-bayat/the-post-islamist-revolutions, and “Not a Full-Fledged Revolution,” (interview with Rana Khazbak) Egypt Independent (January 22, 2012), http://www.egyptindependent.com/news/qa-asef-bayat-not-yet-full-fledged-revolution; Joel Beinin, “A Revolution is Not a Marketing Campaign,” Middle East Report blog (June 18, 2012), http://www.merip.org/revolution-not-marketing-campaign; Jason Brownlee, “Egypt’s Incomplete Revolution: The Challenge of Post-Mubarak Authoritarianism,” jadaliyya (July 5, 2011)http://www.jadaliyya.com/pages/index/2059/egypts-incomplete-revolution_the-challenge-of-post; and Hesham Sallam, “Striking Back at Egyptian Workers,” Middle East Report 259 (Summer 2011),http://www.merip.org/mer/mer259/striking-back-egyptian-workers.

[5] It needs to be admitted that, despite unprecedented mass participation in the uprising, at no point was revolution—as slogan or action—embraced by the majority of Egyptian citizens. On the lasting implications of this, see Ellis Goldberg, “The Missing Ikhwan and the Electorate Split in Three,” jadaliyya (June 4, 2012),http://www.jadaliyya.com/pages/index/5835/the-missing-ikhwan-and-an-electorate-split-in-thre.

[6] The differences between the Arabic word thawra and the English word revolution are worth considering, as are the differences within the colloquial Egyptian and Modern Standard Arabic registers of revolution. With regard to this, there are differences of register and orientation with regard to MSA and Egyptian terms for revolutionaries, even among people who identify with revolution (thawra / sawra). To take three examples as pronounced, thawrisawri, and sawragi: it is not clear that all “refer” to exactly the same kind of actor because the resonances and meanings of each term diverge considerably.

 

 

 

 

Last Week on Jadaliyya (Aug 6 -12)

$
0
0

This is a selection of what you might have missed on Jadaliyya last week. It also includes the most read articles and the latest videos. Progressively, we will be featuring more content on our "Last Week on Jadaliyya" series.

 

O.I.L. Media Roundup (13 August)

$
0
0

 [This is a roundup of news articles and other materials circulating on Occupation, Intervention, and Law and reflects a wide variety of opinions. It does not reflect the views of the O.I.L. Page Editors or of Jadaliyya. You may send your own recommendations for inclusion in each biweekly roundup to OIL@jadaliyya.com by Monday night of every other week] 

News

"Egypt Demands Release of Its Citizen from Guantanamo", Cindy Galway Buys
The International Law Professors Blog reports that the Egyptian government has formally requested the release of the sole Egyptian held in Guantanamo Bay, alleged al-Qaeda operative Tariq Mahmoud Ahmed al-Sawah.

"New US Sanctions on Myanmar and Iran", AFP
The United States has announced a new round of sanctions designed to target links between Hezbollah and the governments of Iran and Syria, a move inspired by the recent bloodshed in Syria.

"Israeli and Egyptian militaries jointly operating in the Sinai to arrest migrants", Allison Deger
Israeli forces are conducting operations in Egypt's Sinai Peninsula, coordinating with the Egyptian military to arrest African asylum seekers and turn them in to Egyptian authorities, often resorting to dubious tactics such as deceiving would-be refugees into thinking they are already inside Israel.  Notably, Egypt is denying their role in the joint operations, while Israel is alleged to have banned journalists in the country from writing about a report on the operations.

"Report: TSA officers say Boston airport program to flag terrorists encourages racial profiling", AP
A program at Boston's Logan International designed to flag terrorists based on the mannerisms of passengers has led to "rampant racial profiling"--not just of Middle Easterners, but also of Hispanics and blacks who fit a number of profiles.

"Lebanon indicts Syrians as bomb plot uncovered", Reuters
Lebanon's military prosecutor has issued an indictment of Michael Samaha, a Lebanese politician, and Ali Adnan and General Ali Mamlouk, two Syrian military officers, accusing the three of membership in a plot to detonate bombs in Lebanon with the aim of inciting sectarian violence.

Blogs

"Obama’s Counterterror Chief: What War in Yemen?", Spencer Ackerman
Ackerman examines a recent talk by Obama counterterrorism adviser John Brennan at the Council of Foreign Relations, arguing that while the facts on the ground of Yemen clearly indicate that the United States is "embroiling itself in a foreign civil war", Brennan misleadingly characterizes the United States' presence as a large development effort.

"In Kiobel brief, scholars provide comparative law perspective on Alien Tort Statute extraterritoriality", Vivan Grosswald
Grosswald and other scholars seek to respond to a concern of several justices at February's oral arguments in the case of Kiobel v. Royal Dutch Petroleum Co. that the United States would violate international law by allowing extraterritorial application to the ATS, on the grounds that it would be the only country to have recognized civil liability for human rights violations committed overseas.  
 

Commentary

"What Is the Real Terrorist Threat in America?", Steve Coll
In light of the Gurdwara shooting, Coll points out that, statistically, domestic terrorism at the hands of non-ideological deranged killers or anti-government extremists or white supremacists is more frequent and more deadly than that of Islamic militancy.  Coll wonders aloud why these statistics aren't more widely publicized and why the public discussion of terrorism isn't more informed by these statistics.

"The Palestine Romney Doesn't Know", Zahi Khouri
Criticizes Mitt Romney's comments that "culture makes all the difference" between Israel and Palestine's economies, writing that "Palestinians living under Israel's brutal occupation share the same culture and proudly claim the same remarkable achievements."

"Break Free of U.S.-Israel Shadow", Vijay Prashard and Prabir Purkhaystha
In an op-ed for the Hindu Times, Prashard and Purkhaystha argue that in light of the Arab Spring's changes to the "political topography of the Middle East", India must cease backing the Israeli Occupation and throw it's political support behind Boycott/Divestment/Sanctions efforts and the statehood aspirations of the Palestinians.

Reports

"The International Commission of Inquiry on Libya: A Critical Analysis", Kevin Jon Heller
Kevin Jon Heller provides a critical assessment of the International Commission of Inquiry on Libya established by the UN Human Rights Council, judging whether the commission was satisfactorily independent and impartia, and whether its legal conclusions withstand analysis.  

"Transcript of John Brennan’s Speech on Yemen and Drones"
Lawfare provides a transcript of Assistant to the President for Homeland Security and Counterterrorism John O. Brennan's talk at the Council on Foreign Relations, discussing the United States' targeted killing activities in Yemen.


Conference Compendium

"Refiguring the 1970s: New  Narratives in U.S. and International History"; 26-27 April 2013; University of Chicago; Send proposals here.

"International law and Capitalism"; August 2012; University of Helsinki, Finland; Register here.

"Islam, Political Islam, and Islamophobia: An International Conference"; 29-30 March 2012; Indiana University, Bloomington; Register here.


On Jadaliyya

"أپاچي", Sinan Antoon

"The Unfinished Story of Iraq's Oil Law: An Interview with Greg Muttitt", Ali Issa

"Palestinian Politics: Representation and Accountability (Lecture)", Noura Erakat

"Cinematic Occupation", Sadia Shirazi

"Litigating the New Frontier in the War on Terror", Lisa Hajjar

"Pinkwatching And Pinkwashing: Interpenetration and its Discontents", Jasbir Puar and Maya Mikdashi

"New Texts Out Now: Khaled Furani, Silencing the Sea: Secular Rhythms in Palestinian Poetry", Khaled Furani

"Israel’s Nukes Derail U.S. Nonproliferation Goals", Victor Kattan

صواريخ ملونة لا تبعث على البهجة

$
0
0

أعشق الصواريخ الملونة التي تطلق في الهواء فتنير السماء. تبتسم شفتاي رغماً عني أينما كنت إذا ما رأيت صواريخ ملونة. أعرف صوتها جيداً، وأميزه وسط أي ضوضاء. يتحرك رأسي باتجاهها، وكأنما يجذبه مغناطيس للاتجاه الصحيح. غالباً أكون أول من يرى الصورايخ الملونة. أقفز فرحة في الهواء، وكأنني أود أن أصعد أنا أيضاً في اتجاه السماء لأمسك بهذه النجوم التي تتلألأ لثوان معدودة ثم تختفي. آلاف النجمات في تشكيلات متلألاة، متداخلة، ينفجر بعضها نوراً من داخل بعض. الصواريخ الملونة علامة من علامات الفرح التي تدخل على قلبي السعادة. 

اليوم رأيت صواريخ ملونة.. ولم يمتلئ قلبي سعادة!

كنت في بلكونة عالية وسط المدينة، ورأيت السماء خضراء، ثم حمراء، ثم ذهبية، وبعد قليل من إتجاه آخر ظهرت ألوان أخرى. وسمعت أصوات طلقات رصاص، وأصوات صواريخ، بعد ثوان قليلة أدركت سببها. يحتفل مؤيدو الإخوان المسلمين بالقرارات الرئاسية التي صدرت اليوم بإحالة كبار رجال الجيش للتقاعد، وتسليم بعضهم مواقع حيوية خارج الجيش، وتعيين قيادات جديدة ذات توجهات إخوانية. 

أصدر مرسي عدداً من القرارات الكبرى التي ستكشف الأيام عما وراءها. لم يفرج عن آلاف الثوار المعتقلين إثر محاكمات عسكرية متعجلة، أو حتى يدعو لمحاكمتهم أمام محاكم مدنية. لم يتخذ قراراً واحدا ينصف المصابين، أو يرد حق من بذلوا دمهم واستشهدوا دفاعاً عن مبدأ. عزل وعين. ألغى دستوراً مكملاً، وحل مجلساً عسكرياً، بدل قيادة بأخرى، وأمسك بزمام كافة السلطات، فنزل مؤيدوه يحتفلون. 

أحارب الزحام في شوارع وسط المدينة المهمومة بشراء ملابس للعيد الذي اقترب موعده. أتفاوض مع البشر، والباعة، والبضاعة المعروضة على الرصيف وفي نهر الطريق، أصارع حتى لا تصرعني سيارة ضج قائدها من شدة الازدحام، حتى اقترب من الميدان. ميدان الثورة. قابلت فيه أنبل من في مصر، رأيت فيه بطولات يومية، وتضحيات، وابتسامات، وشجاعة لم أعرفها من قبل سوى في كتب الملاحم. تعلمت فيه الكثير، وفتحت قلبي لصداقات جديدة غيرتني كما غيرت بلدي. ميدان التحرير.

طاقة الميدان مختلفة تماماً هذه الليلة. لا يشوبه أي شعور بالأمان. تزاحم وتدافع وهرج. سيارات تتحرك وسط تلاحم البشر. هتافات وأناشيد ذات طبيعة مختلفة. شعارات ولافتات مؤيدة للرئيس. أناس كثيرون.. لكنهم ليسوا أصدقائي. لم يتجمعوا هنا ليدافعوا عن حقي في أن أكون، أو أن أقول رأيي. لم يأتوا هنا من أجل حرية الوطن، وتحرير الثوار. أتوا ليدعموا قرارات، يعتقدون أنها تحررهم من العسكر، وتوسع سلطة رئيس الدولة. فرحهم المبالغ فيه، هتافاتهم ذات النبرة الإسلامية، صواريخهم الملونة لا تثير في سوى شجون.

أقف إلى جوار "أبي الثوار" وسط الميدان. عينا العجوز كالصقر تجوب الميدان في قلق حذر. أقول له جئت لأطمئن عليك، يقول لي "ظفرك برقبة الإتنين دول!" يقصد من يجلس على كرسي الرئاسة، ومن كان يرأس المجلس العسكري. "ظفر أي شابة أو شاب مصري برقبتهم كلهم!" تتجمع دموع لا تنزل من عينيّ. يخشى الرجل الحكيم من الصدام بين أبناء الشعب بسبب القرارات الرئاسية التي لم يتضح بعد ما وراءها. لقد رأى كثيراً من الدم الطاهر مراقاً في الميدان والشوارع المحيطة، ولا يود أن تزهق دماء مصرية أخرى.

وسط الميدان يتفجر بلون أحمر مضئ، ألعاب نارية أرضية. يدور عدد من الشباب حولها في سعادة. بينما ينقبض قلبي وأنا أرى الصواريخ الملونة تطلق من ميدان التحرير، بعدما سمعت الهتافات، والأناشيد، والشعارات، ورأيت اللافتات المؤيدة للرئيس. 

اليوم لم يعد للصواريخ الملونة معنى سعيداً مبهجاً، بالنسبة لي!

Egypt Media Roundup (August 13)

$
0
0

[This is a roundup of news articles and other materials circulating on Egypt and reflects a wide variety of opinions. It does not reflect the views of the Egypt Page Editors or of Jadaliyya. You may send your own recommendations for inclusion in each week's roundup to egypt@jadaliyya.com by Sunday night of every week.]

“UPDATE 2: Morsi retires top army leaders; amends 2011 Constitutional Declaration; appoints vice president”
Mohamed Tantawi and Sami Anan are sent into retirement and substituted by respectively by Abdel Fatah El-Sisi and Sedky Sobhy.

“Sinai attacks may stoke Egypt-Israel tensions”
Linda Heard says recent attacks in Sinai will force the Egyptian president to ask Israel for permission to deploy more troops along the border.

“On the attacks in Sinai”
Issandr El Amrani goes over the events of the Sinai attack and its consequences for Egypt.

“The Changing of Egypt’s Guard”
Intelligence chief Murad Muwafi might have been dismissed for suggesting that the army is to blame for the recent Sinai attacks.

“Confiscation of Dostour newspaper raises fears over freedom of the press”
Giza court orders confiscation of new issues after lawsuits are filed by the Muslim Brotherhood against the newspaper.

“Israeli soldiers preemptively arrest African migrants in Egyptian territory”
Dodging efforts of Israeli rights organizations to stop migrants’ mistreatment, the Israeli army has started detaining them before they reach Israeli territory.

“Egypt’s scapegoat for the Sinai attack”
David Ignatius says the general who was sacked over the attacks in Sinai was the one the US, Israel and Europe actually trusted.

“Where have you been when the lights went down in Cairo !?”
Zenobia comments on the worsening power outage crisis in Egypt.

“Egypt authorities silence conservative TV host Okasha, for now”
Following a lawsuit filed by the Muslim Brotherhood, Tawfiq Okasha is forced to shut down.

“Something wrong with the wires”
Youssef Rakha gives a short but meaningful overview of this year’s Ramadan drama series Egyptians are watching.

“The rise of the thugs”
Rana Allam feels that Cairo is safe despite rising number of crime reports in the country.

“Germany warns of Egyptian Salafi base”
A German intelligence official says a banned German Salafi group might be operating on Egyptian territory.

“Qandil’s faux independents”
Ahmed Aboul Enein says many of the “technocratic” ministers in the new cabinet are old guards of Mubarak’s regime who already have a record of mismanagement in their former positions.

“New committee formed to address labor strikes”
The committee will include representatives from the ministries of interior, manpower and industry, as well as members of the Egyptian Trade Union Federation.

“UPDATED: Egyptian troops strike hard in North Sinai after multiple attacks”
Fighting along the border with Gaza continues, as Egyptian army steps up campaign in North Sinai.

“Egypt president's absence from military funeral draws fire from critics”
President Morsi receives criticism for not attending Sinai victims’ funeral, while activists and Muslim Brotherhood figures are attacked at the funeral procession.

“Egypt’s Intelligence Services Promotes Naiveté”
Sarah El-Sirgany comments on head of intelligence saying he had information about the attack in Sinai but did not think it would happen during Ramadan.

“Egypt Presidential Election Maps: Upper Egypt Districts Part Two”
Eric Schewe presents a detailed map of election results by district for Upper Egypt.

“Egypt's Youth Grapple With Love-Hate Relationship With US”
A translation of Amina Khairy’s article on how different youth groups in Egypt are changing their attitude towards the US.

 

In Arabic:

“تصاعد الدعوات لمليونية‏24‏ أغسطس ضـد الإخوان”
Some political forces call for protests against the Muslim Brotherhood scheduled for August 24.

“إخوانوفوبيا أم إخوانوليبيا”
Hazem Abd El-Azeem criticizes the political opponents of the Muslim Brotherhood, saying they are attacking the organization at the expense of their initial opposition to the previous regime.

“دع القلق وابدأ المشاكل”
Amr Ezzat answers to the pressing questions many Egyptians right now are asking about the state of the revolution and the recent incidents of violence.

“وزير الداخلية يصدر حركة تنقلات تشمل العديد من القيادات الأمنية”
The recent attack in Sinai results in changes in important posts in the Ministry of Interior.

“«الشروق» تنشر أسماء رؤساء تحرير الصحف القومية الجدد”
Al-Shorouq publishes the names of the new editors-in-chief of state print publications.

من قتل الجنود المصريين في سيناء؟
Tamer Wagih rejects conspiracy theories on who stands behind the Sinai attack and reasons out the facts.

“«الحرية والعدالة» يطالب «التأسيسية» بإلغاء المجلس الأعلى للصحافة”
The Muslim Brotherhood suggests that the Press Committee in the Shura Council should be disbanded.

“اليوم.. المحكمة العسكرية بالسويس تصدر حكمها بقضية الناشط باسم محسن”
Military trials continue against protesters, as the court in Suez is expected to pronounce a verdict on Bassem Mohsen’s case.

 

Recent Jadaliyya articles on Egypt

Roundtable on Language of Revolution: The Revolution Continues (present continuous) (Colla)
Elliott Colla discusses the language aspect of the discussion on whether Egypt is experiencing a revolution or not.

Roundtable on Language of Revolution: The Revolution Continues…(Sabra)
Adam Sabra argues the events following January 25 constitute a revolution.

Time to Reject the Language of Coptic Victimhood
Paul Sedra talks about the consequences of the 1952 Revolution for the Copts and the necessity for their political initiative.

أزمة اليمين في مصر: من مبارك إلى الإخوان
Amr Adly discusses the current and future presence of neoliberalism in the economic policies of the Muslim Brotherhood.

Viewing all 6235 articles
Browse latest View live