Quantcast
Channel: Jadaliyya Ezine
Viewing all 6235 articles
Browse latest View live

في الدفاع عن دولة المواطنة

$
0
0

مثلما فتح سقوط النظام البعثي السابق أبواب العراق على مصاريعها وجعلها مشرعة للجميع ، فإنه وفي الوقت ذاته فتح الأبواب لدخول الكثير من القيم والمفاهيم الجديدة إلى العراق، المحرمة طوال عقود، بفعل الزخم الإعلامي والتضخيم والوعود التي أطلقتها أمريكا لمرحلة عراق ما بعد صدام والبعث تتمثل في الترويج لمفاهيم وقيم الديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان والتعددية السياسية والقضاء على إرث القيم والممارسات الدكتاتورية والاستبدادية، قيم كان من السهل استخدامها ببراعة أمام مجتمع منهار وشعب يعاني الويلات بفعل الاستبداد والقمع السافر والحروب المتواصلة والمهلكة وسلطة الحزب الفاشي الواحد الذي أستلب من العراقيين كل مبادرة للنهوض أو مواجهة ما يتعرضون له من اضطهاد وممارسات إجرامية أوصلتهم الى حافة اليأس والأنهيار وانعدام الأرادة. وكذلك بفعل القرارات والعقوبات الدولية الكارثية التي جعلت من المجاعة والفقر والأمراض كوارث حقيقية مارست سطوتها على المجتمع العراقي منذ 1990 وحتى التاسع من نيسان من عام 2003، أي طوال فترة الحصار والعقوبات الاقتصادية على العراق.                                                                     
وعلى الرغم من ضرورة إشاعة مفاهيم الديمقراطية والحرية والحقوق المدنية الأساسية في العراق إلا أن مفاهيم وقيم أخرى كانت حاضرة و متحفزة للانطلاق. ولم تترد قوى سياسية في إطلاقها من قمقمها ولكن تحت ستار الديمقراطية والظلم الذي عانى منه الشعب العراقي ومكوناته فأصبح العراق ساحة للنزاعات والحساسيات القومية والطائفية ولم تترد القوى السياسية ذاتها في أن تكون حامية لتلك القيم ومغذية لها بشكل سافر، كونها الأداة التي تمكنها من تحقيق مصالحها القومية والطائفية.

لقد حضر الجميع في ساحة صراع المفاهيم والقيم الاجتماعية والثقافية الجديدة أو تلك التي أطلق لها العنان لتكتسح الشارع وتتحول إلى لغة وخطاب سياسي وإعلامي وثقافي وأداة في صراع الهويات بشكل منفر ويثير الكثير من علامات الاستفهام حول ما حدث في العراق. وأصبح الحديث عن قيم الديمقراطية والحرية يتم من زاوية اتساقها وتماهيها مع المصالح والنزعات القومية والطائفية ومصالح القوى السياسية المتنفذة والحاكمة.

لم تكن المواطنة، لا كمفهوم ولا كمقولة سياسية واجتماعية أو ثقافية ولا كهوية، حاضرة في كل تلك الصراعات، حتى وإن استدعاها شخص أو قوى سياسية وحزبية ما، فإنها تستدعى باستحياء وخجل تام وكأنها لوثة وخارج صراع المفاهيم والقيم السياسية والاجتماعية الجديدة ولا تشكل أولوية في صراعات القوى والهويات وإن القصد منها إزاحة  السائد من القيم والاعراف وزعزعة سلطتها و التحول إلى بديل لها.                                                                                                               

الكثير من الساسة زجوا بمفردة المواطنة في خطاباتهم وتصريحاتهم وأستخدموها أينما ذهبوا إلا أن الامر ليس سوى محاولة للاستهلاك الإعلامي وإفراغ المواطنة كضرورة اجتماعية وسياسية أساسية ومصيرية بالنسبة للعراق من أي محتوى لها وجعلها أداة لممارسة خداع مفضوح في حملة تسويق أنفسهم في سوق السياسة العراقية وخداع المتلقي البسيط . و إذا ما أردنا تتبع خطابات الساسة والحكام في العراق واستحضارهم لقيم وثقافة المواطنة فإن عملية كهذه سوف تكشف لنا حجم الهوة الشاسعة التي تفصل ما بين ادعاءاتهم حول الديمقراطية والمواطنة وبين الواقع الذي يعملون على ترسيخه وجعله واقع حال قائم ليس من السهل تجاوزه أو العمل على تغييره . وفي نفس الوقت فإن المواطنة أصبحت تتردد كذلك في خطابات رجال الدين وقادة أحزاب الإسلام السياسي والأحزاب القومية، الكردية والعربية وكأنهم يسعون لتحقيق دولة المواطنة أو السعي من أجل ان تكون المواطنة هوية إنسانية فاعلة في العراق.                                                                 
حين نتحدث عن المواطنة فإننا نتحدث عنها كباقي المفاهيم والقيم التي دخلت الى العراق بعد التاسع من نيسان من عام 2003 ومارست سيطرة واضحة على ذهنية المواطن العراقي وأصبحت جزء من لغته وأمنياته بعد أن تحولت إلى مفردات أساسية في لغة الخطاب السياسي والإعلامي والصراعات السياسية في العراق، لأن المواطنة كانت مغيبة أصلاً ومن القضايا التي لايجوز الإفصاح عنها وإثارتها واعتبرت من القضايا التي تهدد وجود النظام القائم آنذاك، أسوة بالديمقراطية والحرية والحقوق المدنية والتعددية السياسية والمشاركة فيها ،وأصبحت عبادة الفرد والقائد الضرورة والخضوع لسلطته منفذاً وآلية يتم تعريف المواطن العراقي وإخلاصه وحساسيته إزاء القضايا الوطنية والمصيرية من خلالها، أو من خلال أرتباطه بسلطة الحزب الواحد ومبادئه واستعداده لتنفيذها حتى لو كانت بالضد من مبادئه وقناعاته وأفكاره ووجوده.                                                             

وعلى الرغم من أن الكثير من العراقيين  يدركون تماماً ما تعنيه المواطنة وضرورتها الحياتية والمصيرية بالنسبة لهم إلا أن الزخم المخيف الذي أحدثه تنامي النزعات القومية والطائفية والعشائرية ،النزعات التي تريد ابتلاع الدولة والمجتمع وفرض هوياتها وسلطتها ،قد حجمت من إمكانيات تنامي نزعة المواطنة . وهذا ما سينتج عنه أن يعيش العراقيون في حالة المواطنة الهشة أو المواطنة التي لاتتمكن من مواجهة المد الطائفي والعشائري، المدعوم سياسياً ودينياً، الذي يسعى لفرض قيمه وأعرافه وهوياته المتعددة كهويات أساسية يتم تعريف المواطن العراقي على أساسها ، بمعنى أن تقول فلان شيعي أو كردي أو سني أولاً قبل أن تقول إنه عراقي.                                                                                                                  
المواطنة دين مدني                                                                                                          
في كتابة القيم “الأمم والنزعة القومية منذ عام 1780” يشير أريك هوبسباوم مستنداً الى ما أشار إليه جان جاك روسو سابقاً إلى أهمية الوطنية وضرورتها في تأسيس الدول الحديثة أو الدول التي تقوم على أساس ائتلاف مجموعات بشرية مختلفة دينياً وعرقياً ودمجها في كيان سياسي وجغرافي واحد وتأسيس دولة منها ذات كيان سياسي وحدود جغرافية. فهذه المجموعات تسعى للإبقاء على أعرافها وقيمها الثقافية وتتخذ منها وسيلة للدفاع عن وجودها ومحاولات تذويبها ودمجها في كيان جديد يسعى لفرض قيم الدولة الجديدة المتمثلة بالقوانين والدستور والسلم الاهلي والمشاركة السياسية، وضرورة الانصياع لها . إزاء مجموعات مختلفة ومتناقضة كهذه فإن الوطنية تكون مثل دين مدني يتم الزج به لكي يؤمن به الأفراد والجماعات الذين ينتمون إلى الدولة الجديدة أو الذين تم جمعهم في هذه الدولة وعُرفوا كمواطنين فيها. دين مدني يدعو إلى الوحدة الوطنية والتلاحم والتعايش السلمي وفض النزعات والتخلي عن المطامح والأهداف السابقة للدولة والقائمة أصلاً على أساس الأحاسيس والتعصب القومي أو الطائفي وأن هذا الدين المدني، أي الوطنية ، يمكنه أن يساهم في ترسيخ أسس بناء دولة تقوم على أساس المشاركة والحقوق والحريات الأساسية وبما يمكن من توفير الأجواء الطبيعية والضرورية لبناء كيان الدولة. وهو الدين الذي تسعى الدول إلى تعزيز قيمه والتمسك به حينما تتهاوى العلاقات السياسية والإجتماعية السائدة في البلد والناظمة لقضية تلاحم المجموعات البشرية المنظوية تحت لواء الدولة الواحدة أو كما يقول هوبسباوم  “لو أن الدولة لم تنجح ، بالمصادفة، في استمالة مواطنيها إلى الدين الجديد قبل أن يصغوا الى المبشرين المنافسين لها، لكانت قد ضاعت تماماً “.١                                            

إن الوطنية التي نتحدث عنها تأتي هنا بمعنى الانتماء للوطن وحمل هويته وأداء الواجبات التي يحددها الدستور والقوانين النافذة للمواطن إزاء وطنه وإن ذلك يدفع بأتجاه تعزيز قضية المواطنة وشعور الفرد بأنه مواطن في هذا البلد أو ذاك حينما يجد أن ما يقدمه وطنه لابد وان يقابل بقضية أساسية تجعله يتمسك بهذا الوطن ويعمل على تعزيز مكانته ودوره . الحقوق المدنية الأساسية والحريات والمشاركة السياسية وإشاعة قيم المساواة بين الأفراد في البلد الواحد، هي القضايا الأساسية التي تعزز مسألة المواطنة وتجعلها تتحول هي الأخرى إلى دين مدني فاعل في المجتمع المعني والمؤلف من مجموعات بشرية وافراد مستقلين يكون تعريفهم على أساس الهوية والانتماء الوطني أولاً وقبل أي انتماءات أخرى دينية وطائفية وقومية. أي أنتماءات ما قبل دولة المواطنة والناقضة لها أو الانتماءات التي تحمل دائماً بذور انهيار دولة المواطنة وتعريضها إلى مخاطر الانهيار أو التقسيم.                                                                                                                                     
حين تم تأسيس الدولة العراقية في عام1921، فإن المجموعات البشرية المختلفة الأعراق والديانات والانتماءات الطائفية ( أكراد ، عرب ، شيعة ، سنة ، تركمان ، مسيحيون) التي تم جمعها داخل كيان الدولة الجديدة كانت تجد في الكيان الجديد انتقاصاً لوجودها وتطلعاتها السياسية ويحد من رغباتها في العيش داخل كياناتها الخاصة القائمة على أسس قومية وطائفية مختلفة فيما تواجه قيمها الاجتماعية والثقافية تهديداً مباشراً من القيم الجديدة التي تعمل الدولة الحديثة وسلطاتها ومؤسساتها على إشاعتها في أوصال الدولة والمجتمع الجديد. لقد تم الزج بالمواطنة كدين مدني حتى يؤمن به الجميع وحتى تتمكن هذه المكونات من الاندماج والتعايش فيما بينها على أساس الانتماء الوطني وأن الدولة العراقية حديثة النشوء هي دولة ووطن الجميع .  وعلى الرغم من كثرة الصراعات السياسية وتنافس الزعامات وشيوع الكثير من الأساليب الانتهازية في العمل السياسي إلا أن الدولة الحديثة سارت بشكل مثير للأهتمام وقطعت خطواتها الأولى نحو تعزيز القدرات وبناء مؤسسات مجتمع معاصر تحكمه الضوابط القانونية والدستورية والمشاركة السياسية وإشاعة التعليم وتوفير فرص العمل والاستمرار بالعمل على تعزيز إمكانيات المواطن وإحساسه بالأمن والسلم في بلده. إلا أن تلك الخطوات واجهت أولى انتكاساتها في أول أنقلاب عسكري في العراق في 29 تشرين الاول من عام 1936 (انقلاب بكر صدقي) وضع الجهود التي بذلت منذ تاسيس الدولة العراقية على حافة الهاوية والضياع وشكل تحدياً سافراً لمسيرة بناء الدولة الحديثة في العراق.                                                                          

الانقلاب المذكور شكل أولى بوادر تحرك الساسة وكبار ضباط الجيش والمؤسسة العسكرية والأحزاب السياسية في العراق وممارسة دورهم في تعطيل مسيرة بناء دولة حديثة ومعاصرة لاتقوم على أساس التمييز بين مواطنيها على أسس العرق والطائفة والانتماء الديني و كما اشار إلى ذلك دستورها الأول وأصبح العراق ساحة للكثير من الأنقلابات العسكرية والتحركات الحزبية التي أوصلت قضية المواطنة إلى طريق مسدود خصوصاً أن تلك الانقلابات قد ترافقت مع تنامي وتصاعد الحركات القومية الانفصالية أو المطالبة بتقرير مصيرها كالحركة الكردية المسلحة بقيادة ملا مصطفى البارزاني.                               

عثرات دولة المواطنة                                                                                                            

 

إن تتبع سيرورة بناء الدولة العراقية يكشف لنا أن هذه العملية واجهت عثرات كثيرة ولم يتمكن القائمون على السلطة وصناع القرار من تذليل العقبات التي تواجهها مما ترك أكبر الأثر على مسار بناء وترسيخ دولة المواطنة على الرغم من التحركات ومظاهر المشاركة السياسية التي يمكن تلمسها إذا ما احصينا عدد المرات التي أجريت فيها أنتخابات برلمانية في العراق . إن ما حدث هو تغييب تام لقضية المواطنة وأصبحت السلطات الدكتاتورية تمارس كل ما من شأنه أن يزيد من مظاهر الاستبداد والقمع وخنق الحريات الاساسية ومصادرة الحقوق المشروعة للعراقيين. أصبحت الحرب والعسكرتارية أدوات السلطة في تهميش دور المواطن في رسم مستقبل ومصير بلاده أو تحديد شكل وطبيعة النظام السياسي الذي يحكمه ووسيلتها الأساسية في إدارة المجتمع.                                                                                                                                                   

الأنظمة الشمولية والدكتاتورية القائمة على أساس سلطة الحزب الواحد أو الأنظمة التي تختصر هوية البلاد وكل تاريخها ومكانتها السياسية والحقوقية في شخص الزعيم أو الرئيس والقائد الأوحد، تعد أنتهاكاً حقيقياً لقضية المواطنة والانتماء الوطني، لأنها تجردها من كل الاعتبارات الاجتماعية والثقافية وتعتبرها مجرد أحلام ومعاداة للنظام القائم . وفي نفس الوقت فإن الأنظمة التي تقوم على أسس قومية أو دينية لا تختلف بشيء عن الأنظمة الدكتاتورية والشمولية التي تحدثنا عنها. فأنظمة كهذه تحمل بذور التسلط والاستبداد والتمييز ضد مواطنيها أو تفضيل مجموعة على حساب أخرى وتسعى لأن تكون الدولة والمجتمع الذي تحكمه وفقاً لقيمها وأعرافها وتحقيقها لهذا الأمر لابد وأن يكون على حساب الحريات والحقوق الاساسية وإشاعة التمييز والظلم القومي أو الديني في المجتمع وما يتبع ذلك من مظاهر تعصب وعنصرية لابد وان تتنامى وتتمظهر على شكل صراعات أو كراهية قومية وطائفية  متبادلة وزعزعة السلم الأهلي . وعلى الرغم من كل الأحاديث حول الوطنية والانتماء الوطني الذي عادة ما يثار في أوساط المجتمعات التي تواجه أزمات كثيرة تهدد وجودها ، فإن المواطنة هي الرابط الوحيد القادر على إدامة وجود الدولة المعاصرة والقائمة على أسس ديمقراطية حقيقية.                                     

 إن الاحزاب السياسية في العراق، ورغم الدور الذي لعبته في إيجاد حراك فكري وثقافي مشهود في المجتمع العراقي و تحقيق استقطابات سياسية اجتماعية واضحة ، لم تكن في يوم ما عاملاً أساسياً في تعزيز ثقافة وقيم المواطنة في العراق، وتحولت إلى أداة في إدامة الصراعات والاحتقان الاجتماعي وكان أكثر ما يشغل الأحزاب هو تمكنها من تحويل المواطنين، إلى أداة في فرض شروطها وإن صراعات عقود الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي تكشف لنا عن مدى الاستغلال الذي مارسته الأحزاب السياسية لإمكانيات المواطنين وزجهم في الصراعات والهيجانات الجماهيرية التي تحركها هذه الأحزاب ضد بعضها البعض وكانت أداتها من أجل حيازة مكانة سياسية في البلاد وفي الصراع على السلطة أيضاً.                                                                                                        
في مجتمع تتنامى فيه التيارات الدينية  والقومية والعشائرية وتتواصل فيه عملية تقسيم المجتمع على أسس عرقية وطائفية فإن المواطنة ستكون خارج أولويات المعنيين بأمر المجتمع ولا تحتل مكانة في سلم أولياتهم. فكل جهة تريد أن تعزز مكانتها وسط من احتكرت تمثيلهم وأن تعيد صياغة المجتمع الذي تنفرد بالنفوذ فيه وفقاً لمعطياتها الخاصة ولأهدافها وتوجهاتها. القوى المذكورة عملت باتجاهات عدة وكلها تؤدي إلى فرض تراجع حاد على من يريد تعزيز ثقافة ودور المواطنة وإعلاء شأن ثقافة الطائفة والقومية والعشيرة بما تحمله من انعزالية مرضية ومخاوف فقدان للثقة بالمحيط الاجتماعي والسياسي.                  

 أسلمة المجتمع بشكل دائم من قبل التيارات الإسلامية والمليشيات المسلحة التي تتمتع بنفوذ واسع في مناطق معينة وتمارس عمليات التحشيد الديني وممارسة الشعائر الدينية بشكل واسع النطاق، يقابله تعزيز الشعور القومي المتعصب تجاه الفئات والمجموعات التي يتكون منها المجتمع العراقي بشكل متعال ويحمل الكثير من العنصرية والكراهية في حين تبقى العشيرة والأعراف العشائرية ورقة بيد من يستطيع تطويعها وفقاً لمصالحه. في مجتمع كهذا فإن المواطنة تواجه عثرات ومعوقات كثيرة وإن الارتقاء بها وتحويلها إلى قضية أساسية  في المجتمع يحتاج إلى جهود جبارة ومضنية.                                  

العلاقة بين المجتمع المدني والمواطنة علاقة مصيرية هي الأخرى، فوجود مجتمع مدني فاعل يعني أن أسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية ستتعزز أكثر، إلا أن المجتمع المدني في العراق يواجه عوائق كثيرة وإن عملية ترسيخ مجتمع مدني في العراق وسط أوضاع الاضطراب السياسي والتناحرات الطائفية وممارسات الإقصاء والتهميش ليست أمراً هينا وتحتاج إلى قدرات كبيرة . وعلى الرغم من وجود كم هائل من منظمات المجتمع المدني في العراق إلا إنها لم تتمكن من الرسوخ الفعلي ولم تتمكن من تعزيز مكانتها كشريك أساسي في إدارة المجتمع وأن يكون هدفها وممارستها الواقعية والعملية إيجاد مجتمع مدني في العراق . فما موجود حالياً من منظمات مجتمع مدني في العراق يغيب عنها طابع الاستقلالية عن الممارسة السياسية.  والكثير من المنظمات الموجودة هي واجهات للأحزاب أو للمؤسسات الدينية، إذا ما فهمنا أن الميزة الأولى لمنظمات المجتمع المدني  هي بعدها عن الممارسة السياسية واستقلاليتها عن الأحزاب والتزامها الجوانب القانونية والإدارية في عملها وسعيها إلى إشاعة ما تحمله المواثيق والمعاهدات الدولية من قيم، خصوصاً ما يتعلق منها بحقوق الإنسان وقضايا الحريات المدنية وإدارة المجتمعات وتعزيز الجوانب المدنية. إن فصل الدين عن الدولة إحدى مميزات المجتمع المدني الفاعل . لقد تحولت الكثير من منظمات المجتمع المدني إلى وسيلة لكسب الموارد المالية واكتساب الخبرات بالنسبة للأحزاب السياسية في العراق، مما حول هذه المنظمات إلى شريك أساسي في تعزيز مظاهر الفساد الإداري والقانوني والسياسي وأصبحت الكثير من الدول المانحة والداعمة لمنظمات المجتمع المدني على صعيد العالم تنظر إلى ما يحدث في العراق على أنه استنزاف للإمكانات المالية والجهود المضنية في إقامة ورش العمل والمؤتمرات التي تقام من أجل تعزيز القدرات والخبرات الذاتية.
 

 

دولة المواطنة من الخيال الى الواقع المشوه

 

احتلال العراق وانهيار بنية الدولة المتهالكة والمحكومة بقوة العسكرتارية والاستبداد فتح المجال واسعاً أمام مساعي إعادة بنائها مجدداً وقد رافقت عملية إعادة البناء هذه  حملة واسعة النطاق لتصوير المكتسبات الكبيرة التي ستتحقق للعراقيين جميعا عند اكتمال هذه العملية، أي اعادة بناء الدولة وفقاً لمتطلبات العصر والحداثة ووضع القوانين المعاصرة والضامنة للحقوق والحريات التي حرم منها العراقيون لعقود طويلة، أي المتطلبات التي أعلنتها الادارة الأمريكية كأحدى مبرراتها لاحتلال العراق . حملة كهذه رافقتها تنظيرات كثيرة ومسهبة حول تصورات أمريكا للدولة العراقية التي تريد إعادة بنائها بالتركيز على أهمية بناء وتعزيز قدرات المجتمع ازاء الدولة ، أي جعل المجتمع أقوى من الدولة وقادراً على التحكم فيها، عبر بناء مؤسسات المجتمع المدني (رؤية الليبرالية الجديدة) وقد جاءت هذه على عكس التصورات البريطانية التي ساهمت في تأسيس وبناء الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي وركزت على وجود دولة قوية أولاً ، حتى تتمكن من فرض السيطرة على مجتمع حديث النشوء ويحتوي على الكثير من مظاهر الاضطراب وفقدان الثقة ومخاوف التذويب القسري وفقدان الهوية الثقافية نتيجة الاختلافات العرقية والطائفية بين المجموعات البشرية التي تم جمعها في كيان واحد إسمه الدولة العراقية.                                                                                                                                           
إن تقوية المجتمع وبنائه في العراق بما يجعله أقوى من الدولة وقادراً على التحكم فيها في مثل هذه الأوضاع التي يعيشها الآن أمر فيه الكثير من الألتباس وانعدام الدقة . أولاً، لأن أمريكا عندما احتلت العراق لم تكن تمتلك رؤية واضحة عن العراق والدولة العراقية تحديداً ولا عن كيفية بنائها مستقبلاً أو إدارتها وأنها ساهمت في إطلاق يد قوى ما قبل الدولة لتمارس دورها في تعطيل أي مشروع يريد إعادة بناء الدولة العراقية وفق تصورات معاصرة وإن أية محاولة مستقلة ومحايدة لوضع تصورات للمساهمة في إعادة بناء الدولة العراقية واجهت انتكاسة لايمكن إغفالها بعد أن أصبح العراق ساحة حرب متقدمة بالنسبة لأمريكا من أجل استقطاب من تصفهم بالإرهابيين والجهاديين الإسلاميين الذين يعملون على زعزعة الأمن القومي الأمريكي ويشكلون تهديداً مباشرا للمصالح الأمريكية . تأسيس مجلس الحكم على أسس طائفية وقومية كان اللبنة الأولى التي وضعتها أمريكا في مسار انعدام أفق الدولة العراقية المزمع بنائها مجدداً، فقد عزز هذا المجلس كل مؤشرات الانقسام السياسي والاجتماعي في العراق. كما أن القوى التي أنضوت فيه كانت محملة بالمشاريع والبرامج وقد أعدت عدتها مسبقاً وفي مؤتمر لندن الذي سبق الحرب الأمريكية على العراق بوقت قصير لتفرض منطق المحاصصة والتقسيم العرقي والطائفي.                                                                                                                             
ثانياً، إن مراجعة متأنية لتصريحات أقطاب الإدارة الأمريكية حول الوضع في العراق تكشف عن غياب مشروع وبديل حقيقي وجدي يمكنه أن يكون بمستوى الدعاية والتضخيم الإعلامي الذي رافق الحرب الأمريكية على العراق، إذ ترك كل شيء لمنطق الفوضى الخلاقة الذي أشاعته الإدارة الأمريكية وخلق واقعاً دموياً مريراً زاد من حدة الخراب ،وتراجعت إزاءه كل التصورات والآمال والتوقعات وأصبح الأمن ووقف نزيف الدم والحملات الإرهابية والحرب الطائفية أهم بكثير من التفكير والتنظير لعملية إعادة بناء العراق كدولة معاصرة وحديثة. ثالثاً، إن القوى المشار اليها لم يكن يعنيها وجود دولة أو مجتمع متماسك قوي وقادر على ممارسة دوره في مسألة توجيه هذه الدولة والحد من سلطاتها كسلطة فوقية فكما أشرنا في موضع من هذا البحث، فإن قوى ما قبل الدولة تمكنت من العودة مجدداً ولكن بخبرات واسعة وإمكانيات كبيرة كلها تصب في صالح تحقيق مجتمعاتها الخاصة، طائفية وقومية وعشائرية، وبما يضعف من قدرات الدولة والمجتمع معاً ويعرضهما لمخاطر الانهيار. وفي نفس الوقت فإن مطالب هذه القوى وتصوراتها حول طبيعة وشكل نظام إدارة الدولة كشفت عن كم هائل من اللاتجانس وفقدان الثقة وكل ما يتم طرحه هو من أجل تعطيل سيرورة بناء الدولة العراقية مرة أخرى، تعطيل يعزز من إمكانات هذه القوى وسلطاتها وإمكاناتها في مواجهة الدولة.                                                                                                                                                       
قضايا المواطنة وحقوق الانسان والمساواة والعدالة والديمقراطية أصبحت من المفردات التي يتم تكرارها داخل أوساط واسعة من العراقيين ،خصوصا وإن الامال العريضة التي اعتملت في صدورهم بمجرد سقوط النظام البعثي وانهيار سلطاته ومؤسساته وأجهزته القمعية والبوليسية بدت لهم ليست بعيدة المنال. وفي نفس الوقت فإنهم بدأوا مسيرة البحث عن دول شبيهة أو مرت بمراحل سياسية وتاريخية، استبداد وقمع وحروب، كالتي مر بها العراق. لم تغب ألمانيا واليابان ولاحتى أمريكا عن مخيلتهم وهم يستحقون العيش في بلد يحفظ كرامتهم وحرياتهم دون قمع أو تعسف ويعيشون برفاه وحياة هانئة إذا ما تم أستغلال الثروات والأمكانات المالية الضخمة في البلد من أجل حياة ومعيشة أبنائه وأن يمتلكوا القدرة على المشاركة في رسم مصيرة ومستقبله. خصوصاً وإن هذه الدول قد قطعت مسافات شاسعة في مسار التقدم والتحضر وإحلال قيم الديمقراطية والتحرر والمواطنة والمساواة واحتلال مكانة متقدمة عالمياً على الصعيد الأقتصادي والعلمي وتمارس أدواراً مختلفة في قيادة العالم.                                                                                                            
لم تغب حكاية دولة القانون و المؤسسات وتحولت إلى مفردات يومية تتردد بشكل متواصل كلما تحدث بها مسؤول حزبي أو رئيس حكومة وقيادي في أحد الأحزاب المشاركة في حكم العراق عن هذه الدولة وضرورة تعزيز سلطتها لأنها الضامنة لتحقيق الأمن والاستقرار وإن كل ما يحدث من عنف ودمار وصراعات دموية هو بسبب غياب هذه الدولة.

دولة المؤسسات والقانون التي يتم الحديث عنها والتي تحولت الى شعار في الحملات الانتخابية ، تتطابق مع توجهات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وحزبه، أو أي رئيس وزاء آخر يحدد عوامل الضعف في سلطته ويريد أن يكون بوضع أقوى يمكنه من حيازة الشرعية السياسية والاجتماعية ،لأنه يجد فيها أداة مناسبة للتصدي لمنافسيه من القوى والأحزاب والمليشيات المتصارعة في العراق الذين يمارسون أدواراً مختلفة لأضعاف سلطاته وتهميش مكانته ولأنه يسعى إلى تكريس صورة الحاكم المتمسك بالقانون وبشرعية المؤسسات وقانونيتها وأهميتها في ترسيخ سلطة الدولة.                                                    


على الرغم من أهمية الأمن الذي تحقق نتيجة المواجهات المسلحة والحرب ضد المليشيات والعصابات الإجرامية، إلا أنه لا يعد المنجز الأهم في مسار دولة القانون والمؤسسات كما صوره رئيس الوزراء نوري المالكي وحزبه. إذ أن قضايا الفساد السياسي والإداري والمحاصصة الطائفية واحتكار الوظائف وامتيازات السلطة، كلها جعلت من دولة القانون والمؤسسات تواجه الفشل في تحقيق مشروعها. إن شعور المواطن بالأمن يدفعه نحو مزيد من التطلع لتحقيق متطلبات حياته في العمل والرفاه والحياة الإنسانية الكريمة. غير أن ذلك لم يتحقق  وحياة أعداد كبيرة من العراقيين تواجه مصاعب كثيرة.                                                                                                                                   
إن دولة المؤسسات والقانون التي يتم الحديث عنها ليست دولة المواطنة ولا هي الدولة الديمقراطية مطلقاً، على الرغم من مظاهر التعامل والممارسة الديمقراطية، خصوصاً في مسألة الانتخابات البرلمانية أو مجالس المحافظات وإن السعي لتصويرها كذلك إنما يتم من أجل فرض منطق وتصورات الأحزاب الحاكمة التي تريد إدامة سلطتها وصراعاتها وتأكيد قدرتها على تطبيق القانون وحماية العراقيين وتوفير أجواء السلم والامن. أصبح الدفاع عن دولة المؤسسات والقانون وسيلة لكسب الشرعية بالنسبة للأحزاب الحاكمة، خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بتوفير الأمن وحماية أرواح المواطنين، غير أن هذه الدولة تقوم وفقاً لتصورات الأحزاب الحاكمة ومرجعياتها الطائفية والقومية ونظرتها إلى الدولة وقضايا الحقوق والحريات.                           

إن معظم الحكومات الاستبدادية في العالم وكل الحكومات التي تقوم على أسس قومية ودينية طائفية هي الأكثر تمسكاً بدولة القانون والمؤسسات والأشد دفاعاً عنها، فالقوانين التي تريد من الجميع الالتزام والتقيد بها هي القوانين التي تحمي سلطتها وتعزز إمكانياتها في التحكم بمصير البلاد و المواطنين وتحجيم قدراتهم وتغييب دورهم وحرمانهم من حق المشاركة في بناء الدولة والمجتمع المعاصر. ولعل إيران والسعودية والسودان والغالبية العظمى من الدول العربية هي أقرب الأمثلة لنا في هذا الشأن. هناك يمكن تلمس مدى الاستبداد والتعسف وانتهاك كرامة الأنسان بأسم القانون والمؤسسات. حكومات احتكرت حق تمثيل المواطن وحق التفكير عنه قسراً ودون ارادته. إن السجون والمحاكم وأجهزة القمع من جيش وشرطة وأجزة أمن ومخابرات هي المؤسسات التنفيذية لقوانين الحكومات في الدول التي نتحدث عنها وهي ذاتها المؤسسات التي تدافع الحكومات عن شرعيتها وتعتبرها علامة مميزة من علامات التقدم الحضاري .                                                                             
لا تتحقق دولة المواطنة دون أن يكون المواطن عنصراً فاعلاً فيها وفي رسم مصيرها عبر مشاركته السياسية الفاعلة دون ضغوط واعتبارات للقيم والأعراف المتناقضة مع أسس دولة المواطنة. ولن يكون بهذه الفاعلية مالم يشعر أنه في مكانه الحقيقي الذي يفتح أمامه مجالات واسعة للتعبير والخلق والإبداع، عندها تتحول المواطنة إلى قاعدة أساسية في تعريف الدولة ومسار بنائها وركيزة أساسية لتماسكها وإشاعة قيم التعايش والسلم الاجتماعي . ومثلما لاتتحق المواطنة في الدول التي تقوم على أسس قومية ودينية، فإن الدولة المدنية الديمقراطية هي المكان الأسلم والأصلح لتعزيز وإشاعة قيم المواطنة.  بل إن المواطنة  ما وجدت إلا من أجل أن تكون أداة فاعلة في تعزيز قيم ووجود الدولة المدنية الديمقراطية.                                             
هل يمكن إنجاز دولة المواطنة في العراق في المدى القريب أو في المستقبل؟ ربما تكون الإجابة عسيرة على سؤال كبير كهذا إذا ما تلمسنا عمق الصراعات وعمق مطامح القوى السياسية المتصارعة وارتفاع سقفها إلى درجة مثيرة للشكوك حول مصداقيتها وأدعاءاتها حول المشاركة والتمسك بكيان الدولة العراقية ووجودها وحدودها ومكانتها السياسية والتاريخية . وإذا ما تلمسنا أيضاً مخاطر أن هذه الصراعات تقوم أصلاً بين قوى دينية طائفية تسعى لتحقيق مشروع الدولة الإسلامية وإشاعة مظاهر أسلمة المجتمع قسراً بما يحمله هذا الأمر من تمييز وتعصب ومحاربة كل مظاهر الحداثة والمدنية والانفتاح الاجتماعي من جهة و،بين قوى قومية متعصبة تعمل على تعزيز التعصب والتمييز القومي الذي يشكل ركيزة من ركائز عملها ووجودها . لقد احتكرت هذه القوى، الطائفية والقومية، قرار تمثيل جزء كبير من المجموعات البشرية التي يتكون منها المجتمع العراقي لصالح توجهاتها ومن أجل تحقيق مصالحها الحزبية أولاً . إن قوى تعمل من أجل إقصاء بعضها البعض والانفراد بحكم البلاد ومقدراتها ستجعل من المواطنة خيالاً وتبطراً عبثياً في واقع مشوه.                                                                                       

اليوم وحينما تطالب هذه القوى بإعادة بناء الدولة العراقية فإننا نكون إزاء موقف شائك حقاً ويحمل الكثير من التساؤلات حول مصير ومستقبل العراق. فما تريده هذه القوى هو أن يتم بناء الدولة وفقاً لمعاييرها ومطالبها ومخاوفها التي تتناسب مع مراحل ما قبل تأسيس الدولة العراقية. إن الاصرار على مفاهيم لامركزية الدولة ونظام الأقاليم أو الفدراليات، على الرغم من نجاحه في الكثير من الدول المتحضرة في العالم ، إلا أنه بالنسبة للقوى السياسية في العراق وسيلة لتحقيق مكانتها ووجودها وإعلاء قيمها وهوياتها الثقافية في مواجهة حضور ومكانة الدولة. فكلما ضعفت الدولة تعززت مكانة هذه القوى وأصبحت لها القدرة على إدامة وجودها بشكل مستقل ووفقاً لنوازع وقيم قومية وطائفية شديدة التعصب.                                                        

حلم العيش والبقاء على قيد الحياة  كان هاجساً لأعداد هائلة من العراقيين الذين سحقتهم قسوة الاستبداد والقمع المنفلت لسلطة دكتاتورية كان آخر ما تفكر فيه أن يكون للإنسان كرامة في ظل سلطتها. هذا الإنسان الذي حولته العقوبات الاقتصادية طوال 13 عام إلى شبح بفعل الجوع والفقر والأمراض وجاءت لتزيد من حجم معاناته وبؤس حياته . تحقق هذا الحلم  والعيش بكرامة وحياة آمنة ومرفهة كان مقروناً بسقوط نظام إجرامي كنظام البعث، سقوطاً فتح جميع الأبواب أمام تنامي الآمال بتحقق كل ما يعتمل في النفوس . لم يكن حلم العيش بحرية وكرامة وحده الذي يعتمل في صدورالعراقيين، بل رافقته احلام كبيرة ايضاً. دولة مدنية متحضرة وحياة سياسية عقلانية خالية من العنف والانقلابات وسطوة الحزب الواحد وممارسة الحقوق السياسية للجميع دون تعسف أو إكراه وأن يتم النظر للعراقيين كمواطنين أحرار وأن تكون المواطنة القاسم المشترك بين الجميع.                     

لم تنهر أحلام العراقيين بعد كل ما جرى منذ سقوط نظام البعث وما عاشوه من آلام وإرهاب ومفخخات وأحزمة ناسفة تلاحقهم وتهدد حياتهم وحروب وتهجير وتصفيات طائفية وقومية أعادتهم وبقوة الى نقطة الصفر. ولكن الذي انهار وسقط هو الوهم الذي تلبس الجميع وفرض سطوته بقوة، وهم أن الخلاص من الدكتاتور وبطشه سيحقق الحرية والسلام والديمقراطية. فهذه كلها تهاوت حينما اصبح الإنسان وكرامته بلا معنى ووسيلة من أجل حيازة السلطة والتنافس عليها بين قوى متصارعة يزداد ابتعادها عن بعضها البعض بقدر ابتعادها عن كل ما يهم المجتمع وأنعدام أبسط السمات الأنسانية لممارستها السياسية.                   


الدفاع عن المواطنة،قيماً وثقافة، يتأتى من الشعور بالحاجة الملحة والمصيرية للمواطنة في بلد كالعراق، بلد تتزايد مصاعبه يوماً بعد آخر ويتواصل غرقه في مخلفات صراع الساسة والأحزاب. صراعات كهذه ستبعد البلاد وأهلها عن الأمن والاستقرار والحياة الكريمة . ولأن المواطنة تعني، وبكل بساطة، الارضية القوية لتحقيق التماسك الاجتماعي والإحساس بالمسؤولية المشتركة بين المجموعات البشرية التي يتكون منها المجتمع، وإن كل ذلك مرهون بارادة القوى السياسية والأجتماعية التي تعي أهمية المواطنة وضروة أن يشعر الأنسان أنه يعيش في بلد يعامله كمواطن كامل الأرادة .
  

١. “الأمم والنزعة القومية منذ 1780” أريك هوبسباوم، دار المدى (ترجمة عدنان حسن، مراجعة وتحرير . د . مجيد الراضي) الطبعة الأولى 1999 .ص .90 .


Abdulhadi al-Khawaja Enters 73rd Day on Hungerstrike in Bahrain

$
0
0

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

How the Media Failed Abdulhadi

$
0
0

Since the start of the Arab Spring, which has led to many new seasons of protest in turn, the media has often gravitated to individual activists who have become leading figures in mobilizing the public during these revolutions. Tawakul Karman in Yemen, Ahmed Maher in Egypt and Moncef Marzouki in Tunisia—these are just three names that have resonated in the media over the course of protests. Their specific stories of perseverance in the face of brute force have galvanized people around the world.

While many of these advocates have been recognized by the media and rightfully protected for braving arrests, detention, and beatings, one man in Bahrain has been holding a protest of his own within prison walls, but without much attention. Abdulhadi Al-Khawaja is the most renowned human rights defender in Bahrain, known in virtually every household and revered for pressing on with civil disobedience for greater political rights.

Abdulhadi was arrested in April 2011 for his leading role in the pro-democracy movement that engulfed the country on Valentine’s Day last year. Along with seven other activists, he was sentenced to life in prison for conspiring to overthrow the monarchy. What followed were months of severe torture and abuse, without recourse to a free trial. The already-weakened activist, who had recently undergone surgeries to repair broken bones from beatings, started a fast for freedom on February 8, 2012. He has not consumed food since that evening.

His daughters Zainab al-Khawaja and Maryam al-Khawaja remain steadfast in their commitment to the pro-democracy movement in Bahrain. While Zainab continues to lead protests on the ground, Maryam has been reporting to international organizations and foreign governments about the state of affairs in Bahrain and her father’s rapidly deteriorating condition. Both continue to plead for greater support in having their father extradited to Denmark (as he is a Danish citizen) so that he may seek immediate and adequate medical attention.

On the seventieth day of Abdulhadi al-Khawaja’s hunger strike, as he lays on his deathbed with an irregular heartbeat, I as a journalist am dismayed over our collective lack of response. We have failed to pay heed to one of the most important stories to emerge over the Arab Spring, for almost the entire year of his detention and for several weeks of his “fast unto death.” We failed to inform. We failed to protect. We have had an inexcusably late start.

The longest fast that Gandhi ever undertook was twenty-two days, when communal riots took over the Indian subcontinent. And when he did, the different religious factions in the country came to his feet. Hindu and Muslim leaders vowed that they would stop killing each other, albeit for the time being. Had they not heeded Gandhi’s request and had the media decided that the situation was not dire enough to report, he would have died in vain.

Abdulhadi, in contrast, spent almost two months without food before the mainstream media rushed to cover his story. While the barrage of reports from outlets across the globe is much-needed relief after a long drought of coverage on Bahrain, Abdulhadi’s case—and the plight of thousands of political prisoners—deserved attention well before he started his second hunger strike, which he stated would either end with “freedom or death.”

From my own experience of approaching editors at different leading publications, the responses ranged from “We have someone on the case” to “However grave his situation might be, it is not urgent enough for our coverage,” and went as far as “It cannot be a responsibility for the world press to keep a Bahraini activist alive.” The first response did not follow up with coverage until Abdulhadi’s condition significantly worsened, and the last response came on the forty-first day of Abdulhadi’s fast. Forty days of fighting for rightful freedom were apparently not enough.

But, over the last week, since his condition rapidly deteriorated, I have noticed daily updates with stories from CNN to the Hindustan Times. Where were the reports for the past two months? Had there been such concerted media coverage and this level of exposure and critique in the very beginning or even at the half way point of the fast, perhaps he would have been extradited to Denmark well before nearing death.

Abdulhadi’s fast is no histrionic display of his suffering. It is a last resort. It is the desperation of a man whose freedom has been taken away, who has been threatened, humiliated, tortured, beaten, and sexually abused, who was denied a fair trial and silenced when attempting to speak in court, and who is expected to spend the rest of his life in prison for crimes he did not commit.

On April 6, in what he thought could possibly be the last letter to his family, Abdulhadi wrote:

Our pain is made more bearable when we remember we chose this difficult path and took an oath to remain on it. We must not only remain patient through our suffering, we must never allow the pain to conquer our souls.

At this point, his daughters have said their goodbyes and are prepared that his heart might stop within days or even hours. All the media hype, with journalists entering the country in stealth to report “live,” and stories calling for international pressure—it is too little, too late, and it is disingenuous.

While it is true that the media cannot take responsibility for the life of a man who has made a conscious decision to fast, his story is more than just his own. It is a story that resonates with the majority of people in Bahrain fighting for greater rights.

We, as a media community, failed to understand Abdulhadi’s fight. As his daughter Maryam explains, he is “dying to live.” Literally. As a citizen of Bahrain, one has few means to wage dissent against authority. And when one is left with no legal means of protest, jailed under a court that does not adhere to justice, beaten to the point of unconsciousness, tortured to the point of needing a four-hour surgery to “fix” broken bones, and sexually abused to the point of having to bang one’s head against a concrete wall to make it stop, living becomes a moot point.

Abdulhadi’s fast is no more theater than were the constant beatings he endured. The torture he experienced was corroborated by the Bahraini Independent Commission of Inquiry, initiated by King Hamad himself. (Please refer to #1720, on page 423 of the report). His suffering is the grim reality of a brutal prison system in Bahrain, where the King might present himself as willing and able to carry on reform, but can also authorize medieval forms of torture.

I am sorry to note that civil disobedience has lost its meaning in the eyes of leading vanguards of journalism, unless endorsed by a celebrity, unless strategically agreeable to influential states in the UN or unless there is the political will from countries like the US to make bold statements of “protecting democracy and the rights of individuals.”

The media community-at-large remained passive in the face of blatant injustice for a long time.  We failed to empower tens of thousands in Bahrain by highlighting the story of one man’s plight. We simply stood by until Abdulhadi’s penultimate moments before starting substantive coverage. With the Formula One Grand Prix expected to take place in Bahrain this weekend, a barrage of reports have emanated from international media outlets across the globe. But Abdulhadi’s story and that of the majority of the population protesting in Bahrain should not be forgotten after this weekend. We must learn to look towards the larger implications of what is going on in this small island kingdom.

[This article was originally published on Waging Nonviolence.]

الشعب لا يريد

$
0
0

في دمشق، لا يزيد من سماجة حرّ نيسان، سوى اللافتات المعلّقة على الجدران، فوق أسطح العمارات، بين جذعي شجرتي نخيل، بين عامودي كهرباء، بين إشارتين ضوئيتين. تلك اللافتات تبدو أشدّ خطورة من الحرّ ومن سماجته. تلك اللافتات، وكأنها خرجت من جوارير المؤسسات الحكومية، لم ينفض عنها غبار السنوات الماضية، كتبت عليها العبارات ذاتها، وعلّقت. تلك اللافتات، تجعل المتجوّل في شوارع دمشق، يصدّق أن الأزمة انتهت. لا بل وقد يظن أن الأزمة لم تبدأ حتى تنتهي. وتلك الثورة التي يتحدثون عنها، ليست سوى "إشاعات مغرضة" تروّج لها الأقنية الفضائية "العميلة". 

"يداً بيد نبني سورية الغد"، هذه إحدى الوعود التي كتبها أحد المرشحين لانتخابات مجلس الشعب. و"بالمشاركة نحقق حلم الشباب". و"لا أدّعي الكمال ولكن أسعى لتحقيق الآمال". وليست الانتخابات هذه سوى تكريس لسياسة "الانفصام" التي يعشقها النظام السوري. حيث تعيش سورية حياتين منفصلتين تماماً. حياة ترزح تحت أصوات القصف والصراخ والاستغاثة والتهجير والاعتقال. وحياة تتبختر خلف مفردات فارغة. انتخابات واحتفالات ورقص وغناء ولؤم أعمى. أحد المرشحين كتب على لافتته الدعائية عبارة متواضعة جداً: "طموح بحجم الوطن". وربما يكون قصده، طموح متواضع بحجم الوطن. إذ ماذا تبقى من هذا الوطن؟ 

في دمشق، ثمة وطن يبنى على الأنقاض. ثمة عين مفتوحة على الدهشة، تتفرّج، بالكاد تستوعب هذا الكم من اللامبالاة. ثمة احتفالات صاخبة بعيد "البعث" بعد أسابيع فقط من اختراع دستور يؤمن بالتعددية السياسية. ثمة حفلات تنظم في ساحة "السبع بحرات"، يحضرها العشرات، يصدح صوت مغنٍ هابط، يرقصون ويدبكون. ثمة أم ثكلى تتفرج على الرقص وتبكي بصمت. إنهم يرقصون فوق القبور. و"العصابات المسلحة" التي تفتك بأمن الوطن، التي تقتل وتذبح وتنكّل، تبرطع في أنحاء سورية وهم يرقصون! ثمة طفل في الخامسة من عمره، يحمله والده على كتفيه في ساحة "السبع بحرات" ويسأله أمام عين الكاميرا، أين تقع قطر؟ فيؤشر الطفل إلى مؤخرته!

في دمشق، مرّ عيد الجلاء، بصمت خجول. لم نسمع سيارات الموالين تلعلع بالزمامير في الأزقة والأحياء. لم تشهد العاصمة احتفالات كتلك التي شهدتها يوم عيد "البعث". 

في دمشق، امتلأت الفنادق بالمهجرين. والعاصمة باتت مزحومة بأبنائها وأبناء المدن المنكوبة. بعضهم يقصد الفنادق الفخمة وبعضهم ينام في فنادق من الدرجة الأولى في حي "الست زينب". بعضهم يفترش الرصيف. بعضهم جائع. بعضهم يموت. سورية التي تعيش انفصاماً، صارت حياة أبنائها رخيصة. والموت فقد قدرته على الإدهاش. صار خبراً عادياً. والبعض اختار وسط هذه الفوضى، أن يترشح لانتخابات مجلش الشعب. وأي شعب؟ الشعب الذي لا يريد. 

Outside Looking In

$
0
0

City of Mirages: Baghdad 1952-1982. The Center for Architecture, 536 LaGuardia Place, New York, NY, 22 February – 5 May 2012.

City of Mirages: Baghdad 1952-1982 is an exhibit of design work produced by world-famous architects and firms for the booming Iraqi capital during the mid-twentieth century. Beginning from the year that the Iraq Development Board was established to channel seventy percent of state oil revenues into modernizing schemes for national development, the exhibit traces a thirty-year timeline of foreign architectural practice in Baghdad.

Pedro Azara of the Universitat Politècnica de Catalunya in Barcelona and his curatorial team selected thirteen key projects to represent significant aspects of, and pivotal moments in, the history of how modernist and postmodernist architects from outside Iraq planned and imagined Baghdad as a modern city. Over the course of these three decades, state power alternated among five different regimes, all of which played a part in commanding the direction and scope of city making from the top down. With each new government, the broad agenda of urban development shifted somewhat; it is partly due to this volatility that more than half of the projects presented in this exhibit were never realized on the ground.

Thus the title City of Mirages is entirely appropriate, as the image of Baghdad memorialized in the space of the exhibit was only ever a mirage. Together, the elegant arrangements of sketches, renderings, and models on display here reveal a projection of the Iraqi city that oil promised to build, but never did. During the 1950s, many of the master architects that the Development Board commissioned late in their careers to create landmark projects throughout the capital accepted the opportunity with delight, viewing it as an opportunity to leave their signature upon the cradle of civilization.

For several of these star-architects, Orientalist fantasies and modernist doctrines informed their designs well before they ever set foot in Baghdad to examine the site and discuss the requirements of the commissioning board. For example, Frank Lloyd Wright’s designs for an opera house, cultural center, central post office, and memorial on the Tigris River stand as outright evidence of Orientalism’s stranglehold over some designers. Inspired by the epic tales of Alf Layla wa Layla, Wright’s plans for Baghdad’s modern landmarks translate his fantasies of the Orient into a theme-park assemblage of buildings intended to recall ancient ziggurats and genie’s lamps.[1] For many, it is no wonder that these particular designs were never realized.

 
[Frank Lloyd Wright, Plan for Greater Baghdad, 1957. Image via Wikipedia.]

Modernist architects like Josep Lluis Sert, Le Corbusier, and Gio Ponti approached the challenge of designing for Baghdad with relatively less whimsy. Rather, each reproduced his own signature style in their building designs, the originals of which can be located in other cities across the globe, from Cambridge, Massachusetts to Chandigarh, India to Milan, Italy.[2] Construction of Sert’s US Embassy was completed, and Gio Ponti’s Ministry of Development well under way, prior to the July 14 Revolution of 1958, which replaced the regime of Nuri Al Said and Iraq’s monarchy with a new republic under President Abdul Karim Qasim.

 
[Gio Ponti, Ministry of Planning under construction, Baghdad, 1958. Image courtesy of Dr. Khaled Al-Sultany.]

On the other hand, Le Corbusier’s design for an Olympic stadium and sports complex remained just a stack of papers for many years after the architect passed away. It was not until Iraq’s Ba’athist government decided to partially realize his design (the last completed in Le Corbusier’s prolific career) that the building was constructed and opened as the Saddam Hussein Gymnasium in 1980.[3]

 [Left: Le Corbusier, Saddam Hussein Gymnasium, Baghdad, 1980. Image courtesy of Pedro Azara.
Right: Model of Le Corbusier’s Olympic Stadium, City of Mirages Exhibit, 2012. Image by Mona Damluji.]

Constantinos Doxiadis and Walter Gropius tackled some of the more difficult social and urban problems in Baghdad to develop modernist plans for a housing scheme and central university campus, respectively. These designs adhered to the classic brutalist aesthetics of bare concrete and brise soleil reproduced around the globe; however, the scope and scale of their projects required more research on their parts than architects commissioned for stand-alone buildings. Doxiadis Associates and The Architects Collaborative (TAC) went further than most of their contemporaries to analyze and address the specificities and demands of the local context, though certainly there were problematic aspects of their work that could arguably be traced to undergirding Orientalist assumptions and modernist simplifications.[4] Unlike the other Development Board commissions, construction on these projects continued to some extent under Qasim’s republic, resulting in the partial completion of the modernist visions for Baghdad. Today, TAC’s university tower still rises above the Al-Jadriya campus, while Doxiadis’ housing blocks are subsumed by the dense growth of Sadr City.


[Doxiadis Associates, Housing Program for Iraq, 1955. Image courtesy of Pedro Azara.]

Perhaps the foil to the City of Mirages presented here is the grand portfolio of work by modern Iraqi architects: the buildings that stand as the true architectural spectacles in the lived city. In conversation with the craftsmanship of Baghdad’s ustas (master builders) and inspired by the possibilities of reinforced steel construction, Rifat Chadirji, Mohammad Makiya, Hisham Munir, and many others inscribed the city with their unique visions in brick and concrete.[5] For readers interested in pursuing these issues further, Dr. Ghada Al-Siliq (University of Baghdad) will be giving a lecture on May 1st titled "Architecture in Baghdad, Then and Now" at the Center for Architecture.

 
[Rifat Chadirji, Central Post Office, Baghdad, 1976. Source: Aga Khan Award for Architecture, archnet.org.]

One of the most remarkable aspects of the exhibit is the work that architecture students at the University of Baghdad and School of Architecture of Barcelona put into the material construction of the imagined schemes, that is, the making of the marvelous models featured throughout the exhibit. Seen in three-dimensions, the architectural landmarks of Baghdad (even those never built) stimulate the viewer’s imagination. Dr. Ghada Al-Siliq of the University of Baghdad, along with colleagues Saad M. Hmoud and Bilal Samir Ali, assembled a team of twelve Iraqi architecture students to produce the spectacular centerpiece: a sprawling model of the entire city, illuminating the location and urban context of the many projects seen throughout the exhibit. Flanking the large site model are two video screens juxtaposing looped sequences of archival images of the remembered and the contemporary city.

 
[Dr. Ghada Al-Siliq and architecture students at University of Baghdad building the model of Baghdad
for City of Mirages Exhibit, Baghdad, 2008. Image courtesy of Dr. Ghada Al-Siliq.]

 
[Model of TAC Baghdad University buildings, City of Mirages Exhibit, 2012. Image by Mona Damluji.]

Today, the constructed building projects featured in the exhibit have suffered in some ways from the US invasion in 2003 and nine years of ongoing violence under occupation. The exhibit gestures towards the “deteriorating” conditions of Baghdad’s built environment in a passage at the entry and the montage of recent images from the city; however, the curators have not gone so far as to document the full extent of the damage in detail. This is the work of dedicated architectural historians at the University of Baghdad and elsewhere, who courageously traverse the city in order to capture and record what is possible.[6] In 2004, UNESCO and the Politecnico University in Milan initiated a cultural heritage project to rehabilitate Gio Ponti’s Ministry building, which was badly damaged in the post-invasion looting; yet such spectacular gestures towards international reconstruction projects can distract from the real damage wrought by the ongoing violence. Countless homes, schools, hospitals, bridges, and neighborhoods in Iraq have been destroyed, and after all, Baghdad’s cultural heritage is far more than its landmark buildings.

 
[Gio Ponti, Ministry of Planning, Baghdad, 2003. Image by Simon Norfolk, “The Ministry of Planning,
Baghdad 19-27 April 2003” from his series "Scenes from a Liberated Baghdad."]

An addendum to the exhibit’s catalogue of pristine projects rendered visible as lines on trace paper is the long narrative of war in Iraq. The deterioration of the quality of life for Iraqis since the Iran-Iraq war of the 1980s, followed by the first US invasion in 1991 and thirteen subsequent years under UN sanctions, and capped by the ongoing US occupation, is perhaps most visible in the ruined and fragmented built environment.[7] Indeed, the damage of these last four decades manifests itself in every aspect of daily life in Iraq, from compromised health care and personal security, lack of access to essential needs like clean water and housing, lack of provision of basic services like electricity and trash collection, to the unavailability of decent jobs and the fundamental struggle for a sense of personal dignity.

Notes
[1] See J. M. Siry, “Wright's Baghdad Opera House and Gammage Auditorium: In Search of Regional Modernity,” The Art Bulletin 87:2 (Jun 2005): 265-311, and M. Marefat, “Wright’s Baghdad,” in Frank Lloyd Wright: Europe and Beyond (Berkeley: University of California Press, 1999).
[2] See S. Mehdi, “Modernism in Baghdad,” City of Mirages: Baghdad 1952-1982 [Exhibition Catalogue] (Universitat Politècnica de Catalunya, 2008): 81-89, and S. Isenstadt, “Faith in a Better Future: Josep Lluis Sert's American Embassy in Baghdad,” Journal of Architectural Education 50:3 (Feb 1997): 172-188.
[3] See M. Marefat, “Mise au Point for Le Corbusier’s Baghdad Stadium,” Docomomo 41 (September 2009): 30-40.
[4] For a critical analysis of the Doxiadis Associates housing scheme for Iraq, see P. I. Pyla, “Back to the Future: Doxiadis's Plans for Baghdad,” Journal of Planning History 7:1 (February 2008): 3-19; for a descriptive overview of Gropius & TAC design for Baghdad University, see M. Marefat, “From Bauhaus to Baghdad: The Politics of Building the Total University,” TAARII Newsletter (Fall 2008).
[5] For discussions on Iraqi architects, see M. T. Bernhardsson, “Visions of Iraq: Modernizing the Past in 1950s Baghdad,” in Modernism and the Middle East (Seattle: University of Washington Press, 2008) and H. Nooraddin, “Globalization and the Search for Modern Local Architecture: Learning from Baghdad,” in Planning Middle Eastern Cities: An Urban Kaleidoscope in a Globalizing World (Routledge, 2004); for a well-illustrated chronicle of the work of Baghdad’s craftsmen and the early period of modern building practices in the city, see Caecilia Pieri, Baghdad Arts Deco: Architectural Brickwork 1920-1950 (Cairo and New York: American University of Cairo Press, 2010).
[6] In 1991, the Presidential Administration under Saddam Hussein established the Reconstruction Studies Center at the Department of Engineering, University of Baghdad, in order to conduct and publish research following the US invasion. Dr. Suad Al Azzawi served as director until the center was forced to close in 2003.
[7] See G. M. R. Al-Silq, City of Stories, (Iraqi Cultural Support Association, 2011) and M. Damluji, "Securing Democracy in Iraq: Sectarian Politics and Segregation in Baghdad, 2003-2007," TDSR 21:2 (2010): 71-87.

الثورة السورية بين أيدي وسائل الإعلام

$
0
0

لم يكن لقائي مع "رامي"، وهو شاب شيوعي من حي الخالدية بحمص، هو المحفّز الوحيد لكتابة هذه المقالة، بل ملاحظات كثيرة أخرى...ولكن المعلومات التي استطعت الاطلاع عليها عن كثب جعلتني أتأكد أكثر من معطياتي وبالتالي من رأيي!

فـ "رامي" الذي كان مسؤول الشباب الشيوعي الموحّد في حمص، منذ أن كان عمره 14 سنة، ترك العمل مع الحزب بعد اندلاع الثورة بسبب موقف الحزب الرافض لها. ولم يكن وحده بين مجموعة الثوّار السلميين في الخالدية، أولئك الذين لا يعرفون كيف يطلقون الرصاص ومصممين على إكمال ثورتهم حتى آخر مطلب بدون أي عنف تحملهم آمال وأحلام بالحرية. وقد أسسوا تجمعاً اسموه: "الائتلاف الإسلامي المسيحي العلماني"، واختصاره (فجر). قال لي "رامي": 

- نظّمنا مظاهرة للمسيحيين في الخالدية، ورفعوا فيها الصلبان في حارة إسلامية محافظة كحارتنا... كما كان لدينا مظاهرة أسبوعية نقيمها يوم الأربعاء بعد الظهر، تشترك فيها تنسيقية مصياف وتجمع نبض، الذي تغلب عليه الأقليات، ويشترك معنا رفاقنا من مسيحيين وعلمانيين، ويحضر معنا تلك النشاطات اتحاد الطلاب الأحرار وطلاب جامعة خالد من الوليد وهي تنظيمات طلابية صغيرة تشكلت بعد الثورة.. كان هناك كثير من المظاهرات المشتركة.

في نهاية لقائنا عرفت أنه في بابا عمرو، الحي الذي لا يمكن أن يتخيله البعض إلا مليئاً بالثوار المسلحين ومحقوناً بالخطاب الديني الطائفي، كان ثمة صحيفة مطبوعة تصدر بشكل دوري قبل أن تمحى بابا عمرو بقصفها المتواصل لثمانية وعشرين يوماً. تلك الجريدة كان مسؤولاً عنها شاب من هناك يلقبونه: (ماركس)، لأنه كان شيوعياً! يكتب المقالات السياسية التوعوية في الجريدة، كما يجمع مقالات مختارة ضد الطائفية والعنف.

تكاد الأنظمة السياسية المعاصرة اليوم، وخصوصاً تلك الأقرب إلى الحكم الديمقراطي، تختزل إلى مجرد حملات انتخابية واستطلاعات رأي، يغدو اللاعب الأساسي فيها وسائل الإعلام التي أضحت جزءاً أساسياً من اللعبة السياسية، وتتدخل يومياً في صياغة العلاقات بين الممثِّلين والممثَّلين، وبالتالي تتدخل في صياغة المشهد السياسي برمته. في سنة 2004 مثلاً تجاوزت النفقات التي صرفها المرشحان الرئيسيان للانتخابات الأميركية 200 مليون دولار (230 مليوناً لجورج. و. بوش الذي فاز بالرئاسة و180 مليوناً لـ ج. كيري) ويبدو أن جزءاً كبيراً من النفقات يخصص للإعلانات السياسية ولاسيما المتلفزة منها المسموح بها في الولايات المتحدة الأميركية ولنا أن نعلم أن الجزء الأساسي منها يتعلق بما يسمى الفلاشات السلبية المسموح بها منذ سنة 1956 والتي تسعى إلى تبخيس الخصم السياسي.

ولكن هذه الآليات المواربة، ومنها سلطة وسائل الإعلام، وتبوؤها تلك المكانة الطليعية، ليست مقتصرة على الأنظمة الديمقراطية فحسب، بل هي أداة ماضية في يد السلطات الديكتاتورية، وهذا الأخطر، إذ أنها تطوّع الإعلام الرسمي للبلاد إلى مجرد إعلام دعائي لسياساتها ومواقفها، ولتطنيب الطاغية وطغمته الحاكمة وتبخيس المعارضين، إن وجودوا، أو تبخيس الخصوم الدوليين أو الإقليميين. وهذا بالضبط ما عمل الإعلام الرسمي السوري، ومن لفّ لفيفه من الإعلام شبه الرسمي، على ممارسته منذ بدء الثورة السورية وحتى اليوم.

فإذا اتفقنا أن الثورات العربية برمتها هي بالدرجة الأولى ثورات إعلامية، منذ ثورة تونس ومصر ومروراً بليبيا واليمن، فحينها يمكننا أن نقرر الحجم المتعاظم لاتجاه وسائل الإعلام وأجندتها السياسية في دعم أو تبخيس هذه الثورة أو تلك. ولئن كان دور الإعلام الرسمي السوري واضحاً في الحرب ضد شعبه، فإن وسائل الإعلام العربية الأخرى، تلك التي تبنت الدفاع عن الثورة السورية، لا تبدو أنها متخففة من الأجندات السياسية التابعة للبلد الممول أو المضيف. إلى درجة تبدو معها فزاعة الإعلام وقد حيّدت معظم المحاكمات السياسية.

تظهر هذه الأجندات واضحة في آلية أساسية مستخدمة في هذه المحطات وهي آلية: "التصفية"، وذلك بجعل بعض الأحداث مرئية وبعضها غير مرئية، وذلك لإثارة عطف الجمهور. فيتم التقاط تصرف فردي من هناك، وشعار أو لافتة من هنا، ويتم التعامي عن عشرات الحالات المخالفة، بمعنى آخر تعمل بعض تلك المحطات على تسليط الضوء على بعض الجوانب الضئيلة ودفعها إلى الواجهة إعلامياً، وإغفال جوانب أخرى، قد تكون في غاية الأهمية في محاولة لمحوها من المشهد الثوري.

فيتم تسليط الضوء مؤخراً، وفي كثير من المحطات الفضائية ووسائل الإعلام المختلفة، على الجانب الديني/ الطائفي (المتنامي) للثورة السورية، كما يتم إظهار الجانب المختصّ بردود الأفعال على عنف النظام، كتسليح الثورة وعمليات الجيش الحر. وكأن وسائل الإعلام تلك تتغافل في أحيان كثيرة، إن بقصد أو بدون قصد، عن الكثير من النشاطات الثورية الشعبية والسلمية، حتى يبدو للرائي غير المطلع على مسيرة الثورة على الأرض، وما أكثرهم، أنها بدأت هكذا منذ يومها الأول طائفية وعنفية. حتى ليعتقد المرء بأن ثمة تآمراً على الثورة السورية عبر وسائل الإعلام، بين مطرقة النظام وسندان الخارج، لتشويه وجهها وإظهارها على غير ما هي عليه. وكأن محترفي وسائل الإعلام يسعون، في المقام الأول، للتخلي عن سجال العقل لصالح التخويف، وكذلك إثارة الاستياء والعواطف التي تبتعد بالمشاهد عن المحاكمة العقلية لجهة الانفعال والغريزة.

يتكشّف يوماً بعد يوم أن ما جاهد النظام السوري لمنعه منذ اللحظة الأولى، وهو دخول وسائل الإعلام الحيادية، نوعاً ما، إلى أرض سوريا، ليس فقط كي لا يتم نقل الحقيقة، أو جزء منها، بل ليبقى النظام قادراً على تكذيب كل ما يقال، حينما يغدو الثوار على الأرض أسرى لمحطات فضائية بعينها تمكّنهم من نقل يوميات الثورة وبطش النظام، وبالتالي أسرى لأجندات هذه المحطات بعينها! مما يجعل إعلام الثورة يفقد القليل من مصداقيته بعيون المراقبين عن بعد، والسبب الرئيسي هو المحطات المضيفة لتلك الأخبار والمعلومات. مما يعني أننا اليوم، وبعد مرور عام ونيف على اندلاع الثورة السورية، بحاجة ماسّة للكشف عن كثير من المعلومات والحقائق المغفلة في الثورة، والتي يؤثر غيابها على صورتها الخارجية والداخلية. 

إعلام موضوعي لنقل الثورة السورية أضح اليوم أمراً أساسياً وملحاً لا يقلّ فعالية عن أي فعل ثوري على الأرض. 

Abdulhadi al-Khawaja Enters 75th Day on Hungerstrike in Bahrain

$
0
0

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خطيئة الدستور (2): والآن تشاهدون فيلم اسماعيل ياسين في تأسيسية الدستور

$
0
0

حذر الجزء الأول من هذه السلسة من أن اتفاق فرقاء الصراع الدستوري الحالي على تصوير دستور ١٩٢٣ على أنه كان دستورا سباقا يعكس تخليهم عن مطالب ثورة يناير وعدم اهتمامهم بتبعية مصر للاستعمار من أجل إعلاء مصالحهم الحزبية الضيقة. ودفعني ذلك إلى رفض الإطار الذي يحكم وضع الدستور الحالي من حيث المبدأ حتى لا ينتهي بنا الحال إلى وضع دستور "سباق" كدستور ١٩٢٣: يقنن الاستعمار ويبني دولته المستعمرة على الصفقات السرية وأكل حقوق أغلبية الشعب. لكن، وعلى الرغم من ضرورة رفض الإطار الحالي لوضع الدستور من حيث المبدأ، تفرض علينا التناقضات الصارخة التي صاحبت ترجمته إلى ممارسات على الأرض أن نتوقف كثيرا عند دلالاتها، وهذا ما دفعني إلى كتابة هذا الجزء. وسوف أبدأ ذلك بتحليل أصل وفصل "حدوتة" الدستور، حتى لا تنسينا الأفرع جوهر ما نناقشه، وأيضا لكي أثبت مقدما المعايير التي أنوي استخدامها في تقييم التطورات الجارية على الأرض، ثم أنتقل تدريجيا لعرض التناقضات التي واكبت عملية وضع الدستور.  

الأصول

من المعروف أن النظام الحاكم بقيادة المجلس العسكري (مع عدم اختزال النظام في المجلس) قام بوضع ترتيبات محددة تستهدف نظريا نقل السلطة إلى سلطة منتخبة في مرحلة ما الثورة. ومن الملاحظ أيضا أن هذه العملية بدأت تعيد إنتاج أركان النظام السابق تحت مسمى "عرس الديمقراطية." يكفي للتدليل على ذلك أن الحكومة الحالية يقودها رئيس وزراء مبارك، ومؤسسة الرئاسة يقودها مجلسه العسكري، وأن نائبه كان أحد أهم مرشحي الرئاسة يليه رئيس وزرائه ووزير خارجيته، وأن شيئا لم يتغير في حياة الناس على الأرض، وأن كل الأحكام التي صدرت على قتلة الشهداء برأتهم، وأننا لا نحصل على البوتجاز أو البنزين، وأن ثروات الفاسدين لم تمس، وأن شيئا لم يتغير بشكل حقيقي في لعلاقات مصر الخارجية، بل بات القضاء يهان علنا من أجل سواد عيون أمريكا (قضية التمويل)—والقائمة تطول.

ومن الملاحظ أيضا أن النظام ظل طوال فترة ما بعد الثورة يدعي إنه يدير شؤون البلاد نحو ما يسمى بالتحول الديمقراطي. لكن للتحول الديمقراطي هذا، على ليبراليته المعيبة، أصولا بديهية ومعروفة، ترشد الشعوب إلى التغييرات "الديموقراطية" المطلوبة لإنجاح "العملية الانتقالية،" من جانب، وتوفر لهم المعايير اللازمة لتقييم ما يحدث على الأرض من تطورات ذات صلة، بعد ترك مساحة كافية لخصوصية الشعوب. وبهذه الطريقة يشهد كل خرق لهذه الأصول على حقيقة ما يحدث على الأرض من تطورات، بغض النظر عن الإدعاءات التي تصاحبها. وأهم هذه الأصول هي ضرورة توصيف أركان الحكم الجديدة وشكله بشكل عادل وشفاف ومؤسسي قبل الشروع في اختيار من يمارسونه، حتى يستند الحكم الجديد إلى أسس مؤسساتية واضحة وشفافة تتفق عليها جميع الأطراف، وإلا ولد مفسدا، بغض النظر عن أي نسب قد يحصل عليها في الاستفتاءات والانتخابات (كان الوفد يحكم مصر بأغلبية كبيرة هللت في النهاية لانقلاب عسكري دشن ثورة شعبية على كل ما يعنيه).

ولإنجاح عملية "التحول الديمقراطي" هذه جرى العرف في الحالات التي تمر بها مصر على نقل الحكم إلى سلطة إنتقالية مؤقتة ومحايدة، يقر بحيادها الجميع، يكون هدفها الرئيسي إن لم يكن الوحيد، هو الإشراف على توصيف أصول النظام السياسي الجديد طبقا لما تتوافق عليه أغلب فئات الشعب، وتقوم في الوقت ذاته بإدارة شؤون الحكم وتتركه فور الانتهاء من وضع النظام السياسي الجديد. وعليه جرى العرف ألا يحق لأعضاء هذه السلطة المؤقتة الترشح لأي منصب من مناصب السلطة بعد انتهاء الفترة الانتقالية منعا لاستغلالهم لصلاحياتهم المؤقتة لتفصيل الترتيبات الانتقالية على مقاسهم. وهكذا لا يجب أن يسمح ببقاء أعضاء برلمان ما يؤتمن على وضع الدستور (على فساد هذا الطرح من حيث المبدأ) في أماكنهم بعد الانتهاء من وضع الدستور، أو حتى ترشيح أنفسهم لنفس ذات المناصب في الدورة التي تلي وضعه. أو هكذا جرت الأعراف.

وتتفق نظريات "الحكم الديمقراطي" أيضا على تصور محدد للعملية السياسية في المجتمعات الديمقراطية يهمني هنا أن أؤكد على عدة نقاط متعلقة بها: أولا، ترجع هذه النظريات أركان الحكم إلى "عهد إجتماعي" يحترمه الجميع، يكون "الشعب" مؤسسه ومصدره، ويتبلور بشكل عملي في صورة وثيقة دستورية--مع اعترافي بكل عيوب هذا الطرح الليبرالي ورومانسيته، لكن هذا ليس موضوعنا الآن. على أن يحدد هذا الدستور شكل الدولة وطبيعتها، ويوصف مؤسساتها، وصلاحيات كل منها وواجبتها، والتدابير اللازمة لفصل السلطات فيما بينها. كما يحدد أيضا حقوق وواجبات المواطنين، وحقوق وواجبات الأغلبية والاقليات، وأدوار الحاكم والمعارضة والأطراف الاعتبارية ذات الصلة، معينة كانت أم منتخبة. وجرى العرف كذلك على أن يقسم الدستور سلطات الدولة على عدد من المساحات، أهمها في حالتنا: التشريعية (البرلمان)، والتنفيذية (مؤسسة الرئاسة، أو الحكومة في حالة الدولة البرلمانية، الخ)، والقضائية. وتتخذ هذه المبادئ ألوان مختلفة غالبا ما تختلف في الشكل لكن تتفق في الجوهر. 

أصول وضع الدستور

ولأن الدستور يوصف سلطات الحكم (بما يضمن ألا تجور أيا منهم على الأخرى)، ويحدد حقوق الأغلبية الحاكمة والأقليات المعارضة، ويفرض شكل من الرقابة الانتخابية على هذه السلطات، ويحدد ترتيبات صيانة نفسه، ويضع المعايير اللازمة للتأكد من حماية حقوق المواطنين ومنع الدولة من الجوار عليها، لذلك وجب وضع "الدستور أولا،" قبل اتخاذ أي خطوات انتقالية أخرى، حتى يتفق المجتمع على النظام السياسي وينتخب ممثليه على أسس معروفة، ومقبولة، ومحصنة ضد تضارب المصالح. والأهم، ان تحديد صلاحيات مقبولة للمرشحين قبل انتخابهم هو شرط اساسي لشفافية وعقلانية عملية الاختيار، ومخالفته تفرض اختيار غير عقلاني بالمرة: "من فضلك انتخبني لأداء وظيفة ستحدد فيما بعد." ومن هنا كان لعملية وضع الدستور طبيعة خاصة لا تشترك فيها أي عملية سياسية أخرى، تتطلب فيما تتطلب أن تضعه جمعية تأسيسية شرط تشكيلها الوحيد تقريبا هو أن تمثل فئات الشعب الأساسية، بطريقة تحفظ التوازن بينهم وتمنع أن تجور الأغلبية على الأقليات.

وكان يمكن في حالتنا هذه أن تشكل هذه الجمعية على النحو التالي: يتم تشكيل لجنة أولية من الفئات الأساسية في المجتمع بعد الوصول إلى توافق حولها بين فرقاء السياسية الأساسيين، بغض النظر عن اختلاف احجامهم. يليه أن تنتخب كل فئة من هذه الفئات ممثل لها وأن يجتمع هؤلاء الممثلون لوضع معايير اختيار الجمعية التأسيسية، ويشمل ذلك تحديد كل الفئات التي ستشكل الجمعية التأسيسية، ونسب تمثيل كل منها، وتحديد طريقة لادارة الجمعية (أي لائحتها التنظيمية) تضمن عدم انفراد أي تيار بتشكيل الدستور، أيا كان حجمه. ثم تشكل هذه الجمعية بأن تنتخب كل فئة ممثليها طبقا للعدد المخصص لها، يليه أن تدخل في جدل علني حول مواد الدستور يتخلله استقبالها للمقترحات الشعبية من خارج الجمعية. وفي النهاية يصوت أعضاء الجمعية على الصياغات والمواد المختلفة بأغلبية توافقية. ويتم إدارة نقاش مجتمعي فعال حول الدستور طوال هذه الفترة وتعديل مقترحاته إذا ما تراءى للجمعية أن الحوار المجتمعي يلزم ذلك. ثم تقر الصيغة النهائية إما بإقرار الجمعية له (لأنها منتخبة) أو بعرضه على الاستفتاء العام ليقره الشعب. ويمكن بالطبع تشكيل الجمعية التأسيسية بالانتخاب الشعبي المباشر بدلا من تمثيل الفئات، على أن يتم ذلك طبقا لمنظومة انتخابية تضمن عدم انفراد أي تيار بالجمعية مهما كانت شعبيتهم. 

المباراة وأصول اللعبة

علينا ونحن في هذا السياق أن نميز بين الحكم، والدستور، والقوانين، لاختلاف هذه المفاهيم. وأظن أن مجاز المباراة يوفر أقصر الطرق للتدليل على هذه الاختلافات. لنتخيل معا أن هناك فرق عدة تتنافس على الفوز في مسابقة ما: وهو ما يعني في المحيط السياسي أن يتنافسوا على الفوز في انتخابات، كالرئاسة مثلا. هنا يحق للفريق الفائز أن يحكم اذا فاز في الانتخابات لأن التنافس هو أصل الحكم في المنظومة الديموقراطية. ويحق له أن يضع القوانين وأن يعدلها، إذا فاز في الانتخابات البرلمانية، وهكذا. وعليه لا يوجد شك في أن من حق الإخوان أن يحكموا إذا فازوا في الانتخابات، ولا يجوز توظيف نقد ما لعملية وضع الدستور للتشكيك في هذا الحق، كما يفعل البعض. وبنفس الطريقة، لا يحق للفريق الفائز في المباراة أن يحدد أصول اللعبة، ولا يجوز له أن يروج أطروحات مضللة لتبرير ذلك (مثل، ٥٠٪ من دساتير العالم وضعتها البرلمانات، الخ). بل، يجب أن تتوافق كل الفرق المشتركة في المسابقة وروابط مشجعيهم والنقاد الرياضيين على هذه الأصول، وإلا انتهت اللعبة باقصاء الفرق الأخرى وعزوف الجماهير عنها بعد تفصيل شروطها على مقاس الفائز. وعليه، يحق للإخوان أن تحكم و أن تحاسب على نتيجة حكمها، لا على نيتها، لكن لا يحق لها أن تضع الدستور، وخاصة في بيئة تحكمها حرب أهلية باردة.

اذن الأصل في وضع الدستور في المنظومة الديموقراطية هو التوافق حول أصول اللعبة. ولا يصبح لأي دستور شرعية إذا لم تتوافق الفرق السياسية وفئات المجتمع الأساسية (لا الأغلبية) على اعتباره قواعد التنافس السياسي المتفق عليها، وإلا لجأت الفرق الأخرى للعب خارج نطاق الدستور، وهو ما يعني في عالم السياسية أن تعتمد على أشكال العصيان المختلفة أو تعمل خارج النظام السياسي الرسمي، أي بطريقة "غير شرعية،" بشكل علني أو سري--غير مكترثين بأصول اللعبة التي فرضها الفائز عليهم. وتاريخنا الحديث مليء بالأمثلة على سقوط شرعية الدساتير التي يفرضها فصيل غالب على كل الآخرين، أنظروا مثلا لجؤ الفرق السياسية في عهد مبارك إلى العب خارج "الشرعية" المفروضة عليهم وما صاحب ذلك من شيوع نعوت من نوع الجماعة المحظورة والتنظيم غير الشرعي، الخ، من أهمهم "جماعة الإخوان المحظورة،" (التي ظلت تعمل خارج النظام السياسي الرسمي منذ عهد الملك فاروق). لكن ها هي نفس الجماعة تعمل على تأسيس نظام اقصائي سيؤدي بشكل حتمي إلى دفع الفرق الأخرى للاعتماد على العمل "غير الشرعي." بل بدأت بعض الفرق تعتمد بالفعل على آليات "غير شرعية" قبل وضع الإخوان لدستورها، فبات بعضها يراهن على ديكتاتورية المجلس العسكري لوقف استئثار الإخوان بالدستور، في حين اعتمد آخرون على آليات العصيان لمناهضة تأسيسيتهم قبل أن تبدأ في عملها، وذلك بعض أن ضاقت بهم السبل الأخرى. 

البرلمان وأصول اللعبة

ما تم اقراره في مصر من قيام البرلمان بتأسيس لجنة وضع الدستور يخرق الأصول المذكورة بشكل فاضح، ما دفع عدد كبير من الكتاب إلى تسليط الأضواء على ذلك. لكنهم للأسف ركزوا معظم نقدهم على جانب واحد من جوانب هذا خرق العديدة، مختزلين إياه في مسالة "تضارب المصالح" لا غير (أساس الحكم ببطلان تشكيل التأسيسية)، وهو ما دفعهم إلى استحضار حكم سباق للمحكمة الدستورية العليا أقر أن البرلمان هو مؤسسة يخلقها الدستور ولذلك لا يحق له أن يخلق الدستور. أو بمعنى آخر، إن الدستور يحدد صلاحيات البرلمان وعليه يعني قيام البرلمان بوضع الدستور أنه سيحدد صلاحيات نفسه، وفي ذلك تضارب واضح في المصالح. وتم تفسير هذا الحكم على أن يشكل البرلمان الجمعية التأسيسية كلها من خارج البرلمان.

ومن هنا بدأ هؤلاء يحذروننا من أن هذا التضارب في المصالح يدفع البرلمان إلى تغليب مصلحته الخاصة على المصلحة العامة وهو يضع الدستور. ويبدو أنهم لم يلاحظوا أن البرلمان غلب المصلحة الخاصة على العامة قبل تشكيل الجمعية التأسيسية بالفعل. أشير هنا إلى تأكيد "نواب الشعب" من النور الإخوان بشكل مسبق على عدم حل البرلمان بعد كتاب الدستور، وأنهم سيلحقون به مادة انتقالية تمنع حله إذا تطلب الأمر. وعمليا يعني هذا الطرح أحد أمرين. أولا: أن يجبر ذلك الجمعية التأسيسية مسبقا على وضع دستور لا يغير كثيرا من وضع البرلمان الحالي حتى لا يستوجب حله. مثلا، ألا تقر أبدا تغيير نسبة العمال والفلاحين بما يستوجب اعادة الانتخابات، حيث ان رفع النسبة الى ٦٠٪، مثلا، تستوجب اعادة الانتخابات لعدم إستيفاء البرلمان الحالي لهذا الشرط. أو أن تقر الجمعية كل التغييرات المطلوبة مع وضع مادة انتقالية تفرض علينا برلمانا لا يستوفي شروط الدستور الجديد لمدة أربع سنوات أخرى. في كلا الحالتين تكون مصلحة البرلمان قد دفعت الجمعية التأسيسية إلى وضع دستور يغلب المصلحة الخاصة على العامة قبل شهرين من البدء في وضعه بالفعل. (ينطبق نفس التحليل على كل المواد الخاصة بشكل البرلمان وصلاحياته...فقط استعرضت ما يخص نسبة العمال لأنها الأوضح، وتحدثت عن رفعها لمطالبة النخبة بإلغائها).

بكل تأكيد لا يمكن تصور خروج مثل هذا العبث من جمعية دستورية لا يؤسسها البرلمان. فهذه هي طريقة التشكيل الوحيدة التي يمكن أن تعلي مصلحة البرلمان فوق كل شيء بهذا الشكل، ولا يمكن تصور تشكيل آخر يقيد وضع الدستور باستمرار البرلمان (ما يعني أيضا استمرار المشرفون على المرحلة الانتقالية في الحكم) لأن هذا العوار لا يخرج إلا من صاحب مصلحة. وهكذا يتضح أن تضارب المصالح الذي يحذرنا فقهاء الدستور من إمكانية حدوثه وقع بالفعل قبل تشكيل الجمعية بشهور. 

ترجمات الوضع السياسي الجديدة

يعاني قيام البرلمان بمجلسيه (شعب وشورى) بوضع الدستور من عوار آخر يتعلق بكونه يمثل الفائز ولذلك لا يصح أن ينفرد بتحديد أصول اللعبة. وهذا العوار تحديدا لا يزول بقيام البرلمان بتشكيل الجمعية التأسيسية من خارجه. وتتجلى فداحته بشكل صارخ في هزلية المفردات التي تترجم واقعنا الانتقالي في الخطاب السياسي المهيمن. يلاحظ، مثلا، أنه يتم استحضار مفهوم "برلمان" بشكل تلقائي الآن للإشارة إلى قرارات "الأغلبية البرلمانية." وهذا ما مكن "الأغلبية البرلمانية" التي شكلت الجمعية التأسيسية دون تدخل من الأحزاب الأخرى (ما أدى لانسحاب هذه الأحزاب من الجمعية) أن تقدم قرارها على أنه موقف البرلمان. وفي خطوة ثانية تمكنها هذه الترجمات من إستخدام مصطلح "برلمان" لتفادى ذكر "حزب الحرية والعدالة بالاشتراك مع حزب النور" في كل القضايا الجوهرية. وخطوة ثالثة نرى مفهومي "الحرية والعدالة" و"النور" يستخدمان في للتغطية على الفاعلين الحقيقيين: الإخوان والدعوة السلفية، وكلاهما من خارج البرلمان. هكذا تسيدت هذه الترجمات الرثة اللعبة الخطابية في مصر. فما قيل عن اختيار "البرلمان" لتأسيسية الدستور هو في الحقيقة ترجمة مضللة لقيام الإخوان والدعوة السلفية بتشكيل الجمعية بأغلبية إخوانية واقلية سلفية وتهميش كل ما عدا ذلك.

ويدل استقرار هذه الترجمات على مدار العام السابق (حتى وإن بدأت تهتز مؤخرا) على أنها تلعب دورا حيويا تستفيد منه أطراف عديدة. على سبيل المثال، من الصعب جدا تخيل خروج المستشار طارق البشري علينا في جريدة ليؤكد على حق الإخوان في تشكيل الجمعية التأسيسية وتحديد حصتهم فيها بشكل مباشر، لكن شيوع هذه الترجمات ساعده بالفعل على التأكيد في جريدة الشروق على حق "البرلمان" في أن يحدد "حصته" في التأسيسية (وكأن هذا جزء من النظرية الديموقراطية). وبكل تأكيد لو كان أجبر على ترجمة ما يقوله إلى لغة تنصف ما يحدث على الأرض لما أستطاع أن يقول الشيء نفسه. وعلى الرغم من أن الأزمة الحالية هزت مصداقية هذه الترجمات، لفساد وهشاشة الواقع الذي تترجمه، يظل أمثال البشري يتمسكون بلغة "البرلمان" و"الأغلبية البرلمانية،" الخ--يساعدهم في ذلك استقرار هذه الترجمات على مدار عام كامل.

لكن لا يوجد شك في أن التطورات الأخيرة قللت من مصداقية هذه الترجمات بعد أن استخدمها أصحابها في الدفاع عن حق الإخوان في تحديد ممثلي الفئات الأخرى ونسبة تمثيل كل منهم، على أساس أنهم "الأغلبية البرلمانية،" ومن ثم هم ايضا "البرلمان." وفضحت هذه الترجمات نفسها عندما استخدموها في تبرير قيام الإخوان بتعيين أحد كوادرها المسيحية على أنه أحد ممثلي الأقباط (يحسبونه في نسبة الأقباط). فقيام الإخوان بتحديد من يمثل، ومن لا يمثل، منافسيهم في التأسيسية وهو سلوك تجرمه كافة الأعراف الدستورية. بلغة المباريات، لا يمكن لأي لغو أن يعطي الإخوان الحق في اجبار منافسيهم على أن يلعبوا بحارس مرمى في مركز رأس الحربة، وأن يلعبوا بتسعة لاعبين فقط على أن يكون من بينهم ثلاثة من كوادر الإخوان "علشان يجيبوا اجوال في أنفسهم،" لأن منافسيهم حتما سيردون: طيب، مش لاعبين.

اختزال المصلحة العامة في شكل صراع سلطة

تلعب هذه المفردات دورا أساسيا في إخفاء المستوى الثاني من تضارب المصالح بين الجمعية التأسيسية والبرلمان. أشير هنا إلى إعلان الإخوان عن أن وجود توافق شعبي على الإبقاء على الأبواب الأربعة الأولى للدستور على ما هم عليه لجودتهم (على غرار تعظيمهم لدستور١٩٢٣). وأحيانا ما تسوق الإخوان هذا الطرح في صورة اقرار منها بوجود اتفاق على ٩٥٪ من مواد الدستور. وبهذه الطريقة تجيش الجماعة بأوجها العديدة الجمعية التأسيسية التي شكلتها من بين أعضائها لإخراج دستور مفصل تماما على مقاسها، على أساس أنه محل توافق، كما ساشرح بعد قليل. لكن قبل ذلك أود أن أقف عند تناقض رئيسي كشفه هذا الطرح.

لا يوجد شك في أن الابقاء على أول أربعة فصول يعني الانتهاء من كتابة الدستور بسرعة، وهو ما تريده الجماعة. لكن ذلك يتناقض مع موقفها وموقف كل من سعوا لتأسيس مشروعها من خارجها حتى مارس ٢٠١١. لنتذكر سويا أنهم بنوا رفضهم لطرح "الدستور أولا" على أساس طول عملية وضع الدستور. عندها زعموا أن ذلك سيؤدي إلى تأجيل الانتخابات لمدة طويلة، وبالتبعية إلى سلق الدستور من أجل التعجيل بالانتخابات--بالإضافة إلى اعتراضات أخرى أكثر وجاهة بالطبع. عندها توقع طارق البشري في خضم حربه على"الدستور أولا" أن تستغرق عملية وضع الدستور ما بين العام والعامين. أما الآن فنراه يقبل بوضعه في أقل من ستة أشهر. وهكذا قبلوا على ما يبدو بضرورة سلق الدستور بعد أن كان يرفضون وضعه أولا "علشان يأخذ وقته في السوا ومبيوظش"--وأكرر، إن هذا النقد مبني على الإطار الزمني الذي قدموه في أثناء حربهم على "الدستور أولا." وكان موقفهم في مارس ٢٠١١ يتناقض هو الآخر بشكل فج مع موقفهم في فبراير ٢٠١١، عندما رفضوا اقتراح عمر سليمان بتعديل الدستور على طريقة البشري، وأصروا على وضع دستور جديد على أساس أن ذلك من مطالب الثورة.

من حق الجماعة أن تغير موقفها طبقا لمتطلبات صراعها مع النظام، لكن لا يمكننا قبول أن يؤدي ذلك إلى التضحية بالمصلحة العامة. فتبعات التسرع في وضع الدستور الآن لا ترتبط باقتراب انتخابات الرئاسة فقط كما يبدو، بل تعني الإشادة بالأبواب الأربعة الأولى فعليا حصر الصراع السياسي كله في شكل الدولة (برلمانية أم رئاسية) لأن هذا ما تتناوله الفصول المتبقية، وهو أمر تهتم به الجماعة كما أعلنت أكثر من مرة. على النقيض من ذلك تقع المواد المتعلقة بمعظم مطالب الثورة في الفصول الأربعة الأولى التي قرروا مسبقا عدم تغييرها بشكل جوهري. فهي التي تحدد الحقوق، وهي التي يمكن أن تؤسس للعدالة الاجتماعية والاقتصادية، ومناهضة التبعية والتطبيع، الخ. ومن ثم يعني الإبقاء عليها دون تغييرات جوهرية تجاهل الاستحقاقات الدستورية للثورة (كما فعل دستور ١٩٢٣) وتركيز الصراع في نطاق الاختلاف على شكل الدولة، ما يختزل أهداف ثورتنا في صراع على طريقة "ترتيب الكراسي." ولا أظن أي جمعية لا يتحكم فيها الفائز، مهما تعددت ترجماته، كانت ستفعل ذلك. 

انتقالية البشري وترجماتها

لعل أفضل السبل لتحليل تناقضات المرحلة الانتقالية هو اسقاط المواقف ذات الصلة على شخص ما يجسدها، بحيث يمكن ملاحظة تناقضات هذه المواقف في التضاربات التي تصدر عن هذا الشخص. لكن يظل لهذا التحليل قيمة استرشادية في أفضل الأحوال لما تحمله علاقة الشخص بالمواقف التي يتخذها من تعقيدات يصعب قولبتها. ومن هنا، يمكننا قراءة تناقضات المرحلة الانتقالية في مواقف المستشار البشري ذات الصلة، لكونه مهندس الإطار الدستوري الذي يحكم العملية الانتقالية، ومن ثم فهو بحاجة أكثر من غيره إلى تبريرها واعادة تفسيرها طوال الوقت. وأول ما يلفت النظر هنا هو أنه تجاهل المبادئ أعلاه عندما وضع تعديلات مارس ٢٠١١. وبهذه الطريقة وضعت تعديلاته المرجعية الأساسية لترجمة خطف الثورة إلى لغة "ديموقراطية" كالتي استعرضتها فيما سبق. ويلاحظ أن البشري ظل متمسكا بمبادئه القديمة، التي كانت كل الحركة الوطنية تحترمها، حتى قبل الثورة بشهور قليلة، عندما هاجم حركة البرادعي لسيعها إلى تعديل الدستور فيما عرف بإسم بيان التغيير. عندها كتب مقالة مطولة في جريدة الشروق هاجم فيها الحركة ضمنيا، مستندا في ذلك إلى منطق مفاده أن للدستور أصول سياسية واجتماعية لا يمكن تجاهلها،ولا يصح "لكلكته" في ظل سياق استعماري هادم يهدف إلى تفتيت الدولة المصرية.

لكن ما أن أنتقل إلى موقع سلطة حتى أخذ يؤسس تعديلاته على أسس تماثل مبادئ البرادعي السبعة. وهكذا رفض طريقة البرادعي في تعديل الدستور في موقف إصلاحي ليقبل بها في موقف ثوري، في حين صعد البرادعي من مطالبه بما يتسق مع الوضع الثوري. الأنكى من ذلك هو أنه قبل أن يؤسس المرحلة الانتقالية على تعديلات دستورية هي في جوهرها نفس التعديلات التي عرضها عمر سليمان في أثناء الـ١٨ يوم للإبقاء على نظام مبارك، بنفس المواد تقريبا، بعد أسبوعين فقط من سقوط اللجنة التي شكلها سليمان (مع سقوط مبارك) لأداء نفس مهمة البشري. وبذلك قبل بتأسيس المرحلة الانتقالية على الأسس التي عرضها مبارك لإنقاذ نظامه، بعد شهور قليلة من موعظته ضد البرادعي، مكررا في ذلك، بوعي أو غير وعي، موقف الإخوان.

ثم أتت ترجمة "البرلمان" لتفاصيل مادة البشري الخاصة بحكر تشكيل الجمعية التأسيسية على "البرلمان" على الشكل الذي رأيناه، ففضحت الهزل الدستوري الذي استندت عليه هذه التعديلات. حيث قام "البرلمان" (بترجماته الكثيرة) بتعيين نصف أعضاء الجمعية من بين أعضائه وكأنه طفل يصرخ "دي لعبتي ومحدش هيلعب بيها غيري." وبذلك فسر المادة المعنية على أنها دعوة له لانتخاب نفسه. ثم عمل على ترسيخ هيمنته على الجمعية فساوى بين حصته وحصص سائر الكيانات الأخرى مجتمعة. ووصل من البجاحة أن وضع رئاسة الجمعية التأسيسية في أيدي رئيس البرلمان، وكأن مصر ليس بها من يستطيع القيام بهذه المهمة سوى الكتاتني.

ثم اجتمعت التأسيسية بعد تشكيلها بدون لائحة تنظم عملها وتحدد صلاحيات أعضائها ورئيسها. فما كان من الكتاتني إلا أن منحها إجازة أسبوع في أول قرار له كرئيس لها، دون أن يعرف أحد إذا كانت صلاحياته تسمح بذلك أم لا (روحوا، انتوا في إجازة أسبوع من أول يوم؟). وتقاطعت هذه الإجازة مع الأزمة التي تفجرت في وجه الإخوان بسبب تشكيل الجمعية، ما عنى أن الكتاتني صدر أزمة الإخوان إلى الجمعية، كاشفا بذلك تحكم الإخوان التام. كذلك اجتمعت بنسبة ٧٥٪ في غياب ما يحدد ما إذا كانت هذه النسبة قانونية في جمعية أصلها التوافق أم لا (لم يحدد لها نصاب قانوني). ثم قررت الجمعية في ثاني اجتماع لها أن تفرض السرية على مداولاتها، ما عنى حصر النقاش المجتمعي حول الدستور في الـ١٥ يوم التي تسبق الاستفتاء عليه. ومن هنا بدأت الأسئلة حول كيفية إدارة الجمعية تنتشر دون إجابات. وكان أحد أعبط تطورات هذه العملية هو تعيين الجماعة لممثلي الفئات الأخرى دون الحصول على موافقتهم، فتوالت الانسحابات من الجمعية لتكشف أن الإخوان لم يتوقعوها. ومن ثم يبدو أنهم صدقوا ترجماتهم الرثة إلى درجة أنها ضللتهم مثلما ضللت الشعب، لذلك قرأوا هذه الانسحابات على أنها مؤامرة من المجلس العسكري فقط لا غير (لا أشك في وجود مؤامرة من المجلس بالطبع، لكنها ليست السبب الرئيسي وراء الانسحابات).

وصل فيلم اسماعيل ياسين هذا إلى حد قيام الجماعة بتعيين أحد كوادرها ضمن حصة الاقباط ثم الاستشهاد بوجود أمثاله على تمثيل الجمعية لكافة أطياف المجتمع. وهكذا دشنوا حملة لتعريف معنى التوافق طبقا لمنطق يعني تعيينهم لقلة غير مؤثرة لتمثل منافسيهم. لكن للتوافق معايير قانونية محددة لا تسقطها الكوميديا، من أهمها ألا تحظى الأغلبية السياسية بأغلبية الجمعية الدستورية لأن الأغلبية السياسية محصنة بقدرتها على قبول أو رفض الدستور في الاستفتاء، أما الأقليات فلا سبيل لها للتأثير على الاستفتاء. وحتى إذا أصرت الأغلبية على الاحتفاظ بأغلبية الجمعية التأسيسية، وهذا ترتيب فاسد في حد ذاته، عليها أن تحدد نسبة لإمرار القرارات تضمن تفعيل ولو حد قليل من التوافق. وجرت الأعراف على نسبة الثلثين لتوفير ضمانة ما يسمى بالثلث المعطل للأقليات السياسية. وإذا قل تمثيل الأقليات مجتمعة عن الثلث وجب تعديل النسبة بما يوفر لهم القدرة على منع أي قرار تجتمع كلها على رفضه. ويعطي هذا الجزء المعطل الأقليات ميزة تفاوضية، لا حق فرض مادة بعينها، تمكنهم من منع إقرار المواد التي تكون من الاجحاف بحيث تجمع كلها على ضررها، على اختلاف فرقها: أقباط، ليبراليين، نوبيين، نقابيين، يسار، قومين عرب، الخ. وأي مادة تجمع كل هذه الطوائف على رفضها ستكون بالضرورة ضارة بالصالح العام، حتى وإن بدت في ظاهرها مفيدة للأغلبية. لكن الإخوان، عفوا "البرلمان،" اخترع معنى للتوافق مبني على أغلبية بسيطة (٥٠% + ١)، في لجنة سرية يتحكم الإخوان والسلفيون في ما يزيد عن ثلثيها. وهذا يعني أن إجماع كل الأقليات لا يهم، لاستطاعة الإخوان والسلفيين أن يقروا ما يريدون دون استشارة أحدا من خارجهم. وعليه، فأي رضوخ منهم للأقليات السياسية عند إقرار أي مادة سيخرج كمنة إخوانية على الأقليات، لا كحق من حقوق هذه الفرق. هذا ما يدفعنا للتساؤل: لماذا عينوا أقليات لا دور لها أصلا؟

يظن البعض أن هذه المسخرة نتجت عن تفسير إخواني انتهازي لتعديلات البشري، لكن سبب هذه المسخرة هو في رأيي فساد ضحالة البشري نفسها، التي لم تتطرق إلى نسب إقرار أو طرق ادارة أو تنظيم لعلاقة الجمعية بالبرلمان--على الرغم من أنها المكان المعني بتحديد هذه التفاصيل، إما بالنص أو بالاشارة إلى المبادئ ذات الصلة. إن فيلم "اسماعيل ياسين في الجمعية التأسيسية" الذي لازلنا نشاهد فصوله، حتى بعد الحكم ببطلان تشكيل الجمعية، لم ينتج عن تفسير مغرض للإخوان لأن من البديهي أن يسعى أي فصيل إلى تغليب مصلحته. هو نتيجة طبيعية جدا لتعديلات بنيت على افتراضات كوميدية عن طبيعة الصراع السياسي في مصر. وهي فاشلة ليس فقط على المستوى السياسي الذي يلاحظه الجميع، وإنما على المستوى الحرفي أيضا. فبكل تأكيد يمكن تصور ترتيبات أكثر حرفية تحقق نفس الغرض السياسي دون أن تتسبب في هذه المسخرة--بمعنى آخر، إنها ساقطة من الناحية الفنية قبل أن تكون ساقطة سياسيا. ويكفي للتدليل على سقوطها الفني والسياسي معا أنها استخدمت لشطب خيرت الشاطر على أساس أنه لم يحصل على عفو من النظام في الوقت المناسب بسبب ارتكابة جريمة الآنتماء إلى جماعة محظورة وتمويلها (وذلك بعد ثورة!). 

انتقالية العسكر تتقاطع مع انتقالية البشري

لا يوجد شك أن معضلتنا الدستورية هي نتيجة منطقية لتعديلات البشري. وأظن أن البشري فشل لسببين، أولهما عدم اتصاله بالواقع السياسي وانعدام صلاته بالمجموعات السياسية من خارج التيار الإسلامي المهيمن. وتؤكد تصريحاته وكتابته على أنه غير ملم بالخريطة السياسية والمشكلات التي تواجه جماعاتها، وربما ورطه ذلك في بناء تعديلاته على تصور غير واقعي عن سمو التيار الذي يثق فيه، فتجاهل أنه مثل كل التيارات سيغلب مصلحته على الكل إن استطاع. وبهذه الطريقة خرجت تعديلاته مفرطة في رومانسيتها فترجمها الواقع إلى فيلم اسماعيل ياسين الذي عرضته أعلاه. وأوقع هذا النهج صاحبه في خطايا سياسية تعارضت مع تاريخه بشكل مؤسف، إلى درجة أن تخرج علينا جريدة الشروق بخبر يقول أنه عكف على تنقيح دستور الإخوان قبل أن تتقدم به، ما يعني قبوله بالمساهمة في توجه يسعى إلى فرض دستور جاهز على الكل. وبهذه الطريقة ورطه فيلم اسماعيل ياسين الذي كتبه بنفسه في أن يشارك في فرض دستور معد سلفا، تقره جمعية إقصائية سرية، يتحكم فيها فصيله المخلص.

أما خطأوه الثاني فهو أنه تعامل مع الثورة كأنها هبة اصلاحية عندما قبل أن يعدل الدستور تحت حكم النظام السابق، طبقا إلى شروطه، وفي حدود المواد التي كلفه بتعديلها: وهو خطأ أكثر فداحة بمراحل من فيلم اسماعيل ياسين والعصبوية التي صاحبته. والأهم هو أنه يعكس قناعة غير ذكية بأن العسكر سيسلمون السلطة بسهولة. وبهذه الطريقة خرجت تعديلاته من منطلق يتجاهل حدوث ثورة في مصر، فأسس لواقع يستبدل الشرعية الثورية بشرعية مستمدة من النظام القديم. بدأ ذلك كما قلنا بقبوله تأسيس انتقاليته على تعديلات عمر سليمان، وعليه تقاطعت انتقاليته مع انتقالية النظام من اللحظة الأولى، وقدمت نفسها على أنها أقصر الطرق لإنهاء حكم العسكر، لكنها رسخته ووفرت له غطاء شرعي استخدمه بكثافة ضد الحركة الثورية.

ثم تجلى تدريجيا أن المجلس العسكري لن يسمح بالتخلي عن امتيازات المؤسسة العسكرية السياسية والاقتصادية. وخرجت كل أفعاله لتؤكد عدم نيته في تسليم السلطة بشكل حقيقي بقدر ما ينوي إخراج تسليم سلطة جزئي في أفضل الأحوال. وقام من اللحظة الأولى بفرض مواد دستورية على التعديلات المستفتى عليها وأصدرها في إعلانه الدستوري، وبذلك التف على التعديلات من أول يوم. وكان يمكن للمجلس العسكري أن يفرض إعلانه هذا باستفتاء شعبي كان حتما سيقره، لكن بغض النظر عن الاسباب، أكسبه عدم عرض إعلانه للاستفتاء حق اصدار المواد الدستورية دون الرجوع للشعب. واكتسب هذا الحق من اللحظة الأولى، للأسف على خلفية استفتاء شعبي، وها هو يخطط لاصدار بيان دستوري يحدد صلاحيات الرئيس الموقت من تلقاء نفسه.

واحقاقا للحق كانت تعديلات البشري تعني من حيث المبدأ تعديل دستور ١٩٧١، لكن المجلس العسكري ألغى هذا المعنى بإعلانه الدستوري، وهو ما أدى بنا لإنتخاب برلمان والتحضير لانتخاب رئيس جمهورية دون تحديد صلاحيات أيا منهم. وبدأت هذه الحقيقة تنعكس في أداء البرلمان الذي لم ينجز أي شيء طوال الأشهر الثلاث الماضية. لكن تيارا الإخوان والسلف ظللا يربطان الإعلان الدستوري بالتعديلات الدستورية، ويصورانه على أنه رمز الإرادة الشعبية. ثم أتى سكوت البشري نفسه عن نقد هذا الإلتفاف ليؤكد شرعيته. وفي النهاية لم يبالي أحد بتقديم تبرير مقنع لعدم عرض الإعلان الدستوري للاستفتاء، وظلت هذه الأطراف تساند حق المجلس العسكري في اصدار مواد دستورية بالصمت على تجاوزاته، حتى عندما غير صياغة المواد التي تم الاستفتاء عليها دون الرجوع للشعب. وأخيرا بدأ الكل يتحدث عن الكارثة الدستورية التي ستعقب الانتخابات، كل لأهدافه.

في نفس الوقت بدأت ترتيبات تأمين وضع الدستور الجديد تتوالى منذ اللحظة الأولى، فإذا بملف دستورية قانون انتخاب مجلس الشعب ينقل إلى المحكمة الدستورية العليا، وهي محكمة سياسية بامتياز. وحتى لو لم تكن، فإن الحكم بعدم دستورية هذا القانون شبه مؤكد قياسا على الأحكام السابقة ذات الصلة. ثم بدأ القضاء في تأجيل الحكم في الطعونات على صحة عضوية اعضاء البرلمان دون سبب واضح، كما ظهر في حالة الكتاتني نفسه. والحكم ببطلان عضوية الكثير منهم مؤكد نظرا للتجاوزات التي حدثت (مع عدم التشكيك في حتمية فوزهم في الانتخابات إذا تكررت بطريقة أخرى، فشعبيتهم لا تعني عدم الحكم ببطلان فوزهم لأن الفيصل في ذلك هو حدوث تجاوزات تكفي للحكم بالبطلان).

بمعنى آخر، يتم وضع الدستور الآن بواسطة "أغلبية برلمانية" محاصرة بكروت تهديد وابتزاز عديدة وقوية، وعليه تصبح هي أفضل من يضع الدستور لصالح النظام لأنها دون غيرها مهددة من كل جانب (حل البرلمان أصبح لا يهم غيرها الآن، مثلا). وهنا وجب التذكير بأن كروت الابتزاز هذه تلعب على تضارب المصالح المذكور أعلاه، لأنها تأسست على تخيير "الأغلبية البرلمانية" (بترجماتها العديدة) بين مصلحتها الضيقة والتوقيع على الدستور المطلوب. وبهذا تقدمت الانتقالية منذ لحظتها الأولى على النحو التالي: فصيل انتهازي، شأنه في ذلك شأن منافسيه، يرتب كل شيء لمصلحته، فيبتزه النظام الحاكم بتهديد نفس المصالح الضيقة التي أعلاها فوق الكل.وبما أن انتقالية العسكر اتفقت مع انتقالية البشري من اليوم الأول على تجاهل حدوث ثورة في مصر ثورة، أنتجا في النهاية ما يترجم هذا المنطق إلى واقع ساعد النظام على تشكيل الأحداث.  

استنباط شكل الدستور القادم من ممارسات مجلس الشعب

يعاني الطرح بخصوص قيام "البرلمان" (على ترجماته الكثيرة) بوضع الدستور من عوار جوهري أخير يتجلى عندما نحاول استنباط شكل الدستور القادم من ممارسات "البرلمان" الحالي، على أساس أنه الهيئة المعنية بوضع الدستور. وفي هذا السياق وجب التذكير بأن البرلمان الحالي وصلاحياته من خلق الانتقالية نفسها، وعليه فإن مساوئه تضيف بعدا آخر لمساوئ انتقالية التي بنيت على انتخاب برلمان ضعيف وبدون صلاحيات من أجل منع وضع "الدستور أولا."

أولا، يلاحظ أن مجلس الشعب لم يلغي "حالة الطوارئ" حتى الآن، وأكتفى بإعلان المجلس العسكري غير الملزم عن تقيدها في حدود معينة دون اصدار مراسيم تترجم ذلك إلى التزام قانوني. لذلك ظلت قضايا أمن الدولة طوارئ تتوالى منذ تسلم مجلس الشعب سلطة التشريع دون متابعة أو اكتراث. وهذا يعني أن "البرلمان" لم يبالي منذ انعقاده باستمرار حالة الطوارئ على الرغم من أن إنهائها كانت من أول مطالب الثورة. كما إن ذلك لا يتسق مع الجلبة التي صدرت عن الإخوان عندما أعلن المجلس العسكري استمرار حالة الطوارئ في سبتمبر الماضي، أي قبل الانتخابات البرلمانية، وردت عليه الإخوان بأن استمرار العمل بالطوارئ غير دستوري. لكن ما أن انتهت انتخابات البرلمان حتى كفوا عن محاربة الطوارئ. وبنفس الطريقة أقام "البرلمان" حفلا اعلامية كبيرا عندما أعلن عن منع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية (الذي لم يقر بعد)، بعدها أحالت نيابة أمن الدولة ملفات ما يزيد عن سبعين شخصية عامة إلى النيابة العسكرية، ليس بينهم إخواني أو سلفي واحد بالطبع، أعقبها إحالة المتهمين في أحداث شغب بورسعيد إلى النيابة العسكرية.

وعلى نفس المنوال، لم يقم "البرلمان" بأي إجراء حقيقي نحو إلغاء اتفاقية الكويز أو حتى الغاز مع اسرائيل، بل سافر وفد مصري إلى تل أبيب للتفاوض على توسعة نطاق الكويز تحت سمع بصر "البرلمان." كما لم يتخذ أي اجراءات نحو فرض ضريبة واحدة تعيد توزيع الدخل بشكل أكثر عدالة، ولا حتى أعاد النظر في الضريبة الرأسمالية التي فشلت حكومة شرف في فرضها على الرغم من ضآلتها. أضف إلى ذلك عدم إنصاف الشهداء، والسكوت على تبرئة قاتليهم، وسفر مفتي مصر إلى القدس المحتل لأول مرة في التاريخ، وعدم الاكتراث بمأساة المصابين، وعدم التحرك نحو استعادة ثروات الدولة المنهوبة أو تقييد إمتيازات البيزنيس، وهو ما يعني ضرب مفهوم "القصاص" في مقتل--والقائمة تطول. ثم أتت حادثة تهريب المتهمين الأجانب في قضية "التمويل الأجنبي" الشهيرة لتؤكد أن "البرلمان" غير معني أيضا بمناهضة النفوذ الأمريكي، ولا يهتم بمناهضة التبعية للإستعمار. وأثارت القضية بلبلة كبيرة بعد شكر "ماكين" لخيرت الشاطر على دور الإخوان في إطلاق سراح المتهمين الأجانب. وأثبتت نفس القضية أن "البرلمان" لا ينصف استقلال القضاء، فلم يتحرك من أجل تصحيح ما حدث أو العمل على منعه. ولا يهم هنا كثيرا إن أتى هذا الأداء المزري نتيجة عدم إهتمام أو نتيجة عدم وجود صلاحيات للبرلمان، فالمحصلة واحدة نظرا لتأسيس الجمعية التأسيسية على نفس الأسس التي تحكم عمل "البرلمان" (أي، الترتيبات الانتقالية).

وعليه يمكننا أن نستنتج أننا أمام "برلمان" متعدد الأسماء لا يكترث بوقف التبعية للإستعمار، ولا يهتم كثيرا بمنع الاستبداد الذي يتجسد في قانون الطوارئ، ولا يكترث بالعدالة الاجتماعية، وغير معني بإعادة توزيع الدخل واستعادة ثروات الدولة المنهوبة، وغر مقدر لاستقلال القضاء، يرحب بالتبعية لأمريكا، ولا يمانع من توسعة اتفاقيات كالكويز والغاز، ويتجاهل القصاص. لكنه معني وبشدة بتشكيل الحكومة، ويطالب كل القوى أن تسانده في رفع الثقة عن حكومة الجنزوري بعد أن اشترك في إجهاض محاولات الحركة الثورية لإسقاطها في ديسمبر الماضي بالفعل، التي كبدت الحركة الكثير من الخسائر (أنظر تصوير مرشد الإخوان للجنزوري في حينها على انه المخلص). وتخلل هذه الأحداث إلصاق تهم البلطجة والعمالة لأمريكا بالثوار تحت سمع وبصر الجماعة التي شارك إعلامها في هذه الحملة المغرضة.

وإذ فجأة بدأ البرلمان، أي الأغلبية البرلمانية طبقا للترجمات السائدة، أي حزب الحرية والعدالة بالاشتراك مع حزب النور، أي جماعة الإخوان والدعوة السلفية--يتحدث عن ضرورة التوافق على اسقاط حكومة الجنزوري بالتزامن مع تشكيله لجمعية تأسيسية إقصائية، ثم انتفض فجأة لمنع الفلول من الترشح بعد عام من صمته على ترشيح شفيق، ولن أقول موسى، عندما بدى لذلك وجاهة من منطلق الصراع على السلطة، لا من منطلق المبادئ لأن المبادئ لا تظهر فجأة. وعليه لنا أن نستنتج أن الجماعة معنية بالأساس بمشروع سلطة لا يضع أهداف الثورة في أولوياته حاليا، وفي أفضل الأحوال، يؤجلها إلى مرحلة لاحقة.

إذن يلاحظ وجود اتفاق بين طرح واضعي الدستور لفكرة عدم الحاجة إلى تعديل الفصول الأربعة الأولى من الدستور السابق، وتصويرهم لدستور ١٩٢٣ على أنه "سباق،" من جانب، وممارستهم في مجلس الشعب من جانب آخر. ولا يجوز هنا أن تبرر الأغلبية البرلمانية فشل "البرلمان" بهذه الطريقة بتآمر حكومة الجنزوري عليه (وهي ترجمة رثة للمجلس العسكري لها مشكلاتها)، لأن "البرلمان" قادر على إلغاء حالة الطوارئ دون الرجوع إلى، لاموآخذة، الحكومة، وقادر على تصدير المشكلة للمجلس كما فعل في حالة الفلول، لكنه لا يفعل ذلك. 

هكذا ردت زينات صدقي على اسماعيل ياسين

وما أن أخرج الفصيل الأكبر فيلم "اسماعيل ياسين في جمعية الدستور" على النحو السابق حتى رد وجهاء الليبرالية عليه بفيلم أكثر هزلا، تأسس على الاستهزاء بثغرات فيلم الأغلبية، وما أكثرها، لنسف عملية وضع الدستور من أساسها. ووظفوا في ذلك بعض الاطروحات التي عددتها أعلاه، لكنهم لم يستخدموها لنقد طريقة وضع الدستور والدفاع عن حق المعارضة بقدر ما سعوا لتوظيفها في نفي حق الإخوان في الحكم. وهكذا خان وجهاء الليبرالية أحد أهم مبادئ الليبرالية: حق الفائز في أن يحكم. يشهد على ذلك استقوائهم بالعسكر، وتركيز نقدهم لترتيبات الإخوان على الأشكال الإجرائية التي يدعمها العسكر، وقبهم بالفصول الاربعة الأولى من الدستور السابق، وخلو نقدهم من كل ما عرضته بخصوص التبعية، والعدالة الاجتماعية، واستعادة ما نهب من ثروات البلد، والقصاص، وإعادة توزيع الثروة، إلخ، وبهذه الطريقة انصب صراعهم مع الاخوان على تحديد من يحق له الالتفاف على الثورة وكيف يفعل ذلك.

للأسف تمكنت هذه البيئة الرثة بأفلامها الهزلية فأثرت على أكثر من فصيل، ما دفع عددا كبيرا منهم إلى خرق ايديولوجياته بشكل فاضح. فأصبحنا لا نلاحظ أي ليبرالية في سلوك، مثلا، مصطفى النجار، وأختفى الإسلام من سلوكيات وأداء الإخوان والنور، وهكذا...ولم ينجح تيار أبو الفتوح من السقوط في فخ الأفلام الهزلية هو الآخر، إذ انصبت كل حلوله على استخدام انتخابات فاسدة كمدخل إلى خلق تيار إسلامي "وسطي" ينافس الإخوان. ثم تفوق فيلم تيار خالد عليهم: فبعد وصلة من المواعظ الثورية واليسارية عن النضال الشعبي انتهى به الأمر إلى دخول انتخابات فاسدة، بتوكيلات حزبية اشتملت على توكيلات من المصريين الأحرار: أبو الرأسمالية، وتضمنت توكيلات من أعضاء برلمان من الفلول. وكنت أود أن اقول أن الحركة الثورية أفضل حالا، لكنها باتت تعاني من انحدار مستمر لإصرار كل أفرادها على اعتبار أنفسهم قيادات تاريخية. وهكذا شكلوا عدد لا يحصى من الحركات ليمارسوا أدوارهم التاريخية المفترضة ففتتوا الحركة تماما. ووصل الهزل ببعضهم إلى درجة استخدامهم لبعض الاطروحات الفوضوية (أعني المصطلح السياسي لا الأخلاقي طبعا) لتفسير رفضهم للانضمام للمنظمات الموجودة، ثم بنوا على وظفوا نفس الاطروحات في تبرير تأسيس أشكال جديدة يتصورونها بشكل طليعي (من وجهة نظر لينينية)، ولأن الفوضوية تتعارض مع الفكرة الطليعية اللينينة، إنتهوا إلى تسمية أنفسهم بأشياء مثل، "اتحاد المستقلين،" الذي تنفي أول كلمة فيه الكلمة التي تليها بعبط شديد. وهكذا بدت كل الفصائل وكأنها تحاول انتاج فيلمها الخاص بما يتفوق على فيلم اسماعيل ياسين الذي رأيناه فيما سبق.

لذلك يجب ألا نستغرب مما حدث في الفصل الأخير من مسرحية الانتقالية، الذي شهد استدعاء تعديلات البشري لشطب الشاطر (الذي "لم يكن ينتوي الترشح") وأبو اسماعيل. عندها شاهدنا أطراف النزاع يتبادلون الأدوار كما تتبادل زينات صدقي واسماعيل ياسين الأدوار في أفلامهما المشتركة. فإذا بالتيارات التي ساندت هذه التعديلات وفرضتها على الكل تخرج لتلعن أبو التعديلات واللي خلفوها، في حين انبرى من عارضوها في بادئ الأمر يدافعون عن ضرورة التمسك بما ورد في بيان العسكر الدستوري وأقره الشعب في الاستفتاء. وهكذا خرجت علينا زينات لتبرر قبول الليبراليون بشطب الشاطر بسبب عدم إصدار النظام الحاكم الذي ثورنا عليه عفو عنه على خلفية انتمائه لجماعة محظورة والعمل على تمويلها. وهذا يعني أن زينات صدقي تقول بعدم أحقية الشاطر في الترشح لأنه خالف شرعية نظام مبارك ودستوره. في نفس الوقت قام اسماعيل ياسين بتصوير الشاطر على أنه الضحية التي تعاني لكنها عزيمتها واصرارها على مقاومة الطغا تدفعها إلى هندسة دستور يبدأ بدفع كل على الأخرين نحو "عدم الشرعية،" كما قلت من قبل.

ثم إذ فجأة خرج المجلس العسكري، المنتج الرئيسي لكل هذه الافلام، منذ يومين فقط ليعلن عن خطورة انتخاب رئيس جمهورية غير محدد الصلاحيات ليحكم البلد مع برلمان غير محدد الصلاحيات هو الآخر، مكررا بذلك ما ظلت الحركة الثورية تقوله على مدار العام السابق كله في آخر مشاهد مسرحية "الانتقالية" العبثية. ووعد بحل هذه المشكلة إما بتأجيل الانتخابات، أو التعجيل بوضع الدستور والاستفتاء عليه قبل تسليم السلطة (لتتم العمليه كلها في أقل من ستين يوم، يخصص اسبوعان منهم للنقاش المجتمعي حول الدستور، ما يعني وضع الدستور في أقل من خمسة وأربعين يوما)، أو استدعاء جزء من صلاحيات الرئيس من الدستور السابق واعادة توزيعها على سلطات الدولة، أو اصدار اعلان دستوري جديد يحدد صلاحيات الرئيس القادم بشكل انتقالي، أو إصدار اعلان دستوري مكمل للإعلان الدستوري الحال...وهكذا عدنا إلى نقطة الصفر من جديد قبل شهرين من انتخاب رئيس الجمهورية الجديد. علينا إذن أن نترقب أفلام هزلية جديدة تتفوق في عبثها على كل ما شاهدناه حتى الآن، تصاحبها ترجمات جديدة لواقعنا الرث تجعل من الترجمات التي شاهدناها هنا تبدو في منتهى الوقار. ولو ظل الهدف الأساسي للحركة السياسية على ما هو عليه من تجاهل استحقاقات الثورة التي يعرفها الجميع من أجل أن تتصارع على سلطة وهمية لم تتشكل بعد، ستكون بذلك تصر على حل مشكلات مصر بفيلم جديد من أفلام الراحل محمود شكوكو بعد أن تعلمت أن أفلام اسماعيل ياسين ليست واقعية بما يكفي!


Reflections on Egypt's “Odd Politics”

$
0
0

When I left Egypt two weeks before the revolution that ousted former President Hosni Mubarak last year, Egyptians were not allowed to discuss three issues publicly: politics, religion, and sex. However, after spending two weeks in the post-revolutionary Egypt, I realized that these taboos are no more. Apparently, a sense of unfettered freedom is inescapable, albeit in a chaotic pattern.

Apart from sex, which become more politicized as in the case of Samira Ibrahim, one of seven female protesters who were allegedly subjected to a shameful “virginity test” by the military, the depressed Egyptians are significantly overwhelmed by the other two things: politics and religion.

From the taxi driver who drove me from the airport to the mosque imam who ironically advocated repeatedly for apathy and political subservience, all seem now mired in everyday politics, however, with no substance. In many ways, politics today is the same old wine in the old bottles—not even new ones.

Over the past fourteen months, the military has significantly succeeded in exhausting people in nothing but following an elusive and deceptive transition. This tactic has arguably created a self-reinforcing counter-revolution from within the original revolution.

The Supreme Council of Armed Forces (SCAF) has consolidated its grip not only on power but also on people’s minds. It has become the common denominator in public discussion--in houses, buses, cafes, media, and even mosques. And while many are irritated that SCAF turned from a “facilitator” of the transition into a ‘meddler’, they do not dare challenge its power or force it to rein in its unruly political and economic ambitious. “They are worse than their ex-boss,” the building sentry told me. Despite their disenchantment and bitterness, however, many Egyptians believe that forcing SCAF to cede power might entail real risks. Hence this sense of counter-revolution becomes necessary to avoid such allegedly imminent chaos.

“Liberals”—or non-Islamists, to be more precise—have adopted a similar argument. They are not ashamed of endorsing the military, at least tacitly, in the face of the “wild Islamists who are hungry to take over power” as a prominent liberal figure put it. When I countered that liberals have done nothing to the revolution except complaining and criticizing Islamists, he said: “criticizing Islamists is much easier [for us] than challenging them in the streets.” This pattern is certainly another aspect of the self-counter-revolution.

Having researched Islamist movements for a decade, getting in touch with their leaders in the past was a matter of a phone call. Yet this time the task was much more challenging. For instance, it took me a week to get a hold of Egypt’s “new rulers”, the Muslim Brothers. Last year when I was in Cairo, I spent three hours with Essam al-Erian, the prominent leader of the Freedom and Justice Party (FJP) and the current head of foreign relations committee in the parliament’s lower house, in his modest clinic in Talbiyya, less than a mile from the Pyramids. This time around his phone is busy around the clock. In 2007, when Khairat al-Shater, the Brotherhood’s presidential nominee, had been serving a military sentence since 2006, a courier told me that he is eager to follow my writings on the Muslim Brotherhood and the Mubarak regime. This time, his many assistants seemed to be playing “piggy in the middle” to set up an appointment for me to meet with him. More ironically, when I published my book about the Muslim Brotherhood in 2007, Mahdi Akef, then-General Guide of the Brotherhood called me asking for a meeting to discuss some of issues raised in the book. This time his diary was full of appointments.

Clearly, Islamists have unconsciously tumbled in self-deception saga. The upbeat feeling of Islamists’ ascendancy, which prevailed after the parliamentary elections, is significantly fading away. “The lure of power has taken them over,” said Mohamed, a twenty-five year old Islamist activist. “They do not care anymore about people, Islam or even da'wa [spreading the faith], they only focus on seizing power,” he added.

However, power, the mantra with which Islamists have been preoccupied for decades, seems now a mere mirage. What Islamists fail to realize is that the revolution did not lead to a real diffusion of power, but rather reconfigured it at the center. Instead of being dominated by a single political party (National Democratic Party), Egyptian politics now is under the control of the military. Not surprisingly therefore, Islamists still behave as an opposition, albeit with different flavor, not as a real wielder of power. SCAF shrewdly granted Islamists a powerless parliament, which has to face growing public resentment. The generals, in other words, purposely diverted the revolutionary rage from the SCAF to the parliamentarians. Islamists in this context dominate parliament, but are at the same time trapped inside it. “The military astutely tired Islamists in a futile game,” a Salafi leader hinted.

The more Islamists expand the scope of their political dominance, moreover, the less they are able maintain their “puritanical” credentials. Islamists are today risk losing their social and religious credibility largely due to the deepening of their engagement in political life. For decades, Islamists have presented themselves as the defenders of Islam and social agents who seek to “Islamize” individuals, society, and the state. Hence their popularity was grounded in their commitment to reviving the Islamic project in Egyptian society. For decades, they employed their struggle to bring this project to life to galvanize masses and garner support. However, their politicization and their preoccupation with political jockeying and short-term gains, however, has diverted them away from their proclaimed goal of Islamic revival, and , as a result, has led to greater discord within their base of support.

Apart from “formal” Islamist politics, new modes of personal religiosity have become apparent in Egyptian society. This development is reflected in the growing demand for religious symbolism in public sphere—beards, mobile religious ringtones, religious vocabulary in daily life–but also in growing commitments to mythological interpretations of political events in such a way that sidelines human agency. The controversy over the candidacy of Salafi figure Hazem Salah Abu-Ismail is a case in point. The majority of his fans and supporters do not accept the claim that his mother has acquired U.S. citizenship. Instead, they blame these allegations on a faceless “American plot,” as a cabdriver told me when we discussed the possibility of disqualifying Abu-Ismail from running in the presidential race. “Abu-Ismail is the only Islamic leader who can stop the west,” he explained. I asked him whom he would vote for if Abu-Ismail was not able to run “Nobody,” he said. That is where Egypt’s “self-counter-revolution” lies: in people’s self-deception.

[A shorter version of this article was published in The Daily News Egypt]

Egypt Media Roundup (April 23)

$
0
0

[This is a roundup of news articles and other materials circulating on Egypt and reflects a wide variety of opinions. It does not reflect the views of the Egypt Page Editors or of Jadaliyya. You may send your own recommendations for inclusion in each week's roundup to egypt@jadaliyya.com by Sunday night of every week.] 

"Egypt cancels natural gas deal with Israel"
Company responsible for exporting gas to Israel says deal is off due to a business disagreement.

“A bearded Tahrir promises less unity than hoped”                                                                                          
Another Friday protest at Tahrir sees serious divisions between political forces in Egypt.

“The Brothers' Numbers"                                                                                                                               
Steve Negus analyzes the reasons for the declining support for the Muslim Brotherhood.

“On campaign trail, Moussa speaks villagers' language”                                                                               
Egypt Independent’s Heba Afify follows Amr Moussa on his campaign in rural Egypt.

“Presidential hopeful Shafiq faces multiple graft charges”                                                                             
Ahmed Shafiq faces charges of corruption and squandering of public funds.

“Egyptians in fear of a plot … but which one?”                                                                                                 
Egypt is succumbing to instability due to the lack of clear roadmap to democracy.

“Egypt’s transition imbroglio”                                                                                                                             
Nathan Brown reflects on the state of confusion on the Egyptian political scene resulting from inconsistency of the legal frameworks that were set up after Mubarak’s fall.

“Tariq Ramadan: the Muslim Brotherhood currently lacks political substance – video”                              Hassan al-Bannah’s grandson discusses the current challenges facing the Muslim Brotherhood.

“Majors vie with Egypt’s generals over oil”                                                                                               
Alastair Beach investigates the army’s role in the energy sector in Egypt.

“Egypt’s invisible strongman”                                                                                                                             
Farouk Sultan chief justice of Egypt's Supreme Constitutional Court currently holds uncontested power in Egypt.

“Khaled Ali: The Hard Labor of Law”                                                                                                              
Radawan Adam profiles Khaled Ali’s life as an activist, labor rights lawyer and a presidential candidate.

“The Economic Incoherence of “El Bashmohandis”                                                                            “SalamaMoussa” looks into the economic program of almost presidential candidate Khairat Al-Shater and the Muslim Brotherhood.

“Football and politics in Egypt: An explosive mix”                                                                                    
Adel Abdel Ghafar looks into the importance of the Ultras as a pressure group and the need to reform the Egyptian security apparatus.

“Egypt: Campaign Against Compulsory Military Service Gains Momentum”                                       
Ahmed Awadalla follows the new wave of discontent with mandatory military service in Egypt.

“El-Baradei returns"                                                                                                                                            
Among calls from supporters to return to the presidential race, ElBaradei starts a new party.

“Women in the Arab Spring Revolutions: The Egyptian and Yemeni Experience”                                  
Mira Tzoreff comments on the narrative of women’s involvement in the revolution.

“Constitutional Court denies SCAF's request over Disenfranchisement Law”                                            Constitutional Court refuses to issue a ruling on the constitutionality of draft legislation that would prevent Mubarak-era officials from running for office before it becomes law.

“Supporters of disqualified Salafist candidate Abu-Ismail begin Tahrir sit-in”                                              
Abu-Ismail supporters stage a sit-in claiming that the Supreme Presidential Electoral Commission has disqualified him on false grounds.

 

In Arabic:

                                                                                                                                 “كيف يوقف الإسلاميون نزيف الخسائر؟"
Emad Ed-Din Hussein is discussing the political fallout resulting from the actions of the Muslim Brotherhood.

                                                   “صباحي: سأقطع الغاز عن إسرائيل وافتح الحدود مع غزه ولن تجروء تل أبيب على خوض حربا مع مصر”  Presidential candidate Hamdeen Sabahy promises to cut off gas to Israel and open the border with Gaza.

                                                   “دعوى تكشف: تخصيص آلاف الأمتار لـ طنطاوي وشفيق وسليمان وحسين سالم وأبنائهم بالمخالفة للقانون”
Two lawyers bring up a case against decisions of the previous government to grant state land to regime officials, including Field Marshal Tantawi.

                                                                                                                                “نص استقالة عصام سلطان من البرلمان”
The full text of MP Essam Sultan’s official resignation from the Parliament on the occasion of SCAF’s reluctance to pass the Disenfranchisement Law.

                                                                                                                                                            “الدولة العميقة”
Amr Al-Shawiki reflects on lessons for Egypt from the Turkish experience with the “deep state”.

                                                                              “كلاكيت تانى مرة.. مرشح الإخوان للرئاسة يدشن حملته بشعار «الإسلام هو الحل»” Mohamed Morsi launches his presidential campaign, claiming he is the only Islamist candidate.

 

Recent Jadaliyya articles on Egypt:

Visualizing Revolution: The Politics of Paint in Tahrir

The Art of Narrating the Egyptian Revolution: An Interview with Alaa Awad

Paradoxes of "Religious Freedom" in Egypt

عن ساحاتنا ومآلاتها

جنرالات مصر ورأس المال العابر للحدود

خطيئة الدستور (2): والآن تشاهدون فيلم اسماعيل ياسين في تأسيسية الدستور

Arab Studies Journal Announces New Issue and Call for Papers

$
0
0

Jadaliyya’s sister organization, Arab Studies Journal, marks with this Spring 2012 issue the passage of twenty years since the founding of Arab Studies Journal. In 1992, our editors prepared the first issue for publication at Georgetown University’s Center for Contemporary Arab Studies. Eight years later, in 2000, the journal became a fully peer-reviewed publication. By 2002, ASJ was operating its book review section out of New York University. This coming spring in 2013, we will be producing our official anniversary issue, exactly two decades after our first edition appeared. (Visit our website for updates: www.ArabStudiesJournal.org.)

 

This issue features martyrs, angels, a Nazi criminal, and the Islamist thinker behind the Muslim Brotherhood. All four articles take innovative and nuanced approaches to situate aspects of the Middle East in comparative frameworks, covering geographic spaces such as Afghanistan, Egypt, and the Indian Ocean; an international trial; and finally theoretical discussions of what defines the “secular.”

In one of the few scholarly works to theorize transnational Islamist activism, Darryl Li examines how “Afghan Arabs”—Islamist activists drawn to Afghanistan in recent decades—reconciled their pan-Islamist commitments with the experience of doctrinal and cultural difference. Afghan Arabs struggled to understand, evaluate, and respond to these differences in ways that often defied the conventional juxtaposition of Salafi Arabs to Sufi/Hanafi Afghans. Diverse and longstanding discursive traditions in Islam—including debates over miraculous events and visitation of saints’ tombs—provided common terms of reference that Arab activists and their Afghan counterparts invoked to ensure that even contentious disputes could contribute to a shared project. Li’s research illustrates that pan-Islamist projects should not be understood as attempts to erase intra-Muslim differences, but rather as endeavors to process them.           

In a similar vein, Wilson Jacob takes us to the Indian Ocean in his critical reading of the writings of Sayyid Fadl bin ‘Alawi two decades into his exile. Fadl was one of the Ba-‘Alawi Hadhrami sayyids who made the Malabar region of South India their home from the eighteenth century until their exile at the hands of the British in 1852. Against the backdrop of shifting notions of empire during the nineteenth century Ottoman Tanzimat era, Jacob interprets Fadl’s reconceptualization of the notion of sovereignty. An inquiry into Fadl’s “form-of-life,” his article juxtaposes Fadl’s writings on political sovereignty to his works on mysticism, which illuminated a heterogeneous domain of active humans, nonhumans, miracles, and the paranormal. This juxtaposition affords a rare glimpse at an effort to reconcile colonial modernity and a state-centered sovereignty with a prior world of movement in which angels, spirits, and baraka were contiguous with zamorins, rajas, and caliphs.

The next two articles have Egypt as their focal point while each engaging broader debates. Gilbert Achcar’s article examines al-Ahram’s coverage of the 1960–62 capture, trial, and execution of Nazi official Adolf Eichmann. It illustrates the attitudes of writers, political activists, and journalists toward Israel, Zionism, Jews, and Nazism at a particular historical juncture of Gamal Abdel Nasser’s regime. Achcar asks specifically whether hostility to Israel—then Egypt’s main national enemy—transcended nationalist sentiment to become the anti-Semitism and Nazi sympathy that a wide-ranging literature has consistently accused Nasserism of containing. Achcar’s painstaking research reveals a much more complex landscape, in which Egyptian writers condemned Israel’s violations of international law while repudiating both Nazism and Zionism as racist ideologies.

Finally, Mohammad Salama and Rachel Friedman’s article builds on and extends an existing body of work on the secular by investigating the Egyptian Islamist Sayyid Qutb’s interpretation of that notion. The authors pay particular attention to Qutb’s concepts of jahiliyya and hakimiyya in his works Hadha al-Din, al-Mustaqbal li-Hadha al-Din, and Ma‘alim fi al-Tariq. Their article helps to broaden understandings of secularism, not only by studying an influential figure from outside of Europe, but also by finding tenable connections between the definitions of the secular in the so-called Third World and the consequences of colonial modernity. Salama and Friedman’s examination of Qutb’s writings reveals negotiations over the secular in noninstitutional discourses, a point they argue is missing from some of the dominant historiography on the subject.

We are pleased to present this issue’s expansive review section, which covers over twenty notable new titles. Its diverse subjects include the relationship between the Tehran bazaar and “the contingent dynamics of state policy” in Iran; cultural capital in turn-of-the-century Damascus; the “dreamtime of oil” in Bahla, Oman; Palestinian social history; and the central role of the Gulf Arab states in twentieth-century capitalism. Many of the books reviewed focus on the formation of political subjectivity, especially during the interwar period. Through this focus, these works also address, inter alia, gender, ethnic and religious affiliation, class, concepts of modernity, colonial legacies, and changing modes of political activism. Especially timely is John Chalcraft’s review of Joel Beinin and Frédéric Vairel’s edited volume, Social Movements, Mobilization, and Contestation in the Middle East and North Africa, as well as reviews of a selection of recent studies of Egypt, including Samah Selim’s review of Mara Naaman’s Urban Space in Contemporary Egyptian Literature, which examines literary representations of downtown Cairo, with its “sometimes utopian, sometimes brutal and bloody history of dreams, desires, and struggles.”

This issue also features three extended review essays. Reflecting on the “extraordinary resurgence of politics” that 2011 has brought, Aaron Jakes looks at three recent works that “reintroduc[e] politics into the story of the nahda.” Chris Gratien reviews two new monographs in the emerging field of Ottoman environmental history, whose themes and intersection with other fields he charts. This issue closes with Anthony Alessandrini’s guide to two very different approaches to the legacy of Edward Said, both of which “maintain the questioning spirit that marked Said’s unsparing engagement with the antinomic positions that a worldly criticism must find ways to address.”

Finally, we wish to announce that we are developing the relationship between Arab Studies Journal and its sister organization, Jadaliyya. These publications will be collaborating on various projects under the rubric of the common umbrella organization, the Arab Studies Institute (www.ArabStudiesInstitute.org). ASI’s Knowledge Production Project will be the first to bind the two publications together. This project aims to gather, organize, and analyze the past three decades of studies, primarily produced by US-based scholars, on the region. The outcomes of this project will be featured in the near future on the pages of both Arab Studies Journal and Jadaliyya. More details will follow this summer. 

Arab Studies Journal Editors


 

Call for Papers

The Arab Studies Journal is accepting manuscripts and reviews on a rolling basis. Original work in any social science discipline or literature will be considered for publication. The Journal encourages the submission of papers and reviews representing fresh and alternative approaches not sufficiently represented in mainstream scholarship. Inquiries may be sent to editor@ArabStudiesJournal.org.

        


 

O.I.L. Media Roundup (April 23)

$
0
0

[This is a roundup of news articles and other materials circulating on Occupation, Intervention, and Law and reflects a wide variety of opinions. It does not reflect the views of the O.I.L. Page Editors or of Jadaliyya. You may send your own recommendations for inclusion in each biweekly roundup to OIL@jadaliyya.com by Monday night of every other week]

Blogs 

39 Ways to Limit Free Speech”, David Cole
Describes the case of Tarek Mehanna, a 29-year old from Massachusetts recently sentenced to seventeen and a half years in prison for translating an Arabic document titled “39 Ways to Serve and Participate in Jihad”.  Cole criticizes the conviction on First Amendment grounds, asking "is this America?"

Interview: ‘Counterrevolution’ Threatens Mass Hunger Strike by Palestinian Prisoners”, Asa Winstanley
Electronic Intifada interviews Mourad Jadallah, legal researcher with Palestinian human rights group Addameer, on Khader Adnan’s hunger strike, the massive wave of hunger strikes set to begin on Palestinian Prisoners’ Day, and the potential of factional divisions to threaten the unity thereof.   

Hacks of Valor: Why Anonymous is Not a Threat to National Security”, Yochai Benkler
Argues that Anonymous' activities represent “unpleasant pranksterism” and “nasty hooliganism” at their worst, rather than any vast criminal or terrorist collective; advocates a view of Anonymous as a “audacious provacateur” rather than a terrorist mastermind, holding that any organization failing to do so is likely to find itself at the end of Anonymous' unpleasantries.

CIA and the Rule of Law”, Stephen W. Preston
CIA General Counsel's speech at Harvard Law School serves as the latest in a series of public pronouncements by Obama officials on the legal framework that guides the administration's anti-terrorism efforts. Lawfare Blog has the full text of Preston's prepared remarks, which attempted to counter characterizations of the CIA as rogue and outside the law and assert that the CIA is “subject to strict internal and external scrutiny”. Daniel Klaidman, in a response published on Lawfare, derides the speech as “the most secretive” of many Obama Administration officials' attempts to spell out the Administration's legal approach to the War on Terror, but applauds Preston for showing “even a little leg.” Kenneth Anderson similarly commends Preston for “seeking to find ways to address” issues of legality and transparency. Deborah Pearlstein criticizes Preston's approach to the CIA's understanding of its domestic authority to use force, and Preston's take on precisely how international law applies to CIA operations.
  

News

Taliban's 'Spring Offensive' Reminds Kabul of Insurgent's Reach”, Emma Graham-Harrison
Taliban insurgents have staged complex, coordinated attacks in Kabul and several other Afghan cities, serving as part of the dawn of a larger spring offensive. While the death tolls of each attack were low, the audacity of the attacks, including simultaneous strikes in three eastern Afghan cities and sieges of military bases in Kabul, serve a harsh rebuke to claims that the Taliban has lost momentum.

NATO Sees Flaws in Air Campaign Against Qaddafi”, Eric Schmitt
Considers the justification present prior to the Libyan intervention that the United States would play a “secondary, supportive” role to NATO. Analyzes a confidential NATO report concluding that NATO relied heavily on US support in nearly every aspect of the campaign in Libya due to their own shortcomings in supplies, structure, and strategy. One aspect particularly criticized is the notion that nearly all of the bombs and missiles fired on Libya were provided “by default” by the United States.

Sudan Vows to Teach South Sudan ‘a Final Lesson’”, Alsanosi Ahmed, David Lukan, and Robyn Dixon
Tensions between Sudan and South Sudan have reached dangerous heights, less than a year after South Sudan’s independence.  Last week, South Sudan controversially moved toward claiming contested, oil-rich land, provoking condemnation from the African Union and an aerial strike from Sudan.  On April 18th, Sudanese President Omar Hassan al-Bashir made vague threats about “liberating” South Sudan.  The following day, he openly threatened war, vowing to teach South Sudan a lesson “by force”.
 

Academic Journals

ICC Jursidiction in Palestine: Blurring Law and Politics”, Valentina Azarov
Criticizes the ICC's rejection of Palestine's claims to jurisdiction as further politicizing the Court's work and hostile to actors lying out of the Court's reach. Describes several legal and political options available to Palestine in the wake of the ICC decision, among them downlplaying the importance of the decision as merely procedural and submitting accession instruments to the Rome Statute through the United Nations Secretary General.

Do International Courts Require Democratic Jurisdiction?”, Marlies Glasius
Argues that while there is no practical argument for a direct democratic foundation for international criminal courts, there are a number of avenues for identifying “wider social aims” that courts ought to pursue.

Al-Skeini and Al-Jedda in Strasbourg”, Marko Milanovic
Writing for the European Journal of International Law, Milanovic examines the reasoning behind the ECHR's judgments in Al-Skeini v. United Kingdom and Al-Jedda v. United Kingdom, considering also the policy implications of the two rulings.
 

Conference Compendium

"Dialogue Under Occupation VII"; Tuesday, May 8, 2012 to Friday, May 11, 2012; Lebanese-American University; Beirut, Lebanon.  Register here.

"Islamic Law and the State: Doctrine and History"; Wednesday, May 30, 2012 to Friday, June 1, 2012; Ankara, Turkey.  Inquire about registration here.
 

On Jadaliyya 

Video: Palestine & Law Panel on 'The State Question'”, (George Bisharat, Victor Kattan, Noura Erakat, and Ramzi Kassem), Jadaliyya Reports

"No Boycotts Here: Veolia's Booming Business from OPT to KSA", Saleh Al Amer

Debating Palestine: Representation, Resistance, and Liberation” Rabab Abdulhadi

Press Release: Stop Home Demolitions and the Displacement and Disposession of the Arab Bedouin in the Naqab on Land Day 2012”, Adalah

Abdulhadi al-Khawaja Enters 76th Day on Hungerstrike in Bahrain

$
0
0

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Pageantry, Military Myths, and Egypt's “Daddy Complex”

$
0
0

The Egyptian calendar is punctuated by various celebrations associated with military events. The Sixth of October had typically been the most flamboyant of those celebrations. Normally, the population does not actively participate in these festivities. On the streets, the Sixth of October feels like any other day; however, state TV has traditionally aired images of the army, nationalist songs, concerts organized by the ruling party to commemorate the day—and, most spectacularly, live transmission of the armed forces’ own performance in front of an audience of military generals and former President Hosni Mubarak himself.

October 2011 witnessed a slightly toned down and less visible marking of the celebration, considering that the main patron of such extravagant displays of hyper-reality—the deposed president and the leader of the “first airstrike”—was in prison. Some pictures released to the press before the holiday purported to show military training on the Suez Canal reenacting the Egyptian army’s heroic crossing to regain the Sinai Peninsula and end Israeli occupation. The clearly fake photos pushed the boundary between news and parody. However, little was said in the media about the clearly phony images; Egyptians, it seems, had become immune to such deception.

Like any authoritarian establishment, the Mubarak regime dominated the flow of information such that it was able to construct an alternative reality by perpetuating certain images and narratives about the nation and the ruling regime. With respect to the Sixth of October, the regime constantly attempted to spread partial truths about the events surrounding the war rather than completely rewrite its history. Indeed, the 1973 War featured some heroic acts such as Egyptians’ crossing the Suez Canal, but the net outcome of these events was a military stalemate, which eventually led to a diplomatic resolution, rather than a sweeping Egyptian military victory, as the regime’s narrative suggests. Objectively speaking, Egyptians lost a lot more in terms of casualties and in military equipment. But it was upon this event that the regime had built its own legitimacy, and thus stating the obvious facts about this historical episode was not an option. In 1973, Anwar al-Sadat, says the official narrative, became “Egypt’s savior” five years after the country had suffered a spectacular defeat at Israel’s hands in 1967 under President Gamal Abdel Nasser. After 1981, former Air Force Chief and then-President Hosni Mubarak became the central figure in the regime’s narrative of the 1973 War, and thus his role in the alleged “victory” was subsequently inflated—at least up until his ousting in 2011.


[Statue at the National Military Museum in Saladin Citadel, Cairo. Sign reads “The best soldiers on earth”. Image by Mohamed Elshahed]

The regime has a long record of manipulating historical narratives through the perpetuation of partial truths and forging images. The most notorious recent example entailed a doctored image showing then-President Mubarak walking in front of the American, Israeli, Jordanian and Palestinian heads-of-state at a peace summit convened in the White House on 1 September 2010. In reality, Mubarak was trailing the group. The editor of Al-Ahram, the state owned newspaper responsible for publishing this doctored photo, defended this overt deception as an attempt to highlight the “prominent stance of President Mubarak in the Palestinian issue, his unique role in leading it before Washington or any other.” For Mubarak, the past was and the present is whatever he and his airbrush artists wanted to make it, or in other words, a lie. 

Mubarak’s architectural and visual legacy is a diluted and flimsy version of the work of dictators from a previous generation, when art and architecture were tools for social engineering. Mubarak’s regime relied on flat propaganda, a saturation of seemingly benign images of and songs about the president. Marble plaques bearing his name were placed on every official building, police stations, bus stations, museums, historic monuments, and even hotels are graced with Mubarak’s name, following an identical trend: “in the era of Mubarak…[such and such building] was erected/opened/restored.” Such buildings did not have to evoke greatness nor reflect a particular ideology in their form or aesthetic. The mere presence of the president’s name was enough to saturate daily life with the ever-present father, regardless of how miserable life was for the ordinary observers of these images. The omni-presence of an ageless Mubarak, often sporting designer sunglasses, created a cohesive reality in an otherwise disjointed urban setting. No matter where you stood, in the street, in the post office, or at work, you were in Mubarak country, in the reality he created.

[Marble plaque at Police National Museum documenting the presence of then-President Hosni Mubarak at the opening ceremony of the museum on 25 January 1986. Image by Mohamed Elshahed]

Mubarak had stiff competition in the tiny pantheon of Egyptian presidents. He was only third after Sadat and Nasser (Mohamed Naguib, Egypt’s first president, had been written out of history and his two-year rule never left behind an enduring mark). Nasser, however, with his charisma and skillful oration, his ability to reach out to the masses who embraced him—at least most of the time—has been a difficult act to follow. Sadat, although less charismatic, capitalized on the anti-Nasser sentiment built up following the 1967 defeat and presented himself as a wiser and a more prudent leader. Sadat too lived in an alternative reality created by his own will, but he strayed away from the kinds of populist displays as presidential father of the nation à la Nasser. For Mubarak, known to have been a lame duck, and an “accidental president,” the challenge to portray himself as father of the nation was not easy, but it was necessary. By the final decade of his rule, Mubarak was increasingly synonymous with Egypt, an embodiment of a nation. To be anti-Mubarak was to be anti-Egypt.

While Mubarak ruled by legal engineering, murdering and imprisoning members of the opposition, and selectively applying the law to target defectors from his circle of allies, in the public sphere he displayed a different image, pretending to be a loving father. Eventually, everyone around him became an actor in this theatrical play. The public too pretended to look up to the father figure barely smiling in billboard-sized portraits. Every politician, every businessman, and anyone else aspiring to move up the power ladder often extended lip service to Mubarak and congratulated him on his non-existent achievements. It was all theater, but it was so prevalent that it created a hyper-reality, in which everyone from the president to the populace seemed willing to play his or her assigned part. 


[A Mubarak billboard at the entrance of Marsa Matrouh.  Image by brumd/Flickr.]

Mubarak’s propaganda was aimed at evoking the image of egalitarianism, presenting the president as a humble man of the people. His predecessors followed a similar approach. Sadat, for instance, was famously photographed shaving in his undershirt. Mubarak’s egalitarianism, however, was so far-fetched and unconvincing that it eventually turned into much more than just a simple lie. It became a fully conducted operatic performance with music, photography, and sometimes architecture, all relying on hyper-kitsch aiming to be accessible to the masses. It had to be visually accessible due to the prevalence of illiteracy in Egypt—one of the main factors on which Mubarak relied for the survival of his regime. Mubarak’s seeming egalitarianism, however, was far removed from reality, because he, and the ruling military class around him, exemplified longstanding colonial bourgeois values and were deeply entrenched in corrupt business networks. The so-called people’s president—who had in his reign acquired and created more official “palaces” than any of Egypt’s modern era rulers—was trying to seem in tune with a population of which sixty percent lives in informal unplanned areas.

Mubarak’s state-sponsored lies were manifested in painting and sculpture. The Abdeen Presidential Palace Museum displays gifts that were presented to successive Egyptian rulers over the course of the past two centuries. Among the displayed items is a painting that delivers a direct and unambiguous message that Mubarak is the best Egypt can offer and is the country’s savior. The painting portrays Mubarak standing among factories, workers, and agricultural laborers, with military jets overhead of course. Such images are not unusual in dictatorships. They bring to mind similar visual celebrations of Stalin or Egypt’s own Nasser. However, while such a medium had certain potency in 1930s Soviet Union or in 1960s Egypt (albeit to a lesser degree), such a painting of Mubarak done in the 1990s is rendered embarrassingly anachronistic by its visual language, message, and historical context.

[Mubarak painting in the Abdeen presidential palace.  Image by Mohamed Elshaded.] 

Outside the National Military Museum in Cairo’s Saladin Citadel, a similar image is manifest as a massive twenty-meter long metal relief sculpture. Again, the president is displayed overlooking the production of his subjects working gleefully. Such an image is not only a lie, but it also speaks to the gap between the regime’s self-image and reality. Workers and farmers, who are presented in a happy light by the sculpture, have in fact suffered the most during Mubarak’s tyrannical three-decade reign. These images, moreover, lack a clear sense of time. The observer is left wondering, is this Mubarak’s view of his past achievements, or is this his naïve vision for the future? The images certainly are disconnected from the present.

[Metal relief sculpture in Saladin Citadel, Cairo.  Image by Mohamed Elshahed.]

The military jets overhead are a consistent motif meant to signify the president’s role in the army. Mubarak practiced absolute power for much of his thirty-year rule with the claim that it was his air strikes against Israeli forces that brought victory to the Egyptians in the 1973 War.

Reality is significantly altered, or completely airbrushed, not only in art, but also in history. History books carefully narrate the president’s role in planning and achieving “victory” in October 1973. The war and the regime’s narrative are memorialized in the Military Museum with large paintings and even a full-size sculpture showing Mubarak and Sadat among other generals standing over a table with a map. The sculpture is based on a photograph, which does not include Mubarak. A doctored version of this same photograph shows Mubarak as a mastermind standing with Sadat—only the two of them. This multiplicity of images, all purporting to document the same moment in history, is perhaps an indication that the moment represented never happened in reality.

 


[The commandership of the 1973 October War. To the right of President Anwar Sadat is War Minister General Ahmed Ismail and to his left General Saad El-Din El-Shazaaly. Former President Hosni Mubarak is not visible. Image courtesy of Zeinab Mohamed.] 

The 1973 war is also memorialized in its own “North Korean-style” propaganda that is the October 1973 War Panorama, a military museum commemorating Egypt’s “victory”. The museum provides a vividly clear insight into Mubarak’s alternative reality and airbrushed history. School children are often taken on fieldtrips to the museum in order to passively listen to the state’s official narrative of the war. The battles are illustrated with a panoramic diorama, complete with realist details, in an attempt to convince young minds that their real father is Mubarak, the man who delivered to Egyptians the 1973 victory. School children were inculcated with the notion that no matter how old they become, Mubarak will always be the father. In the military he was referred to as father. And after his supposed fall from power, a group was formed in his defense, not surprisingly called ”Mubarak’s children.”


[1973 October War Panorama.  Image by Daniel Mayer.]

[Poster from October 1973 War with a young Hosni Mubarak at the October War Panorama. Image by David Lisbona.] 

The last military show of infantilism on the occasion of the Sixth of October was in 2010. As always, the production was aired live on state TV. Television was the only place to witness the spectacle, since Mubarak, being extremely paranoid about his own security, would never hold such a celebration in the presence of a large public audience, as did Hitler, Stalin or Kim Jong-iI. It is unsurprising, therefore, that such performances were highly insular and secured. After all, Mubarak’s predecessor Sadat was assassinated during a military celebration of the Sixth of October War in 1981. While the 2010 performance was aired on television, most Egyptians were still sleeping or watching another channel. The spectacle was further evidence that the ruler lived in a parallel universe completely disconnected from those he ruled.

The performance featured military men in uniform dancing and jumping around a small stage at the foot of the stands. The word “Egypt” appears to the right and the word “Mubarak” to the left of the stage. Other prancing dancers are dressed in kitschy costumes supposedly representing the populace, such as women in satin dresses blending together references to fellahin women and 1920s urban women who may have lived in one of Naguib Mahfouz’s novels. The dancers in actuality represent a reductive representation of an already reductive representation of folkloric characters from outdated 1960s nationalist myths. Time and place cease to exist: where is that supposedly folkloric Egyptian woman from and to what time period does she belong? Men in similarly ambiguous and invented costumes surround the women. It is unclear if the military uniforms dancing on stage are actual military men or actors portraying military men. The performance begs the question: Do Egyptians actually have a military, or merely the image of one?

In all these celebrations Field Marshal Mohamed Hussein Tantawi, who is today Egypt’s de facto president, was seated to the left of Mubarak. Tantawi, now single-handedly running Egypt, is a lame duck who came to power by accident, just like Mubarak. Tantawi is part of the Mubarak bubble, or the alternative reality that the deposed president and his regime were able to construct as a result of absolute power. While Mubarak and his men are, according to official statements, in prison, many believe that they comfortably living in a luxurious facility inside “Tora prison” or in the case of Mubarak himself, at a five-star hospital—all under the auspices of Tantawi and the ruling military council. It is perhaps more believable that the prison story is only farce, a continuation of the fabricated reality constantly projected to the public for decades.

Since assuming power over a year ago, Tantawi’s responses to crisis after crisis demonstrated nothing but the continuation of Mubarak’s political theater. For instance, in response to the 1 February massacre at a Port Said football match where seventy-three fans were killed, Tantawi proclaimed, “these things can happen in any country…we will pay the families of victims.” As for the victims of army and police violence over the past year, Tantawi offered medals. And to mark the first anniversary of the still unfinished revolution, which aims to undo the military’s grip on Egypt, which his leadership represents, Tantawi offered to hold a competition for constructing the best monument in Tahrir Square. In marking the Sixth of October in 2011, a massive telecommunication tower was erected, costing twenty million Egyptian pounds, only to place an Egyptian flag at its peak. At the flag raising event, army General Mohsen al- Fangary, famous for his paternal finger waving, reminded Egyptians that the “great Revolution of 2011” would not have been possible without the epic victory of 1973. His comments evoked the cynicism and performance that marked the Mubarak era. Hundreds of lives lost, thousands injured, and many more missing or forever affected by regime-sponsored brutality, and all this is supposed to be commemorated by a hollow monument and a meaningless iron tower with a flag at its top.

Beyond celebrations of fictive victories, events that purport to be real, such as the Mubarak trial, are also the result of careful orchestration of images, bits of information and state-constructed narratives. Images of bedridden Mubarak were aired on state television repeatedly in the early days of the trial: Mubarak wheeled out of an ambulance, Mubarak wheeled into an ambulance, or Mubarak in hospital bed in the iron cage of justice. These were images were poised to convey one simple message to the public: you won. Just as Mubarak was “removed” to preserve the regime and its interests, images of a helpless Mubarak were necessary to give the appearance that justice is taking its course and also to build sympathy for the “poor old man.” The theatrical nature of the trial was hardly discussed in the media as everyone seemed content to believe it was actually happening.

[Billboard at military museum reads: "The army and the people are one hand united.  Image by Mohamed Elshaded.]

 

 

The regime’s continued manipulation of images and reality was most recently reflected in a poster that has been featured throughout the streets of Cairo showing of a man in uniform carrying a giant toddler. The poster started appearing first on armored vehicles, such as those protecting the U.S. Embassy, and later on billboards across the city. The text on the image is quite revealing: “al-gaish wal sha‘b yad waheda,” or the army and the people are one hand united. The text and the image together suggest that “the army” is visually represented as the man in uniform, while “the people” are inevitably the giant toddler. While paying homage to classic paternalistic images used by authoritarian military regimes as the protectors of the very people they oppress, the poster’s creators have recycled the oldest of colonial modes of representation: the colonized as child. Until the next president assumes office—presumably with the blessing of the SCAF—Egyptians are reminded that they are still children in the care of the Unknown Soldier until their “father” president returns. The poster further suggests the army generals in charge are not willing to do away with the authority they granted themselves to single handedly determine the destiny of Egyptians. Fortunately, the critical eye is capable of viewing images in ways that subvert its creator’s message. For this pedestrian the latest poster shows an army impostor kidnapping a toddler, in which case SCAF generals are represented by the man in uniform and the toddler represents Egypt's young revolution.

Arabian Peninsula Media Roundup (April 24)

$
0
0

[This is a roundup of news articles and other materials circulating on the Arabian Peninsula and reflects a wide variety of opinions. It does not reflect the views of the Arabian Peninsula Page Editors or of Jadaliyya. You may send your own recommendations for inclusion in each week's roundup to ap@jadaliyya.com by Monday night of every week.]

"Leading Bahrain Activist Zainab al-Khawaja Detained," for the seventh day after allegedly insulting Bahraini police at an anti-Formula One protest.

"Bahrain court delays ruling in activists case," a media report on the decision of Bahrain's highest appeals court to postpone a decision in the case of 21 activists, and on the deteriorating situation of Abdulhadi al-Khawaja whose huger strike enters its 75 days.

"Bahrian's 'days of rage'," a media report on the Formula One and politics in Bahrain, on Al-Jazeera English.

"Why Arab women still 'have no voice'," an interview with Qatari author Amal al-Malki on the Arab uprisings and women, on Al-Jazeera English.

"Youth shun 'ineffective' literary club, go online," an article on formation of an online cultural community by young people in Saudi Arabia, by Laura Bashraheel in The Saudi Gazette.
 
"Where Are Saudi's (Real) Literary Salons?," a response to the article by Laura Bahsraheel (above) in WordPress.

"Leading article: No credit to Bahrain or Formula One," the leading article of The Independent on why The Formula One Grand Prix should not be held in Bahrain.

"This is politics no sport. If drivers can't see that, they are the pits," an article on The Formula One Grand Prix, by Robert Fisk in The Independent.

"'Protester killed' during Bahrain clashes," a news report on the protests in Bahrain on the eve of The Formula One Grand Prix, on Al-Jazeera English.

"Protests, clashes, death cast pall over Bahrain Grand Prix," a news story on the protests in Bahrain, by Alan Baldwin on Reuters.

"£490m Ancient Rome theme park ... in Rome," an article on a theme park on the outskirts of Rome, funded by the Emir of Qatar, Sheikh Hamad Bin Khalifa al-Thani, by James Bone, in The Times.

"Bahrain's Formula One Gala Not Going as Planned," an article on the ongoing protests in Bahrain on the eve of The Formula One, by Souad Mekhennet in The New York Times.

"David Cameron refused to join Bahrain race calls," an article on the increasing pressure on David Cameron to call for the cancelation of The Grand Prix, by Andrew Woodcock and Paul Keaveny, in The Independent.

"Bahrain Grand Prix: Crown price backs race despite protests," a statement by Bahrain's Crown Prince Salman bin Hamad Al-Khalifa on the decision to hold The Grand Prix.

"Media groups slam Bahrain on Grand Prix reporting curbs," a report on the Bahraini authority's efforts to prevent foreign journalists from reporting on the ongoing protests in the country, in Al-Akhbar English.

"Bahrain: Grand Prix Sponsor Lapped by Competition," an informed article on the bankruptcy of the Bahraini national airline, Gulf Air, a sponsor of The Grand Prix, by Joe Dyke in Al-Akhbar English.

"Bahrain security stepped up for F1 practice runs," a news report on the intensified security in Bahrain ahead of The Formula One, on BBC.

"Ghalioun Emails: Qatari Money and Lost Democracy," an excellent report on Qatari funds transferred to the Syrian National Council, including leaked emails from and by the President of the SNC Burhan Ghalioun, in Al-Akhbar English.

"Yemen: Popular Committees Take Control," an article on the increasing roles of local communities and tribes in maintaining security in Southern Yemen, by Yaser al-Yafei in Al-Akhbar English.

"Bahrain's rulers split over fate of rights activist," analysis on the division among the Bahraini royal family over the fate of Abdulhadi al-Khawaja, who has been on huger strike for more than 60 days, by Patrick Cockburn in The Independent.
 

In Arabic:


Abdulhadi al-Khawaja Enters 77th Day on Hungerstrike in Bahrain

$
0
0

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

New Texts Out Now: Gilbert Achcar, Eichmann in Cairo: The Eichmann Affair in Nasser's Egypt

$
0
0

Gilbert Achcar, “Eichmann in Cairo: The Eichmann Affair in Nasser's Egypt.Arab Studies Journal Vol. XX No. 1 (Spring 2012).

Jadaliyya (J): What made you write this article?

Gilbert Achcar (GA): The story of this article resembles that of my book The Arabs and the Holocaust, of which it can be seen as a sequel. In both cases, the initial impulse of writing was not the evolution of my ongoing research, but a fortuitous circumstance. The prelude to the book was a request made to me a few years ago to write a chapter on the Arab reception of the Holocaust for a multivolume work in Italian. This monumental history of the Nazi genocide of the Jews included a volume on its reception in various parts of the world, to which I was invited to contribute. Readers of the chapter, and later on publishers as well, encouraged me to turn it into a book, which ended up being a thick volume.

If I accepted the idea of carrying on this research, although it took me out of my way, it is because during my work on the chapter, I realized how massive the scale of the distortion of the historical record, and how harmful the misperception of the Arabs’ attitudes that this distortion fostered, are. This is true not only in the West, but also among the Arabs themselves, who, like most postcolonial peoples, are very sensitive to the image reflected back to them by Western mirrors. The vast range of responses to my book, whether positive or negative, proved how necessary and long overdue was the task I set myself. However, my book did not, and could not, exhaust this task, to be sure. It is the most comprehensive contribution to this task to date and settles factually quite a few debates, but it must certainly be complemented, as the “Arab-Israeli war of narratives” is still raging, and will continue for a long time to come.

This led to the second circumstance that prompted me to write the article: because of the book, I was invited to contribute a paper on the Arab reception of the Eichmann trial—the famous trial of the Nazi leader abducted from Argentina by an Israeli commando in 1960, then tried in Israel, and finally executed in 1962. This was for a symposium held in Berlin in May 2011 on the occasion of the trial’s fiftieth anniversary, jointly organized by the United States Holocaust Memorial Museum and the German Foundation Topography of Terror. After the symposium, I developed the paper into the long article that we are discussing.

J: What particular topics, issues, and literatures does it address?

GA: A choice had to be made in order to deal with the issue of the Arab reception of the trial—or to put it more accurately: the Arab receptions, in the plural, since, as I explained at length in my book, the depiction of the Arabs as a monolithic crowd with a single discourse is but a blatant manifestation of the essentialization that lies at the heart of Orientalism in the Saidian sense.

I could not in one single paper describe the range of attitudes that were reflected in the vast constellation of Arab media—nor was I interested in doing so anyway, as it would not be a useful endeavor, in my view. I chose to focus instead on the most powerful Arab ideological current at the time of the trial, which was Nasserism, of course. In the early 1960s, Nasser’s Egypt was setting the tone for the majority of Arabs with regard to Arab national causes, including Palestine. Al-Ahram, Egypt’s and the Arab region’s most important daily newspaper at the time, was seen as the political, ideological, and intellectual mouthpiece of Nasser’s regime. It was indeed not only the foremost reflection of the regime’s political views and attitudes, but also the main producer of these views and attitudes—after the speeches and statements by Nasser himself, needless to say. People wanting to know the position of Nasser’s Egypt on any public issue would read Al-Ahram during those years. My article is therefore a close study of the way Al-Ahram dealt with the Eichmann affair during the years 1960-62, as well as a study of all expressions of opinion on Nazism, Zionism, or the Jews that were published in the daily during the same period.

J: How does this work connect to and/or depart from your previous research and writing?

GA: My archival research on those two years of Al-Ahram illustrated and confirmed remarkably well the assessment of the Nasserist attitude on the Holocaust and related issues that I developed in one chapter of my book. Undertaking this research was very useful and instructive, as it showed how far the real attitude of the leading Arab nationalist regime was from the hostile caricatures depicting Nasserism as akin to Nazism.

The early 1960s were years of left radicalization of the Nasserist regime, with an influx of Marxists in its political institutions, including Al-Ahram’s editorial team. At the same time, the newspaper reflected the heterogeneity of Nasserism, in that it encompassed a variety of ideological sensitivities. A major ethical-political complexity resulted from the fact that the state that was responsible for the 1948 uprooting of the Palestinian people, and that had been a major participant in the 1956 colonial Suez War on Egypt, was a state inhabited by a large proportion of people who had fled to Palestine seeking refuge from Nazism, or who had come to the country as Holocaust survivors. So this problem is a very efficient touchstone for the evaluation of Arab political currents and their ability to make a clear and true distinction between struggle against Zionism and hatred of the Jews.

J: Who do you hope will read this article, and what sort of impact would you like it to have?

GA: The range of potential readers of this article is quite broad. Anyone interested in Nasserism, the history of Egypt and the Arab region in the 1960s, the Arab-Israeli conflict in general, the Palestinian cause, as well as anti-Semitism and Holocaust denial, will find food for thought in this study of the way Al-Ahram covered these topics during those dramatic years. Al-Ahram’s comments on the trial are also of interest for the study of the trial itself.

J: What other projects are you working on now?

GA: I am currently writing a book on the roots and dynamics of the ongoing Arab uprising. It will come out in March 2013, jointly published by University of California Press in the USA and Saqi Books in the UK. After that, I will write a long essay on Marxism and Orientalism for a collection of my own essays on related themes that will also come out next year—hopefully.

Excerpt from Eichmann in Cairo: The Eichmann Affair in Nasser's Egypt

On 12 April, al-Ahram’s report on the first day of the trial started briefly on the front page and continued on the inside pages. It was based on a UPI dispatch and gave a detailed account of Servatius’s arguments disputing the legality of the trial. Much more important was Lutfi al-Khuli’s column on Eichmann in the newspaper’s opinion page (safhat al-ra’y) on the same day.[1] The author was not just an occasional contributor to that page but actually one of its editors. Lutfi al-Khuli was one of Egypt’s most renowned Marxists at the time, a writer known throughout the Arab world. His story must be briefly told here as he played a major role in al-Ahram from that point onward. It is an excellent illustration and indicator of the political-ideological evolution of Nasserism, with the sharp left-wing radicalization it went through from the early 1960s until its defeat at the hands of Israel in 1967.[2]

A lawyer by training and initial profession, Khuli had been an active member of the Egyptian Communist movement and as a result arrested and jailed several times. He left the Communist Party (the Hadeto wing) in 1955 due to his disagreement with its ultra-left denunciation of Nasser and the Non-Aligned Movement. He then organized a group of independent Marxist intellectuals, including former Communists and Trotskyists. Despite his resignation from Hadeto, which he did not make public, he was among the vast number of Communists arrested in 1959 at the peak of the confrontation between Nasser and the Communist movement. Khuli was eventually released at the end of 1960. Heikal knew him well and recognized that he was an independent Marxist, supportive of the left-wing radicalization of the regime. He convinced Nasser to let him recruit Khuli to al-Ahram, along with other Marxist members of his group. In early 1961, Khuli was put in charge of the opinion page; other members of his group (including Michel Kamil) also joined the editorial board.[3]

The title of Lutfi al-Khuli’s column was “Eichmann between Nazism and Zionism.” Published on the first day of the trial, the article noted, “Zionist propaganda is deliberately portraying our condemnation of the law-of-the-jungle method that Israel used in his abduction as a defense of Eichmann.” The article refuted these claims in the traditional logic of Arab Marxist anti-Zionism, including the emphasis on common traits between Zionism and Nazism, thus condemning them both.[4] The Arab peoples, it explained, were waging a revolutionary fight against colonialism and racism, and had never oppressed non-Zionist Jews. It went on to argue that Arabs made a clear distinction between Jews and Zionists. Thus, in Cairo’s al-Azhar district, one could find shops that are run by Jews along with shops run by Christians and Muslims. As anti-colonial and anti-racist revolutionaries:

it is not possible for us to defend Eichmann and Nazism for their hostile and racist attitude toward the Jews, as Israel’s propaganda pretends. Our natural stance is rather to oppose all that Eichmann and Nazism represent in anti-humanist conceptions and tendencies. And it is also natural that we oppose at the same time and by the same logic Ben-Gurion and world Zionism as a movement and aggressive entity.[5]

Nazism and Zionism were both seen as based on aggression and racism. “Eichmann the Nazi is responsible for the murder of millions of Jews in Europe, whereas Ben-Gurion the Zionist is responsible for the murder of thousands of Arabs, Muslims, and Christians, and the displacement of one million of them.” Khuli argued that this difference in scale did not matter as one could not be more than one hundred percent a murderer, as per a purported statement of Arnold Toynbee in a public debate with Israel’s ambassador to Canada. Khuli concluded:

That a murderer should try another murderer, and Zionism prosecute Nazism, looks more like an ironic caricature than an objective trial. The truth is that Israel fears an objective trial of Eichmann because it would have also uncovered Zionism’s crimes in the wake of Nazism’s. One day, sooner or later, Ben-Gurion or other Zionist leaders will stand in humanity’s accused box to be tried objectively for the crimes that Israel committed not only against Arabs but also against Jews who were misled with the slogan of the national home [at the cost of] their stability, security, and interests in various parts of the world.[6]

Notes
[1] Lutfi al-Khuli, “Aykhman, bayn al-naziyya wa’l-sihyuniyya,” al-Ahram, 12 April 1961.
[2] Lutfi al-Khuli’s political and intellectual trajectory is described and assessed in detail in Rami Ginat, Egypt’s Incomplete Revolution: Lutfi al-Khuli and Nasser’s Socialism in the 1960s (London: Frank Cass, 1997), which includes a biographical sketch (49-68).
[3] Ginat, Egypt’s Incomplete Revolution, 51-55.
[4] On Arab Marxist anti-Zionist arguments, see Gilbert Achcar, The Arabs and the Holocaust: The Arab-Israeli War of Narratives (New York: Metropolitan, 2010), 51-63.
[5] Al-Ahram, 12 April 1961.
[6] Ibid.

[Excerpted from Eichmann in Cairo: The Eichmann Affair in Nasser's Egypt” by Gilbert Achcar, by permission of the author; published in Arab Studies Journal Vol. XX No. 1 (Spring 2012). For more information on this issue of the journal, or to subscribe to Arab Studies Journal, please click here.]

Free Salameh Kaileh!

$
0
0

At 2am on Tuesday April 24, the Palestinian-Syrian intellectual and activist Salameh Kaileh was arrested from his home “without explanation,” as his lawyer Anwar Bunni of the Syrian Centre for Legal Studies and Research put it. This is not Salameh Kaileh’s first time in a Syrian prison. He was a guest of the Assad family in its several jails for eight years and eleven days in the 1990s.

Born in 1955 in Birzeit in the West Bank (Palestine), Salameh studied in Baghdad (Iraq) and Damascus (Syria). Salameh emerged out of the University of Baghdad in 1979 with a BA in Political Science, already as one of the brightest Marxist thinkers and as a brave fighter for universal freedom. His reputation would soon span across Syria, in Palestine, around the Arab world and elsewhere. He wrote many books on a variety of themes, on imperialism, on Marxism, on the limitations of the Arab nationalism movement, on globalization, on Zionism, and on the legacy of the scientific method. Some of his books (in Arabic) include Arabs and the National Question (1989), Critique of Mainstream Marxism (1990), Imperialism and the Plunder of the World (1992), Socialism or Barbarism (2001), The problems of Marxism in the Arab World (2003), and The Problem of the Arab Nationalist Movement (2005).

Although Arab Nationalism and the Arab resistance movements have received their fair share of criticism, Salameh’s criticism was always from the left-wing and always constructive – it was toward building a new Left force for a freedom movement that would drink deeply from the powerful heritage of Marxism and Communism. Trenchant critiques of the Arab and Palestinian Left, as well as the Marxist Left itself, kept his allies on their toes; as the revolutionary from Guinea-Bissau Amilcar Cabral said, “tell no lies, claim no easy victories.” This was the touchstone of such an intellectual and political project. Salameh’s main critique of the Arab Left was that it consistently played the role of “following the other,” or hitching its wagon to larger social forces such as Arab Nationalist movements and Ba’athism, which ended up discrediting the Marxist Left when these movements came to power. Their failures, in authoritarianism and repressive regimes and in accommodations with the domestic and international bourgeoisie, tarnished the heritage of the Left.

Salameh sharpened his intimate critique of Arab Nationalism and of Marxism by his simultaneous and unrelenting criticism of Western imperialism, the conservative Arab regimes, and centrally, Zionism.

Salameh went to jail in the 1990s when he renewed his criticism of the suffocation of the Ba’ath regime and its collusion with imperialism. Many have forgotten that in the Gulf War of 1991, the Syrian government participated alongside the Grand Coalition of the West against the Iraqi regime. As a gift for this participation, the West turned a blind eye to another round of reprisals by the Assad regime against its domestic opposition (as well as consolidating Syrian power in Lebanon). Salameh went to prison then.

Since his release in the late 1990s, Salameh has continued to fight for a democratic political opening in Syria and in the Arab world in general. When the first demonstration of the current phase took place on March 15, 2010, Marxists such as Salameh were right there in the thick of the struggles. The Syrian Communist Party has lain at the feet of the Assad regime since the 1960s, and has not represented the currents of genuine Marxist dissent and revolution for several generations. Many Syrian Marxists have sought, therefore, alternative platforms to struggle against the mafia-capitalism promoted by the Assad regime. In February of this year, Salameh laid out the potentiality of this uprising for the Left,

“These communists who have been taking part in the uprising believe that bringing the regime down is the main objective, and have no belief in the possibility of reform. They know that the struggle of the poor classes will continue until the replacement of the regime is made by the workers, farmers, and all the public classes, which suffer from a lack of a political representation. This is because there is no answer to their problems except through getting rid of all the liberal parties, and the collapse of the mafia-capitalist governing class, and the traditional bourgeoisie that work within the regime now and aim to control it. This capitalist mafia brought in the Baath Party and made some achievements when they first got to power, but these achievements were captured and this regime is synonymous with the capitalist mafia now. In order to achieve the goals of the uprising today, there must be a new vision based on a Marxist analysis, and that represents the interests of workers and farmers, which, in turn, can allow a new party to be set-up that would undertake a genuinely transformative programme. It is this possibility which has been opened through the uprising. Marxists therefore, must start forming the workers and farmers party, in order to establish a democratic republic, which reflects the public interest.”

Interestingly Salameh, though unequivocal of his support for the Syrian revolution, has criticized for different reasons both the Syrian National Council (mainly external opposition) as well as the National Coordination Council for Democratic Change (mainly internal opposition) as not truly representing the revolutionary masses. For Salameh, these sections of the Opposition are unified by two things: neither of them trusts the capacity of the people to achieve change, and neither of them believe that the Syrian regime can be toppled by the Syrian people. The National Coordination council’s call for reform and dialogue with the regime to achieve change misses the revolutionary moment and aspirations of the people. By lowering the bar, they lost the support of the masses. On the other hand, the SNC’s call for military intervention also belies a lack of belief in the Syrian people to achieve change. Both of those bodies, Salameh added were composed of members who had lost faith in the capacity for revolutionary change and before the March 15th uprising, had done their best to accommodate to the ‘reality’ of the Syrian regime.

It is because Salameh is an independent voice and is an active presence for the future of Syria that the Assad regime decided to muzzle him in custody. That is the only explanation.

This is our statement on the career of Salameh. There is much to be said, and much more to be written. This is also an invitation for others to join us, to sign this statement of appreciation for his work, and to demand that the mafia capitalist regime of Assad immediately release Salameh.

Let's Talk About Sex

$
0
0

This week Foreign Policy published a “Sex Issue.” They explained their decision to feature a special issue with these words

Foreign Policy's first-ever Sex Issue…is dedicated…to the consideration of how and why sex—in all the various meanings of the word—matters in shaping the world's politics. Why? In Foreign Policy, the magazine and the subject, sex is too often the missing part of the equation—the part that the policymakers and journalists talk about with each other, but not with their audiences.…Women's bodies are the world's battleground, the contested terrain on which politics is played out. We can keep ignoring it. For this one issue, we decided not to.

It is commendable that Foreign Policy highlights the all too common silence about sex and gender politics in its own pages. Hopefully, this is the beginning of a serious and continued engagement, rather than a one off matter. Despite the editors’ good intentions, however, Foreign Policy disturbingly reproduces much of the dominant and sensationalist discourse about sex in the Middle East. The “Sex Issue” leaves much to desired.

To begin with, it is purportedly about how sex shapes the world’s politics. But with the exception of one article that urges US foreign policy makers to understand women as a foreign policy issue and a target of their “smart-power arsenal,” its focus is almost exclusively on Iran, the Arab world, and China. Thus “the world” is reduced for the most part to Arabs, Iranians, and Chinese—not a coincidental conglomeration of the “enemy.” The current war on women in the United States is erased.

The primary focus is Islam and its production and repression of sex and gender politics in the Middle East. In discussing the role of fatwas in the regulation of sexual practices, Karim Sadjadpour parades a tone of incredulity. Leaving aside his dismissal of the centuries old tradition of practicing Muslims asking and receiving advice on sexual and gender practices, the article assumes an unspoken consensus with its readers: the idea of a mullah writing about sex is amusing if a little perverted.

Then there is the visual. A naked and beautiful woman’s flawless body unfolds a niqab of black paint. She stares at us afraid and alluring. We are invited to sexualize and rescue her at once. The images reproduce what Gayatri Spivak critiqued as the masculine and imperial urge to save sexualized (and racialized) others. The photo spread is reminiscent of Theo van Gogh's film Submission, based on Ayyan Hirsli Ali’s writings, in which a woman with verses of the Quran painted on her naked body and wearing a transparent chador writhes around a dimly lit room. Foreign Policy’s “Sex Issue” montage is inspired by the same logic that fuels Submission: we selectively highlight the plight of women in Islam using the naked female body as currency. The female body is to be consumed, not covered!

For those of us now long familiar with the depictions of the Arab/Muslim woman as repressed but uncontrollable sex object, these images only reify the fascination with the hidden underside of that liberated, secularized self. This week, they also echoed two other media events, which paraded European repulsion from and fascination with the Muslim other. One was the Breivik trial, in which the ultra-right wing crusader against multiculturalism cited al-Qaeda almost daily as a source of tactical inspiration in his war against Islam. As Roqaya Chamseddine argues, the other image Foreign Policy called to our imaginations was that other spectacle of desire and repulsion at the Museum of Modern Art in Stockholm. There, artist Makode Linde howled in black face and feigned pain as the Swedish minister of culture sliced through his cake-body designed like a “native” African woman. Then she fed it to him.

The painted on niqab introduces, adorns, and interrupts Mona El Tahawy’s feature article: “Why Do They Hate Us: The Real War on Women is in the Middle East.” The title is an adaption of the Fareed Zakaria article that exposed the “real” reasons behind September 11. In a moment when many of us have been relieved to move past binaries, El Tahawy has chosen to revive them.

That choice has inspired a deluge of tweets, blogs, articles, letters, and comments that have applauded her courage or attacked what many have called a reductive and simplistic analysis that flattens women’s lives, histories, and choices. The image of “Tahrir woman” who wore a blue bra that fateful day when Egyptian forces dragged, stripped, and beat her is the backdrop for El Tahawy’s argument: men in the Arab world, and especially Islamists, who she repeatedly locates in the seventh century, hate women.

We would suggest, as many have, that oppression is about men and women. The fate of women in the Arab world cannot be extracted from the fate of men in the Arab world, and vice versa. El Tahawy's article conjures an elaborate battle of the sexes where men and women are on opposing teams, rather than understanding that together men and women must fight patriarchal systems in addition to exploitative practices of capitalism, authoritarianism, colonialism, liberalism, religion, and/or secularism.

Indeed, Mubarak’s authoritarian regime did not use the woman’s body alone as a site of its policies of repression and torture. El Tahawy cites Bouazizi several times as the spark of revolution in the Arab world. But she forgets Khalid Said, whose face—tortured and mangled beyond recognition—became an icon of the revolution. El Tahawy overlooks this shared experience of the body as a site of humiliation and pain. She does not see what Ahdaf Soueif powerfully explained: “As the tortured face of Khaled Said broke any credibility the ministry of the interior might have had, so the young woman in the blue jeans has destroyed the military’s reputation.” Indeed, the hatred of the people, women and men, has been a, if not the, unifying characteristic of colonial, neo-colonial, and authoritarian rulers in the Middle East and beyond.

In her sloppy indictment of Arabs, Muslims, authoritarian rulers, and Islamists, El Tahawy has papered over some messy issues that complicate her underlying message: liberalism is the solution. Why is female genital mutilation practiced widely in Egypt? Because men hate women. Why can't women drive in Saudi Arabia? Because men hate women. Why are men and women against raising the age of consent in Yemen? Because men hate women. Hatred is a one size fits all answer. The use of hatred in this way is important. Hatred is irrational. It is a state or emotion. As Wendy Brown reminds us, such emotional or affective states are understood to be outside of, or unwelcome in, liberalism.

Of course, female genital mutilation and ages of consent are topics that require our careful attention. In the case of former, the reality is that women are often those that insist on the practice because of ways that gender and political economy regimes together make it a necessary rite of womanhood. In fact, critical thinkers have long argued that this practice has more to do with the lack of economic opportunity for women, the imperative to marry, and the hardening and modernization of tradition in response to colonial and neocolonial interventions (including rights frameworks) than some irrational and razor crazed “hatred.” The same insight could be extended to the question of ages of consent. A reductive framework of hatred makes these topics even more difficult to critically think about and work on.

Many writers and activists have called El Tahawy to account for erasing women’s histories. For Arabs, like all peoples, have histories that one must engage, as Lila Abu-Lughod reminds us, in order to understand the “forms of lives we find around the world.” Critics have pointed to the long history of the Egyptian women’s movement and that formative moment in 1923 when Huda Sha‘rawi took off her face veil at the Ramses train station. This is a useful point to revisit, if only to reflect on why the liberalism that Sha‘rawi and her cohorts fought for—men and women—drastically and resoundingly failed. One reason, and there are many, was that liberalism resonated with only a small elite. As Hanan Kholoussy points out, women under domestic confinement who like Sha‘rawi were expected to don the face veil made up only two percent of Egypt’s five million females at the end of the nineteenth century.

One would have to also critically and historically engage how women’s movements have been implicated in the policies and longevity of authoritarianism. After all, the two countries where women enjoyed the broadest scope of personal status law were Tunisia and Egypt, before the recent revolutions. Indeed, of all the countries of the Arab world, it was only in Tunisia and Egypt that a woman could pass her citizenship on to her children if she was married to a foreigner. (In Egypt there was a small qualification for women married to that other other, the Palestinian; post-revolutionary Egypt has, at least in law if not in practice, done away with this exception).

How can we account for these legal achievements under authoritarian regimes? We could turn to the source of El Tahawy’s inspiration: Fareed Zakaria’s “Why They Hate Us: The Politics of Rage.” There, Zakaria’s muddled logic counsels: “we have to help moderate Arab states, but on the condition that they embrace moderation.” As Mahmood Mamdani and Lila Abu-Lughod often write, moderate Islam has often been produced on the wings of women's and minority rights.

We can also look to the experiences of feminists and women’s activists. Rema Hammami and Eileen Kuttab have shown that in the Palestinian context, the women’s movement lacked a coherent strategy linking gender equality to democracy. The women’s movement thus appeared to be sponsored by the Palestinian Authority; its fate became dependent on that of the political system. In 1999, Hammami and Kuttab warned:

Examples are myriad—eastern Europe and the former Soviet Union saw massive attacks on women’s rights issues after the fall of communist regimes because they came to be associated with other undemocratic and unpopular regime policies. Turkey, Algeria, Egypt are situations where you have small women’s movements whose popular legitimacy is lost because over time they have been seen as linked to or sponsored by authoritarian secular regimes.1

Is it liberalism then that will fight off the misogyny of authoritarianism? Is the much-feared Islamist summer the real enemy here? And if so, how do we explain that it is women just as much as men, as Shadi Hamid has noted, who have gone to the ballot box and voted Islamists into power?

El Tahawy’s presumes that she is starting a conversation. We respectfully invite El Tahawy to join the conversation among women and men in Tahrir and outside of it. After all, the shameful and state-sanctioned sexual violence of the Supreme Council of the Armed Forces’ “virginity tests” did not take place in silence. They happened on International Women’s Day when women claimed Tahrir as a space of gender equality and liberation. The “virginity tests” did not meet silence either, as El Tahawy herself points out. Samira Ibrahim continues her fight; her following and her courage are formidable.

The battle against misogyny does not follow a “men hate women” formula. It cannot be reduced to a generic battle of the sexes spiced with a dose of Islam and culture. It cannot be extracted from the political and economic threads that, together with patriarchy, produce the uneven terrain that men and women together navigate. It is these lessons that one would have to engage before meting out an indictment about the politics of sex, much less envisioning a future of these politics. There is no one answer because there is no single culprit, no single “culture” or “hatred” that we can root out and replace with “tolerance” or “love.” Similarly, the absence of a sustained and critical attention to sex and gender cannot be solved, syllabus style, by a separate glossy special “Sex Issue,” the content and form of which reproduce what it purports to critique.

______________

1 Rema Hammami and Eileen Kuttab, “The Palestinian Women’s Movement: Strategies Towards Freedom and Democracy,” News From Within 15:4 (April 1999), 3.

Abdulhadi al-Khawaja Enters 78th Day on Hungerstrike in Bahrain

$
0
0

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Viewing all 6235 articles
Browse latest View live